إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2013-02-05 12:55:18

تسديد وترشيد وميزان

بعث أحد الأحباب يسأل هل يكفي للنجاة والفوز بآفاق السعادة يوم القيامة أن يحب الإنسان أهل البيت رضي الله عنهم ؟ 

بداية إن الفهم الصحيح للإسلام دين الله الذي يغطي كل أنشطة الحياة يرجع إلى المصادر الرئيسة من كتاب وسنة ، ويرجع إلى تطبيق جيل الصحابة الذين هم شهدوا التنزيل ، وصحبوا رسول الله ، وهم أهل لسان صحيح نزل به القرآن ، وقد أثنى الله عليهم بقوله " وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها واهلها " وهم الذين انطلقوا يبذلون الغالي والنفيس لنشر دين الله كما وعوة تصورا وعبادات وقيما وأخلاقا وحلالا وحراما ، وسلوكا ربانيا ؟ ولم يمسخوا الإسلام ليحصروه في زاوية من زواياه الكثيرة ،ولا في ميدان من ميادينه الواسعة ،وهذا كله يؤخذ من نصوص أقدمها من غير ترتيب لها لأبين سعة ما دعينا إليه من قبل الله ورسوله ، ولعلنا مهما سبرنا هذه النصوص وغيرها الكثير لم يظهر لنا ما ذهب إليه أناس في أزمنة الأهواء والكسل والابتداع المقيت !!على أن ما طرح يؤخذ جانبه الصواب ، ولا يلتفت إلى ما أريد به من قبل الداعين إليه، هذا و يرجع ما طرح إلى أهل البدع الذين وقفوا من الصحابة موقف العداء والسب ، وهؤلاء يدخلون من بوابة حب آل البيت الذي يحتل من صدور المسلمين  مكانة عالية ،ولكن من أهل البدع من يطرح ما يطرحه النصارى حيث يدعون إلى مجرد الإيمان بالمخلص على أنه مخلص ! وبعدها يتبوأ جنة عرضها السموات والأرض ، ويكفي ليصحو المسلم من هذا المنزلق أن يقال ما ذكر من حب آل البيت وأنه فيه وحده النجاة فهناك مجموعة من النصوص الثابتة تظهر لنا أن ما طرح يناقضها بعنف شديد: 

- ومن النصوص: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»فهذه هي أركان الإسلام فأين هذا مما يقال حبهم الدين ؟ الدين تصور وسلوك وحب آل البيت مما دعينا إليه كما دعينا إلى حب الله ورسوله والمؤمنين والصالحين جميعا !!! 

 ونص آخر :

- قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ "ولا أجد في الحديث الثابت ما ذكر!!

كذلك :قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار " فأين ما ذكر من ذا ؟  

- وقال (صلى الله عليه وآله): سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" وفيه تحديد لسلوك نهت عنه الشريعة وكثير ممن يدعي المحبة لا يقصر لسانه عن سب أفضل الناس الصحابة 

- جَاءَ رَجُلٌ مِنْ آلِ حَاطِبٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! إِنِّي آتِي الْمَدِينَةَ غَدًا ، وَالنَّاسُ سَائِلِيَّ عَنْ عُثْمَانَ ؛ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ ؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَخْبِرْهُمْ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ مِنَ الذين ( وءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَءامنُوا ثُمِّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِّبُ المُحْسِنينَ ) لم يذكر علي رضي الله عنه من صفات عثمان رضي الله عنه ما ذكر أيضا!!! 

- هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ : {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَالله يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}لا نجد ما ذكر أيضا ، وهل يجوز أن تنسخ هذه كلها بكلام لاأصل له ،وإن كان له أصل فليس على المعنى الذي يساق له 

- وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " انظر الصفات فهل تجد فيها المدعى

- اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)ألا ندعو بهذا في كل ركعة ؟ ومن هم الذين أنعم الله عليهم ؟ حددوا بأية ثانية هي :

" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا" أبعد هذا يحصر الدين وتحصر النجاة في آل البيت؟ 

- نصوص تحدد الإسلام كما جاء به كل الرسل ! فلم يمسخ الدين هذا المسخ ؟ - قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ "

- "وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ 

له وتمثل ما جاءت به الرسالة :"إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" فهل ترى ما ادعي ؟ 

مما يسعد عند الله تعالى :- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ رَجُلًا اشْتَكَى، فَقَالَ «لَقِّنُوهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنَّهَا مَنْ كَانَتْ آخِرَ كَلَامِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ»

- عن حسان بن عطية ، قال : إن الإيمان في كتاب الله صار إلى العمل فقال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون) ثم صيرهم إلى العمل فقال : ( الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا) 

- في كلام الله تعالى لقوله عز وجل: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا}. فأخبرنا سبحانه وتعالى أن المؤمن من كانت هذه صفته. وقال ابن بطال في باب من قال: الإيمان هو العمل، فإن قيل: قد قدمتم أن الإيمان هو التصديق، قيل: التصديق هو أول منازل الإيمان، ويوجب للمصدق الدخول فيه، ولا يوجب له استكمال منازله، ولا يسمى مؤمنا مطلقا، هذا مذهب جماعة أهل السنة أن الإيمان قول وعمل. قال أبو عبيد: وهو قول مالك والثوري والأوزاعي ومن بعدهم من أرباب العلم والسنة الذين كانوا مصابيح الهدى وأئمة الدين من أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم. قال ابن بطال: وهذا المعنى أراد البخاري رحمه الله إثباته في كتاب الإيمان، وعليه بوب أبوابه كلها فقال: باب أمور الإيمان، وباب الصلاة من الإيمان، وباب الزكاة من الإيمان، وباب الجهاد من الإيمان، وسائر أبوابه. وإنما أراد الرد على المرجئة في قولهم: إن الإيمان قول بلا عمل، وتبيين غلطهم وسوء اعتقادهم ومخالفتهم للكتاب والسنة ومذاهب الأئمة. ثم قال ابن بطال في باب آخر: قال المهلب: الإسلام على الحقيقة هو الإيمان الذي هو عقد القلب المصدق لإقرار اللسان الذي لا ينفع عند الله تعالى غيره. وقالت الكرامية وبعض المرجئة: الإيمان هو الإقرار باللسان دون عقد القلب، ومن أقوى ما يرد به عليهم

ما حدده الحديث الآتي يبين أبعاد ما جاءت به الرسالة :

- عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( الإيمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة فأرفعها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) قال أبو حاتم : أشار النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الخبر إلى الشيء الذي هو فرض على المخاطبين في جميع الأحوال فجعله أعلى الإيمان ثم أشار إلى الشيء الذي هو نفل للمخاطبين في كل الأوقات فجعله أدنى الإيمان فدل ذلك على أن كل شيء فرض على المخاطبين في كل الأحوال وكل شيء فرض على بعض المخاطبين في بعض الأحوال وكل شيء هو نفل للمخاطبين في كل الأحوال كله من الإيمان فهل تكفي هذه النصوص على قلتها لتكشف عن عمق الهوة التي يحفرها هؤلاء للأمة بقصد أوغيرقصد ، بحسن نية أوسوء نية ، ليجعلوا من الإسلام مجرد"كلمة" على اللسان ، أو عاطفة محشورة في زاوية الصدر لا ترى لها- بأدق المجاهر- أئرا على الجوارح ، وفي الحياة ، أما فطن هؤلاء إلى قوله تعالى " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " أليس المطلوب دليلا على محبة الله تعالى ، وما أسماها! " اتباع الرسول " عليه الصلاة والسلام ؟! عجيب أمر من زاغ قلبه !!!