إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2013-05-06 04:04:14

وقف العارف بالله بين ( الدارين )

 

 

قال- وقد بدأ بالدنيا- :هذه فانية ، وعمر الإنسان فيها له بداية ونهاية ،اختلط خيرها بشرها ،يتناوب فيها الصحة والمرض ، ويتقلب العبد بين البسط والقبض ، والفقر والغنى ، والسرور والحزن ، وفيها يعصى الله بديع السموات والأرض ، وعلى أرضها تقع ألوان من الظلم ، وهي دار التكليف والحجاب ، وهي دار البذر والعمل الصالح ، فيها يذكر الله ويعبد ، ويتوكل عليه ، وله يسجد !! وهنا صاحت الدنيا في وجه العارف : أما شبعت من وصفي ؟ كفاك- يا بني- ما ذكرت عني ! ولو اقتصرت على المشهد الذي رصدته آية واحدة من كتاب الله لكفاك ، وما هذه الآية ؟ هي قوله تعالى : " إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " !!صدقت الدنيا بما دلت عليه ،وآن للعارف أن يلتفت إلى الدار الآخرة ، وعبر النصوص وجد أنها : دار البقاء ، ودار الرؤية بعد رفع الحجاب ، ودار الحصاد والثواب ، ودار الكرامة والتلاقي إلى غير فراق ، ودار ينصف الله عباده المظلومين ممن ظلمهم ،ويكفي آية تدل على ما أعده الله للأبرار، : "  وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا " خدم عباد الله فيها " كاللؤلؤ" والمنثور ، لأنهم في حركة دائبة ، ثم وصف الملك بالكبير ، والله هو وصفه !! بل يكفي ما ورد من حديث يجلي جانبا من الملك : " قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إني لأعلم آخر أهل النار خروجاً منها وآخر أهل الجنة دخولاً الجنة رجلٌ يخرج من النار حبواً فيقول الله عز وجل له اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى ، فيرجع فيقول: يا رب! وجدتها ملأى فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة ، قال: فيأتيها ، فيخيل إليه أنها ملأى ، فيرجع فيقول: يا رب ! وجدتها ملأى ! فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة ، فإن لك مثل الدنيا ، وعشرة أمثالها ، أو: إن لك عشرة أمثال الدنيا ! فيقول: أتسخر بي؟ أو أتضحك بي، وأنت المَلك ؟ قال: فلقد رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ضحك حتى بدت نواجذه ، وكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة "

وقف العارف بالله  بين (   الدارين ) واستجمع خاطره ، وأخذ يسجل ما لكلٍ منهما !! فإلام خلص ؟