التداخلات الطبية والأدوية والصيام
تاريخ الإضافة : 2012-08-11 12:42:32
ما حكم صيام من يغسل الكلى في نهار رمضان ، أو يضع كبسولة دواء تحت لسانه لخفض توترات القلب؟
وأيضاً الرأي الشرعي في المفطرات المعاصرة (كبخّاخ الربو , الفحص المهبلي , التحاميل -اللبوس )؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم...

لما كان غسيل الكلى عبارة عن سحب الدم من المريض، وتصفيته،  وإعادته إلى جسده،  مع إضافة مجموعة من الأدوية إليه، دون أن يكون إرجاع الدم عبر المنافذ الطبيعية، فلا أرى ذلك مفسدا للصيام بهذا الاعتبار،  علما أن الأدوية تضاف إلى الدم في أثناء سحبه وتصفيته بأجهزة خاصة،  على إني بعد ما كتبت هذا اتصل بي ولدي من أمريكا  وهو يعمل في المشفى- قسم غسيل الكلى– وسألته،  وأسجل- هنا- ملحوظتين:

 

  1. قال لي إن بعض حالات الغسيل يمتلىء الفم فيها بطعم الدواء،  وبصورة واضحة،  ثم يسري مع الريق ابتلاعا،  فإذا كان ذلك فالفطر لازم،  إذ إن الدواء في هذه الحالة قد دخل الجسم عبر الفم.
  2. من قدر على إجراء عملية الغسيل ليلا،  وذكر لي أن هناك عيادات طبية تقوم بذلك،  فهذا طيب.
  3. ليس صحيحا ألا يغسل المبتلى بغسيل الكلى حرصا على الصوم،  إذ إن من لا يغسل إن لم يمت تسمما،  تفاقم  مرضه لا محالة.
  4. ذكر أن ثمة محاليل سكرية تضاف أحيانا في عملية الغسيل،  فإذا كان ذلك فالفطر أيضا لازم، وهذا كله يتطلب من المريض أن يسأل عند الغسيل ليحكم على صيامه،  ونسأل للجميع الشفاء،  والعافية، وتكفير السيئات،  ورفع الدرجات.

 

وإليك – أخي الكريم – مجموعة من المسائل وبعض ما يتعلق بقرار المجمع الفقهي:

 

  • الإبـــر الدوائية لا تفطر سواء كانت في العضل أو الوريد
  • المفطر هو ما يدخل إلى الجوف من منفذ طبيعي خلقي كالفم والأنف والشرج
  • تناول مجلس مجمع الفقه الإسلامي المفطرات في مجال التداوي في دورة مؤتمره العاشر بجدة وأصدر القرار رقم 93(1/10). الأمور الآتية التي لا تعتبر من المفطرات:
  • قطرة العين أو قطرة الأذن أو غسول الأذن أو قطرة الأنف،،أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق...ولاحظ هنــا القيد" بإذا" فإنه مهم.
  • الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها،إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.وأكرر هنا قضية القيد" بإذا".
  • ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس) أو غسول أو منظار مهبلي،أو إصبع للفحص الطبي.
  • إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
  • حفر الأسنان، أو قلع الضرس،  أو تنظيف الأسنان،  أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
  • بخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ للحلق.
  • الحقن العلاجية  الجلدية أو العضلية أو الوريدية،  باستثناء السوائل والحقن المغذية.
  • غاز الأوكسجين
  • ما يدخل الجسم امتصاصا من الجلد، كدهون ومراهم علاجية جلدية محملة بمواد دوائية أو كيميائية.
  • ولم يبتّ المجلس وقتها في مجموعة من القضايا المتعلقة بالمفطرات، كالذي يدخل الشرج من حقن شرجية أو تحاميل أو منظار أو إصبع للفحص الطبي....كما لم يبت في بخاخ الربو،  واستنشاق أبخرة المواد.

 

وقد وصّى المجلس الطبيب المسلم أن ينصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات التي لا تفطر.

 

  • ومما أستريح له بعد ملاحظة القيود الموضوعة على مثل قطرة الأنف أن ما ينقط في الأنف من دواء ضروري، يحدث دونه اختناق، أو ربو صدري، مفطر،  و أنوه- هنا- أن من به هذا المرض قد رخص له بالفطر،  وأن هذه النقط تفسد الصوم  لأنها تدخل من الأنف،  والأنف والفم من المنافذ المعروفة التى يفسد الصوم كل ما يدخل الجوف عن طريقهما،  ومن الأنف إلى الحلق أو منه يتسرب إلى الداخل ، وفي الخبر"الفطر مما دخل".

 

ومن به مرض كهذا يباح له الفطر،  فإن كان دائما ملازما فيفدي  المريض بإطعام مسكين عن كل يوم من الأيام التي يفطرها،  أو يأخذ حكم الشيخ الفاني،  وإن قدر للمريض الشفاء بعد ما دفع الفدية فعليه القضاء،  ولا اعتبار للفدية المخرجة، لأنّ شرط الانتقال من وجوب القضاء إلى الفدية استمرار العجز، أو عدم استطاعة الصيام.

 

والأحسن في مثل هذه الحالات من المرض، أن ينوي المريض في وقت النية ، ووقتها  من بعد غروب الشمس إلى قبيل طلوع الفجر– ثم يكون صائما،  فإن احتجاج إلى الدواء أخذه بلا حرج، وسواء كان حبوبا أو بخاخا،  أو شيئاً آخرمما يفطر استعماله،  إلا أن يكون إبرة دوائية،  فهذه لا تفطر، ثم هناك دواء يمكن لمن به ربو أن يتناوله قبيل الإمساك من الليل،  ولا يحتاج معه إلى البخاخ طوال النهار، فهذا يقي من الأزمة الربوية في أثناء النهار.

 

ومن قال إنّ البخاخ الدافع أو الرافع للأزمة الربوية لا يفطر،  جاء تعليله ناقضا لقوله، حيث قال إنّ البخاخ عبارة عن هواء مضغوط، يتضمن مجموعة من الأدوية المناسبة للربو، إذن: هو الدواء عبر المنفذ الذي يفطر من أدخل دواء عبره.

 

 

  • الأصح الذي عليه أكثر المعتبرات أن إدخال الماء في أثناء الوضوء إلى داخل الفرج في أثناء الصوم مفسد للصوم،  وعلى من فعلت ذلك قضاء ذلك اليوم الذي توضأت بهذه  الكيفية،  و لا كفارة عليها،  وبهذا تبين الموقف من الفقرة (3) من قرار المجلس، فيما يتعلق بالتحاميل أو الغسول.....
  • ما يتعلق بالسواك أو الفرشاة،  فمبني على أن السواك لا يتحلل،  وأن الدواء مع الفرشاة لا يصل منه شيء إلى الجوف، ومجرد الرائحة الساقطة من المعجون لا يضر،  والمنصوص عليه شرعا أن إدخال الماء إلى الفم لمضمضة لا يفسد الصوم ما لم يدخل منه شيء إلى الجوف، ولا يفسده أيضا استعمال السواك رطبا كان أو جافا،  وهذا غير التحلل،  ويبقى قيد ما دام لا يتسرب إلى جوف الصائم شيء من المعجون.
  • وقفت على فتوى قررت أن الحقنة الشرجية مفسدة للصوم عند أكثر المذاهب.
  • ليست الحقن الجلدية أو الوريدية مفطرة، لأن ما بها لا يصل إلى الجوف والمعدة من الطرق المعتادة،  ووصوله إلى الجسم من طريق المسام لا ينقض الصوم.
  • أحد رأيين للمالكية في الحقن أن الاحتقان بالمائعات لا تفطر، لأنها لا تصل إلى المعدة،  ولا إلى موضع يتصرف منه ما يغذي الجسم بحال.
  • قضية المعجون إن لم يتسرب منه إلى الجوف كغسل الفم بالصابون،  وعليه لو كانت مادة نفاذة تسري إلى الجوف مع التحرز فإن يفسد الصوم، وينصح أن يستعمل من الليل قبل الإمساك،  فإنه يصون الأسنان،  ولا يوقع في حذر الإفطار به بالتسرب.
  • المرض المزمن الذي يرجى برؤه ويعجز فيه المريض عن الصوم، يعطي المريض حكم الشيخ الفاني، ويباح له الفطر، ويجب عليه الفداء، بأن يطعم عن كل يوم مسكيناً،  شريطة أن يستمر العجز إلى الوفاة،  فإن برىء في أي وقت وجب عليه صوم الأيام التي أفطرها مهما كثرت،  وعلى قدراستطاعته، ولا تعتبر الفدية في  هذه الحالة مجزية،  ولو أخرجها، لأن شرط الإجزاء استمرار العجز عن الصوم إلى وقت الوفاة.
  • أخذ الدواء بالبخاخة المستعملة لمرض الربو إذا وصل إلى الجوف أفسد الصوم وبفساده يجب القضاء بعد زوال المرض،  فإذا كان مزمنا وجبت الفدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم وجبتين غداء وعشاء مشبعتين.
  • وسواء أي دواء  وصل  إلى الجوف عن طريق الفم أو الأنف،  فإنه يفطر، أما إذا لم   يصل إلى الجوف  فالصوم صحيح.

 

جماهير العلماء من السلف والخلف على أن من أدخل أي شيء إلى جوفه أفطر، ولو لم يكن مغذيا،  ولو لم يتحلل وينماع،  ولو كان قطعة حديد أو حصاة بقصد، أفطر،  وهو مذهب المالكية والأحناف والشافعية والحنابلة.....ومن أدلتهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم– أمر باتقاء الكحل، وهو ليس مغذيا.

 

  • الفم من الجهاز الهضمي،  لكنه ليس جوفا،  بدليل جواز المضمضة للصائم،و ما يدخل الصدر أو البطن من طريق الحلق والبلعوم، يفطر،  ولا فرق بين أن يدخل على شكل جسم محسوس، أو مسحوق مذاب في الريق، أو مادة تطير في الهواء ثم تنعقد مادة محسوسة، مثل السعوط ودخان التبغ وبخاخ الربو، ولا يخفى أن دخان التبغ وما يتصل به يتشكل في الصدر أجراما وأجساما من القطران والنيكوتين، وبخاخ الربو في حقيقته أنه دواء موضوع في وعاء،  يخرج على صورة رذاذ يدخل الفم،  وقسم منه يختلط باللعاب،  فيدخل المعدة،  والآخر الأكبــر يدخل مع الهواء إلى الرئتين،  ومثله التبخر بالماء يغلى ويوضع فيه دواء ويستنشق للعلاج.

 

وفي بخاخ الربو مواد كيميائية وماء وأكسجين،  يتطاير من رذاذ عن طريق الفم إلى البلعوم فالقصبات الهوائية،  وكمية منه إلى المريء.

 

من ذهب إلى أن بخاخ الربو لا يفطر قاسه على المضمضة والاستنشاق،  بنوا هذا على أن ما يدخل منه إلى المعدة لا يفطر، قياسا على المتبقي من المضمضة والاستنشاق،  وعلى أن دخول شيء إلى المعدة ليس أمرا قطعيا،  وأن الأصل صحة الصوم، واليقين لا يزول بالشك.

 

وما فيه من مواد كيميائية قليلة وتتحلل،  وقد عفي عنها لقلتها، وليست مقصودة.

  • إذا كان دواء الربو حبوباً فابتلعها المريض أفطر
  • أقراص توضع تحت اللسان لعلاج أزمة قلبية،  تمتص مباشرة،  ويحملها الدم إلى القلب،  لا تفطر إذ لا يدخل منها شيء إلى الجوف بل تمتص في الفم.

 

  • دم الإستحاضة لا يمنع من الصوم،  ولا من الصلاة،  ولا ما يمنع منه الحيض كقربان الزوج،  وقراءة القرآن.

 

  • عملية تخطيط القلب وما يصاحبها من وضع أسلاك على ظاهر الجلد، لا تفطر
  • العلاج بالأشعة كتفيت الحصى في الكلية –مثلاً– أو أشعة علاج السرطان،  لا يفطر
  • الحقن الوريدية المغذية تفطر،  بخلاف الدوائية فإنها لا تفطر
  • ذهب مجموعة من الأطباء والدكاترة كوهبه الزحيلي،  إلى أن بخاخ الربو يفطر،  فمن استعمله وهو صائم أفطر،  وعليه القضاء،  حيث يقدر، والدليل أن محتوى البخاخ يصل إلى المعدة عن طريق الفم
  • المنظار الطبي عبر الفم أو الأنف مفطر،  أما عن طريق الجلد دون أن يصل إلى الجهاز الهضمي أو الرئتين فلا يفطر.. مثاله: كتنظير عبر الجلد يصل إلى القلب أو الكبد
  • الحقن الشرجية والتحاميل الطبية الخافضة للحرارة تفطر،  لأنها تصل إلى المستقيم، ومنه إلى الأمعاء الغليظة، وهي من الجهاز الهضمي.

 

هذا ما تيسر ذكرناه وأرجو الله تعالى الإصابة فيما ذكرت