التخلص من الوسوسة بالعقيدة
تاريخ الإضافة : 2011-12-24 00:00:00
أعاني من الوسوسة في العقيدة و آثارها حيث الشعور بالابتعاد عن دائرة الإسلام , وعدم القدرة على التوبة , واستشعار الندم , جراء قسوة في القلب ، ساعدوني جزاكم الله خيرا.

سيدي الفاضل / .....

الحمد لله رب العالمين , وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين أحمد الله تعالى على ما حباك به من يقظة جلت لك هذا التشخيص الذي تقف أمامه منكرا إياه , قلقاَ منه أيما قلق , فهذه لك سيدي , إذ هي يقظة تكشف لنا ما نحن عليه .

ثانياً: أخطر ما تجده من وسوسة أن يلبس علينا فيها حتى لنظنها منا , وليست واردة علينا , أو طارئة فينا , فإن الموسوس لا يزال يحرض على حقائق التوحيد والنبوة والآخرة حتى يظهر أنها ذاتية , فإذا ظن المسلم الموسوس ذلك ركن إليها ولم يرها محتاجة للعلاج.

ثالثاً:للشيطان سبيلان في الإضلال :سبيل الاعتقاد وهذا كثيراً ما يلجأ إليه إذا عجز عن الإغواء , و السبيل الأخرى , وهي سبيل الشهوات , أما سبيل الشبهات فعلاجه بالعلم الصحيح , والحوار والبرهنة , وهذا تتكفل به دروس العقيدة والنظر في أسرار الكون , وأما سبيل الشهوات فعلاجه بالتقوى والذكر والصحبة الصالحة ومجاهدة النفس لتستقيم على أحكام شرع الله تعالى

نجد هذا في قوله –تعالى- المبصِر لنا بعدونا (إنما يأمركم بالسوء و الفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) والسوء والفحشاء من الشهوات , والتقوُل على الله من الشبهات

رابعاً: في صحيح مسلم وأبي داوود أن ناساً من الصحابة سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا : إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به , قال : أو قد وجدتموه؟ قالوا : نعم قال:ذاك صريح الإيمان

ويفهم من الحديث أن الشيطان هو هو في وسوسته وإغارته على النفوس , و إعلان عداوته التي أقسم على متابعتها . ويفهم أنَ إغارته دليل على ما في الصدر من إيمان , إذ لا يغير على حصن العقيدة إلا إذا كانت معمرة للصدر , وإلا فالصدر الممتلىء كفراً لا يحتاج إلى وسوسة , حيث انتهت المعركة وآل الخصم إلى الكفر

وقول هؤلاء : إنا نجد في أنفسنا :أي من الخواطر السيئة الرديئة في أمر العقيدة

وقولهم:ما يتعاظم التكلم به أي نعد مجرد التكلم به ذنباً عظيماًفننزه عنه ألسنتنا لشناعته

لم يصرحوا بأعيان هذه الخواطر , ولم يطلب منهم , وقد شكوا ذلك لطبيب القلوب -عليه الصلاة والسلام- يبتغون العلاج والحكم فيما يجدونه

وقد روى ابن عباس أن رجلاً جاء فقال : يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه يعرض بالشيئ , لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به, والحممة الفحم وكل ما احترق من النار

وربما وجدنا في الأحاديث بياناً لمثل هذه الخواطر , من باب فضح أسلوب الشيطان وكشف مداخله فيها , وقاية للناس من وساوسه واستفهام الرسول في الحديث بقوله

(أوقد وجدتموه) أي : أقد كان ذلك الوسواس وقد وجدتم في الصدر هذا الانقباض والتخوف والنفور منه , و يفهم أن مثل هذا متوقع حدوثه للمؤمن

وقوله:"ذاك صريح الإيمان" الإشارة "ذاك إلى حالة الإنكار يجدها من يوسوس له" وحالة استعظام ذلك والخوف من النطق به ,دعك من اعتقاده,فهذه كلها من علامات صحة الإيمان و خلوصه من شوائب الشك رغم التشكيك بالوسوسة .

ما يجد المسلم في صدره من شبهة في أصل من أصول الدين , وتركن إليها نفسه هذا يحتاج إلى العلاج عبر الحوار العلمي المسدد للحقائق والمبرهن عليها ,أما العارض الذي يورث في النفس قلقاً فليس من هذا المعين , وإنما يكفي فيه الجأر الى الله , والإستعاذه به.

وهنا أنصح بأمرين هامين :الأول : حتى نغلق الباب على شيطان الوسوسة , لابد من تعلم الإعتقاد وفق الأدلة والبراهين ولا بد من قراءة الكتب التي تتناول الظواهر الكونية وما تنضح به من عجائب وأسرار , كما لا بد من مراقبة الجوارح وسلوك مسار الصالحين , ولو جاهدنا النفس على ذلك , كما لا بد من الصحبة الصالحة ومجالس النور والصلاح ,ففيها حماية للنفس من أن تكون نهبة للوسواس ولا بد من زيارة المقبرة للاعتبار , وعيادة المرضى للوقوف على نعم الله علينا , وأنصح بمسح رأس اليتيم شفقة , ولا بد من قراءة سير الصالحين الذين غابوا عنا , بعدما عاشوا في رحاب اليقين , فهذه القراءة استحضار لأحوالهم وعموماً عبد الكريم لا يدري ما مستوى التحصيل العلمي للسائل , ولا مجال نشاطه الحياتي , ولا البيئة التي يتحرك فيها فهذا كله من الأهمية بمكان , لنتعاون على الحق والبر ,وختاماً أنصح بمراجعة دروس التوحيد على الموقع , وإذا عنَ لك مسألة مشكلة نحددها ونتحاور فيها , هذا ما عنَ في الجواب , وأسأل الله تعالى السداد والصواب , و أن يلهمنا الإكثار من ذكره , وهوالكريم الوهاب .................