هل الأرض تأكل أجساد الأنبياء ؟
تاريخ الإضافة : 2013-07-25 09:24:08
هل الأرض تأكل أجساد الأنبياء ؟

لمحة مما يتصل " بأن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء " على أن المسألة ليست من الأوليات التي دل عليها ما لا يرد من الأدلة ، ومن هنا لا تحتاج إلى أكثر من إطلالة دون فتح باب تبذل فيه جهود ! الأصل أن توظف في المستجد من الوقائع الملتهبة على الساحة !

  • ورد في " شرح سنن أبي داود لمؤلفه : عبدالمحسن العباد"
  • قال المصنف وقد أورد حديث أبي داوود: حدثنا... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا عليّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليّ، قال: قالوا: يا رسول الله ! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟- أي: بليت- فقال: إن الله عز وجل حرّم على الأرض أجساد الأنبياء "
  • وقد روى في " المواهب " عن أبي داود بلفظ " إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء  " صحيح ، لكن لفظ الحديث فيه : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "وعزاه للنسائي أيضا ، و صححه ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني  وآخرون ، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " برقم ( 962 )
  • وفي الحديث أنهم قالوا: " وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت" وكانوا يعلمون أن الأرض تأكل الأجساد، ولا يعلمون استثناء شيء من ذلك، والله- عز وجل- في كتابه العزيز يقول:" قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ " [ق:4] يعني: ما تأكل الأرض من الأجساد، وما يختلط بالتراب منها ، فأخبرهم النبي- عليه الصلاة والسلام- أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم باقون في قبورهم على الهيئة التي وضعوا عليها ، لا تأكلهم الأرض، بل أجسادهم باقية، وهم أحياء في قبورهم حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء التي قال الله- عز وجل- فيها:" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "[آل عمران:169]، فأخبر عن الشهداء بأنهم أحياء، ورسل الله الكرام هم أكمل حياة من الشهداء، والحياة البرزخية لا يختص بها الأنبياء ولا الشهداء، بل هي ثابتة لكل من يموت، فكل من يموت إما في نعيم أو عذاب، فيصل إلى جسده وروحه من النعيم أو العذاب ما يستحقه، ولو أن الأرض أكلت لحوم البشر من غير الأنبياء ، فإن العذاب يصل إلى من يستحقه منهم، والنعيم يصل إلى من يستحقه، ولا تلازم بين كون الأرض تأكله ، وبين كونه لا يصل إليه النعيم أو العذاب؛ لأن حياة البرزخ من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، لأنه لو كان الغيب علانية وشهادة ما تميز أحد بالإيمان بالغيب ! وقد قال عليه الصلاة والسلام: " يفتح للمؤمن باباً إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها" وورد أنه يُفتح للكافر باب إلى النار فيأتيه من سمومها وحرها، والمؤمن يؤمن بالغيب ، ويعتقد أن كل ما أخبر الله- تعالى- به أو رسوله- صلى الله عليه وسلم- حق، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: " لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " فقد أطلع الله نبيه على ما يجري في القبور من العذاب، وقد حجبت هذه الأصوات عن الجن والإنس لأنهم مكلفون .
  • فهذا الحديث دليل على أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية تختلف عن حياة الدنيا، وتختلف عن الحياة الآخرة بعد البعث والنشور. أما الشهداء فلم يأت دليل على أن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجسادهم، لكن جاء أن عبد الله بن حرام والد جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقد استشهد يوم أحد، فتح قبره بعد مدة لوجود سيل قرب من قبره حتى كاد أن يجترفه،  فوجدوه كما كان، وهذا لا يدل على أنه يبقى على هذه الهيئة إلى يوم النشور؛ إذ لم تأت فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حق الأنبياء، فالأنبياء جاء في حقهم هذا الحديث، والشهداء جاءت في حقهم تلك الآية، وعليه نجزم بأن الأرض لا تأكل أحداً بعينه إلا الأنبياء، أما غيرهم فما جاء دليل يدل على أن الأرض لا تأكل أجسادهم.
  • هذا ، واستثنى ابن عبد البر معهم الشهداء، قال: وحسبك ما جاء في شهداء أحد وغيرهم ، ثم ذكر حديث جابر لما نقل أباه في خلافة معاوية حين أراد إجراء العين التي في أسفل أحد، وقوله: فأخرجناهم رطابا يتثنون ، فأصابت المسحاة أصبع رجل منهم ، فتقطر الدم!  
  •  واقتصر القاضي عياض على قوله: " وكثير من الشهداء " فدل على أنه يرى أن بعض الشهداء قد تأكل الأرض جسده ، ولعله أشار بذلك إلى المبطون ونحوه من الملحقين بالشهداء ، وضم أبو العباس القرطبي إلى الصنفين " المؤذن المحتسب " لقوله عليه الصلاة والسلام : " المؤذن المحتسب كالمتشحط في دمه " قال: وظاهر هذا أن الأرض لا تأكل أجساد المؤذنين المحتسبين .

** من مجمل ما ذكره العلماء تطمئن النفس إلى أن مضمون الحديث له نصيب وافرمن الصواب ، وخاصة أنه تدعمه مجموعة من الحقائق التي تقاطرت عليها الأدلة كالحياة البرزخية  للشهداء ، ولا أغفل هنا أن ثبوت الحياة البرزخية  بالنص لا يقتضي نصه مسألة أن الأرض لا تأكل أجساد من له هذه الحياة ، وهذا مجرد تبيين ! .