هل المرأة ناقصة عقل ودين أو الرجل ؟ وهل يجوز قول لا...
تاريخ الإضافة : 2012-08-12 05:54:55
هل المرأة ناقصة عقل ودين أو الرجل ؟ وهل يجوز قول لا المرأة أنتي ناقصة عقل ودين؟

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدتي الكريمة /..... حفظك الله ورعاك

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

 

بداية أقول إن أبا سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لجمع من النساء، في حديث طويل : ... ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" رواه البخاري ومسلم

 

وقد قال العلماء : إن ما يدل عليه الحديث حسب السياق أن الرسول وجه إلى النساء كلامه هذا على وجه المباسطة ،لا على وجه التقريع والتنقص، بدليل أنه جعل ذلك توطئة لما يناقض ذلك من القدرة التي أوتينها، وهي خلب عقول الرجال

فالحديث يركز على التعجب من قوة سلطان المرأة على الرجال، لا على ما يفهمه القاصرون من أنه انتقاص للمرأة وشتم .ومن الأدلة الكثيرة على هذا المعنى أن الإسلام قد جعل العقل مناط التكليف، وهذا متفق عليه، وقد كلف الشرع المرأة بما كلف به الرجل إلا في بعض الميادين التي تتعلق بفطرة المرأة وما جبلت عليه، وما يتناسب مع خلقتها ووظيفتها في الحياة، فأنت ترين- أختنا الكريمة - أن الإيمان وهو قمة التكاليف، والأعمال الصالحات، وهي التعبير الكامل عن الإيمان، قد كلف به كل من المرأة والرجل على حد سواء، وأسوق نصا واحدا أو نصين يغنيان عن سائر الكلام، وكلاهما في إطار التكاليف المشتركة بين الرجل والمرأة، قال تعالى : "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما" (الآية 35 من سورة الأحزاب) وقال تعالى : "فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب" (الآية 195 من سورة آل عمران).

ثم إذا كانت الدراسات في علم النفس التربوي قد أكدت أن المرأة أقوى عاطفة من الرجل وأنها أضعف تفكيرا منه، فإنه لا يصح أن تقول المرأة للرجل يا ضعيف العاطفة، و لا يصح أن يقول لها يا ضعيفة التفكير، لأن هذا التقابل التكاملي بين الرجل والمرأة هو سر سعادة الطرفين كما قال التربويون، على أن هذا لا يعني أن كل النساء هكذا، ولا كل الرجال، فقد نجد امرأة بمئة رجل، ورجلا بمئة امرأة، ولكن الصبغة الغالبة ما ذكرنا، وما كان ذلك إلا لأن المهام الفطرية التي انيطت بالمرأة تقتضي هذا الاستعداد ... هذا، وقد ضرب الله في القرآن مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون آسيا، والسيدة مريم، أفبعد هذا يبقى قول لمتقول ؟

أما قضية نقص الدين لدى المرأة فلا يعني قلة دينها، بل ربما كانت المرأة أتقى من ألف رجل ولكن يعني قلة التكاليف الشرعية المناطة بها، والمراهق – مثلا - قبل سن التكليف قد يسارع إلى الطاعات أكثر من كثير من الرجال، ولكنه مع ذلك يوصف بأنه ناقص الدين، لأنه غير مكلف بما يقوم به، وإنما يدرب عليه ويربى في رحابه، فنقص الدين لدى المرأة لا على معنى التهاون والتقصير بالتكاليف كما يفهم لأول وهلة من الحديث، بل على معنى أن الله خفف عنها بعض الوظائف الدينية، فهي لا تكلف بالصلاة في أثناء الحيض والنفاس، ولا تكلف بقضاء شيء منها بعد طهرها منهما، كذلك لا تصوم في أثناء الحيض والنفاس، وإن كانت تقضي بعد ذلك, وذلك لأن الصلاة متكررة ويومية، بخلاف الصوم فهو في السنة مرة واحدة خلال شهر رمضان، وبهذا يتبين أن نقص التكاليف هنا ليس بسبب من المرأة بل بحال فطرت عليه ،وكتب عليها ... وهناك أمثلة كثيرة على هذا المعنى .

 

نخلص مما سبق أن الحديث حين تناول نقص الدين لدى المرأة لم يقصد أنها متهاونة بدينها، وأنه لا يسوغ للرجل أن يصفها بنقص الدين على أنه شتيمة وانتقاص، فهذا جهل ممن يفعل ذلك، وأي جهل، كما أن الأمور الأخرى التي تتعلق بالحياة، فهي ذائعة شائعة بين الرجل والمرأة، وليس كل الرجال فيها على مستوى واحد، ولا كل النساء، فرب امرأة تفوق مجموعة رجال، والعكس صحيح أيضا . ورب مسألة تدريها المرأة ويجهلها الرجل، والعكس صحيح ... هذا وبالله التوفيق.