إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2012-09-03 11:02:02

من ميادين التقرب إلى الله جل جلاله !

مضمون التقرب من الله حددته النصوص ، كما حددت ثمراته ، وهاكم من النصوص ما يجلي هذا البعد :سبيل التقرب إلى الله جاءت به النصوص ن ومنها قال الله- تعالى- في الحديث القدسي : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ " والصلاة لها شأن عظيم في مضمار الصلة بالله تعالى !فلم كان لها ذلك ؟ولم كانت بهذه المثابة الفريدة من بين سائر القرب ؟ إنها تحكي ذوبان النفس في معارج النور ،إذ الصلاة معراج المؤمن ، وفي معارجها تنأى عن شقها الطيني الذي تنبت فيه الشهوات الشاغلة عن الحق ، والطين كثيف ثخين لاطيء بالأرض إلا إذا رقق بمطالب الروح ن ودغدغ بأشواقها إلى الملأ الأعلى ، وغسلت بمياه التوجه الصادق ، فهنا يحصل الكمال الذي يفوق في عطائه عطاء الروح المجردة ، والروح هي الشق الثاني من وجود هذا المكلف الرفيع القدر عند الله حين يفهم عن الله !! وقد كشفت الآية الكريمة أمر السبيل إلى الله ، وأماطت عما يتعلق بالنتائج مجملة ، ويا لروعتها مجملة ، إذعطاؤها لا تحده عبارة مهما اتسع صدرها ، قال جل جلاله : " وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ "فقد أسند السبق في دروب الخير إلى المكلف ، وجاء باسم الإشارة مع اسم المفعول ليرجع أمر السبق إلى التقريب الذي هو فضل من الله ومنة !وقد فصل في هذا الشأن أروع تفصيل ليبين للمكلف أن سبقه متفاوت السرعة ، وأنه- سبحانه- يعطى فوق ما يعطي العبد ، وشتان ما بين العطاءين ، ففي الحديث القدسي : عن أبي ذر قال النبي {صلى الله عليه وسلم} يقول الله عزوجل :"..  ومن تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً ، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة "  فبين أن عطاءه بقدر غناه ، وعطاء العبد بقدر طاقته ! وما عرفنا أن الله قد رد عبدا أقبل إليه ، بل عرفنا أنه سبحانه - إذا أعرض عنه عبد مدة ، ثم أقبل عليه قبل رجوعه إلى رحابه مهما طال إعراضه عنه على ألا يكون الرجوع عند " الغرغرة " ، وهذا من كرمه سبحانه ، ومن صرفهم الله عن رحابه صرفهم لأنهم هم الذين انصرفوا، قال- تعالى- : " ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ " وقال : " فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ " ومما حفز الله به الهمم أنه أخبرنا بحقيقة من الحقائق الإيمانية ، فقال جل جلاله:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}لتعمل على المراقبة ! على أن دروب السير إلى الله ليبلغ السائرفيها رضوان الله تعالى كثيرة تشمل كل أنشطة الحياة ، ويكفي من ميادين التقرب ما أشار إليه الحديث عن أبى هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان " و من قمم التقرب أن يتقرب العبد إليه بنفسه وماله في مضمار الجهاد ، علما أنهما منه أساسا  لم كانت الصلاة بتلك المثابة الفريدة من بين سائر القرب ؟ إنها تحكي ذوبان النفس في معارج النور ،إذ الصلاة معراج المؤمن ، وفي معارجها تنأى عن شقها الطيني الذي تنبت فيه الشهوات الشاغلةعن الحق ، والطين يتصل بالأرض عبر سنة الجاذبية ، ومنه تتأتى الثقلة التي تمنع من الانطلاق في فضاءات الملأ الأعلى وعلى دروب الحياة ،  وتلك الثقلة نعاها ربنا جل جلاله على أصحابها بقوله : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ " والصلاة معراج تترقى فيه الروح إلى أجواء تموج بالنور ، وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم : "  الصلاة نور" وهي ترتفع تغتسل من كل أدران النفس ،وقد جاءهذا المعنى بما فاه الخبير بشؤون العبادة وخصائص كل منها حيث ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم ، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء ؟)) قالوا:لا يبقى من درنه شيء ، قَالَ:فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا " وتتقاطر بحركة الارتقاء قطرات الطين العالقة بحنايا النفس ليصفو للروح مناجاتها ، وتنعم برحلتها التي إن أتقنتها ساغ لها حين ترجع منها أن تسلم معلنة الانتهاء من ذلك الانقطاع العميق عن الشواغل اللاهية ،قائلة " السلام عليكم ورحمة الله "