ما حكم الرطوبة التي تجدها المرأة عادة؟
تاريخ الإضافة : 2011-12-24 00:00:00
ما حكم الرطوبة التي تجدها المرأة عادة؟

اتفق السادة الفقهاء من الأحناف و الشافعية و الحنابلة على نقض الوضوء بكل خارج من السبيلين معتاداً أو غير معتاد، طاهراً أو نجساً. فيستوي في النقض الخارج منهما بعلة أو بغير علة، وبطاهر أو نجس، فالريح من الدبر طاهرة ناقضة، والطهر كذلك ناقض مع كونه طاهراً، وثمة تفصيل لا بد منه، وهو أن رطوبة الفرج إما من باطنه -وهو الذي لا يجب غسله لتعذره- أو من ظاهره، وهو المحل الذي يظهر عند جلوس المرأة لقضاء حاجتها، ويجب غسله، وهذه الظاهرة من ظاهر الفرج طاهرة باتفاق عند الحنفية والشافعية، فحكمها -في الطهارة- حكم رطوبة الفم والأنف والعرق من الجلد، أما رطوبة الفرج الداخل فطاهرة أيضاً عند أبي حنيفة خلافاً لصاحبيه، وفي المنهج للنووي: "رطوبة الفرج طاهرة في الأصح" وجاء عن ابن حجر في شرحه: "الرطوبة ماء أبيض بين المذي والعرق يخرج من باطن الفرج الذي لا يجب غسله، أما ما يخرج مما يجب غسله فإنه طاهر قطعاً، لكن ما يخرج من وراء باطن الفرج فإنه نجس قطعاً ككل خارج من الباطن.

 

وإذا كانت الرطوبة من الظاهر ناقضة مع طهارتها، فمن باب أولى ما حكم بنجاسته منها، وجاء في فتح العلام 1/479 في فقه الشافعي: "رطوبة الفرج -وهي ماء ابيض- إن خرجت من محل يجب غسله فطاهرة، وإن خرجت من محل لا يجب غسله فهي نجسة، لأنها حينئذ رطوبة جوفية، فإذا خرجت إلى الظاهر يحكم بنجاستها، فما كان من رطوبة ناشئة من باطن الفرج فنجسة وما كان مما يظهر عند الجلوس لقضاء الحاجة -أي من ظاهر الفرج- فطاهرة.

 

ثمة كلمات متصلة نوع اتصال نسوقها بعد أن نقرر ما قاله الشيخ محمد الحامد -رحمه الله تعالى- في "ردود على أباطيل": " إن الطهر ناقض للوضوء مع كونه طاهراً" واستشهد بنقول فقهية من المذاهب الأربعة على أنه لا ارتباط بين أن يكون الخارج من أحد السبيلين طاهراً أو نجساً وبين كونه ناقضاً للوضوء، وساق، أن الفقهاء نصوا على أن الحصاة والدودة اللتين تخرجان من الدبر طاهرتان، ومع ذلك إذا خرجتا نقضتا الوضوء، وما ذكرناه في البداية من النقض بكل خارج من السبيلين على أنه إذا كثرت الرطوبة كثرة فاحشة بحيث تدخل المرأة في الحرج بالنسبة للوضوء فالمرأة حالتئذ تصبح معذورة، تتوضأ لكل وقت كما عند السادة الاحناف، كذلك إذا كانت الرطوبة لعلة وغير معتادة فهي نجسة بهذه، ويراعى أمر نجاستها.

المذي: ماء أبيض أو أصفر رقيق، يخرج غالباً عند ثوران الشهوة دون قوتها وهو في النساء أغلب، فهو-على هذا- نوع من المني، لكنه لا يوجب الغسل بل ينقض الوضوء، وبغسل مكانه وما أصاب.

 

الوَدْي: ماء أبيض كدر ثخين، يخرج غالباً عقب البول.

 

المني: هو الماء الدافق يخرج عند اللذة، ورائحته كرائحة الطلع، ويجب فيه الغسل.

 

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "هوالمنيّ والمذيّ والوديّ، فأما المذي والودي فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، وأما المني ففيه الغسل" ذكره الطحاوي في شرح معاني الآثار له 1/47 والبيهقي.

 

الهادي: ماء أبيض يخرج من المرأة قرب الولادة، وهو ناقض للوضوء، ومثله الطهر الذي تراه المرأة بعد انقضاء حيضتها، وهو المراد " بالقصّة البيضاء" هذا، ولا يعرف انقطاع الحيض بألوانه المختلفة من أسود أو أحمر أو أصفر أو أكدر (الكدرة توسط بين السواد والبياض) إلا برؤية بياض خالص حيث إذا أدخلت الحائض قطنة أو خرقة نظيفة لتنظر هل بقي شيء من أثر الدم خرجت بيضاء نقية، والقصة هي الجص أي الكلس، وشبهت الرطوبة النقية بالجص في  الصفاء، وقال الإمامان مالك وأحمد: هي ماء أبيض يتبع الحيضة، وقد جاء أن النساء كنّ يبعثن إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- بالدُّرجة فيها الكرسف "القطن أو خرقة تدخل ثم تخرج لينظر هل بقي شيء من أثر الدم "فترى السيدة عائشة فيها الصفرة أو الكدرة من دم الحيض فتقول: " لا تعجلن حتى ترين القصّة البيضاء".

 

نختم هذا كله بأن الرطوبة الخارجة من المرأة سواء ما كان من باطن الفرج أو ظاهره ناقضة للوضوء لما ذكرناه سابقاً، والفرق بين موضعي الخروج هو مسألة النجس والطهارة، فما كان من الخارج طاهر ناقض، والثاني نجس ناقض.

 

والله تعالى أعلم.