من كتب القوم الذين تخصصوا بالسير والسلوك


من كتب القوم الذين تخصصوا بالسير والسلوك ، وضبط المواقف لتكون ربانية ،رسالة تبعث إلى كل مسلم ، وبخاصة الذين يعملون في " ميدان العزة والكرامة !

 ذكرأن عليا رضي الله عنه بعد ما تمكن من مشرك ، وكاد أن يرسله إلى " جهنم " قام عنه ، وتركه ،ولما سئل عن ذلك تبين أن الكافر " تفل " في وجهه ، فتركه ئلا يقضي عليه انتقاما لنفسه !أهناك يقظة أعمق من هذه ؟ إنها " يقظة مَن يُحرر دوافعَ السلوك ، ليكون كله لله تعالى !

 - ما يتصل بالعفو والانتقام !

إن العفو من أخلاق النفس المطمئنة ، والذل من أخلاق الإمارة ، ونكتة المسألة أن الانتقام من ميدان ، والانتصار من ميدان آخر، فالانتصار أن ينتصر لحق الله ، ومن أجله ، ولا يقوى على ذلك إلا من تخلص من ذل حظه ، ورِقّ هواه ، فإنه حينئذ ينال حظا من العزّ الذي قسم الله للمؤمنين ، فإذا بغى عليه انتصر من الباغي ، من أجل عزّ الله الذي أعزّه به غيرة على ذلك ، العزّ بالله أن لايستضام من به اعتز ، أويستذل مخلوق العبدَ المنسوبَ إلى العزيز الحميد ، فيقال للباغي عليه : أنا مملوك من لا يُذل مملوكه ، ولا يُحب أن يذله أحد، وإذا كانت نفسه الأمارة قائمة على أصولها لم تحب بعد طلبه إلا الانتقام ، والانتصار لحظها وظفرها بالباغي تشفيا فيه ، وإذلالا له ، وأما النفس التي خرجت من ذل حظها ورقّ هواها إلى عزّ توحيدها وإنابتها إلى ربها ، فإذا نالها البغي قامت بالانتصار حمية ونصرة للعز الذي أعزها الله به ونالته منه ، وهو في الحقيقة حمية لربها ومولاها .