كيفية استقبال القلوب للفتن !

كيفية استقبال القلوب للفتن !

( تُعْرَضُ الفِتَنُ على القُلُوبِ عَرْضَ الحَصِيرِ عُوداً عُوداً فأيُّ قَلبٍ اشْرِبَها نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْداءُ ، وأيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضاءُ ، حَتَّى يَصِيرَ القَلْبُ أبْيَضَ مِثْلَ الصَّفا، لا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دَامَتِ السَّمَوَاتُ والأَرْضُ ، والآخَرُ أسْوَدَ مُرْبَادّاً كالكُوزِ مُجَخِّياً ، لا يَعْرِفُ مَعْروفاً ، ولا يُنكِرُ مُنْكَراً إلا ما أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ )

" صحيح " رواه مسلم وغيره عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه .

من أبعاد ما دل عليه الحديث الشريف:
-----------------------------------------

- الفتنة هي ما يتبين به حال الإنسان من الخير والشر ،وتأتي بمعنى الشرك ، مثل " حتى لا تكون فتنة " والإضلال ، مثل " ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " والقتل ، مثل " أن يفتنكم الذين كفروا " والإثم كما في " ألا في الفتنة سقطوا " والاختبار، كقوله " ولقد فتنا الذين من قبلهم " إلا أن ثمة فرقاً بين الفتنة والاختبار ، هو أن الفتنة أشد الاختباروأبلغه ،إذ أصلها عرض الذهب على النار ليتبين صلاحه من فساده .

- تتوالى الفتن على القلوب ، كما ينسج الحصير عوداً عوداً.

- تختلف القلوب في التعامل معها ، فقلب ينكرها ، وآخر يتشربها !

- من تشربها دخلت فيه دخولاً كاملا ، فاحتلت ذراته ، وحلت فيه حلول الشراب من شاربه! فلا تقبل الانفكاك بحال !

- القلب الذي أنكرها أنكرها لرسوخ حقائق الإيمان في حناياه ، ولثبات أصولها في بقاعه ، فكان بمثابة " الصفا " الذي لا يقبل المؤثر الخارجي لصلابته !

- القلب " المجخّي " هو المائل عن الاستقامة ، والمنكس ، فلا يقبل ما يوضع فيه من نصيحة ، أو حكمة ، أو إرشاد ، فلا يعلق به خير ! وتشبيه القلب الذي لا يعي الخير " بالكوز المجخّي " لأنه بميله لا يثبت فيه الماء إذا ما وضع فيه ! - بقي أن الكأس الفارغ يملؤه الهواء ، ويصير محلا للفتنة ، تحط رحالها بكل أثقالها في سردابه ،ويسقط من يده الميزان الدقيق لكلٍ من المعروف والمنكر ،، ويمسي وزانه لهما عبر هواه المستكن في حناياه ، فيرى " المنكر " معروفاً ، لأنه يوافق الحاكم في ذاته على الأشياء ، وقد يرى " المعروف " منكراً بهذه المثابة !! وهذا ما قرره الحديث في فقرته الأخيرة " إلا ما أشرب من هواه " فهل يستفاد من هذه البصيرة النبوية ؟ أرجو ذلك لكل حبيب .