إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2012-09-03 11:06:55

همسة من القلب - التقرب من الله ....

أسمى مقاصد الإنسان العاقل أن يتقرب إلى مالك الملك ، وهذه الهمسة في هذا الإطار !بداية قرر العلماء أن القرب والبعد الحسيين مما يستحيل في حق الله تعالى ، قالوا :القرب الحسي من الله لا يصح ، لأنه لا مناسبة بين القديم و الحادث ،فالله تعالى وجوده ذاتي ، ولا أول له ، وكل ما سوى الله من المخلوقات لا يكاد يكون لها وجود أمام عظمة وجوده المطلق سبحانه ، وهوليس كمثله شيء!وحيث يرد في النصوص التي هي المرجع المعصوم في كل قضايا التصور" القرب " فيحمل على ما يدل عليه السياق الذي ورد فيه ، كما سأبين ذلك بالأدلة الباهرة ، ثم مسألة التقرب توحي بلون حركة وسير ، والتوجه إلى الله هو الذي يحمل عليه لفظ السيروالسلوك والهجرة إلى الله ،ومن المعلوم أن أي سيريقوم به السائر سينتهى إلى ما قصده السائر ، وهنا يبرزالسؤال : ماالمعنى الذي يراد من تعبير القوم : السير والسلوك ، والوصول إلى الله ؟ ولعل تحديد المراد من السير هو الذي يجلي لنا معنى الوصول ، وقد قال العلماء : وصولك إلى الله وصولك إلى العلم به و إلا فجل ربنا أن يتصل به شيء أو يتصل هو بشيء    يعني : أن الوصول إلى الله تعالى الذي يشير إليه أهل هذه الطريق فيقولون : فلان واصل أو من أهل الوصول . إنما هو الوصول إلى العلم الحقيقي بالله تعالى و هذا هو غاية السالكين و منتهى سير السائرين . و إلا نرد ذلك بل أردنا الوصول المفهوم بين الذوات فلا يصح لأنه تعالى منزه عنه إذ لا يتصل من لا شبيه له بمن له شبيه و نظير،وفي قوله- تعالى- : ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ). جاء في التفسير ويُقال للمتوجه: لا تُطعه واسجد بقلبك وجوارحك، وتقرّب بذلك إلى مولاك، حتى تظفر بالوصول إليه.وفي الحديث الشريف ما يجلي هذا المعنى ،استمع معي إلى قوله- عليه الصلاة والسلام : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).

وقال عمرو بن عبسة رضي اللّه عنه أنه سمع النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يقول : " أقْرَبُ ما يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخر، فإن اسْتَطَعْتَ أنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعالى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ " وقال رسول الله كذلك : "أقربُ ما يكون العبدُ من رَبَّه وهو ساجدٌ فأكثروا الدعاء" 

ويطل ههنا الوجه الكالح لأبي جهل من قبل ، وفي يومنامن خلال أحفاده الذين انحدروا من صلب عداوته للحق والدعاة إليه ، إذ هو الأب الروحي لهم لنقرأ في قسماته الفاجرة ما كان إزاء عبادة التقرب إلى الله وما يكون ، إذ رُوي أنَّ أبا جهل مرّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصلّي، فقال: ألم أَنْهكَ؟ فأغلظ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أتهدّدني وأنا أكثر أهل الوادي نادياً؟ فنزلت. { سَنَدْعُ الزبانية } ليجروه إلى النار{ كلاَّ } ردع لأبي جهل، وردع للناهِي عن عبادة الله ممن جاءوا من بعده يسلكون مسلكه، ويسيرون على طريقته { لئن لم ينتهِ } عما هو عليه { لَنَسْفعاً بالناصيةِ } السفع:هوالقبض على الشيء وجذبه بشدة ؛أي :لنأخذن بناصية ولنسحبنّه بها إلى النار.كذلك رُوي أنَّ أبا جهل كان في ملأ من قريش، فقال: لئن رأيت محمداً لأطأنّ عنقه، فرأه صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فجاءه, ثم نكص على عقبيه، فقالوا: مالك؟ فقال: حال بيني وبينه خندق من نار وهول وأجنحة، فنزلت، فقال صلى الله عليه وسلم: " لو دنا من لاختطفته الملائكة " وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لَوْ دَعَا نَادِيهُ لأخَذَتْه الزَّبانِيةُ عِياناً " النادي: كان المجلس الذي يجتمع فيه القوم ، ولا يبعد أن يكون مقر الحزب الذي يستمد نسغه من الجاهليه اليوم قد قام مقام النادي بالأمس !ومدا في عطاء النص القرآني الخالد قال العلماء: كل مَن أنكر على المتوجهين، الذين هم على صلاتهم دائمون، يُقال في حقه:" أرأيت الذي يَنهى عبداً إذا صلّى" ويقال كذلك : "{ لا تُطِعْهُ } أي: أثبت على ما أنت عليه من عصيانه،{ فَلْيَدْعُ ناديَه }. هذا،وفي معنى يتقربون إليه ،والربط بين السجود والاقتراب من الله.

جاء قوله- تعالى-:" كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ " وكذلك قوله : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) وقوله في وصف الصحابة رضي الله عنهم : ( تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ) فقوله : ( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ) فلم كان للصلاة هذا الزخم الذي يفعم الذات بله الروح ؟سؤال سنجيب عنه إن شاء الله تعالى على أن ثمة بقية تعضد مجموعة من الحقائق التي ألمعنا إليها في السياق.