هل الفقر سنة من سنن الله في الكون أي لا بد هناك من وجود فقير أم هو نتيجة ظلم العباد لبعضهم؟


هل الفقر سنة من سنن الله في الكون أي لا بد هناك من وجود فقير أم هو نتيجة ظلم العباد لبعضهم؟


هناك مجموعة من الحقائق ، إذا اتضحت جاء الجواب أقرب إلى الأذهان !

 - لا يخرج ذرة في هذا الوجود عن كونه قضاء وقدرا

 - القضاء والقدر يرجع إلى أن المخلوق قد تعلقت به قدرة الله خلقا ، وقد خصصه الله من الأزل بإرادته ، على وفق علمه ، فالمخلوق يدل على قدرة الله وإرادته ، أي : أراده الله من الأزل ، وقد أحاط به علما !

 - القضاء والقدر لا يلغي الاختيار الذي منحه الله الإنسان ، قال تعالى " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " وقد ربط اختيار الإيمان والكفر بمشيئة الإنسان !

 - وعلى هذا لا يصح أن يقال عن أي شيء أهو قضاء وقدر أو ليس بقضاء وقدر ؟! فمن سأل هذا السؤال دل بسؤاله على أنه يرى القضاء والقدر مجبرا ! وهذا فهم لا نصيب له من الصواب ، إذ كل شيء بقضاء وقدر ، وهما ليسا مجبرين ، لأن الإنسان حين يقول أو يفعل ينطلق من اختياره ، ولا يعلم قبل الفعل أو القول أن الله قد قضاه عليه ، أو لم يقضه ، فمحل القضاء القلب ، إيمانا به ، فالمؤمن يعلم أنه لا يكون في الكون إلا ما أراده الله ، وما أراده غيب ، وقد دل الحديث " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " على أن من سلك سبيل الفقه دل سلوكه على أن الله قد أراد به خيرا من الأزل ، ومعلوم أن من تفقه إنما يتفقه برغبة منه  ! !

- الفقر لا يخرج عن هذا ، وإنما يرجع إلى مجموعة من العوامل من مثل : أخوان ، أحدهما جد واجتهد ، ونال المراتب ، والآخر اخلد إلى الراحة ، فجاء دخل الأول أعلى ثمرة لجهده ، فكلاهما قد اختار ، وترتب على اختيار غنى أو فقر ، وهذه النتيجة جاءت من الكسب الذي يرجع إلى إرادة الاثنين ، وهي كذلك من القضاء والقدر !

- ويدخل في هذا ظلم بعضهم لبعض ، وينتج عنه منع الظالم حق المظلوم ، وإدخاله بهذا الظلم في دائرة " العوز" فهو من الكسب المبتنى على الاختيار ، ومن القضاء ، أي: علم الله ذلك من الأزل وأراده أرادة كونيه و ..!

- فمن ترك العمل ، ورغب في الكسل ، أتت نتيجته من الغنى بحسب ما اختار، ومن ترك الأرض التي ملكها دون فلاحة وبذر حصد الهواء ! وهذا في ميدان الكسب والاكتساب ، ولا يخرج ذرة منه عن كونه من القضاء والقدر !

 - يتبين من هذا أن كل شيء بقضاء وقدر !

- وأن ذلك لا يلغي اختيار الإنسان بحال ، فلا يجبر الله أحدا على أن يكون فقيرا !

- كذلك مسالة المنع والعطاء تتصل بهذه المسالة ، على أن المنع لاختبار الصبر ، والعطاء لاختبار الشكر ، وقد ربطت الشريعة العطاء في غالب الأحوال " بالسعي والتسبب " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه "!