سؤال حول التوبة من المعاصي
تاريخ الإضافة : 2012-08-12 06:59:04
السلام عليكم شيخي الفاضل
لدي سؤال:وأتمنى انت تجيب عليه وكلي شكر لك

أنا أنسان أرتكبت من المعاصي ما لا يعلم به إلا الله وكنت بعد كل ذنب اتوب وأتوب وأتوب وأعود وأعود وأعود .. حتى أكرمني الله بعد طول معاناة وتزوجت وأنجبت 3 أطفال . وخلال فترة زواجي أصبحت اكثر إنضباطا بالرغم من إقترافي الكثير من الاثام ولكن لم تكن من الكبائر -وأنا أعلم أنه لا كبائر وصغائر في حق الله سبحانه- .. والان إفتضح أمري امام زوجتى وعرفت أني أرتكب المحرمات بالرغم من انها تعتقد بأني زنيت زنا كامل إلا إني لم ازني .. غضبت غضبا شديدا وسافرت الى أهلها في بلاد أخرى وأخذت الأولاد ... أناالأن أستيقظت من سباتي الطويل .. وأصبجت مثل الطفل الصغير أبكي وقلبي يبكي بدون توقف.. وبدأت بالتوبة وأجاهد حتى تكون توبة نصوح.. ولم تنفع اي المحاولات مع زوجتى لأن تعود أو تغير موقفها من الإنفصال .. تدخل الأهل .. ولكنها فقدت الثقة.. لهذا الأمر الى الأن شهر وترفض الحديث معي..

أعلم بأني ظلمت نفسي وأهلي والناس من حولي .. أنا مقر بالذنب .. وإن كانت العقوبة في ظني جا ءت عن كل سنوات عمري والذنوب الماضيه والحاضرة التي إقترفتها ...

شيخنا لا ادري ما أفعل ولا ما يفعل بي أنا في كرب شديد لا يعلمه إلا الله .. الذي كنت أحاول ستره طوال عمري هاهو أفتضح .. لا اريد أن أطلق زوجتي... أعتقد جازما بأن قلب زوجتي قد إنقلب تجاهي .. وتقول بانها تكرهني .. وترفض الحديث معي.. فمهما قلت أو قيل لها من كلام ونصح .. فكأنه لا يعنيها بشيء..

شيخنا أنا في وضع بائس ويرثى له.. ولا اعلم ما أفعل.. عزمت على التوبة الصادقة وقررت ان اكون إنسانا جديدا .. وأنا غير متأكد هل توبتي مؤقتة حتى ترجع لي زوجتي وأبنائي أم انها خالصة لله.

لا أستطيع تصور فكرة الإنفصال .. حيث بكل مقايس البشر كان زواجي جيدا وشبه مثالي.. وها أنا وبسبب جريرة اعمالي أخسر كل شيء .. أنا في حيرة شديدة وقيل لي من والدي ووالديها بأنه على ان اصبر وأعطي فرصة للزمن لعل الله يغير قلبها .. أحاول أن اصبر ولكن أنا في جزع وكرب وهم عظيم جدا .. تأتي أوقات علي اكاد فيها انفجر .. وكل الأدعية لا تكاد تهديء من روعي المضطرب.. وأتمنى بأن أموت .. وهذه الحالات أغلب اليوم .. اعجزتني الحيل من إقناع زوجتي بتغير ر أيها في . فهي فقدت كل ثقتها ونسيت كل اللحظات الجميلة في حياتنا.. أنا اعذرها.. هي ذنوبي وليس شيء أخر.

شيخنا أرجوك ان تنصحني فأنا في يوم من الايام جلست في مجالس العلم لديك وكنت أحبك في الله واحب كلامك ..وهذا كان من سنوات طويلة وانا الان لا اقيم في الإمارات..

فبماذا تنصح تلميذك المذنب العاصي المسرف على نفسه الظالم لنفسه ولغيره..

أناعلى يقين بأن الحل بيد الله سبحانه وتعالي ولهذا ادعوه بحرقة فهو مقلب القلوب..

يعلم الله يا شيخنا بأن الأرض ضاقت على بما رحبت
" حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا
أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم"

هل تنطبق علي هذه الاية.. وهل هناك أمل.. فاناكلمافكرت في الطلاق اكاد اجن لا أريد ان أطلق لا أريد أن اطلق ...


أرجوك شيخي إنصحني ..,وأتمنى بأن لا تتأخر علي بالردفكل دقيقة تمر علي بسنة.

وأرجوك بأن تدعوا لي أرجوك ارجوك لعل الله يتجيب لدعائك

جزاك الله خيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة وبعد

قرأت رسالتك ، ووقفت على الحالة التي أنت فيها ، وهي لك لا عليك إن أحسنت ما أعرضه عليك

عرضت ما كان منك من سلوك ، وأنت قد عقدت توبة بعد أخرى ، وكان أن اطلعت زوجتك على بعض ما كنت تمارسه ، فغضبت غضبة مقلقة ، وأخذت الأولاد ، وهي تطلب الطلاق وهذا يعني بوضوح أن الله تعالى يريد أن يخرجك من نفسك الأمارة لتترقى بعدها في مدارج النفوس المحبوبة من الله تعالى ، ومن هنا كان غضب الزوجة سوطا جلدت به على  ما اكتسبت يداك .

وهذا الحال يتطلب منك صدق اللجوء إلى الله ، واضعا قبلتك محبة الله ، والاعتصام به، وأنه وحده المطلوب ، وأن قلبك له وحده لا لشيء سواه ، وهذا المعنى إن حققته ستبلغ مصاف الأولياء الأصفياء ، وفيه أن تعرض عن كل ما سوى الله الآن، ولا تلتفت إلا إليه ، ولا ترجو إلا رضاه ، وبهذا الانقطاع إلى الله تكون قد أصلحت ما بينك وبينه ، فيصلح الله تعالى ما بينك وبين الأسرة والأولاد .

  • ما أنت فيه الآن فرصة ثمينة لتملأها بالذكر وكلمة التوحيد والاستغفار والصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم-  وتفريغ القلب هنا جاء قسرا ، لكنه كما قلت لصالحك إن فهمت عن الله تعالى ما وضعت فيه من حال .
  • ليس بعيدا حالك عن حال كعب بن مالك  وصاحبيه حيث تخلفوا عن تبوك ، وكان من أمرهما أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وكان من بعد ذلك التوبة التي هي محبة الله "إن الله يحب التوابين" .
  • في صيد الخاطر ص (191) ما يلي ، وأظنه يكفي لتعميق هذا المعنى الذي ذكرته لك ، ثم هو لك دواء وشفاء وغذاء، فاستمع إليه ثم خبرني يا أخي ما تعزم عليه بعدما تقرأ هذه الكلمات ، قال ابن الجوزي :

ضاق بي أمر أوجب غما لازما دائما ، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل حيلة وبكل وجه . فما رأيت طريقا للخلاص . فعرضت لي هذه الآية :"ومن يتق الله يجعل له مخرجا" . فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم . فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج .

فلا ينبغي لمخلوق أن يتوكل أو يتسبب أو يتفكر إلا في طاعة الله تعالى ، وامتثال أمره ، فإن ذلك سبب لفتح كل مرتج .

ثم أعجبه أن يكون من حيث لم يقدره المتفكر المحتال المدبر ، كما قال عز وجل :"ويرزقه من حيث لا يحتسب" .

ثم ينبغي للمتقي أن يعلم أن الله عز وجل كافيه فلا يعلق قلبه بالأسباب ، فقد قال عز وجل :"ومن يتوكل على الله فهو حسبه" .