إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2014-11-03 01:53:42

موقف جلى ، عقدَ قلبٍ ، وثمرة توكلٍ! ..

- ماذا أبكى ابنة حاتم الأصم ؟ ؟ ؟
حاتم من الصالحين ، سرى فيه الحنينُ أيام الحج إلى مكة ،  ولم يكن مستطيعا ، وليس لديه حتى نفقة العيال في أثناء غيابه عنهم ،
 - لحظت ابنته حزنه ، فسألته : ما يحزنك يا أبتاه؟
قال : الحج أقبل!
- ومالك لا تحج؟
فقال : النفقة.
قالت : يرزقك الله.
قال : ونفقتكم؟
قالت : يرزقنا الله.
قال : الأمر إلى أمّك.
وأجمعت الأسرة على ان يذهب إلى الحج ، ورزقنا على الله!
- ترك حاتم أسرته متوجها إلى مكة ، وترك لهم نفقة ثلاثة أيام ، ولم يكن   معه ما يكفيه من المال ، فكان يمشي خلف القافلة ! 
- وفي أول الطريق لسعت رئيس القافلة عقرب ، فسألوا عمّن يرقيه من تلك اللسعة ، فكان حاتم ، حيث قرأ عليه ، فشفاه الله  من ساعته.
- وكافأه رئيس القافلة : بأن تحمّل عنه نفقته ذهابا ، وإيابا .
فقال حاتم : اللهم هذا تدبيرك لي ، فأرني تدبيرك لأهل بيتي .
- ومرت الأيام الثلاثة ، وانتهت النفقة عند الأبناء ، وبدأ الجوع يدب دبيبه فيهم ، وبدأ اللوم ينصب على البنت ، وتتلقاه بالابتسام !
فقالوالها : ما بك مستريحة ، والجوع يؤلمنا !
فقالت : أبونا هذا المسافر أرزاق هو أم آكل رزق؟
فقالوا : آكل رزق ؛ وإنما الرزاق هو الله.
فقالت : إذن ذهب آكل الرزق ، وبقي الرزاق.
- وما أنهت كلامها حتى قرع الباب ! فقالوا : من ؟
فقال الطارق : إن أمير المؤمنين يطلب ماء ليشرب .
ملأت البنت القربة ماء ، وشرب الخليفة ، فوجد للماء حلاوة  لم يعهدها!
فقال لجنده : من أين أتيتم بالماء؟
قالوا : من بيت حاتم ! فقال : نادوه لأجازيه! فقالوا : هو في الحج.
فخلع أمير المؤمنين منطقته- وهي حزام من القماش الفاخر المرصع بالجواهر-  وقال : هذه لهم! ثم قال لحاشيته: من كان يعزني منكم ، فليفعل ! فخلع كل من كان مع الأمير  مناطقهم  ،
فتكومت كمية من المناطق ، فاشتراها أحد التجار بمال كثير!
ولما رأت البنت ذلك المال غلبها البكاء !
فقالت لها الأم : أمرك عجيب يا ابنتي ؛ كنا نبكي من الجوع ، وأنت تضحكين ، أما وقد فرج الله علينا ، فمالك تبكين؟!
قالت البنت : هذا المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، تريد "الخليفة" نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا حتى نموت ، فكيف بمالك المَلِك الغني!