ركض السعداء الذين فازوا في دار\" الاختبار\" إلى الله ! موقف رباني ترى فيه اليقين ، وهو أمر قلبي ، رأي العين !


تتضوع من ثناياه عطور الجنة تتباهى بوافد إليها من عالم " الفناء " وقد نسج له ثوب البقاء ، فخرج به من بوابة " الشهادة " قمة البذل حُبا في الله ، ورغبة في " لقائه "!

موقف- مع مضي القرون عليه- ما زال يُغري بالارتقاء إلى الدرجات التي أعدّها الله لمن هو في نظر الأحياء " قتيل "  وفي الحقيقة هو من  الأحياء عند ربهم ، وهي " عندية "  تذوب لها الأرواح ذوبان المُحب في بوتقة " الحبّ "

 قَالَ أنس - رضي الله عنه- يحدث عن المشهد: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ قَالَ: " مَنْ يَقُومُ إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ " ؟

وقال:" لا يقاتل أحد في هذا اليوم ، فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا دخل الجنة "

  وسمع عميرالنداء ، وكان واقفا في الصف ، بيده تمرات يأكلهن ، فقال: بخ بخ ! ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ! لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، وألقى التمرات من يده ، وأخذ السيف ، فقاتل القوم ، وهو يقول :

 ركضا إلى الله بغير زاد       **     إلا التقى وعملَ المعاد

 والصبرَ في الله على الجهاد  ** إن التقى من أعظم السداد

 وخير ما قاد إلى الرشاد       ** وكلّ حيّ فإلى نفاد

 ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل شهيدا رضي الله عنه !

لم يلحظ من غلبة الشوق إلى " الجنة " وجوار الله فيها أن يقاتل ، فيَقتل ويُقتل !كلّ ما قاله : " ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء !