قراءة ... !
تاريخ الإضافة : 2013-02-24 18:09:29
هناك نصوص نوردها ، ونقطف ما يتسنى من عطور بصائرها ......

1 -  هناك نصوص نوردها ، ونقطف ما يتسنى من عطور بصائرها :

منها قوله تعالى : " ولو اتبع الحق أهواءهم لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ "

ناهيك بأفن آراء لا تميز بين الضر والنافع لأنفسهما ، وكفى بذلك شناعة لكراهيتهم الحق ، وإبطالاً لزعمهم أن ما جاء به الرسول تصرفات مجنون .

- إبطال لما اقتضاه الفرض في قوله ( ولو اتبع الحق أهواءهم ) أي بل لم يتبع الحق أهواءهم فأبلغنا إليهم الحق على وجهه بالقرآن الذي هو ذكر لهم يوقظ عقولهم من سباتها . كأنه يذكر عقولهم الحق الذي نسيته بتقادم الزمان على ضلالات آبائهم التي سنوها لهم فصارت أهواء لهم ألفوها فلم يقبلوا انزياحاً عنها وأعرضوا عن الحق بأنه خالفها ، فجعل إبلاغ الحق لهم بالأدلة بمنزلة تذكير الناسي شيئاً طال عهده به كما قال عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى الأشعري ( فإن الحق قديم ) قال تعالى ( ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ) ( يونس : 82 ) .

- وعُدِّي فعل ( أتيناهم ) بالباء لأنه استعمل مجازاً في الإرسال والتوجيه .

والذكر يجوز أن يكون مصدراً بمعنى التذكير ، ويجوز أن يكون اسماً للكلام الذي يذكر سامعه بما غفل عنه وهو شأن الكتب الربانية . وإضافة الذكر إلى ضميرهم لفظية من الإضافة إلى مفعول المصدر .والفاء لتفريع إعراضهم على الإتيان بالذكر إليهم ، أي فتفرع على الإرسال إليهم بالذكر إعراضهم عنه . والمعنى : أرسلنا إليهم القرآن ليُذَكِّرهم . وقيل : إضافة الذكر إلى ضميرهم معنوية ، أي: الذكر الذي سألوه حين كانوا يقولون ) لو أن عندنا ذكراً من الأولين لكنَّا عباد الله المخلصين ( ( الصافات : 168 ، 169 ) فيكون الذكر على هذا مصدراً بمعنى الفاعل ، أي ما يتذكرون به . والفاء على هذا الوجه فاء فصيحة ، أي فها قد أعطيناهم كتاباً فأعرضوا عن ذكرهم الذي سأل.

2 -  منها قوله تعالى :

 - { ولو اتبع الحقُّ أهواءهم } بأن كان في الواقع آلهة شتى؛ { لفسدتِ السمواتُ والأرضُ ومن فيهن } كما في قوله:{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا }[الأنبياء: 22]

- فالاتباع هنا مجاز، أي: لو جاء الوحي على ما يشتهون لفسدت السموات، فالحق هنا هو المذكور في قوله: { بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون } ، والمعنى: لو كان ما كرهوه من الحق، الذي من جملته ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، موافقاً لأهوائهم الباطلة؛ لفسد نظام العالم، وتخصيص العقلاء بالذكر حيث عبَّر بمن؛ لأنَّ غيرهم تبع.{ بل أتيناهم بذكْرهم }: بشرفهم، وهو القرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم، كما قال تعالى:{ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ }

- يركز على الكلمات المحورية في الآيات ليربط الموضوع فيما بين مفرداته ليصب في :"أن الصلاح بتطبيق المنهج " وأي خروج عنه يترك بصمته في الحياة على مستوى الأفراد والأسر والجماعة والمجتمع بعامة!

- يلتقط من الكليات الخمس ما يوظف لبيان متانة النظام الإسلامي

- الربط بين الظاهر الكونية وما أقيمت عليه من سنن دقيقة تضمن سيرورة الحياة ن وما أنزل من منهج للمكلفين ليقيموا نظاما وفقه باختيارهم المحمود.

3 -  هي التقاطات من لألاء آية ، هي قوله تعالى :

- قال تعالى : { وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات والأرض وَمَن فِيهِنَّ } نموذج للمعالجة على مستوى النصوص المذكورة :اختلف العلماء في المراد بالحق في هذه الآية ، فقال بعضهم : الحق : هو الله تعالى ، ومعلوم أن الحق من أسمائه الحسنى ، كما في قوله تعالى : { وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الله هُوَ الحق المبين } [ النور : 25 ] وقوله : { ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق } [ الحج : 62 ] وكون المراد بالحق في الآية : هو الله عزاه القرطبي للأكثرين ، ومن قال به : مجاهد وابن جريج ، وأبو صالح ، والسدي . وروي عن قتادة ، وغيرهم .

- وعلى هذا القول فالمعنى لو أجابهم الله إلى تشريع ما أحبوا تشريعه وإرسال من اقترحوا إرساله ، بأن جعل أمر التشريع وإرسال الرسل ونحو ذلك تابعاً لأهوائهم الفاسدة ، لفسدت السموات والأرض ، ومن فيهن ، لأن أهواءهم الفاسدة وشهواتهم الباطلة ، لا يمكن أن تقوم عليها السماء والأرض وذلك لفساد أهوائهم ، واختلافها . فالأهواء الفاسدة المختلفة لا يمكن أن يقوم عليها نظام اسماء والأرض ومن فيهن ، بل لو كانت هي المتبعة لفسد الجميع .

- ثمة مفردات هي المحاور التي تتناول بالتأمل : الحق ويقابله الباطل -- والفساد ونقيضه الصلاح -- والهوى وضده ما جاء من منهج عبر الوحي

- ومن الآيات الدالة على أن أهواءهم لا تصلح ، أن تكون متبعة قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] لأن القرآن لو أنزل على أحد الرجلين المذكورين ، وهو كافر يعبد الأوثان فلا فساد أعظم من ذلك .

4 -  منها قوله تعالى :

" وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُم لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ "

ومعنى موافقة الحق الأهواء أن تكون ماهية الحق موافقة لأهواء النفوس . فإن حقائق الأشياء لها تقرر في الخارج سواء كانت موافقة لما يشتهيه الناس أم لم تكن موافقة له ؛ فمنها الحقائق الوجودية وهي الأصل فهي متقررة في نفس الأمر مثل كون الإلاه واحداً ، وكونه لا يلد ، وكون البعث واقعاً للجزاء ، فكونها حقاً هو عين تقررها في الخارج .

ومنها الحقائق المعنوية وهي الموجودة في الاعتبار فهي متقررة في الاعتبارات . وكونها حقاً هو كونها جارية على ما يقتضيه نظام العالم مثل كون الوأد ظلماً ، وكون القتل عدواناً ، وكون القمار أخذ مال بلا حق لآخذه في أخذه ، فلو فرض أن يكون الحق في أضداد هذه المذكورات لفسدت السماوات والأرض وفسد من فيهن ، أي من في السماوات والأرض من الناس .

ووجه الملازمة بين فساد السماوات والأرض وفساد الناس وبين كون الحق جارياً على أهواء المشركين في الحقائق هو أن أهواءهم شتى ؛ فمنهاالمتفق ، وأكثرهم مختلف ، وأكثر اتفاق أهوائهم حاصل بالشرك ، فلو كان الحق الثابت في الواقع موافقاً لمزاعمهم لاختلت أصول انتظام العوالم .فإن مبدأ الحقائق هو حقيقة الخالق تعالى ، فلو كانت الحقيقة هي تعدد الآلهة لفسدت العوالم بحكم قوله تعالى ) لو كان فيهما ءالهة إلا الله لفسدتاوذلك أصل الحق وقوامه وانتقاضه انتقاض لنظام السموات والأرض كما تقدم . وقد قال الله تعالى في هذه السورة ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ) ( المؤمنون : 91 ) الآية ، فمن هواهم الباطل أن جعلوا من كمال الله أن يكون له ولد .

5 -  منها قوله تعالى :

" وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ "

ثم ننتقل بالبحث إلى بقية حقائق ما جاء به الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) من الحق لو فرض أن يكون الثابت نقيض ذلك لتسرب الفساد إلى السموات والأرض ومن فيهن . فلو فرض عدم البعث للجزاء لكان الثابت أن لا جزاء على العمل ؛ فلم يعمل أحد خيراً إذ لا رجاء في ثواب . ولم يترك أحد شراً إلا إذ لا خوف من عقاب فيغمر الشر الخير والباطل الحق وذلك فساد لمن في السموات والأرض قال تعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ( ( المؤمنون : 115 ) .

وكذا لو كان الحق حسنَ الاعتداء والباطلُ قبحَ العدل لارتمى الناس بعضهم على بعض بالإهلاك جُهد المستطاع فهلك الضرع والزرع قال تعالى : ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ( ( البقرة : 205 ) ، وهكذا الحال في أهوائهم المختلفة . ويزيد أمرها فساداً بأن يتبع الحق كل ساعة هوى مخالفاً للهوى الذي اتبعه قبل ذلك فلا يستقر نظام ولا قانون .وهذا المعنى ناظر إلى معنى قوله تعالى : ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون ( ( الدخان : 38 ، 39 ) . والظاهر أن ( مَن ) في قوله : ( ومن فيهن ( صادقة على العقلاء من البشر والملائكة . ففساد البشر على فرض أن يكون جارياً على أهواء المشركين ظاهر مما قررناه .وأما فساد الملائكة فلأن من أهواء المشركين زعمهم أن الملائكة بنات الله فلو كان الواقع أن حقيقة الملائكة بُنوة الله لأفضى ذلك إلى أنهم ءالهة لأن المتولد من جنس يجب أن يكون مماثلاً لما تولد هو منه إذ الولد نسخة من أبيه فلزم عليه ما يلزم على القول بتعدد الآلهة . وأيضاً لو لم يكن من فصول حقيقة الملائكة أنهم مسخرون لطاعة الله وتنفيذ أوامره لفسدت حقائقهم فأفسدوا ما يأمرهم الله بإصلاحه وبالعكس فتنتقض المصالح .ويجوز أن يكون ( مَن ) صادقاً على المخلوقات كلها على وجه التغليب في استعمال ( مَن ) . ووجه الملازمة ينتظم بالأصالة مع وجه الملازمة بين تعدد الآلهة وبين فساد السماوات والأرض ثم يسري إلى اختلال مواهي الموجودات فتصبح غير صالحة لما خلقت عليه ، فيفسد العالم . وقد كان بعض الفلاسفة المتأخرين فرض بحثاً في إمكان فناء العالم وفرَض أسباباً إن وجد واحد منها في هذا العالم . وعدّ من جملتها أن تحدث حوادث جوية تفسد عقول البشر كلهم فيتألبون على إهلاك العالم فلو أجرى الله النظام على مقتضى الأهواء من مخالفة الحق لما هو عليه في نفس الأمر كما يشتهون لعاد ذلك بالفساد على جميع العالم فكانوا مشمولين لذلك الفساد لأنهم من جملة ما في السماوات والأرض.

6 - منها قوله تعالى :

" أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ "

-  "عطف هذا الشرط الامتناعي على جملة ( وأكثرهم للحق كارهون ) ( المؤمنون : 70 ) زيادة في التشنيع على أهوائهم ، فإنها مفضية إلى فساد العالم ومن فيه وكفى بذلك فظاعة وشناعة .

والحق هنا هو الحق المتقدم في قوله : ( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ) ( المؤمنون : 70 ) وهو الشيء الموافق للوجود الواقعي ولحقائق الأشياء . وعلم من قوله ( ولو اتبع الحق أهواءهم ) أن كراهة أكثرهم للحق ناشئة عن كون الحق مخالفاً أهواءهم فسجل عليهم أنهم أهل هوى والهوى شهوة ومحبة لما يلائم غرض صاحبه ، وهو مصدر بمعنى المفعول . وإنما يجري الهوى على شهوة دواعي النفوس أعني شهوات الأفعال غير التي تقتضيها الجبلة ، فشهوة الطعام والشراب ونحوهما مما تدعو إليه الجبلة ليست من الهوى وإنما الهوى شهوة ما لا تقتضيه الفطرة كشهوة الظلم وإهانة الناس ، أو شهوة ما تقتضيه الجبلة لكن يشتهى على كيفية وحالة لا تقتضيها الجبلة لما يترتب على تلك الحالة من فساد وضر مثل شهوة الطعام المغصوب وشهوة الزنى ، فمرجع معنى الهوى إلى المشتهى الذي لا تقتضيه الجبلة . والاتِّباع : مجاز شائع في الموافقة ، أي لو وافق الحق ما يشتهونه .