الملامح التي تبهر أهل القلوب ، وأرباب السداد ، التي تسعد من اتصفت بها شخصيته !
من شأن الصالحين الذين يصُفون أقدامَهم على الصراط المفضي إلى سعادة الدارين أن يتذاكروا أحوال من سبقهم على الطريق إلى الله- تعالى- ورضوانه ، لعلهم يتلمسون نفحة تملأ نفوسهم نشاطا ، وصدورهم انشراحا ،وحافزا إلى أكرم سلوك !
اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ مِثْلِ: الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى وَمَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ وَمُحَمَّدِ بْنُ النَّضْرِ ؛ فَقَالُوا : تَعَالَوْا حَتَّى نَعدَّ خِصَالَ ابْنِ الْمُبَارَكِ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ . فَقَالُوا :
جَمَعَ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ وَالأَدَبَ وَالنَّحْوَ وَاللُّغَةَ وَالزُّهْدَ وَالشِّعْرَ وَالْفَصَاحَةَ وَالْوَرَعَ وَالإِنْصَافَ ، وَقِيَامَ اللَّيْلِ ، وَالْعِبَادَةَ ، وَالْحَجَّ ، وَالْغَزْوَ وَالسَّخَاءَ ، وَالشَّجَاعَةَ وَالْفُرُوسِيَّةَ ، وَالشِّدَّةَ فِي بَدَنِهِ ، وَتَرَكَ الْكَلامَ فِيمَا لا يَعْنِيهِ ، وَقِلَّةَ الْخِلافِ عَلَى أَصْحَابِهِ ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ :
( وَإِذَا صَاحَبْتَ فَاصْحَبْ مَاجِدًا ** ذَا حَيَاءٍ وَعَفَافٍ وَكَرَمْ )
( قَوْلُهُ لِلشَّيْءِ لا إِنْ قُلْتَ لا ** وَإِذَا قُلْتَ نَعَمْ قَالَ نَعَمْ )
وبالبداهة لا يريد بهذا الوصف مطلق الموافقة في الخير والشر، وفي الصواب والخطأ على حدّ سواء ، إنما يريد الموافقة التي لا تقر " باطلا " ، ونبذ الخلاف الذي تثيره النفوس في ميادين " المنافسة "