إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2013-05-30 08:16:45

الصدق أول قدم في طريق السعادة !

 لو صدقت ما التفت !!

قال أهل القلوب: ملتفت لا يصل ! فمن أحدّ عين بصيرته نحو عالم البقاء، لم تستهوه

كل الزخارف في عالم الزوال والفناء !فالمهم إحداد البصيرة صوب الآخرة ، وعقد العزم على البلوغ بكل مايبلغها ، وقد امتلأت ذراته بأنوار عزيمة " الكليم ، وقال بملء " فيه " : لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا "  ولا يقطعه عن توجهه ، أويعسره عنه مثل " الالتفات " فإذا التفت خطف بهرجُ الفانية بصرَه ! وقد قالوا :

 إن فقيرا رأى في طريق مكة امرأة فتبعها ، فقالت: مالك؟ فقال: قد سلب حبك قلبي. قالت: فلو رأيت أختي؟ فالتفت فلم ير أحداً! فقالت: أيها الكاذب في دعواه، لو صدقت ما التفت!!!

-  والله لو علمت روحي بمن علقت ... قامت على رأسها فضلاً عن القدم

* منارة على الطريق إلى الكرامة ، هي قبس من بيان العليم الحكيم !

 قال تعالى : " وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ "

-  حب الدنيا والعزوف عن الآخرة تطلعا إليها من وراء مجموعة من الآفات التي أهونها " الجبن ، والبخل ، والرضى بالذل ، واستراط العدو بلا رحمة ، وقطع الرحم ، وفقد الأنس بالله !

هذا ، وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يربِّي صحابته الكرام - رضي الله عنهم - على العزوف عن الدنيا ، والاشتغال بيوم المعاد ، ومن بصائرة البانية لليقين بالآخرة ما كان منه لابن عمر رضي الله عنهما ، حيث قال:

" أخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنكبي ، فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل"ومن الأسليب التربوية هنا أنه " أخذ بمنكبه ط ليستقب كل اهتمامه ، وقد تلقى الصحابي الجليل الدرس ، ورسم لنفسة " خطة ط سلوك محددة ، حيث  كان  يقول:" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" فياله من مرب عليه الصلاة والسلام ! ويله من تلميذ نجيب رقى بما ربيّ عليه إلى مراقي الخلود ! فرضي الله عنهم ، وقلع عيون من أبغضهم ، فعميت عن شهود هذه الثمرات المذهلة التي لم تشهد الدنيا أروع منها !! !!

** تابع من الآثار التي تتمخض عن حب الدنيا ن والاستغراق في خضمها :

قوله- صلى الله عليه وسلم- لابن عمر رضي الله عنه : "كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل"

- قال الطيبي في قوله (أو عابر سبيل): الأحسن جعل " أو" بمعنى: بل ، إذ شبه الناسك السالك بغريب لا مسكن له يأويه ، ثم ترقى ، وأضرب عنه إلى" عابر سبيل " لأن الغريب قد يسكن بلد الغربة ، وابن السبيل بينه وبين مقصده أودية رديئة ومفارز مهلكة ، وقطاع ، وشأنه أن " لا يقيم لحظة ، ولا يسكن لمحة " قال بعض العارفين: الأرواح خلقت قبل الأجساد ثم أفيضت من عالمها العلوي النوراني فأودعت هذا الجسد الترابي الظلماني فاجتمعا اجتماع غربة كل منهما يشير إلى وطنه ، ويطير إلى مسكنه ، فالبدن أخلد إلى الأرض ، والروح بدون السموّ لم ترضَ.!!

- راحت مشرقة ورحت مغرباً * شتان بين مشرق ومغرب.

** كشف الغطاء عما نحتاج إلى معرفته ن لما يترتب على الجهل به من عاقبة مؤلمة ، وخسارة فادحة !!

- ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" ( في صحيح مسلم)

- كذلك حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ؛ فلينظر بم يرجع " في صحيح مسلم"

فالأول يبين حال المؤمن في رحاب هذه الدنيا ، وانه لا يطمئن بها ، وأن يتعامل معها على أنه يبني فيها ما يسعده في الدار التي هو راحل إليها ، هو ينتظر خروجه منها ن وإطلاق سراحه من أسرها ! وليست هذه نظرة سلبية بل هي حفز على المبادرة بكل خير ! والحديث الثاني من العاجيب إذ إنه لم يلغ الدنيا ن ولكنه رفع معها الاخرة ودعاك إلى المقارنة الواعية ، لتعمل لكل دار بمقدار ما تقيم فيها !

فصلى الله عليك يا من بعثت رحمة للعالمين !!

** في ظلال ما توجه به الحبيب لابن عمر رضي الله عنهما من تسديد : " "كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل"

- قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.

- وقال ابن رجب: "وهذا الحديث - ما قاله الرسول لابن عمر - أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطناً ومسكناً فيطمئن فيها، ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر يُهيِّئ جهازه للرحيل، وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم .. ".

- وما ترك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرصة إلا ذكَّر أصحابه بالموت وما بعده.

*دواء ناجع من صيدلية النبوة ومشفى الصالحين !

- قال البراء رضي الله عنه :كنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال:" يا إخواني لمثل هذا فأعدوا" حديث صحيح ، ورواه ابن ماجه .

- وهكذا سار السلف من بعد نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكرون الموت ويُذكّرون الناس به

- فهذا أويس القرني رحمه الله يخاطب أهل الكوفة قائلاً: يا أهل الكوفة توسدوا الموت إذا نمتم، واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم.

-           إنَّ في ذكر الموت أعظم الأثر في إيقاظ النفوس وانتشالها من غفلتها، فكان الموت أعظم المواعظ.

قيل لبعض الزهَّاد: ما أبلغ العظات؟ قال: النظر إلى محلة الأموات.