ما لدى السادة المالكية في هذا الشأن أنهم قالوا : يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن ، ولو في حال السيلان( أي سيلان دم الحيض ) عن ظهر قلب ، أو في المصحف دون مس ، سواء خافت النسيان أم لا  ، سواءكانت جنبا ام لا  ، وتقرأ كذلك بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال إلا أن تكون على جنابة، فإنها بعد الانقطاع وقبل الاغتسال يلزمها الغسل من الجنابة إن كانت ، ولا يلزمها هذا الغسل حال السيلان ، كما يجوز للحائض المعلمة أو المتعلمة مس المصحف الكامل هذا ، وقد رويت كراهة قراءة القرآن للحائض عن عمر وعلي والحسن والنخعي والزهري وقتادة والشافعي والأحناف ، وقال الأوزاعي : لا يقرأإلا آية الركوب " أي ركوب السيارة ""سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14) " من سورة الزخرف ، وآية النزول قوله تعالى "وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا " وقال ابن عباس : يقرأ ورده . 

 وقال الوزيرفي كتابه الإفصاح ( 1\\76 ) : " وأجمع الأئمة على أنه لا يجوز للجنب و الحائض قراءة آية كاملة إلا مالكا ، فإنه قال : يجوز للجنب أن يقرأ آيات يسيرة " تعوذا " واختلف عنه في الحائض ، فروي أنها كالجنب ، وروي أنها تقرأ على الاطلاق . 

هذا ، وللشافعي قول آخر : أنه لا يجوز للحائض أن تقرأ القرآن ، حكاه أبو ثور عنه ، قال صاحب الشامل : وأصحاب الشافعي لا يعرفون هذا القول، فتبين أن مالكا- رحمه الله- خالف الجمهور في الترخيص للحائض بالقراءة ، واستدل الجمهور على المنع بحديث علي رضي الله عنه " أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يكن يحجبه - أو قال : يحجزه - عن القرآن شيء ليس الجنابة " أي : غير الجنابة " رواه أبو داود، والترمذي ولفظه : " كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقرئنا القرآن على كل حال ، ما لم يكن جنبا " وقال : حديث علي هذا حسن صحيح ، ورواه النسائي ، كذلك حديث ابن عمر- رضي الله عنهما -  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقرأ الحائض ، ولا الجنب شيئا من القرآن " رواه الترمذي.

هذا، والأحوط أن تبتعد الحائض عن القراءة حال حيضها إلا أن تأخذ بما أذن به الإمام مالك بشرطه ، كأن تكون معلمة ، أو متعلمة ، أو حافظة وتخشى النسيان ،أو يكون المقروء من الورد الذي التزمته ، أو آية الركوب والنزول ،أو آية دعاء على انه دعاء ، والله أعلم .