امرأة سافرت لزيارة ولدها في فلندا وهي مقيمة قي...
تاريخ الإضافة : 2013-07-12 15:56:56
امرأة سافرت لزيارة ولدها في فلندا وهي مقيمة قي الامارات . والصيام في فلندا يصل إلى 21 ساعة . أفتى لها أحد الشيوخ أن تفطر على أذان أقرب بلد عربي . فما رأيكم ؟

فتاوى قضايا فقهية معاصرة رقم : 1196  

السؤال : أريد أن أسألكم سؤالا عن كيفية التوفيق بين الصوم و العبادات صلاةالتراويح لضيق الوقت بين صلاتي العشاء و الفجر,هل ثلاث ساعات من الزمن تكفي للعبادة والأكل في هذا الوقت المتأخر علما بأن مناطق أقصى الشمال الأوروبي تشهد اجتهادات متفاوتة عندما يتصادف شهر رمضان في فترة انعدام النهار أو ديمومته،الأيام البيض، فيصوم فريقٌ من المسلمين وفق آخر مدينة يتميز فيها الليل عن النهار فيما يتبع فريق آخر بلاده الأصلية في عدد ساعات الصوم، ويتبع فريق ثالث مكة المكرمة ؟

البلد : السويد . 

التاريخ : 2 / 7 / 2013 .

رقم الفتوى : 1196  

الجواب : في شمال أوروبا يطول النهار ويقصر الليل في شهور الصيف ولكن الأمر على العكس في الشتاء حيث يطول الليل جدا ويقصر النهار ، وإذا كان هناك ضيق في الوقت بين العشاء والفجر في أشهر الصيف فأنتم معذورون ولكم الأجر على طاعتكم لله حسبما تيسر لكم ، فالعبادة في رمضان ليست محصورة فقط في قيام ساعات طويلة بالليل بل يمكن تعويض ذلك بالنافلة أثناء النهار وكثرة الصدقات وتلاوة القرآن وعمارة المساجد بذكر الله ومجالس العلم وغير ذلك من أنواع القربات .

  وفي أشهر الشتاء فهناك فرصة كبيرة لقيام الليل كما أن النهار يقصر جدا مع شدة البرد مما يهون مشقة الصيام ، فما فاتكم في الصيف يمكنكم تعويضه في الشتاء بإذن الله .

 

  أما ما يتعلق بالصيام فهناك حالتان :

1- بلاد يتميز فيها الليل من النهار فالراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة أنه يجب على أهلها أن يصوموا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، فإذا شق على أحدهم الصيام في يوم من الأيام فلا حرج عليه أن يفطر فيه ثم يقضي هذا اليوم أو الأيام التي أفطرها بعد انتهاء فترة الصيف ومجيئ الشتاء حيث البرد وقصر فترة النهار .

وقد خضت هذه التجربة بنفسي حيث كنت في دول إسكندنافيا ( السويد – الدنمرك – النرويج – فنلندا ) في رحلة دعوية وذلك في رمضان صيف سنة 2010 وصمت رمضان وصام من كانوا معي والذين قابلتهم دون أن نشعر بأي تعب والحمد لله، حيث يساعد على ذلك برودة الجو وعدم الشعور بالظمأ والحاجة إلى الماء ، ولكن الأمر يظل على التيسير ورفع الحرج لمن وجد مشقة ولم يستطع الصوم .

2- البلاد التي لا يتميز فيها الليل من النهار مثل أن يكون النهار ستة أشهر والليل ستة أشهر ، فللعلماء فيها عدة أقوال منها :

أ) أن يقدروا الليل والنهار بحسب ساعاته في بلد التشريع مكة أو المدينة لأنهما البلدان اللذان نزل فيهما الوحي .

ب) أن يقدر اليوم بالتساوي فيجعل الليل اثني عشر ساعة والنهار مثله، لأن هذا قدرهما في الزمان المعتدل والمكان المعتدل .   

ج) وقال بعضهم : يقدر بحسب مدتهما في أقرب بلد يكون فيه تميز الليل من النهار بحيث يتعاقبان في أربع وعشرين ساعة ، وهذا أقرب الأقوال إلى الصحة ، لأن إلحاق البلد في جغرافيته بما هو أقرب إليه أولى من إلحاقه بالبعيد ، لأنه أقرب شبهاً به من غيره .

 

 إتماما للفائدة هذا نص قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة :
[ من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي    
القرار الثالث : حول أوقات الصلوات والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية الدرجات .      
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً . أما بعد :

 

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع في جلسته الثالثة صباح يوم الخميس الموافق 10 \ 4 \ 1402 هـ المصادف 4 \ 2 \ 1982 م على قرار ندوة بروكسل 1400 هـ \ 1980 م ، وقرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم ( 61 ) في 12 \ 4 \ 1398 هـ ؛ فيما يتعلق بمواقيت الصلاة والصوم في الأقطار التي يقصر فيها الليل جدا في فترة من السنة ويقصر النهار جدا في فترة أو التي يستمر ظهور الشمس فيها ستة أشهر وغيابها ستة أشهر .      
وبعد مدارسة ما كتبه الفقهاء قديماً وحديثاً في الموضوع قرر ما يلي : تنقسم الجهات التي تقع على خطوط العرض ذات الدرجات العالية إلى ثلاث :

 

الأولى : تلك التي يستمر فيها الليل أو النهار أربعاً وعشرين ساعة فأكثر ، بحسب اختلاف فصول السنة .    
ففي هذه الحال تقدر مواقيت الصلاة والصيام وغيرهما في تلك الجهات على حسب أقرب الجهات إليها ، مما يكون فيها ليل ونهار متمايزان في ظرف أربع وعشرين ساعة .

 

الثانية : البلاد التي لا يغيب فيها شفق الغروب حتى يطلع الفجر ، بحيث لا يتميز شفق الشروق من شفق الغروب . ففي هذه الجهات يقدر وقت العشاء الآخرة والإمساك في الصوم وقت صلاة الفجر بحسب آخر فترة يتمايز فيها الشقان .

 

الثالث : تلك التي يظهر فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة ، وتتمايز فيها الأوقات إلا أن الليل يطول فيها في فترة من السنة طولا مفرطاً ويطول النهار في فترة أخرى طولا مفرطاً .

  ومن كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس، إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف ويقصر في الشتاء، وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعا لعموم قوله تعالى : سورة الإسراء الآية 78 {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} . وقوله تعالى : سورة النساء الآية 103{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} .

  ولما ثبت عن بريدة رضي الله عنه في صحيح مسلم باب المساجد ومواضع الصلاة (613), سنن الترمذي الصلاة (152), سنن النسائي المواقيت (519) ,سنن ابن ماجه الصلاة (667), مسند أحمد بن حنبل (5/349). عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة فقال له : صل معنا هذين يعني اليومين ، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن ، ثم أمره فأقام الظهر ، ثم أمره فأقام العصر ، والشمس مرتفعة بيضاء نقية ، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس ، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر ، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر فأبرد بها ، فأنعم أن يبرد بها وصلى العصر والشمس مرتفعة آخرها فوق الذي كان ، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق ، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل ، وصلى الفجر فأسفر بها ثم قال : أين السائل عن وقت الصلاة فقال الرجل : أنا يا رسول الله . قال : وقت صلاتكم بين ما رأيتم رواه مسلم .

  وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر ، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق ، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط ، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان أخرجه مسلم في صحيحه .

(صحيح مسلم باب المساجد ومواضع الصلاة (612), سنن النسائي المواقيت (522), سنن أبو داود الصلاة (396), مسند أحمد بن حنبل (2/210). ) ، إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً ، ولم تفرق بين طول النهار وقصره ، وطول الليل وقصره ، ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- .

 

  هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم ، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ، ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل ، وكان مجموع زمانهما أربعا وعشرين ساعة . ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيرا فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد وقد قال الله تعالى : سورة البقرة الآية 187وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ .

 

  ومن عجز عن إتمام صوم يومه لطوله ، أو علم بالأمارات أو التجربة أو أخبار طبيب أمين حاذق ، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى مرضه مرضا شديدا أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر ، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء ، قال تعالى : سورة البقرة الآية 185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وقال الله تعالى : سورة البقرة الآية 286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا . وقال : سورة الحج الآية 78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .     
والله ولي التوفيق . وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ] أ. هـ .

 

  لمزيد من الفائدة يمكن الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : [ فتاوى معاصرة رقم : 7 ، 16 ، 64 ، 1145 ، 1146 ، 1164 ] .

 

    والله تعالى أعلم .