سؤال حول حكم الشرع من قتل الحيوانات الكبيرة بالعمر (...
تاريخ الإضافة : 2013-02-13 11:35:19
سؤال حول حكم الشرع من قتل الحيوانات الكبيرة بالعمر ( كالأحصنة الميري) وعلاج الخنزير، وأيضا سؤال آخر حول التفصيل بنجاسة الكلب والخنزير عند جمهور العلماء؟

 

إذا ثبت أو غلب على الظن أن بعض الحيوانات فيها خطر على الإنسان حل قتلها والتخلص منها على أن يتم ذلك بأيسر الطرق لقوله –عليه السلام- :"وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ..." والبيطرة " طب مداواة الحيوان ، قال فيها العلماء : مداواة البهائم وعلاجها بما فيه منفعتها ولو بالفصد أو الكي جائز شرعا ، وهو مطلوب بالشرع ، لأنه من الرحمة بالحيوان ، ومن حفظ المال ، وذكر العلماء : أنه لا ضمان على من باشر مداواتها وعلاجها إذا أتلفها أو عطبت بفعله ، وهذا في الأصح عند الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية ، إن كان الطبيب قد أذن له بذلك ، وكان له بصنعته خبرة ومعرفة ، ولم يتجاوز حسب حدود مهنته ، فإن لم يؤذن له، أو كان قد جاوز ما أذن فيه أو قطع بآلة حادة يكثر بها ألم الدابة ، أو قطع في وقت لا يصلح القطع فيه ، وأشباه هذا "ضمن" أي ثمن الحيوان ، لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ ، فأشبه إتلاف المال ، ولأن هذا فعل محرم ، فيضمن سرايته ، كالقطع ابتداء دون حاجة طبية لذلك ، وحديث :"من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن" أي : من تعاطى الطب ولم يسبق له تجربته فيه ... ومسألة القضاء على الحيوان تخليصا له من الألم يرجح فيها جانب المنع إلا إذا كان الموت محققا فيه كميؤوس منه ، وصاحبه في انتظار موته . وهناك من قرر أن القتل بدافع الرحمة بالطريقة الإيجابية التي يدريها الأطباء حرام شرعا ، ولا تقاس على قتل الحصان الميؤوس من شفائه ، لأن الحصان يجوز ذبحه ول كان صحيحا ، بخلاف الحيوانات الأخرى التي يؤتى بها للعلاج .

مسألة الكلب والخنزير :من مس الكلب باليد مع الرطوبة فقد تنجست يده ، ويجب غسلها ، وكذا لو لمس جلد الخنزير مع وجود البلل ويكفي في غسل النجاسة من مس الخنزير غسلة واحدة .وقد ذهب المالكية إلى طهارة الكلب مطلقا ، كما ذهب الشافعية والحنابلة إلى نجاسة الكلب كله شعرا وجسما ولعابا ، ومذهب الحنفية : نجاسة اللحم والريق "اللعاب والسؤر" والسؤر هو الماء الذي ولغ فيه الكلب وأما شعره وجلده فطاهر عند الحنفية . جمهور العلماء على نجاسة الخنزير حيا وميتا ، مع تحريم أكل أي جزء منه ، لأن الله تعالى وصفه بأنه رجس والرجس : النجس . وقد خالف الإمام مالك في نجاسة الخنزير ، وقال بطهارته . وعلى الاتفاق على تحريم أكله ، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه طاهر كالحمار والذئب ، يحرم أكلهما ومع ذلك هما طاهران ، وقد ألحق من قال بنجاسة الخنزير ، الخنزير نجاسة بالكلب ، لأنه أخبث من الكلب ، فيكون أولى بالحكم منه ، هذا، والصحيح أن غسل نجاسة الخنزير من اليد أو الثوب مرة واحدة تكفي ، قال الإمام النووي : وذهب أكثر العلماء إلى أن الخنزير لا يفتقر في غسله إلى سبع ، وهو قول الشافعي ، وهو قوي في الدليل ، وعلى هذا فنجاسته كنجاسة غيره ، فتغسل كما تغسل بقية النجاسات .

 وعود إلى مسألة الكلب نرى أن شعره طاهر ولعابه النجس ، وهذا عند الحنفية ورواية عن أحمد، وعليه لو لمس المتوضئ شعره لا ينتقض وضوؤه ، وهو –أي الكلب- طاهر حتى ريقه عند المالكية ، ونجس حتى شعره عند الشافعية ورواية عن أحمد ، وهناك من صحح ما ذهب إليه الحنفية وقال : وهذا أصح الأقوال : أي لعابه النجس ... وعليه فما أصاب البدن أو الثوب من شعره لا ينجس ، وإذا ولغ الكلب في الماء أريق وغسل الإناء ، وإذا أصاب لعابه الثوب أو اليد فهو نجس ، وما أصابه يتنجس . وهناك من العلماء من جعل نجاسة الخنزير نجاسة حكمية ، لا عينية ، أي كنجاسة المشركين ، والنجاسة الحكمية تتعلق بحرمة أكله ... وأنت ترى بحبوحة في قضية التعامل مع الكلب والخنزير ولك أن تأخذ بما ذهب إليه المالكية حيث أنت في مكان تكثر فيه الكلاب والخنازير،  وتحمل مدللة إلى العيادات ، وهذه مهنتك ، لئلا يشق عليك الأمر ، والأخذ بالأحوط أنصح لك مااستطعت إلى ذلك سبيلا .

ومسألة الغسل من الكلب الواجب فيه غسل الموضع الذي تنجس فقط ، وسبع مرات ، أولاهن بالتراب ، وهناك من قال : إن أدى الصابون الغرض المقصود من التراب أجزأ الصابون ، على أن آخرين ذهبوا إلى أن الغسل بهذه الصورة : السبع مع التراب خاص بالإناء لا غيره، فلا يغسل الثوب ولا الجسد هذه المرات ، وهذا مذهب المالكية ، وإن لم يدر مكان المتنجس من الثوب غسله كله ،وذهب الشافعية في المعتمد عندهم إلى إجزاء الصابون وأدوات التنظيف بدلا من التراب . وهناك من رجح التراب لورود النص به ، إضافة إلى ما اكتشف أن ثمة جراثيم في لعاب الكلب لا يقضى عليها إلا عبر التراب نبدأ به ثم نسبع بالماء .

للمسلم أن ينتقل إلى مذهب فقهي غير الذي تفقه فيه ، كأن ينتقل من الشافعية إلى المالكية ، بشرط أن يلتزم بالمذهب المالكي في المسألة التي أخذ بها ، مع إحكام فهمه للمذهب ، وهنا يذكر أن من كان شافعيا وتنجس ثوبه أو يده بالكلب على ما ذهب إليه الشافعية ، ثم أراد أن يقلد المالكية ، فعليه أولا أن يغسل المكان المتنجس ، مع مراعاة أحكام المذهب الذي انتقل إليه ، وفي هذا بحبوحة رائعة تكشف عن عظمة هذه الشريعة .

أما مخالطة النساء اللائي يعملن معه في العيادة ، فليحرص على ألا تكون هناك خلوة محرمة مع واحدة منهن ، بأن يبقى الباب مفتوحا أو شبه مفتوح إذا اضطر إلى أن يكون معها في غرفة واحدة ، وأما النساء اللواتي يأتين بالحيوانات للمعالجة فشأنه معهن شأن الطبيب المداوي لتلك الحيوانات والاتقاء ما استطاع من اللمس أو المزاحمة أو النظرة الفاحصة .