إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2013-06-20 13:59:22

كم سنوفر من الجهد في سبيل ما يستهلك ، ويفنى ، ونوجهه إلى ما يسعد ويبقى

 

كم سنوفر من الجهد في سبيل ما يستهلك ، ويفنى ، ونوجهه إلى ما يسعد ويبقى ، وبالحياة يرقى ، فكم من بطن متخمة ، آذاها ما اكتظ فيها مما لا تحتاج إليه ، وإلى جوارها بطون طاوية يعوي في جنباتها الجوع !!وهذه من البصائر المرشدة إلى السلوك الرباني الراقي !!

-  قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

عند قوله صلى الله عليه وسلم :" ليكفِ الرجلُ منكم كزادِ الراكب" يعني: لِيَكفِكَ من الدنيا ما يبلغك إلى الآخرة ، فالمؤمن يتزود منها ، والفاجر يستمتع فيها ، والأصل أن من امتلأ قلبه بالإيمان استغنى عن كثير من مؤن دنياه ، واحتمل المشاق في تكثير مؤن أخراه!

 - وفيه تنبيه على أن الإنسان مسافر لا قرار له ، فيحمل ما يبلغه المنزلة بين يديه مرحلة مرحلة ويقتصر عليه !

- وبهذا التصور نبصر روعة التطبيق !!

**  علاقة الإنسان بالدنيا لا تختلف عبر القرون ، فهي هي ، من تصورها دائمة عمل بما يقتضيه هذا التصور ، واستغرقته هذا " الفانية " وما زال غارقا حتى يضربه الموت ، ويدعوه إلى الخروج منها على اختناق ، قد امتلأ جوفه بأول أكسيد الكربون ! أو ثانيه ، سواء ! وهذا ما سطر في كتب سابقة مما اعتنت بالحكمة !!

-  مما ورد في بعض الكتب المنزلة: ابنَ آدم! خذ من الدنيا ما شئت ، وخذ من الهم أضعافه.!!

ما أروع من تقدم لنا النصيحة في قالب " التطبيق "

 ومن هذه النصائح التي تقدم عبر السلوك أنه :

- كان بعض العارفين إذا انقضى فصل الشتاء أو الصيف يتصرف في الثياب الذي يلبسها في ذلك الفصل ولا يدخرها إلى الفصل الآخر! وهو- كما قال العلماء- مقام عيسوي ، فإن المسيح- عليه السلام- لم تكن له ثياب تطوى زيادة على ما عليه من جبة صوف أو قطن ، وكانت مخدته ذراعيه ، وقصعته بطنه، ووضع- مرةً- لبنة على لبنة من طين تحت رأسه ! فقيل له : قد رغبت يا عيسى في الدنيا بعد ذلك الزهد!! فرمى بهما، واستغفر وتاب.

قلت : هذه النبضة سيقول الجميع إلا النادر: أليس هذا من المغالاة في ترك الدنيا ؟!والتطرف في التعامل معها ؟ صحيح هذا الاعتراض ، ولكن من اعترض عليه أن يقف قبالة ماهو عليه من " التعامل ، فهل هو متطرف في الجهة المتورمة ، إذا كان ما عرض من التطرف في " الجلدة والعظمة ؟ هذا هو الدرس ! هذا هو الدرس ! ولا نقف عند الاعتراض وحده !