سؤال حول محبة الرسول بين الإفراط والتفريط
تاريخ الإضافة : 2012-10-29 07:30:19
سؤال حول محبة الرسول بين الإفراط والتفريط ....
محبة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام تتَداول بين طرفي نقيض ما بين الإفراط والتفريط، والذي يُرتَضى هو الوسط بين ذلك الموافق للشرع، وليس أقْدَرَ منكم – بتوفيق الله تعالى – أحد على توضيح ذلك وتبيينه، حتى إن بعضهم يوجه لعدم تكرار قراءة سورة عبس أو سورة المسد مراعاة للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي المقابل من ينكر على من يقدم كلمة سيدنا حال ذكره اسم النبي صلى الله عليه وسلم. أفيدونا أيدكم الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ! بارك الله فيكم 

- في البداية أسوق مجموعة مما أرى أن له صلة بالموضوع :

- للمحبة أسباب ودوفع وآثار .

- المحبة وما تثمره من تعظيم وإجلال ، لها ضوابط وميزان . 

- المحبة من أرقى عبادات القلوب ، وهي طاقة دافعة إلى اللوك الرباني بسلاسة ، ورغبة ، يحول التكاليف إلى أن تكون قرة عين ، ومصدر سعادة وأنس .  

- الإفراط أو التفريط في أي تصور ، أو عاطفة يخرج عن ثمرة الحب المشروعة ،ويدخل في الغلو الذي انكر عليه الشرع ، وقد نبه كتاب الله من غالى في المحبة غلوا أخرجه عن دائرة السداد في التصور ، ودفع إلى وصف من احبوه بما ليس فيه ، قال- تعالى- : " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " 

- الحب لله- تعالى- هو الأصل الذي تتفرع عنه كل أنماط المحبة ، ولا يعقل أن يقدم الفرع على أصله ، فإذا ما قدم بجموح العاطفة أددى إلى كثير من الكذب والافتراءات ونسبة أمور للمحبوب لا علاقة له بها ن ولا رصيد لها في واحة الحقائق .  

- ما يتعلق بحب الله- تعالى- فلا حدود له ، ويأتي بحسب المعرفة ، واتساع آفاقها ، والحب لغيره من حيث إنه تابع لحب الله ، فأمره منضبط أروع انضباط .

- الميزان الحسي لضوابط المحبة ، وعليه يعول ، ما شهدناه في حياة الصحابة الذين زكاهم كتاب الله ، ونوهت بفضائلهم السنة النبوية .

- ومما جاء فيهم قوله- تعالى- : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " وهل هناك منزلة فوق الرضا ؟!                               - على أنها قد جاءت في موضع آخر تبين حال قلوب هؤلاء النخبة الذين اختارهم الله لصحبة خير خلقه ، قال- تعالى- : " قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " أليس الذين باعوا تحت الشجرة بشرهم من لا ينطق عن الهوى بالجنة ؟  

- وقال- تعالى- فيهم على سبيل التفصيل الذي استوعب مكونات المجتمع الإسلامي حيث الهجرة والنصرة والذين سلكوا من بعد : "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " دعك من المنافقين الأولين ومن سار مسارهم عبر التاريخ الذين أبغضوا الصحابة!أليس الصحابة مع هذه النصوص التي سقت ، وهو قطرة مما جاء فيهم ، ولم أذكر دورهم في نشر دين الله كما استقبله خاتم المرسلين وبلغه ، لأنه يجلي فضلهم على الأجيال اللاحقة إلى يوم القيامة ، ومن يقدر على ذلك ؟؟

- هم الذين استنفروا فهبوا يبذلون الغالي والنفيس ، وما نقل عنهم من الأقوال التي يطلقها الكثيرون من بعدهم في المحبة ، من إطلاق الآهات ، وبث الجوى عبر آلاف من الأميال الجوية والأرضية والبحرية ، وطول محبتهم في ميدان السلوك، وأدلة المحبة التي حددتها الشريعة لا تزيد مع المبالغة على المتر!  

- نستمع إلى الله- تعالى- يحدد ما يكون إذا ما تولى المتولي عن الدعوة : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ "

- وقال فيهم- يثني على روعة التزامهم بالمنهج الذي تلخصه كلمة التوحيد- : " فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ

بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " 

أليسوا بالنص هم الميزان الصادق في قضية المحبة على الخصوص وأبعادها التي تتجلى في الأقوال والأفعال والأحوال  ؟

- لما كانت المحبة عملا قلبيا لا يطلع عليه إلا علام الغيوب طلب الله- جل جلاله - من الذين يدعون محبته إقامة البينة على هذه الدعوى الأرقى بين سائر الدعاوى  ، فقال- سبحانه- : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ "  

وقد ربط النص بين قوة المحبة لله - تعالى- والباعث عليها ، فقال- جل جلاله- : "وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ " 

- ويكفي ما أسلفت على أنه إذا عنّ أمر سقته حيث عنّ

- كذلك ليس لغير الأنبياء العصمة ، ومهما رقى من ليس بنبي في درجات التقرب ، فلن يدخل في العصمة التي للنبي ، ويدخل في الحفظ الذي يجوز عليه به أن يقع في المخالفة ، لكنه سرعان - بما له من حفظ - يعود عبر بوابة الإنابة والتوبة  ، قال- تعالى- : " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ " - وهذا من الفروق بين الحفظ والعصمة . ثمة تتمة تأتي بعنوان " بسط القول في المحبة " والخلاصة لمن أراد