لو أننا لم نخلق !
تاريخ الإضافة : 2013-04-17 15:15:26
نتعرض أحيانا لأسئلة من أبنائنا على مختلف أعمارهم إلى أسئلة قد لا يحضرنا وقتها لإجابة أ قد نجهلها أحيانا أو قد نخطئ في الإجابة على أسئلتهم مما يكون لها الأثر السلبي على عقيدتهم أو على سلوكهم أو على طريقة حياتهم مستقبلا من هذه الأسئلة سؤال ابني الذي دخل في سن السابعة عشرة من عمره حيث قال (ليتنا لم نخلق ولو كنا في عدم لما عشنا هذه الحياة ولما تحاسبنا انتم سبب قدومنا لهذه الدنيا وانتم سبب شقاؤنا). بارك الله بكم

 

وعموما هذه التقاطات من كتاب قيم لابن قيم الجوزية ، غيّرت في بعض العبارات تغييرا طفيفا لتكون أقرب للتناول ، وكلها نقطة في بحر أسرار الربوبية ، وهي مع هذا كله قراءة واعية لما نحن فيه من الوجود ، الذي من العقل الحصيف ، والحكمة المسددة أن نفهمه على ما هو عليه ، ودون أن نرتئي على الله وجودا نختاره بحسب مداركنا " المخلوقة " ولعل من معاني قوله تعالى في مطلع سورة " الحجرات " ما يفهم ذلك إشارة ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ..... " !!!

  • لا ضير من طرح بعض الأسئلة في حالة ما ، والمنع منها في حالة أخرى ، وهذا يتطلب : معرفة كل من الحالتين ، ودافع كل منها !
  • - وهذه نبذ من هذه الأحوال الخاشعة الخالعة للقلوب !
  •  وقال علي رضي الله عنه يا ليت أمي لم تلدني ولم أسمع ذكر جهنم "
  • - وهؤلاء القمم في مضمار اليقين ، وما قالوه من الأدلة على استحضار ضخامة " المسؤولية " التي تقابل من قبل البلداء بالتهاون واللامبالاة !! وقارن بين حالة إنسان سمع بقرب زلزال يضرب المدينة ، فتلقى الخبر على أنه إشاعة ! وآخر تيقن من ذلك ، فهل أسلوب الرجلين واحد أمام هذا الزلزال الزاحف!!
  • حين تغيب الحكمة عن الصدر ، ولا يجد الإنسان فائدة ما من هذا الخلق ، وعندها ينقدح  في صدره : لو أنا ما خلقنا !! وبدهي أن مثل هذا النظرة تأتي ثمرة مرّة لرؤية " العبثية " التي فارقتها " الحكمة " وهي قاتلة للإنسان ، وربما أفضت به إلى الانتحار ! وهذا، لأنه ما شاهد إلا الفصل الأول من الوجود ، فركبته به " الحيرة " حيث غابت عنه النتائج ، قال تعالى : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق " وهذه الدنيا لولا الآخرة لما كان لها طعم!
  • وهنا أسوق مجموعة مما يبين لنا حكمة الله في الخلق ن يختار اقربها لعقل المخاطب ، وألصقه بحاله ليكون أنفع ، إذ إن المعنى إذا دقّ لم يستفد منه من زفّ إليه !
  • إن الله سبحانه لما اهبط آدم أبا البشر من الجنة لما له في ذلك من الحكم التي تعجز العقول عن معرفتها والالسن عن صفتها ، فكان إهباطه منها:
  • - كذلك ، فإنه سبحانه اراد أمرهم ونهيهم وابتلاءهم واختبارهم ، وليست الجنة دار تكليف فأهبطهم إلى الأرض وعرضهم بذلك لأفضل الثواب الذي لم يكن لينال بدون الأمر والنهي.
  • - كذلك ، فإنه سبحانه له الأسماء الحسنى ، فمن أسمائه الغفور الرحيم العفو الحليم الخافض الرافع المعز المذل المحيي المميت الوارث الصبور ، ولا بد من ظهور آثار هذه الأسماء ، فاقتضت حكمته سبحانه أن ينزل آدم وذريته دارا يظهر عليهم فيها أثر أسمائه ، فيغفر فيها لمن يشاء ، ويرحم من يشاء ، ويخفض من يشاء ، ويرفع من يشاء ، ويعز من يشاء ، ويذل من يشاء ، وينتقم ممن يشاء ، ويعطى ويمنع ويبسط، إلى غير ذلك من ظهور أثر أسمائه وصفاته.
  • أن أنزل آدم وذريته دارا تجرى عليهم فيها أحكام الملك ، ثم ينقلهم إلى  دار يتم عليهم فيها ذلك ز
  • كذلك ، فإن الله سبحانه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض والأرض فيها الطيب والخبيث ، والسهل والحزن ، والكريم واللئيم ، فعلم سبحانه أن في ظهره من لا يصلح لمساكنته في داره ، فأنزله إلى دار استخرج فيها الطيب والخبيث من صلبه ، ثم ميزهم سبحانه بدارين ، فجعل الطيبين أهل جواره ومساكنته في داره ، وجعل الخبيث أهل دار الشقاء دار الخبثاء ، قال الله تعالى : " ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون " فلما علم سبحانه أن في ذريته من ليس بأهل لمجاورته أنزلهم دارا استخرج منها أولئك وألحقهم بالدار التي هم لها أهل حكمة بالغة ، ومشيئة نافذة ، ذلك تقدير العزيز العليم.
  •  كذلك ، وأيضا فإن الله  أراد أن يظهر ما خفى على العباد من شأن عدوالله إبليس ، ومحاربته له ، وتكبره عن أمره ، وسعيه في خلاف مرضاته ، وهذا وهذا كان كامنا مستترا في أبي البشر وأبي الجن ، فأنزلهم دارا أظهر فيها ما كان الله سبحانه منفردا بعلمه ، لا يعلمه سواه ، وظهرت حكمته ، وتم أمره ، وبدا للملائكة من علمه ما لم يكونوا يعلمون .
  • كذلك ، فإنه سبحانه أراد أن يتخذ من آدم ذرية يواليهم ويودهم ، ويحبهم ويحبونه ، فمحبتهم له هي غاية كمالهم ، ونهاية سعادتهم ،  ولم يمكن تحقيق هذه المرتبة السنية إلا بموافقة رضاه ، وأتباع أمره ، وترك إرادات النفس وشهواتها التي يكرهها محبوبهم ، فأنزلهم دارا أمرهم فيها ، ونهاهم ، فقاموا بأمره ونهيه ، فنالوا درجة محبتهم له ، فأنالهم درجة حبه إياهم ، وهذا من تمام حكمته وكمال رحمته ،" وهو البر الرحيم " .