ما حكم تهذيب حواجب المرأة وخصوصا المتزوجة؟
تاريخ الإضافة : 2012-03-04 00:00:00
ما حكم تهذيب حواجب المرأة وخصوصا المتزوجة؟

بداية أضع الحديث الذي هو محور الأحكام المتعلقة بمضمونه بين يديه :

- عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال :"لعنت الواصلة والمستوصلة ، والنامصة والمتنمصة ، والواشمة والمستوشمة من غير داء " .

قال أبو داود : الواصلة :هي التي تصل الشعر بشعر النساء ، والمستوصلة : المعمول بها ذلك ، والنامصة :هي التي تنقش الحاجب حتى ترقه ، والمتنمصة :هي المعمول بها ذلك ، والواشمة : هي التي تجعل الخيلان في وجهها بكحل أو مداد ، والمستوشمة : هي المعمول بها ذلك .
- وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والنامصات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله "

وقد جاء في شرح المفردات : النامصات : جمع نامصة ، وهي التي تزيل الشعر من الوجه ، والمتنمصة: هي التي تطلب فعل ذلك بها ، والمتفلجات للحسن : أي مفلجات الأسنان ، بأن تبرد ما بين الأسنان " الثنايا والرباعيات" وتفعل ذلك- عادة- كبيرات السن إظهارا لصغر سنهن ، ولحسن الأسنان ، لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون- عادة- للبنت الصغيرة .

- وذكر العلماء أن النماص يختص بإزالة شعر الحاجب لترقيقه ، أو تسويته .
وقالوا : المغيرات خلق الله : صفة لازمة لمن يصنع الوشم ، أو النمص ، والفلج ، والوصل ...
والتغيير : يكون فيما يبقى أثره ، كالوشم والفلج ، أو يزول ببطء كالتنميص ..

وما تناوله السؤال ، وهو "تهذيب الحاجب" يعني أنه إذا كانت- هناك- شعرات ناشزة في الحاجب ، وإذا كان إزالتها هو المقصود من عملية "التهذيب" فهذا لاشئ فيه إن شاء الله ،إذ هو لون ترتيب للشعر الذي يتكون منه الحاجب ، ولا يدخل في مسألة تغيير الخلق ..

وهنا أبين مجموعة من أقوال الفقهاء لنصل إلى ما يطمئن إليه منها :

الطبري : لايجوز للمرأة تغيير شئ من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص ، التماسا للحسن ، لا للزوج ولا لغيره ، ومثاله: أن تكون مقرونة الحاجبين ، فتزيل ما بينهما ، توهم بذلك "البلج" أو "عكسه" ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية ، كمن لها سن زائدة ، أو طويلة ، تعيقها في الأكل ..

وذكر العلماء أنه يحرم على المرأة "النمص" وهو حف شعر الوجه ، وأشعده الحاجبين ، للوعيد الوارد في ذلك .

- ومن العلماء من قال- كما في كتاب البحر الرئق- : النمص المحرم إذا كان المراد منه التبرج "التزين" للأجانب ، وما كان من دون إذن الزوج "كما في مفتي المحتاج للشافعية" وللتدليس ، وللتشبه بالفاجرات "كما في الإنصاف"

وأباح ابن الجوزي من الحنابلة "النمص" وحده ، وحمل النهي في الحديث على "التدليس" أو: أنه كان شعار "الفاجرات" وفي الغنية "كتاب فقهي"وجه: يجوز النمص بطلب الزوج .

وبقراءة سريعة في كتاب "الفقه الإسلامي - للدكتور الزحيلي" أجد ما يلي : أما نتف الشعر، أي : "النمص" فهو حرام مطلقا ، إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب ، فلا يحرم إزالتها ، بل يستحب كما قال النووي- من فقهاء الشافعية- وغيره .

والتحريم المذكور في الحديث إذا كان بقصد "التحسين" لا لداء وعلة ، فإنه ليس بمحرم ، والمحرم فقط هو نتف الشعر من الوجه ، وللمرأة حلق الوجه ، وحفه نصا ، ولها تحسين شعرها وتحميره ، ونحوه من كل ما فيه تزيين للزوج .

وقال ابن عابدين "من فقهاء الحنفية" النهي عن "النمص"- أي : نتف الشعر- محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب ، وإلا فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها بسببه ، ففي "تحريم" إزالته بعد ، لأن الزينة مطلوبة للنساء ، وإذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالته بل تستحب ..
ولا بأس للرجل بأخذ الحاجبين ، وشعر وجهه ، مالم يشبه المخنث !!

وبإطلالة إلى "الموسوعة الفقهية 14-80" نجد مايلي :

النمص : هو نتف الشعر ، والنامصة : هي التي تنتف الشعر من وجهها ، أو من وجه غيرها ، والمتنمصة : هي التي تنتف الشعر من وجهها ، أو: هي من تأمر غيرها بفعل ذلك ، والمنماص : المنقاش ، الذي يستخرج به الشوك ، ويدعى " الملقط " وتنمصت المرأة : أخذت شعر جبينها بخيط لتنتفه ، وانتمصت : أمرت النامصة أن تنتف شعر وجهها ، ونتفت هي شعر وجهها ، والنمص : رقة الشعر ودقته ، حتى تراه كالزغب . ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن معناها اللغوي ، إلا أن بعضهم قيد النمص بترقيق الحواجب .

الحكم التكليفي :

اتفق الفقهاء على أن نتف شعر الحاجبين داخل في نمص الوجه المنهي عنه بقوله- صلى الله عليه وسلم- :"لعن الله النامصات والمتنمصات .." .

وذهب جمهور الفقهاء إلى أن نتف ماعدا الحاجبين من شعر الوجه داخل أيضا في النمص ، واتفق الفقهاء على أن النهي عن التنمص في الحديث محمول على الحرمة ، ونقل عن أحمد وغيره أن النهي محمول على الكراهة ، وجمهور العلماء على أن النهي في الحديث ليس عاما ، وذهب ابن مسعود وابن جرير الطبري إلى عموم النهي ، وأن التنمص حرام على كل حال .

وذهب الجمهور إلى أنه لايجوز التنمص لغير المتزوجة . أما المرأة المتزوجة فيرى جمهور الفقهاء أنه يجوز لها التنمص ، إذا كان بإذن الزوج ، أو دلت قرينة على ذلك ، لأنه من الزينة ، والزينة مطلوبة للتحصين ، والمرأة مأمورة بها شرعا لزوجها . ودليلهم ما روته بكرة بنت عقبة أنها سألت عائشة- رضي الله عنها- عن " الحفاف " فقالت : إن كان لك زوج فاستطعت أن تنتزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي .

وذهب الحنابلة إلى عدم جواز التنمص- وهو النتف- ولو كان بإذن الزوج ، وإلى جواز الحف والحلق .
وذهب جمهور العلماء إلى أنه يستحب للمرأة إذا نبتت لها لحية أو شوارب أو عنفقة- وهي شعر في الذقن- أن تزيلها ، وقيد بعضهم ذلك بإذن الزوج .

وأوجب المالكية عليها- في المعتمد- أن تزيلها ، لأن فيها مثلة . أما ابن جرير فذهب إلى تحريم ذلك . وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز للمرأة أن تزيل شعر يديها ورجليها وظهرها وبطنها .
وذهب المالكية إلى وجوب ذلك عليها ، لأن في ترك هذا الشعر مثلة . يحرم على الرجل التنمص ، ويكره له حف حاجبه أو حلقه ، ويجوز له الأخذ منه مالم يشبه المخنثين .

وجاء أيضا في الموسوعة ( 10-215 ) :

وتحسين وجه المرأة يكون بتنقيته من الشعر النابت في غير أماكنه ، فيستحب لها إزالته عند الحنفية . وإذا أمرها الزوج بإزالته وجب عليها ذلك عند الشافعية . فقد روت امرأة ابن أبي الصقر : أنها كانت عند عائشة- رضي الله عنها- فسألتها امرأة فقالت : ياأم المؤمنين! إن في وجهي شعرات أفأنتفهن ، أتزين بذلك لزوجي ؟ فقالت عائشة :" أميطي عنك الأذى ، وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة ، وإن أمرك فأطيعيه ، وإن أقسم عليك فأبريه ، ولا تأذني في بيته لمن يكره" . وقال المالكية : يجب على المرأة إزالة الشعر الذي في إزالته جمال لها ، كشعر اللحية إن نبت لها . ويجب عليها إبقاء ما في بقائه جمال لها ، فيحرم عليها حلق شعر رأسها ، ومنع من ذلك الحنابلة . ويتأكد تحسين المرأة هيئتها للزوج وتحسين الزوج هيئته للزوجة .
وأنقل- ختاماً- من الموسوعة "11-273" ما نقلته عن ابن عابدين الفقيه الحنفي :

قال ابن عابدين : النهي عن النمص- أي نتف الشعر- محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب ، وإلا فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها بسببه ، ففي تحريم إزالته بعد ، لأن الزينة للنساء مطلوبة ، ثم قال : إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالته ، بل تستحب . ولا بأس بأخذ الحاجبين وشعر وجهه مالم يشبه المخنث ، وقد ذكرت هذا آنفاً .

وصرح المالكية بأنه لا بأس بإزالة شعر الجسد في حق الرجال ، وأما النساء فيجب عليهن إزالة مافي إزالته جمال لها- ولو شعر اللحية إن لها لحية- وإبقاء مافي بقائه جمال . والوجوب قول الشافعية أيضا إذا أمرها الزوج . قال ابن قدامة : وأما حف الوجه فقال مهنا : سألت أبا عبد الله عن الحف ؟ فقال : ليس به بأس للنساء ، وأكرهه للرجال .

وختاما أجد أن مسألة التهذيب التي جاء بها السؤال حيث تزيل المرأة - وهنا أخص المتزوجة وبطلبه - ما شذ من شعر الحاجب لا على سبيل الترقيق ، كما تفعله بعض النسوة ، أو الإزالة بالمرة ليصنع لها حاجب جديد بقلم صائغ ، فهذا كله يدخل في "تغيير خلق الله" وما طلبه الزوج من تحسين ضمن الضابط الشرعي فسائغ ، وأما غير المتزوجة فالتوقف أولى .أرجو أن أكون وفيت الإجابة حقها .