التعوذ هو لون من اللجوء إلى رحاب الحي القيوم !


التعوذ هو لون من اللجوء إلى رحاب الحي القيوم ! والفرار مما يقطع عن الله إلى رياض الأنس به ، والتعلق به سبحانه

• وهذه باقة من التعوذات تنفح بالميادين التي يزرع فيها التعوذ !

• السفينة- وعليها من قدر الله أن ينجيهم من الإغراق الذي عم الأرض عقوبة لمن ناصب الرسالة العداء ، فما كان من نوح عليه الصلاة والسلام إلا أن جأر إلى الله : " فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ "-         تمخرالأمواج التي علت كالجبال ،انطلقت ببسم الله مجريها ومرساها ، وما زالت تجري حتى صارت إلى ما قاله الله فيها : وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ  " طوي الظالمون ليكون طيهم عبرة لكل ظالم يفد إلى رحاب الدنيا من بعد !! وانتصرت الدعوة ولو مع المعاناة المريرة ، وننشر هنا صفحة لمعاناة أخرى !!

• ومن غار حراء انطلقت سفينة الإنقاذ العالمية ، وكان باسم الله مجريها ومرساها ، فأخذت تمخر عباب الحياة ، وتقل على ظهرها السعداء  إلى الشاطيء  الآخر من الوجود ،حيث دار البقاء ، هناك في حراء نزل جبريل بشآبيب الوحي ، وتلقاه الحبيب الذي اصطفاه الله وختم به الرسالات ، واحتشدت أمواج الضلالة : الشرك والنفاق وأهل الكتاب ، لكن الركب الرباني بقيادة سيد ولد آدم مضى في طريقه حتى بلغ الموكب المبارك منتهاه كما أخبر، ونزل : " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله  .."، وانتقل الرسول- كما هي سنة الله في بني آدم -  إلى الرفيق الأعلى ، وختم الوحي نصا ، ولم يختم انتهالا ، وبلغ المسلمون اليوم ما بلغوا.. " وتحقق ما أراد الله من هذه المسيرة لتأخذ دورها في صياغة الحياة الربانية

• وتابع المدّ العظيمُ مساره على يد الصحابة ومن بعدهم كان التابعون ، ولا يزال على وجه الأرض من يتابع المسيرة المباركة وسط أمواج من العداء هادرة ، كما وعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر ، حيث قال : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال " الحديث صحيح . وقال: " لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من

• خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" في الصحيحن ، وروى البخاري " هم بالشام " وقوله : "حتى يأتي أمر الله " أمره المتعلق بالريح التي تقبض المؤمنين فلا يبقى إلا شرارُ الخلق ...

• موقف الإنسان المادي تجاه الظواهر الكونية أنه يخاف منها ، فيدفعه خوفه إلى أن يلجأ منها إلى ظواهرمادية أخرى ، اشتركت مع الأولى بأنها مخلوقة ،ومفتقرة مثل سائر الظواهر إلى الله تعالى ! ، فالافتقار إلى الخالق وصف ذاتي لكل الحوادث ، إذ كل صنعة تفتقر إلى الصانع ! وأن جميع الظواهر من إبداع الله تعالى ، وكلها في الافتقار بنسبة واحدة ،وكلها في قبضة قدرة الله تعالى خالقها ! ،يلجأ المادي إليها ليحتمي بها من تلك التي يخاف منها ! ! ويمثل المذهب المادي ابن رسول الله نوح عليه السلام ، فقد دعاه أبوه إلى أن يركب معه ومع الناجين الذين يسيرون بين الأمواج باسم الله في السفينة ، ولعله ينجو من المصير الذي قدره الله على من لم يركب " السفينة " وهو الغرق ، ، فأجاب أباه معرضا عنه وعن الملجأ الذي دعاه إليه ، وقال بملء فيه المادي : " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء " فإلى ما آل إليه ما اعتصم به ؟ وجاءت نتيجة اعتصامه بالجبل : " فكان من المغرقين " فابن نوح يلجا من الكون إلى الكون ! والدعوة " النوحية " تدعو إلى أن يلجأ من الكون إلى " خالقه " !

•           أنه : وتمثيله بحمار الرحى مبالغة في تقبيح حال العاملين على رؤية الأغيار *

•           ما يمكن أن يفهم من الحديث الشريف : " قَالَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات ، وإَنمَا لكل امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وإلى َرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وإلى َرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "

•           بداية قال العلماء : هذا الحديث أصل في الإخلاص ، ومن جوامع الكلم التي لا يخرج عنها عمل أصلا ، ولهذا تواتر النقل عن الأعلام بعموم نفعه ، وعظم وقعه. قال أبو عبيد : ليس في الأحاديث أجمع ولا أغنى ولا أنفع ولا أكثر فائدة منه واتفق الشافعي وأحمد وابن المديني وابن مهدي وأبو داود والدارقطني وغيرهم على أنه ثلث العلم ، ومنهم من قال ربعه.

•           ثم إن - في قوله- صلى الله عليه وسلم- " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله  " دعوة صادقة إلى دوام التوجه إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة والنوايا الطيبة !!

• إذ إن عمق معنى " فهجرته إلى الله ورسوله " أن المكلف الموفق دائم الارتحال من الأكوان المخلوقة إلى المكون الخالق سبحانه !!

• وإشارة قوله : " هجرته إلى ما هاجر إليه " أن المتعلق بالكون لا يخرج عما تعلق قبله به ، وهو البقاء مع الأكوان ، والانشغال بها ، ففيه تلويح بأنه ينبغي للسالك العالي الهمة ، والسامي النية ألا يلتفت إلى غير الله تعالى في حركة حياته ، ومما يعين على هذا السلوك الرباني أن يبنى التصور على حقيقة الأشياء ، لا من حيث الماهيات ، إنما من حيث الصفات التي تنضح بها !

• قال بعض المحققين : الأكوان كلها متساوية في كونها أغيارا، وإن كان بعضها أنوارا ،

• ابن نوح عليه السلام كان راحلا من كون إلى كون ، حيث قال " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء " وما درى أنه " لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم  "

• "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ "

• ** ما يتلمح من النص الذي صور لنا ما كان من أمر السيدة الطاهرة البتول " مريم " الصديقة عليها السلام !

• " فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا "

• من استعاذ بالله فأعيذوه ، ومن أبى إلا العدوان فهو بهذا قد اعتدى على من المعتدى عليه في كنفه !

• أذا دهمك خطر ما فما عليك إلا أن تلجأ إلى حمى الله تعالى !

• ثمرة الاستعاذة أنها رقيت إلى مقام الصون والعفة ، ورزقت المسيح عليه السلام ، فهي أم رسول من أولي العزم من الرسل !

• ** من المواضع والأحوال التي تدفع إلى اللواذ بحمى الله تعالى :

• حيث يدعو الموقف إلى الاستهزاء بآخرين ، وحيث يتهم الإنسان بسلوك الجهلة !

• كذلك حين تثورالشهوة تدعو إلى مواقعتها بما لا يحل! فلا بد ههنا من اللجوء إلى حماية الله وحفظه !

• " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ "

• "وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ "