ضيوف الموقع
تاريخ الإضافة : 2012-07-25 07:20:18

الشيخ الحامد

 

  الشيخ الحامد.. شيخ حماة وعالمها.. علم بارز من أبرز علماء بلاد الشام.. كان داعية إلى الله بعلمه وعمله وسلوكه، وكان كلما ازداد علماً ازداد تواضعاً وورعاً وتقوى.. كان نموذجاً للإنسان المؤمن الصادق.. عميق الفهم، فتيّ العزم.. شغلته قضايا أمته، فعمل لها من أجل إقامة الأمة على منهج الإسلام.

حياته:

ولد الشيخ محمد محمود الحامد عام 1910م في مدينة حماة الهادئة الجميلة، التي تكللها المناظر الطبيعية الخلابة، وتلتف حولها البساتين ذات الظلال الكثيفة الوارفة، وتطل عليها النواعير كالأفلاك الدائرة، ويشقها النهر العظيم المسمّى بالعاصي.

وعاش في بيئة علم ودين وأدب.. فكان أبوه الشيخ محمود الحامد عالماً متصوفاً أديباً، وأمه من بيت اشتهر بالعلم والشعر، وخاله الشيخ سعيد الجابي من العلماء الأعلام، وجده لأمه الشيخ مصطفى الجابي عالم وشاعر، وأخوه بدر الدين شاعر كبير.. فنشأ منذ نعومة أظفاره ميالاً إلى التديّن والأدب، يألف المساجد ويحضر دروس العلماء، ومات أبوه وأمه وهو طفل صغير فعاش سنيّ طفولته يتيماً يتولى أمره أخوه بدر الدين، ولما شبّ اتجه إلى طلب العلم ودرس في مدرسة حماة الشرعية، ووجد فيها أمنيته وظهر تفوقه في الدروس، ونال شهادتها بدرجة ممتازة، ثم قصد حلب للدراسة في كليتها الشرعية عام 1928م وبقي فيها حتى عام 1935م ثم عاد إلى حماة وعمل مدرساً للتربية الإسلامية في ثانوية ابن رشد.

وفي عام 1938 توجّه إلى الجامعة الأزهرية بمصر، وبعد الدراسة فيها نال شهادة كلية الشريعة، والتحق بتخصص القضاء وحصل على شهادته بتفوق كبير عام 1944م وعُرض عليه أن ينتسب لأحد فروع التخصص العالي لينال شهادة الدكتوراه، ولكنه آثر العودة إلى وطنه ليقوم بنشر العلم والدعوة إلى الله تعالى، وكانت سورية آنذاك في حالة كفاح مرير ضد الاستعمار الفرنسي، فزاد ذلك من رغبته في العودة ليساهم في معركة الجهاد لتحرير الوطن.

وفي حماة أثبت الشيخ مكانته العلمية فجذب أنظار العلماء، وعمل خطيباً ومدرساً بجامع السلطان، فكان يُعلي من فوق المنبر صوت الحق، ويذكي بخطبه الحماسية جذوة الكفاح ويحرّض الناس على الجهاد، حتى كتب الله تعالى النصر للأمة، وتحررت من ربقة الاستعمار عام 1945م.

وكان للشيخ الحامد دور هام وأثر بارز في جميع الأحداث التي عاشتها الأمة، فقد بذل جهوداً صادقة لحلها.. وأبناء الشعب السوري يقدّرون له مواقفه الوطنية المشرفة ضد الاستعمار الخارجي وأمام الظلم والاستبداد الداخلي.

وظل الشيخ محمد الحامد يعمل في مختلف المجلات داعياً إلى الله.. مدرساً وواعظاً.. خطيباً ومرشداً، فاجتذب إليه النفوس وتعلقت به القلوب والتف حوله طلاب لا يفارقونه، تخلّقوا بأخلاقه، واقتبسوا من علمه، وساروا على منهاجه.. وصفه الشاعر عبد القادر حداد فقال:

غرسَ الهَديَ في النفوس فأعطى    أمة حرة وشعباً أبيا

وبقي الشيخ على هذا إلى أن اختاره الله إلى جواره يوم الاثنين الخامس من شهر أيار عام 1969م، وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً خرج فيه آلاف الناس من أبناء سورية المجاهدة يشيّعون عالمهم الجليل باللوعة والدموع إلى مثواه الأخير.

وهبّ علماء سورية وكتابها للمشاركة في وداع العالم الراحل، بين خطيب وشاعر، ومؤلف وكاتب، فأفردت له مجلة حضارة الإسلام عدداً خاصاً.. العدد الثالث من السنة العاشرة، تحدث فيه الكتّاب عن مآثر الفقيد.. وأخرج عنه الأستاذ عبد الحميد طهماز كتاباً كاملاً من سلسلة أعلام المسلمين.. ورثاه الشاعر الدكتور مأمون شقفة في قصيدة بعنوان: "سيد العصر" قال فيها:

هـو فـي نـزعه وفي سكرته
يـنفذ  الوعظ في القلوب فيحـ
نـفـحات  الإيمان تصدر عنه
كـل  مـا فـيه دعوة وصلاح
أجـمع  الناس أنه سيد العصـ



 
ذو جـلال يـفيض من قسماته
ـييها، ولو كان غارقاً في سباته
فـتـطيب  الأجواء من زفراته
جـلّ مـن صـاغه على آياته
ـر  وأنّ الإسـلام فـي كلماته
 

شعره:

الشيخ محمد الحامد شاعر موهوب كان للوراثة والبيئة أثر كبير في تكوينه الشعري.. فكان جده لأمه الشيخ مصطفى الجابي شاعراً، وكان أخوه بدر الدين شاعراً فحلاً، اشتهر بقصائده الوطنية أيام كان الفرنسيون في سورية، وله قصيدة "الجلاء" المشهورة التي يقول فيها:

يوم الجلاء هو الدنيا وزهرتها    لنا ابتهاج وللباغين إرغام؟!

وقد كان للبيئة التي عاش فيها الشيخ الحامد أثر واضح في شعره، فقد أكسبته المناظر الطبيعية الجميلة في حماة حساً شعرياً وذوقاً سليماً صافياً، كما أن تغرّبه للدراسة في حلب ومصر كان حافزاً لقول الشعر وخاصة في الحنين.

أغراض شعره:

نظم الشيخ الحامد شعره في أغراض كثيرة.. نظمه في المديح وفي الاستغفار والتوسل والتصوف الرفيع، ونظمه في الوصف والحنين، ونظمه في الرثاء وفي الدعابة الأدبية.

أما المديح.. فله مدح في الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ومدح لمشايخه وأصدقائه وإخوانه، ويتسم مدح الشيخ الحامد بالصدق، فهو لم يمدح لقاه منفعة أو تزلفاً ولكنه مدحٌ إسلامي صادق يدفعه الحب الكريم للمصطفى صلى الله عليه وسلم، والصداقة الخالصة للإخوة والأصحاب، والتلمذة البرّة للعلماء الأجلاء.

قال في قصيدته الحانية يمدح الرسول عليه السلام:

يـا  حـبـيـب الرحمن، يا صفـ
يـا ولـيّـي وسـيّـدي وإمـامي
لا  أبـي لا أخـي ولا صـدرُ أمي
بـلـغـوا شـأوكَ الـعـلـيّ ببر


 
ـوة الخَلق ويا مُنيتي وراحة روحي
أنـت لـي خـيـرُ مُشفقٍ ونصيح
لا  ولا ذو الإخـاء خِـدنُ الـروح
أو  وفـاءٍ أو فـي الحنان الصحيح
 

ونرى الصدق بالكلمة المعبرة والصورة الشفافة في قصيدته التي يصف فيها أشواقه للنبي صلى الله عليه وسلم فيقول:

خطراتُ  الهوى تروح وتغدو
وأخـو  الحب بالوفاء موافٍ
شوقه طائر إلى الحب ما للش
والـهوى ماليءُ الجوانح منه


 
ولـقـلب  المحب حلّ وعقدُ
أمـره في الغرام صدق وعهدُ
ـوق  في مذهب المحبين حدُّ
إن  تـراخى وجدٌ تجدّد وَجْدُ
 

وقال في مدح إخوانه الذين عرفهم في مصر عام 1940م(1):

أحـبـائـي هـذا فؤادي لكم
لـقـد  فـعل الشوق بي فعله
تـركـت بمصر صحباً كراماً
رجـال لـهم في الثقى مأرب
هـم  القوم والإخوة المسلمونا



 
وهذي عيوني وهذي دموعي!!
ومـا من مجيب وما من سميع
لهم  طار شوقي وشتّ ولوعي
تـلوح  عليهم سمات الخشوع
حكوا في الربوع زهور الربيع
 

وقال في صديقه الشيخ الجليل أحمد الحصري شيخ معرة النعمان:

حُـييتِ  يا أرض المعرّة
فـيكِ  الحياة وفي حماك
مـنـكِ  الذي هو ساكن
إن  غاب عني غبتُ عن
أو كـان عندي كان بيتي
حـبّـيـه قـد ملأ الفؤا




 
فـيـك  الكرامة والمبرّة
الـروح تسرح في مسرّة
فـي القلب إمساء وبكرة
أُنـسي، ولاقتني المضرة
فـوق دارات الـمـجرّة
د فصرت من أشباه عذرة
 

وأما الاستغفار فله فيه مجموعة من الأشعار، منها قوله:

يـا أرحمَ الرحماء مالي حيلة
أنا قد أسأتُ وأنت ربّ غافر
يـا سيدي يا من إليه شكايتي
أدرك بـلطفك نادماً ذا حسرةٍ
مـا للضعيف إذا ألمّتْ كربة
يا ربّ نفّس عن عُبَيْدِك كربة




 
إلا  الـرجـوعُ إليك يا ربّاه
غـوثـاه مما قد عرا، غوثاه
أوّاه  مـمـا نـابـني، أوّاه
مـسـتـغفراً  مما جنته يداه
إلا  الــدُّعـا: الله يـا الله!
وأرحْـه  مـما قد عنا ودهاه
 

وله في التوسل مثل قصيدته التي قالها في مصر عام 1939م والتي يصف فيها غربته وهمّه، يجعل من ذلك سبباً للدخول في التوسل، فيقول:

ضاقت الأرض بالغريب الكئيب
غـرقـت نـفـسـه بلجة همّ
كـلـمـا لاح بـارق بـرجاء
وتـوالت  سود المصائب تجلى
قـد تـوّجـهت بالنبي إلى الله
يـا  حـبـيب الإله دائي عياء
ربّ إنـي إليك محض افتقاري
واجـب  دعوتي وحقق رجائي






 
فـتـولّـى وصفوه في النحيب
وعـلاه من فوقُ موج الكروب
عـرض الـحظ عابساً بقطوب
بـعـصيب يجيء إثر عصيب
وبـالمصطفى حصول الرغيب
حـار فـيه فكري وعزّ طبيبي
فـاعـذنـي من لوعة التخييب
وارحـمَنْ  غربة النئيِّ الغريب
 

(1) كان للشيخ الحامد علاقة أخوّة ومودة مع عدد كبير من الإخوان في مصر، وفي مقدمتهم الشيخان الجليلان عبد المعز عبد الستار، وعبد البديع صقر، وكان بينه وبينهما زيارات كثيرة.

وله في التصوف والغزل الرمزي، ومنه ما قاله في مصر عام 1939م بعد اتصاله بالشيخ أبي النصر، حيث قال في مقطوعة:

لعمرك  ما المحبّ أخا امتناع     إذا  ناداه من يهوى أطاعه

حبيب  الروح إما شاء  أمراً    رآه  المدنف  المضني متاعه

لدى هذا الحبيب دمي وروحي    في ويلاه إن شاء الإضاعة!!

وقال في قطعة أخرى:

يتحرّق الشوق في فؤادي    ونار حبي لها  لهيب

وقد أضرّ الهوى بروحي   وأنت يا سيدي الطبيب

ألا حنان على غريب؟!    تالله،  ولهانكم  غريب

ولو  رحمتم  بكاه  يوماً   لزال بأس وزار طيب

وأما الوصف والحنين.. فقد قال فيهما مقطوعات نابضة بالحياة، تدل على انشغاله الدائم بذكر أحبته وأهله ودياره، فكان رحمه الله يصف الديار ومنازل الأحباب ومعاهد الصبا، ويصف حنينه إليها وغالباً ما بدأت قصائده ومقطوعاته بالوصف.. لقد وصف مدينة حماة وجمالها الطبيعي، ووصف أنطاكية ومصايف دمشق كالزبداني وبلودان، ووصف حلب التي درس فيها، وعندما ذهب إلى مصر وصف قناطرها الخيرية، ووصف أصدقاءه فيها، أما حنينه فإن النغمة الصافية الرقيقة فيها، تظهر في حنينه إلى حماة، ثم حنينه إلى حلب بعد أن غادرها، وحنينه إلى أيامه في الأزهر.

قال يصف شوقه إلى حماة بعدما غادرها إلى حلب عام 1928م لطلب العلم:

آهـا  عـلـى وادي حما
آهـا  عـلـى تلك الربو
الـنـهـر  يخترق الريا
دولابـه يـبـكي ويسقي
يـا مـن بـقـلبي وُدّهم
لا  تـقـطـعـوني إنني




 
ة إذا نـسـيم الصبح هبّا
ع وأهـلـهـا بُعداً وقربا
ض وقد جرى حلواً وعذبا
الـدمـع فـاكـهـة وأبّا
وبـحـقـهم لم أجنِ ذنبا
قـد كـنت والله المحبّا!!
 

وقال أيضاً:

 

يـرحـم  الله عـهدنا يوم كنّا
كنت حول العاصي وبين جنان
مـا ألـدّ الـمـقام بين ربوع

 
إذ  رشـفنا من الكؤوس زلالا
ألـبـسـتـها  يد الإله جمالا
قد  حباها الجمال ربي تعالى!!
 

وله في مصايف دمشق هذه الأبيات:

إن  رُمت تنظر جنّة الدنيا ففي
وإذا أردت مـحاسناً قد جمعت
فهي الخريدة تزدهي في حسنها

 
مغنى دمشق يُسرّ طرف الناظر
فاشرع إلى بحر الجمال الزاخر
وتـتـيه إذ تجلى بوجه زاهر
 

وقال في وصف القناطر الخيرية بمصر:

خرجنا  بكرة نبغي القناطر     وقد علقت ببهجتها الخواطر

أنسنا في الخمائل واغتبطنا     وقد نعمت بها منّا النواظر

ووصف صاحبه في هذه النزهة فقال:

وكـان مرافقي خير الندامى
أخـو  فضل وذو نبلٍ سليلٍ
  يشارك في حديثي أو يشاطر
لأمـجـاد لـهم تتلى المآثر
 

وأما الرثاء.. فإن للشيخ الحامد فيه قصائد تخلو من مبالغات الشعراء المعروفة، فهو يذكر الفقيد بما كان عليه في الحياة، ثم يستخلص العبرة من الموت، موشحاً ذلك بحكمة الله عز وجل، والتسليم بقضائه والرضا الكامل به.. ومن هذا قوله:

 

رضـيـنا  بما قد خطه قلم القضا
عـزاء قلوبٍ ناضجاتٍ من الأسى
  ولولا الرضا ضاقت بنا سعة الفضا
لـفقدك، إن العيش كالبرق أومضا
 

ومن رثائه قصيدته التي رثى بها أخاه الشاعر بدر الدين الحامد عام 1961م، والتي قال فيها:

 

يـا  لـها ليلة كوتني بناري
غاب  فيها بدر فطال سهادي
لهف نفسي عليه أمسى وحيداً

 
طـالـعـتني بأسوأ الأخبار
وتوارى  أنسي وشبّ أواري
ولـقـد  كـان نزهة السمّار
 

وأما الدعابة الأدبية.. فقد اجتمع عند الشيخ الحامد العلم الوافر، والجدّ، والبحث الدقيق.. إلى الروح الزكية، والفكاهة البارعة، والحس اللطيف، ومن النادر أن تجتمع هذه الصفات، ولكنها اجتمعت في شيخنا الكريم..

ومن الدعابات اللطيفة التي اشتهر بها، قصيدته التي قاله في مصر عام 1940م عن الفول.. وقد حظيت هذه القصيدة بشهرة كبيرة بين طلاب الأزهر في ذلك الوقت، ففي مصر التقى ظرف الشيخ ولطفه مع ظرف أبناء مصر ولطفهم وحبّهم للدعابة، حتى اشتهر بينهم، ولما كانت أكثر نكاتهم تتصل بالقول –طعام عامتهم الرئيسي- نظم الحامد هذه القصيدة وقال فيها:

 

ألا يـا مـحبّ الفول أصغ لقولتي
يـسـيل  لعابي إن شممتُ عبيره
وعـيـنـي قرّت مُدّ رأتني مُقبلاً
ألا  يـا محبّ الفول! خُذني مُربيّاً
فـفـولٌ فؤولٌ فاحترس من تشاؤم
وإنـك إن تـأكـلـه كلّ صبيحة




 
فقد  عاد هذا الفول موضع فتنتي!!
ويـخذلُني صبري وتضعُفُ قوتي
عـلـيـه بـقـلب صادق وبهمّةِ
وكـن سامعاً قولي مُجلاً نصيحتي
فـإن اسـمه يقضي بحسن المظنّةِ
ترَ الخيرَ سَحّاً في الضحى والعشيّة
 

وبعد هذه النماذج البسيطة التي أوردناها من شعر الشيخ الحامد نرى أنه شعر سهل يجري مجرى الطبع، يروق في السمع، ويطرب له الفؤاد، لأنه خرج عن معاناة حقيقية، وصدق في العاطفة والتعبير، ودافع شعوري فيّاض مع شاعرية عذبة متدفقة.

وهذا الشعر الجميل من المؤسف أن شيئاً كثيراً منه قد ضاع، فلم يكن للشيخ –رحمه الله- عناية بجمعه، وكل ما بقي له من شعر، متفرق في مفكراته ما بين عام 1928 – 1941م، وما يحتفظ به الأصحاب الذين كان يراسلهم.. زد على هذا أن شيخنا انقطع عن الشعر فترة وحاول أن يدفع عن نفسه القريض، ولكن ما ركّب فيه من ميل شعري كان يغلب عليه، فيعود للنظم في المناسبات كما في رثاء أخيه بدر الدين الحامد، أو في المراسلات التي تكون بين الأصحاب.

والحقيقة أن انشغاله بالعلم، وعمله المتواصل في الدعوة إلى الإسلام لم يدع له فرصة لاعتناء بالشعر.. ولو تسنّى لموهبته الشعرية أن تأخذ طريقها الطبيعي لرأينا شاعراً فحلاً وشعراً أكثر عذوبة وجمالاً.

آثاره الأدبية:

الشيخ محمد الحامد علم من أعلام الفكر الإسلامي الأفذاذ الذين اشتهروا بأصالة التفكير وعمق التدبّر على مر العصور، وبذلوا قصارى جهدهم لخدمة دينهم والتعريف بحقيقته، ونفي ما علق به من مفاهيم خاطئة وشبهات مشككة.

وكان مدرسة في العلم والتحقيق، يسهر الليالي وينفق الساعات الطوال في تمحيص الحقائق الدينية,, ألّف كتباً ورسائل كثيرة تداولتها أيدي الناس، ورأى الناس فيها علماً غزيراً وإطلاعاً واسعاً، ودقة في تحري الأحكام ونزاهة في كل ما يكتب أو يقول:

أما إنتاجه الشعري فقد ضاع منه الكثير وما بقي منه هو:

1 – ديوان مطبوع سنة 1928م جمع فيه شعره الذي قاله في شبابه.

2 – مجموعة شعرية في مجلة حضارة الإسلام – العدد الثالث، السنة العاشرة.

مصادر الدراسة:

1 – كتاب "العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد" للأستاذ عبد الحميد طهماز.

2 – مجلة حضارة الإسلام – العدد الثالث، السنة العاشرة.

مختارات من شعره:

(1) في مدح الرسول عليه السلام: قصيدة تتسم بالصدق، وتفيض بالوجد.. فيها الكلمة المعبّرة، والصورة الشفافة، قالها في مدح الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وقد تليت القصيدة نيابة عن الشيخ محمد الحامد أمام الروضة الشريفة في المدينة المنورة.

في مدح الرسول عليه السلام(1):

 

يا حبيب الرحمن، يا صفوة الخلـ
يـا ولـيّـي وسـيـدي وإمامي
لا  أبـي لا أخـي ولا صدر أمي
بـلـغـوا شـاوَكَ الـعـليّ ببر
يـا  بـنفسي لِقاً ولو طرفَ عينٍ
فـنـعـيـمُ الـلـقاءِ فيه حياتي
حـبّ  هـذا الـنبي سرُّ انقيادي
والـمـحـبـون طـائرون قلوباً
مـلـكَ  الـحبُّ أمرهم فاستكانوا
ويـخـافـون  أن يـكون انفكاكٌ
حـبذا  العيشُ والرضا عيشُ قومٍ
وعـلـيك  الصلاةُ ممسىً ومغدىً
وعلى الآل والصحاب وأهل الحـ











 
ـلـق ويـا مُنيتي وراحة روحي
أنـت لـي خـيرُ مُشفقٍ ونصيح
لا  ولا ذو الإخـاء خِـدْن الروح
أو  وفـاءٍ أو في الحنان الصحيح
وبـأهـلـي!  وكـلّ غالٍ ربيح
وهـنـائـي وفيه تُشفى جروحي
وأخـو  الـحُبّ ما به من جُموح
وبـبـاب  الحبيب كم من طريح
لـهـواه أسـرى إسـار مُـريح
أو  بَـراحٌ يُـريـح مـن تبريح
فـي  غـرام كم فيه من مستريح
تـتـوالـى  مـع السلام الرجيح
ـب والـمـدح بـالبيان الفصيح
 

مختارات من شعره:

(2) في رثاء بدر الدين الحامد: قصيدة قالها عام 1961م يرثي أخاه بدر الدين الحامد "شاعر العاصي" ويذكر فيها رعايته له بعد وفاة أبيه، ويرجو له الخير والرحمة في الدار الآخرة.

وفي هذه القصيدة نرى رثاء صادق اللوعة، وتحسراً على الفقيد، ولكنه تحسّر معترف بقضاء الله، موقن به، لا يشكو ولا يعتب، وإنما هي زفرات بثها أبياتاً من الشعر تنفّس عنه كربه، في إطار التسليم بقضاء الله سبحانه، والرضا الكامل به.

في رثاء بدر الدين الحامد(2)

 

يـا لـهـا لـيـلة كوتني بناري
غـاب فـيـها بدرٌ فطال سهادي
سَـكـن  الرمسَ صامتاً بعد شدو
لـهْـفَ نفسي عليه أمسى وحيداً
يـمـلأ  الـقـوم حـكمة وبياناً
ولـه صـرخةٌ إذا الخصمُ أزرى
كـنـتُ  في حجره صغيراً يتيماً
حـاطـنـي مـن حـنانه بإطار
ولـقـد كـان ذا جَـنـان رفيق
مـالـه  لـلأذى اعـتمادٌ وما كا
أمِّـلِ الـخيرَ والرضا، أنت عبدٌ
عـالـقُ السرّ بالرسول أمين الله
سـيـدَ الـرسـل، وافدٌ قد أتاكم
وشـفـاعـاتـكـم  حديثاً وقِدماً
ربّ  فـارحم بدراً وعاملْ بلطف
واجـعـلـنه في جنة الخلد جذلا
صلّ مولاي ما رضيتَ على حبّـ
وعـلـى الآل مـا تـرتل وحيّ
















 
طـالـعـتـني  بأسوأ الأخبار!!
وتـوارى أُنـسـي وشبَّ أواري
وحُـداءٍ حُـلـو كـسجع الهَزار
ولـقـد  كـان نـزهـة السُّمار
ونـظـيـمـاً من طيّب الأشعار
بـكـريـم  الأبـطال والأحرار
فـرعـانـي  رعـايـة الأبرار
وبـه انـجـابَ غـيهب الأكدار
بـسـوائـي وتـلك حالُ الخيار
ن  لـقـلـبِ الرحيم من أضرار
مـؤمـنٌ  بـالـعلي ذي الأقدار
ذي  الـفـضـل أحـمد المختار
يـرتـجـي منكم كريمَ الجوار!!
لـجـلـيـل  الأخطاء والأوزار
مـنـك  عبداً أفضى لدار القرار
نَ فـأنـتَ الـعـفـوّ أكرمُ جار
ـك  نـور الأنوار شمس الفخار
وتـلاهُ الـعـبـاد فـي الأسحار