هلا بينتم لنا ما يتعلق بما تتطلع إليه النفس من الأموال...
تاريخ الإضافة : 2012-11-30 16:15:40
هلا بينتم لنا ما يتعلق بما تتطلع إليه النفس من الأموال ؟

بسم الله الرحمن الرحيم !   

ذه لمسات في الاستشراف إلى الأموال : إن كان بالقلب فلا يؤاخذ الإنسان عليه ؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ تجاوز لهذه الأمّة عمّا حدّثت به أنفسها ، ما لم ينطق به لسانٌ أو تعمله جارحةٌ ، وخطرات النّفس متجاوزٌ نها ،وعند أحمد : الاستشراف بالقلب كالتّعرّض باللّسان .

وللعلماء في قبول المال دون استشرافٍ - بمعنى التّحدّث في النّفس من غير سؤالٍ - آراءٍ :

أ - جواز القبول وعدمه ، غير أنّ من الفقهاء من أطلق ذلك ، ومنهم من جعله لمن ملك أقلّ من نصابٍ .                                                  

ب ـ وجوب الآخذ ، وحرمة الرّدّ،  كما وردعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء، فيقول: أعطه أفقر مني، فيقول: خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك " وأما ما أتاك من هذا المال من غير استشراف نفسك، ولا تطلعك، بل جاء إنسان ووضع في حجرك مالاً، وقال: هذا هدية مني لك، وعطاء مني لك، وأنت لا تعلم به ولا تدري عنه، ولا تطلعت لماله، ولا استشرفت نفسك إلى ما عنده، فأخذته وقلت: جزاك الله خيراً، والأمربأخذه؛ لأنك ما عملت من أجله شيئاً، ولا استجلبته لنفسك، ولا أهنت نفسك لأجله، ولا أظهرت نفسك في مظهر الفاقة، فأنت عزيز النفس مكرم، وهذا كرمٌ ممن أعطاك المال وفضلٌ منه، سواءٌ عرفك أو لم يعرفك، فما دام أنه أعطاك بدون سؤالٍ منك ودون استشراف نفسك إليه ودون تطلع إلى العطاء منه؛ فليس هناك ما يمنعك من أخذه. وعليه ، فإذا أخذته فإن شئت تمولته وجعلته في رصيدك ورأس مالك؛ لأنه جاءك بوجهٍ شرعي طاهر نقي، وإن شئت تصدقت به، وتصدقك به لنفسك أنت لا لمن أعطاك إياه، وإن كان له في ذلك أجرٌ على مساعدتك، ولكن الأجر يكون لك أنت. قوله: ( وما لا فلا تتبعه نفسك ). إن كنت في حاجة إليه، فبارك الله لك فيه، وإن كنت في غنىً عنه فتصدق به على من هو أحوج منك إليه.

أي: فإذا لم يأتك المال بعفة نفس وعدم تطلع وعدم استشراف فلا تتبعه نفسك، أي: لا تظل تفكر: لماذا لم يعطني؟ ولو أعطاني لكنت فعلت، ولكان كذا، فهذا الذي لا ينبغي ولا يليق بذي المروءة، فأنت ليس لديك دين عليه حتى تطالبه، وليس هو ملزم أن يعطيك، وما دام أنه لم يعطك من نفسه ابتداءً وأنت ليست لك عليه طريق بالعطاء، كدين ملزم، أو بجميلٍ يكافئك عليه، أو بشيءٍ من ذلك، وهو في حاله وأنت في حالك؛ فلا تستشرف نفسك إلى هذا المال الذي رأيته ولا تتبع نفسك إياه؛ لأنه لا حق لك به أصلاً، فإذا أعطاك من نفسه بطيب نفسٍ فخذه، وإلا فلا. ونافلة هامة هي أن من أعطاك وكان مما ياكل الحرام فلا ياخذ منه إلا إذا كان ما يعطيه من الحلال حصرا !                   
 كذلك ،شكوى الإنسان حاله لغيره ممن هو ذو مالٍ كأنه سؤال؛ لأنك استشرفت إلى ما عنده، وتطلعت إلى أن يعطيك. فإذا كان الإنسان في غنىً وفي سعة فلا ينبغي أن يستشرف إلى ما في أيدي الناس، ولا أن يتطلع إليه، ولا أن يظهر بمظهر الذي يحتاج، وكأنه يسأل الناس بمظهره بدلاً من سؤالهم بلسانه.