إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2013-06-20 14:29:49

14 - قد أعطانا القرآن الكريم عدة مفاتيح إلى الإيمان بالاخرة

 

  فمن أحسن فهم هذه المفاتيح ، وأدرك العلاقة بينها وبين أبوابها النظرية وما ترشد إليه ، استطاع أن يجد الدليل العقلي الذي يدلّه على أن من القضايا الحتمية في الوجود قضية اليوم الآخر ، لإقامة الجزاء الحق ، وتحقيق صفتي العدل والفضل من صفات الله التي قامت عليها براهين العقل .

هذا، وإنما يظهر في مفاهيم من استطاع أن يتوصل إلى الإيمان بالله وصفاته بالأدلة العقلية والعلمية ، وتابع نظره مشوقاً لبلوغ الحقيقة ، ولم تقف في نفسه عوائق التعصب أو عوائق الرغبة بالفجور .

ولدى تتبُّع المفاتيح القرآنية لهذا الدليل النظري نستطيع أن نظفر بمجموعة من النصوص منها:( أ ) قول الله تعالى : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}وقال تعالى : "أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى }.

وذلك لأن من آمن بالله الخالق عن طريق النظر الفكري في آثار صنعته في الكون وفي الأنفس ، فإنه لا بد أن يهتدي إلى كمال صفاته جلَّ وعلا ، ومنها علمه وقدرته وحكمته وعدله ، وهذه الصفات لا بد أن تهدي الباحث المؤمن بالله إلى أن الله لم يخلق هذا الكون ، وما فيه ليكون مسرحية من مسرحيات اللعب أو اللهو والعبث الباطل ، وإنما خلقه لحكمة، يعرف الإنسان في حدوده من هذه الغاية ، أن الله قد خلقه مزوداً بخصائصه ليمتحنه في ظروف هذه الحياة الدنيا ، وليبلو إرادته ، ولكل امتحان نتيجة وغاية ، وإذ لم تظهر هذه النتيجة والغاية في ظروف هذه الحياة الدنيا ، فلا بد أن يكون العليم القادر الحكيم العدل قد ادَّخر إظهار هذه النتيجة والغاية وتحقيق مقتضياتهما إلى حياة أخرى ، هذا ما توجبه نظرياً مقتضيات العقل السليم والفهم المستقيم .