الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء والشهداء
تاريخ الإضافة : 2013-07-11 06:59:00
ما صحة حديث أبوداوود أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء والشهداء ، وهل كل الأنبياء شهداء؟

*أسوق ما ذكره العلماء بهذه المسألة  :

في " المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " لمؤلفه الشيخُ الفقيهُ الإمام ، العالمُ العامل ، المحدِّثُ الحافظ ، بقيَّةُ السلف ، أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ الشيخِ المرحومِ الفقيهِ أبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ الحافظ ، الأنصاريُّ القرطبيُّ ، قد صحَّ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء " وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس ، وفي السماء ، وخصوصًا بموسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد رآه قائما يصلي في قبره ، وقد أخبرنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما يقتضي أن الله تعالى يرد عليه روحه حتى يرد السلام على كل من يسلم عليه ، إلى غير ذلك مما ورد في هذا المعنى ، وهو كثير

وأما قوله- عليه الصلاة والسلام- : "كل ابن آدم تأكله الارض " أي : تبليه ، وتصيره إلى أصله الذي هو التراب ، هذا عموم مخصص بقوله : "حرم الله تعالى على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" . وبقوله : "المؤذن المحتسب كالمتشحط في دمه "المتشحط : هوالمتمرغ المضطرب . وظاهرهذا : أن الأرض لا تأكل أجساد الشهداء ، والمؤذنين المحتسبين ، وقد شوهد هذا فيمن اطلع عليه من الشهداء ، فوجدوا كما دفنوا بعد آماد طويلة ، كما ذكر في السير وغيرها

* وفي " شرح سنن أبي داود لمؤلفه : عبدالمحسن العباد"

قال المصنف رحمه الله تعالى: حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت، فقال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء "

 وأورد أبو داود رحمه الله حديث أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة ؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن أجساد الأنبياء" .

وفي الحديث أنهم قالوا: " وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت" وكانوا يعلمون أن الأرض تأكل الأجساد، ولا يعلمون استثناء شيء من ذلك، والله عز وجل في كتابه العزيز يقول: قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ [ق:4] يعني: ما تأكل الأرض منها، وما يختلط بالتراب من أجسادهم، فأخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم باقون في قبورهم على الهيئة التي وضعوا عليها لا تأكلهم الأرض، بل أجسادهم باقية، وهم أحياء في قبورهم حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء التي قال الله عز وجل فيها: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169]، فأخبر عن الشهداء بأنهم أحياء، ورسل الله الكرام هم أكمل حياة من الشهداء، والحياة البرزخية لا يختص بها الأنبياء ولا الشهداء، بل هي ثابتة لكل من يموت، فكل من يموت في نعيم أو عذاب، فيصل إلى جسده وروحه من النعيم أو العذاب ما يستحقه، حتى لو أن الأرض أكلت لحوم البشر من غير الأنبياء فإن العذاب يصل إلى من يستحقه، والنعيم يصل إلى من يستحقه، ولا تلازم بين كون الأرض تأكله ، وبين كونه لا يصل إليه النعيم أو العذاب؛ لأن حياة البرزخ من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولهذا لو فتح الناس القبور ما رأوا جنة ولا ناراً، مع ثبوت وجود كليهما، وقد قال عليه الصلاة والسلام: " يفتح للمؤمن باباً إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها" وذكر أنه يُفتح للكافر باب إلى النار فيأتيه من سمومها وحرها، ولو فتح الناس القبور ما وجدوا نعيماً ولا عذاباً، ولكن المؤمن يؤمن بالغيب ، وإن لم يشاهده ويعاينه، ويعتقد أن كل ما أخبر الله تعالى به حق، وكل ما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم حق، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: " لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع"، فقد أطلع الله نبيه على ما يجري في القبور من العذاب، فكان يسمع مما يحصل في القبور من العذاب، وغيره من الناس لا يسمعون، والله على كل شيء قدير، فقد حجب هذه الأصوات التي تكون في القبور عن أن تصل إلى الجن والإنس، وشاء أن تصل إلى سمع نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، بل الحيوانات والدواب تسمع ما يجري في القبور من العذاب؛ لأنها غير مكلفة، ولما كان الجن والإنس مكلفين أخفى الله- تعالى- عليهم ذلك؛ حتى يتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن؛ لأنه لو كان الغيب علانية وشهادة ما تميز أحد بالإيمان بالغيب !.

 فهذا الحديث دليل على أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية تختلف عن حياة الدنيا، وتختلف عن الحياة الآخرة بعد البعث والنشور، فلا يقال: إن حياتهم في قبورهم كحياتهم في الدنيا، بل حياتهم في البرزخ تختلف عن حياتهم في الدنيا، وتختلف عن حياتهم بعد البعث والنشور، والمؤمن يصدق بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بكل ما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما الشهداء لم يأت دليل على أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، لكن جاء أن بعض الشهداء نبش قبره بعد مدة لأمر اقتضى ذلك فوجدوه كما كان، وهو عبد الله بن حرام والد جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقد استشهد يوم أحد، ثم قرب السيل من قبره حتى كاد أن يجترفه، فنبش ونقلوه من مكانه حتى لا يجترفه، فوجدوه كما كان، لكن هذا لا يدل على أنه يبقى على هذه الهيئة إلى يوم البعث والنشور؛ لأن هذا مما لم تأت فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حق الأنبياء، فالأنبياء جاء في حقهم هذا الحديث، والشهداء جاءت في حقهم تلك الآية، والحياة البرزخية تكون للشهداء ولسائر الناس، لكن الشهداء يكونون أكمل؛ لأن الله نص عليه في حق الشهداء، وقد جاء في الحديث: " إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من شجر الجنة" وجاء في حق المؤمنين عموماً حديث: " نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة" يعني: على شكل طائر يعلق في الجنة، ، ونجزم بأن الأرض لا تأكل أحداً بعينه إلا الأنبياء، أما غيرهم فما جاء دليل يدل على أن الأرض لا تأكل أجسادهم.

  • كون ابن آدم يأكله التراب عام مخصوص ، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا تبلى أجسامهم الكريمة ، وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم- إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، واستثنى ابن عبد البر معهم الشهداء، قال: وحسبك ما جاء في شهداء أحد وغيرهم ثم ذكر حديث جابر لما نقل أباه في خلافة معاوية حين أراد إجراء العين التي في أسفل أحد وقوله فأخرجناهم رطابا يتسنون فأصابت المسحاة أصبع رجل منهم ، فتقطر الدم ، واقتصر القاضي عياض على قوله: " وكثير من الشهداء " فدل على أنه يرى أن بعض الشهداء قد تأكل الأرض جسده ، ولعله أشار بذلك إلى المبطون ونحوه من الملحقين بالشهداء ، وضم أبو العباس القرطبي إلى الصنفين " المؤذن المحتسب " لقوله عليه الصلاة والسلام : " المؤذن المحتسب كالمتشحط في دمه " قال وظاهر هذا أن الأرض لا تأكل أجساد المؤذنين المحتسبين .

-وفي طرح التثريب في شرح التقريب لزين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسيني العراقي

    وتمام البحث فيه " أن أجسام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا تأكلها الأرض كما ورد بالحديث بخلاف غيرهم . وقد روى في " المواهب " عن أبي داود بلفظ " إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء  "  ( صحيح ) ( 3 / 119 ) لكن لفظ الحديث فيه : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " . وعزاه للنسائي أيضا وقال : " وصححه ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني " . قلت : وصححه آخرون . وهو مخرج في " صحيح أبي داود " برقم ( 962 )

 قال المصنف رحمه الله تعالى: حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت، فقال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء". أورد أبو داود رحمه الله حديث أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن أجساد الأنبياء). هذا الحديث يدل على فضل يوم الجمعة، وأنه من خير الأيام "

من مجمل ما ذكره العلماء تطمئن النفس إلى أن مضمون الحديث له نصيب وافرمن الصواب ، وخاصة أنه يدعمه مجموعة من الحقائق التي تقاطرت عليها الأدلة كالحياة البرزخية للشهداء .