إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2012-12-07 17:11:22

صياغة المسجد للسوق !

حين يربى التاجر في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه نجد ما قاله الله تعالى ثمرة لهذه التربية : "( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) هم نقلوا بيئة المسجد والحضور فيه مع الله وما يملأ اصدور من أنوار التقرب إلى بيئة البيع والشراء ، أفيبقى غش أو تدليس ، أو غبن فاحش ، أوخداع ، أو تمساحية وتغول ؟ ولنشهد ما جرى في السوق الرباني :

رجل من التابعين كان بالبصرة ، وله غلام بالسوس يجهز إليه السكر ، فكتب إليه غلامه ، أن قصب السكر قد أصابته آفة في هذه السنة ، فاشتر السكر ، قال: فاشترى سكرًا كثيرًا ،في غفلة ممن باعه عن الأسعار ! فلما جاء وقته ربح فيه ثلاثين ألفًا ، فانصرف إلى منزله فأفكر ليلته وقال: ربحت ثلاثين ألفًا وخسرت نصح رجل من المسلمين ، فلما أصبح غدا إلى بائع السكر فدفع إليه ثلاثين ألفًا ، وقال : بارك الله لك فيها ، فقال: ومن أين صارت لي ؟ فقال: إني كتمتك حقيقة الحال ، وكان السكر قد غلا في ذلك الوقت ، فقال: رحمك الله قد أعلمتنى الآن ، وقد طيبتها لك ، قال: فرجع بها إلى منزله وتفكر وبات ساهرًا ، وقال: ما نصحته فلعله استحيا مني فتركها لي فبكر إليه من الغد ، وقال: عافاك الله خذ مالك إليك فهو أطيب لقلبي ، فأخذ منه ثلاثين ألفًا !.إنه تدافع للمال ، لا تدافع من أجله !!

كذلك كان عند يونس بن عبيد حلل مختلفة الأثمان: ضرب قيمة كل حلة منها أربعمائة ، وضرب كل حلة قيمتها مائتان ، فخرج إلى الصلاة وخلف ابن أخيه في الدكان ، فجاء أعرابي وطلب حلة بأربعمائة ، فعرض عليه من حلل المائتين ، فاستحسنها ورضيها فاشتراها فمضى بها وهي على يديه ، فاستقبله يونس فعرف حلته ، فقال للأعرابي: بكم اشتريت ؟ فقال: بأربعمائة ، فقال: لا تساوي أكثر من مائتين ، فارجع حتى تردها ، فقال: هذه تساوي في بلدنا خمسمائة وأنا أرتضيها ، فقال له يونس فإن النصح في الدين خير من الدنيا بما فيها ، ثم رده إلى الدكان ، ورد عليه مائتي درهم ، وخاصم ابن أخيه ، في ذلك وقاتله وقال: أما استحييت ، أما اتقيت الله ، تربح مثل الثمن وتترك النصح للمسلمين ؟ فقال: والله ما أخذها إلا وهو راض بها قال: فهلا رضيت له بما ترضاه لنفسك .

إن هذا إن كان فيه إخفاء سعر وتلبيس ، فهو من باب الظلم