إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2012-08-30 05:42:56

3- القراءة الخاطفة ..متابعة

وهناك موقف على الطريق إلى مكة يجلي أن النبوة تدعو إلى الحياة الكريمة في ظلال التوحيد ومقتضياته ، وإلى نظافة السلوك ، وطهارة في اليد واللسان والجوارح ، وما أقبل أحدٌ على الله إلا ورعَته أروعَ رعاية !وهي مع هذا من الشدة بمكان مع الطغاة الذين استنكفوا عن العبودية لله ، لأنهم عبيد للشهوات ، تابعون للأهواء المردية !

كان النبي- عليه الصلاة والسلام- في طريقه إلى مكة المكرمة ليخلصها من حمأة الجاهلية وطغيانها إذا بابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وابن عمته عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة يلقيانه على الطريق فيما بين مكة والمدينة ، والتمسا الدخول عليه ، وكلمته أم سلمة- وهي أخت عبد الله- فيهما ، ومماقالت: يا رسول الله ! ابن عمك ، وابن عمتك وصهرك ، وقالت له: لا يَكُن ابنُ عمِّكَ وابنُ عمَّتك أشقى الناس بك! فأعرضَ عنهما لِما كان يلقاه مِنهما مِن شِدَّةِ الأذى والهَجْوِ، وقال: لا حاجة لي بهما! أما ابن عمي فهتك عرضي ، وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال! فلما خرج الخبر إليهما بذلك قال أبو سفيان ومعه بُنيّ له : والله ليأذننّ لي ، أو لآخذنّ بيد بُنيّ هذا، ثم لنذهبنّ في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا!فلما بلغ ذلك رسول الله {صلى الله عليه وسلم} رقّ لهما، ثم أذن لهما فدخلا عليه فأسلما،  ونقل أن عليا- رضي الله عنه- قد أشارعلى ابن عمه أبى سفيان بوسيلة يترضى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم ،  قال لأبى سفيان فيما حكاه أبو عمر: ائتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَل وجهه، فقل له ما قال إخوةُ يوسف ليوسف: {تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ}. فإنه لا يرضى أن يكون أحدٌ أحسنَ منه قولا، ففعل ذلك أبو سفيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}:وأسلما ،  وأنشده أبو سفيان أبياتاً منها:

لَعَمْرُك إنِّى حينَ أَحْمِلُ رايةً ... لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللاَّتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ

لَكا لمُدْلِجِ الحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهفَ ... هذَا أوانى حِينَ أُهْدَى فَأَهْتَدِى

هَدَانِى هَادٍ غَيْرُ نَفْسِى وَدَلَّنِى ... عَلى اللهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ

فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدرَه وقال: "أَنْتَ طَرَّدْتَنِى كُلَّ مُطَرَّدٍ" ،وحَسُنَ إسلامُه بعد ذلك. المدلج : من سار أول الليل. ويقال: إن أبا سفيان ما رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم حياءً منه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحبه، وشهد له بالجنَّة، وقال: "أرْجُو أَنْ يَكُونَ خَلَفاً مِنْ حَمْزَة "، ولما حضرته الوفاةُ، قال: لا تَبْكُوا علىَّ، فواللهِ ما نطقتُ بخطيئة منذ أسلمتُ   

... وأبو سفيان بن الحارث اسمه المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب له صحبة توفى سنة عشرين وصلى عليه عمر بن الخطاب وكان شاعرا يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه وكان يوم حنين أخذ بلجام رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان من أمر الناس ما كان لما كان يوم حنين التقى المسلمون والمشركون فولى المسلمون يومئذ فلقد رأيت رسول الله وما معه أحد إلا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أخذ بغرز النبي صلى الله عليه وسلم والنبي ما يألو ما أسرع نحو المشركين قال فأتيته حتى أخذت بلجامه وهو على بغلة له شهباء فقال ياعباس ناد يا أصحاب السمرة قال وكنت رجلا صيتا فناديت بصوتي الأعلى أين أصحاب السمرة فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلى أولادها يا لبيك يا لبيك يا لبيك ! وأقبل المشركون فالتقوا هم والمسلمون ونادت الأنصار يا معشر الأنصار مرتين ، و كان يتناول زمام بغلة رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم العباس عمه، و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، و كان ممن صبر فى تلك المعركة.