الحل في حالة عاطفية ...
تاريخ الإضافة : 2012-08-30 04:51:03
الحل في حالة عاطفية ...

السؤال

أنا شاب أحاول اتقاء الله ما استطيع,. بدأت القصة فى رمضان 2010 خرجت من رمضان هذا مرتفع المعنويات جدا و شاعر بأن الله سبحانه تعالى قد غفر لى و أنه قد رزقني بإدراك ليلة القدر و كنت سعيد بهذا الشعور.كنت قد شعرت بمشاعر انجذاب تجاه احدى البنات و كانت هى التى تقوم بمتابعة حالتي فى احدى المراكز التى تقدم مساعدات للناس فى مجال تنمية المهارات النفسية و التنمية البشرية و كنت قد فكرت فيها كزوجة و لكنها كانت غير محجبة فقررت عدم فتح الموضوع معها و أوقفت الذهاب اليها فى هذا المركز فورا بعد رمضان هذا حتى لا ارتبط بها أكثر و خصوصا انى كنت أشعر بقرب من الله أكثر بعد رمضان هذا, ثم رزقني الله بحج بيته الحرام فى نفس العام و لكن الغريب انى وجدت نفسي اذكرها بشده اثناء الحج بل و أدعو لها و أسأل الله تعالى ان يرزقنى الزواج منها ان كان خيرا لي.

و بعد أن رجعت من الحج و جدت نفسى مقبل على أن أحاول أتقدم لها و فعلت و منذ أن فعلت و قد وجدت علامات تيسير كثيرة جدا على غير ما توقعته تماما لدرجه انى كنت اندهش من سريان الاحداث السلس و كنت قد الححت فى الدعاء فى هذا الموضوع و صليت عليه استخارة فى الروضه الشريفة فى مسجد النبى صلى الله عليه و سلم .كنت أدعو دعوة رزقنى الله بها أثناء الحج و هى "اللهم سبب لى أسباب فهم الاسباب" فشعرت أن الله قد استجاب لى الدعاء و شعرت شعور قوى جدا ان تلك الفتاه هى زوجتى المستقبلية من كثرة ما حدث من تيسير و قبول كنت قد ذكرت انها غير محجبه و كانت لما لمسته هى من علامات التزام عندى, كانت تسأل اذا كنت أريد منها أن تتحجب بعد الزواج و على الرغم انى لم أكن أريد الكلام فى هذا الموضوع فى أول التعارف الا انى لم أتردد فى الاجابة المباشرة بنعم. و ظلت الامور هكذا حتى فجأة طلبت عدم الاستمرار فى هذا الموضوع على الرغم من انها ابدت قبولى عندها بوضوح و لكنها أظهرت عدم استعدادها للحجاب الان و أنها سوف تتحجب فى الوقت الذى ترى نفسها مستعدة فية لذلك دون الالتزام بموعد الزواج و طبعا لم أقبل ذلك و أوضحت بأنه ليس من سلطاتى الموافقة على ذلك لأنه تكليف من الله لها و لى فى تطبيقه و انتهت العلاقة على ذلك. (هذه الفتاه تصلى و تصوم و تقوم بجميع الفرائض الا الحجاب)هذه العلاقة لم تدم طويلا و لم تتطور لعلاقة حب مثلا انما ظل يساورنى نفس الشعور السابق بأن تلك هى زوجتى و خصوصا فى ظل وحود أسباب التيسير الكثيرة التى لم أذكرها حتى لا أطيل عليكم. و عندما حاولت رؤية بنات بطريقة شرعية بنية الزواج ، لم أستطع ذلك و وجدتها مسيطرة على تفكيرى و حتى هذه اللحظة. وجدت نفسى انى الح على الله فى الدعاء فى أن يشرح قلبها للالتزام (لانى لن أفرط فى دينى و لن أقبل الزواج منها الا ان أرضت ربى) و أن يزوجنى منها ان كان خيرا لى و أن يسبب لى أسباب نسيانها ان لم يقدر لى الزواج منها و كنت أردد هذة الادعية طيلة العام و نصف و انا عندى نفس الشعور بأن تلك هى زوحتى و ذلك الشعور كان يصل لحد اليقين أحيانا و كان هذا اليقين يحيرنى. سؤالى هو هل من الممكن أن يكون شعورى هذا هو أحساس المؤمن الصادق الدى يعطيه ربه إياه و خصوصا أن كل ما حدث كان بعد رمضان و بعد الحج و خلال شعورى بالقرب الشديد من الله و خصوصا انى أجد نفسى ألح فى الدعاء على نفس الموضوع خلال سنتين كاملين و عندى نفس الشعور مع الأخذ فى الاعتبار علامات التيسير الكثيرة و التى توافقت مع دعوتى بأن أفهم الأسباب.

أم أن كل هذه القراءات للاحداث خاطئة و أن احساسى من بداية الموضوع خاطئ تماما و أن كل ما كنت أشعر و به و الذى كان يصل لحد اليقين أحيانا هو من عمل الشيطان. مع الاخذ فى الاعتبار أن ايمانى باحساسى قوى جدا و أنه لو ثبت العكس فان ذلك من شأنه أن يسبب لى مشاكل فى المستقبل لأنى لن أصدق احساسى فى الحكم على أى شئ لأنه و ان كان احساسى و يقينى قد خاننى و أنا فى أقرب أوضاعى الى الله تعالى (بعد رمضان و بعد الحج مباشرة و حتى الان) فلن يكون هناك وضع أقرب من هذا مستقبلا. كنت قد قرأت كثيرا عن احساس المؤمن الصادق و عن اليقين و عن نور الله الذى يقذفة فى قلب المؤمن الصادق و عن الفرقان الذى يرزقة الله للمتقين و عن من يهديهم الله لنوره و النور الذى يمشى به المؤمن فى الارض فلو كان كل ما شعرت به و ما قرأتة من أسباب الاحداث هو خاطئ فهل معنى ذلك ان هناك مشكلة ما فى ايمانى بالله أرجو المساعدة.

الإجابة

السلام عليكم ورحمة الله أخي الفاضل أمير!                                                       

بداية أبين لكم حمدي الله على ما ذقتموه من معان طيبة ،وأحوال ربانية ،ومعها ند منكم جملة من القراءات التي لم تكن دقيقة ، وعبرتم بعبارات فيها إطلاق يجافي التأني الواعي ،وسقتم تقريرات حكمت على المستقبل حكما لا ينبغي بحال ، خاصة مع ما يتعلق بفضل الله تعالى وعطائه ! وإليك بعض التفصيل في هذا لنصل إلى المبتغى : وهو أكنت يا ترى مصيبا في الاستخلاص الذي وصلتم إليه في ختام رسالتكم ، وإن كنت قد أجدت في رسم المشهد ، وصدقت فيه صدقا أظهر بعض أسراره !نتابع المراحل معك حتى وجدت تلك الفتاة تصلح لك زوجة ، فقد كان : الوجدان فالنزوع ، فالموانع المتمثلة في أنها لا تلتزم بالحجاب ، ووافق ذلك منك تألقا روحيا دفعك إلى أن تغلب الإعراض عنها ، حيث لا تتواءم مع إقبالك على الله تعالى ، وهنا يسجل أن هذا الإعراض لا يعني أنك قد اقتلعتها من نفسك ،حيث تربعت مستقرة لتعمل عملها فيها !ودفعك إلى البعد ما أثمره رمضان فيك من أشواقالروح التي لا تستبدل ....ثم لما جاء الحج لم يكن غريبا مع الصفاء الذي فيه أن تطل من داخل نفسك ،وتملأ على دعائك رحباته ، فاندفعت الرغبة الصادقة فيها زوجة وأملا إلى صياغة كلمات دعوت الله تعالى بها !فعادت لتأخذ مكانها الظاهر من نفسك بعد أن كانت في حناياها مخفية ، وهذه المرة لم يظهر أمر الحجاب كما ظهر آنفا ، والذي غشى عليه البعد العاطفي الذي أسبغ على الجو الروحي العام دعاء ساخنا ودفع إلى استخارة ملؤها الرجاء في التحقيق، وجاءت مظاهر التيسير فيما بدا لك ليواكب هذا العرس النفسي الحالم وإذا بزغاريد العرس تملأ عليك فضاءات النفس الوامقة!هنا يسجل أنك قد سألت الله تعالى أن ترزق قراءة واعية للأسباب، وهذا عمق يحسب لك نقطة في الارتقاء ، لأنه لون قراءة لكلمات الله الكونية وحروفها المتوهجة ، وهذه القراءة مما يطمح إليه العارفون بالله تعالى !أخي الفاضل : المشاعر الفائرة حول أن تكون الفتاة زوجتك هي من باب الرغبة الجارفة التي نبتت من التعلق القلبي الهاديء بها ، ولقوة الرغبة بدت على أنها بصيرة نافذة ، وكشف صوفي اخترق حجب الغيب ، فصار كأنه شهادة ، وإلا من يقدر إلا بوحي أن يقطع بما تراه ، ،والتباس الرغبة بالشهود يرجع إلى قوة الإدراك وصدق التوجه ،ولطف النفس ، وكون فلانة أو فلانة زوجة لا يقطع به هذا القطع قبل الدخول ،، مجرد الرغبة مهما قويت لا ترقى إلى أن تكون قدرا مقدورا !مهما كان الصدر الذي امتلأت به عريضا ، كما أنها لا تنسحب على الحقائق الإيمانية التي أكرمك الله بها وأكرمنا ، وعليه فهذه المشاعر ثمرة من شجرة التعلق القلبي التي أخذت تتجذر عبر الأيام ، وتسقى بماء الملاحظة الخفية ،و الدسائس النفسية الناعمة ، وهذه لا يحكم لها أو عليها بأنها " لون فراسة ، أومن معين أنه ينظر بنور الله "،وحتى ما يطلق على " الفراسة " فإنها منا لا يعني بها القطع وعدم التخلف ،وإن أوتي أحد مثل هذه الفراسة فهم قلائل ، ولعل هذه الرغبة بعد أن رأت أنها عسيرة التحقيق انبرت تعاقب النفس التي أبت إلا الالتزام بأحكام الشريعة ، وألا تتهاون بشيء منها !، والرغبة بأي لون كانت ما هي إلا غلبة معنى ما على النفس ، وله أسباب مركبة ،وربما كان منها ما كان نتاج قراءة غير واعية لسطر كوني دقيق الخط !،وبالبداهة لسنا معصومين من الخطأ مهما ارتقينا في معارج الصفاء ،فمثلا : موقف الفتاة الحاد في النهاية من الحجاب ، الذي كان لك منه موقف النأي منها ، هو لون اختبار في ميدان الدنيا والالتزام، وعليك أن تنجح فيه ، وقد نجحت ، ولم تساوم بأن قلت لنفسك ستكون الفتاة على ما تريدمنها في المستقبل ،، ولب الموقف هو أنها لاتعد بالالتزام السريع ، وأنت متجه إلى الارتقاء الروحي الذي تذوقت منه ، ولست على استعداد إلى التخلي عنه ، استجابة لداعي " الرغبة في الفتاة " !قد عارضت مشاعرك الحادة وطاوعت توجهك في الالتزام ، وهذا له ثمنه من المشاعر التي خسرت ما تريد ، فنداء العاطفة كان يصرخ فيك نحو الفتاة ، وداعي الاستقامة كان يحدو بك في المعارج ، وقد لبيته ! إنك ذكرت أن العلاقة لم تتطورإلى علاقة " حب "وهذامنك ترسيم لما تراه أنت ، والواقع أنه حب مشموم ومنظور وملموس معا !لكنه تستر وراء حجاب من الاتزان ،وهو لون من إباء نفسي شامخ يدل فيك على مرتبة من الاعتداد طيبة !و" الحب " علما أن مسألة العواطف هذه " تهبل " وليس لها ضابط رياضي يتحكم بها ويحكمها وفق معايير منطقية في الغالب ، هذاالحب المحجب هو مزرعة الجزم منك بأنها ستكون لك زوجة في المستقبل الذي تربعت صورته على صدرك ومدت رجليها ! فهذا الحكم منك من ذلك المرتع ،،أذكر- هنا- أن مسألة التيسيرالتي ذكرتها مع وجود المانع من بلوغ الميسر وهو روعة الالتزام هو من معين " الاختبار " وهذه الوقفة للقراءة مهمة جدا لنتمكن من التعرف إلى عمق الشرخ الذي حدث في النفس المحبة حيث استقرت فيها مبادي الحب ، وهو لب القضية ، والنجاح في اتخاذ القرار هو عين النجاح في هذا الاختبار ،وإن كنا لا نعدم آثارا تلم جراء ذلك بالنفس ، حيث وجدت نفسك نفسها بلا تحقيق للمرغوب فيه ، هو ألم الفقد للمؤمل ، وإن كانت النفس قد حصدت ثمرة الاستمرار على طريق الاستقامة كما بدا لها ،" لن أقبل الزواج منها إلا إن أرضت ربي " ودون أن تترخص ، لتطوي النظر في المرحلة الحاضرة إلى الالتزام بالحجاب ثم تفتح بعد ذلك !هي- يا اخي-  طبخة واحدة ، في قدر واحدة ، وروائحها مختلفة ، وقد نجحت ولو خلف النجاح فيك جروحا ، وربما نزفت فترة ، ككل تجارب الحياة ، وإن كان أعمقها في النفوس التجارب " العاطفية " فأن تخسر في تجارة ، أو ترسب في امتحان ، أو لا توفق في مهمة ، هذا كله يترك آثاره ، ولكن الأعمق ما يتغلغل في قاع النفوس ويتوطن!ودعاؤك أن تنسى لون من ألوان طلب النجاح بلا جراح ،وأن ترقى في معارج من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه ورزقه من حيث لا يحتسب مسلك واع !والقمة أن تترك الأمر لله يختار لك ما يريد مع الرضى بما يختار،بل من قمم الفوز في مسار المقادير ، وفيه ترك التحتيم ولو بلبا س " الرؤية المشرقة والبصيرة النافذة" وهذاالاستمرار مع تلك المطامح التي بها سعادتنا "دوام التوجه إلى الله في المنع والعطاء"!قربك من الله تعالى بروعة التسليم لما يقضيه ،واعتزازك بهذا التوجه لا يعطيك عصمة ألا تخطيء ، ولا يمنحك عقدا أن تنال كل ما تراه لك ، ومهما كان إحساسك صادقا فلا يخرجك عن أنك عبد لله ، يجري عليك تصاريف أقداره ، ما دمت في دار الاختبار..أؤكد أن شعورك وما نبت منه صادق، وقد جاء ثمرة لحب تعلق به قلبك ، والحب يلون الأشياء بلونه ، ويصبغها بصبغته ، فليست كل قراءاتك خاطئة ، ولا كلها مصيبة ، ومسألة المشاعر تمتزج بها مكونات كثيرة ومتنوعة وتمتزج بها رغبات النفس التي تحرص على ماتراه يتآلف معها ويمدها بلون سعادة ، وثمة ميول نفسية وجسدية وعقلية ، وأرى المسألة أبسط مما صورت وبدأت لما رايتها فتاة ، رأيتها احترمتها ، أخذت النفس تبحت في الخفاء عنك عما فيها مما يجذب إليها بحثا خفيا أو ظاهرا، وكبر الميل ، وغذي بمطالب فينا تستتر وتظهر، وامتزجت الرغبة بمعطيات تحتاج إلى معمل يحللها إلى عناصرها لنقف على مفرداتها التي شكلت موقفا نفسيا بعد ذلك ، وتجلى الميل في الرغبة في الزواج شريكة الحياة المثالية ، وأخذت سنة الله في الأسباب تعمل عملها ، ويترتب على ذلك وصول أو انقطاع عما نصبوا، وقدر الله ما شاء أو قل: ظهر قدر الله ، وكل هذا لايخرج عن دائرة التكليف الذي به نسعد إذا فهمنا عن الله تعالى في مجاري أقداره، ولي أن ألخص ما بسطت بقولي : ما جرى لك مما عرضت يجري للكثيرين ، إن لم اقل الجميع ، علاقة عابرة ، توطدت بدواع متعددة ، ثم آلت إلى ما ذكرت ، ولعلك وسعت دائرة التفاعل معها ، فإذا بك تدخل فيها الفراسة ، والإحساس الصادق ، والنظرة السليمة ، والموقف ترقى به ، وتزداد به سموا إن شاء الله هوالتسليم لما جرى بما جرى أسلم ،خاصة إذا علمنا أن الرياح تجري أحيانا بما لا تشتهي السفن ، وأن من لا ميزان بيده لا يقدر على وزن الأشياء وزنا صائبا ، وأن من في ميزانه  خلل أنى يتعرف إلى قيمة الأمور التي تعرض له ، وأن الفراسة من غير المعصوم مهما رقت لا تبلغ مبلغ الحق المطلق والوحي الذي لايخطيء ، وأن الأمور كلها بيد من بيده الأمر كله ، وأن المنع والعطاء كلاهما واحد في مضمار الاختبار،وأنه ربما كان الارتقاء بالمنع أعلى منه في العطاء ، إذ في العطاء حظ للنفس ظاهر ، بخلاف المنع ، وأن ما أراد الله تأخيره لا نقدر على تقديمه ،وأن الرضا بتصاريف الأقدار من لباب العبودية لله مالك الملك ، وأن الأرزاق مقسومة من الأزل ، أراح الله بالك .  هذا ما تيسر سيدي الكريم" أمير" ولنا تواصل إن شاء الله