سؤال عن معنى القرب ، قرب الله من العباد ، وقرب العباد...
تاريخ الإضافة : 2013-12-06 17:38:31
سؤال عن معنى القرب ، قرب الله من العباد ، وقرب العباد من الله !

أنوه- هنا- بقواعد متفق عليها

- مما هو معلوم مسلم به:

1 - أن الله - تعالى- ذات واجب الوجود متصف بكل صفات الكمال ، والجلال ، والجمال !

2 - من الصفات التي تسلب عن " الأذهان " أضداده أنه - سبحانه - مخالف للحوادث ، وأن قوله - تعالى - " ليس كمثله شيء " قاطع في هذا ، وانه من المحكم الذي يقتضي أنه :

 لا ذاته تشبهها الذوات * ولا حكت صفاته الصفات

وأن ما قرره العلماء من أن كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك ، هو خلاصة الموقف في هذا الشأن!

3 – تنفي المخالفة للحوادث أن نبني فهما لكل ما أسند إلى الله ، أو أضيف إليه إضافة الصفة إلى الموصوف ، على " أساس " ما نعرفه منا ، أو ما استقر من حقائق الوجود الكوني الذي هو عبارة عن تعلق قدرة الله التعلق التنجيزي الحادث  وأن " التعلق " من غوامض علم التوحيد!

4 – معنى كل مضاف بحسب " المضاف إليه ، ولو أن كلمة قرآنية تضاف إلى أكثر من مضاف ، لكان معناه بحسب ما أضيفت إليه ، ولو اتفقت حروفها ، فمثلا كلمة " الوجه " جاءت في قوله- تعالى- " وجه النهار" فلوجه هنا يتناسب مع كلمة " النهار " وفي قوله - " ويبقى وجه ربك " فلها معنى آخر ، لا يلتقى بوجه مع معناه في السياق الأول !

5 – الوجود كلمة من الكلمات التي لها دلالتها في العقل ، وترجع إلى نوعين من الوجود ، " الواجب " و" الممكن " وشتان ما بين المعنيين ! من حيث ما لكل من الواجب والجائز من " دلالة " !

6 – حيث نصف الممكن بأنه قريب من الممكن ، فلنا معه أن نفهم المقصود من هذه الصفة بحسب السياق ، فأنت قريب من قلبي ، أو قريب مني مجلسا ، وكل من القربين له معناه الذي لا ضير علينا إذا تصورنا ، كما نتصور كلمة " يد " حين نقول : مدّ عمروُ يدَه يبايعُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- لقيام " التماثل بيننا وبينه !

7 – قد يتسرب إلى " النفس " دغدغة التشبيه ، ولو لم نقصد ذلك ، ترى المسارعة إلى استيعاب شأن " الإلهية" من وحي هذه الدغدغة ، ونغفل - عندها - عن أن المقارنة بين " نجم ونجم " قابلة للتصور بحسب الفارق في " الأحجام" فالكبير يستوعب الصغير ، والأكبر يبتلع الأصغر، والقياس بينهما قربا وبعدا على هذا المنحى ، ولكن لا تصح هذه إذا ما تعلق الأمر بالله تعالى !لا من حيث القرب والبعد ، ولا من حيث مسألة " العظمة ، ولا مقاربة ، فشان الله شان لا يقاس بالقياس ، ولا يشبه بالناس ، فهو " الأول والآخر والظاهر والبطن "ولا يبقى لوجود الكون كله ، مع عظمته ، وجود مع استحضار " وجود واجب الوجود ! فالكون واسع لا يحاط بسعته ، ولكنه يذوب حتى لا يكون شيئا إذا ما لاح لنا من عظمة الله لا ئح !

8 – يقول من له حظ من هذا المشهد ، وقد تسامى تصورا :

إلى حيث لا يرى العالم شيئا في ذاته * أقل من القليل في تعظيم المولى !

 وهل من يُقرر أن القرب قربُ " وجود " يلاحظ هذا المعنى ؟

9 – مسألة قرب الصفة أو قرب الذات بناء على ان الصفة لا تنفك عن الذات تطلب منا لونا من ملاحظة معنى قرب الصفة ، فصفة " العلم يعني " قربها " أنها تتعلق بالمعلوم تعلق انكشاف ، والتعلق يجرد من معنى القرب بين شيء وشيء ، ونسبة التعلق - هنا - إلى صفة العلم نعني به أن الله قد علم كذا ، وعلمه قد تعلق بالواجب والجائز والمستحيل من الأزل ، وقبل أن يكون " كونٌ " وقد علم أزلا نزول المسيح – عليه السلام- ولمّا ينزل!

10 – وجود الله - تعالى- عن أن يحاط بمعناه الحق ، ثبت بالدليل القاطع ، ولا يباشر بالحواس ، ومسألة " الرؤية " ثبتت على ما يليق بالله ، وهي كما قال العلماء : لكن بلا كيف ولا انحصار !

واستحضار هذه الحقيقة من شأن الروح التي لا تباشرها إلا إذا تجردت عن رؤية ما سوى الله !

11 - لعل ما ينبغي أن يتقى عند الحديث عن الله وما يوصف من قرب ومعيه ، هو ألا يكبر الكون شأن من يرى لله جهة ، وأن ينظر بعين اليقين إلى أنه لا وجود للكون على اتساعه مع شهود أنوار الأسماء والصفات!

هنا أذكر جملا تناولها السؤال لنتمكن من تحليلها  

ثمة جُمل وردَت لا بد من فحصها:

- يصحُّ أن يكون من قرب الوجود.

- تكون نِسَبُ الأمكنة وما فيها إليه واحدة.

  - فهو تعالى قريب بذاته من كلِّ شيء، إذ منه كلُّ شيء إيجاداً ومَدَدا.

- إنه القرب بالعِلم، وكان أحد كبار الصوفية حاضراً، فقال: لو كان هذا هو المراد: لقال تعالى في تتمة الآية: ولكن لا تعلمون، ولكنه لم ينفِ العِلمَ عنهم.

- ولنحكم ما سبق ذكره إذا سلمنا به ، ولنذكر مجموعة من الأقوال في هذا الشأن :

- و َأَمَّا مَعْنَى قُرْبِ اللهِ تَعَالَى فَقَدْ قَالُوا : إِنَّهُ الْقُرْبُ بِالْعِلْمِ ، بِمَعْنَى أَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ ، فَهُوَ يَسْمَعُ أَقْوَالَ الْعِبَادِ وَيَرَى أَعْمَالَهُمْ . وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ : وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِكَمَالِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَقْوَالِهِمْ ، وَاطِّلَاعِهِ عَلَى أَحْوَالِهِمْ بِحَالِ مَنْ قَرُبَ مَكَانُهُ مِنْهُمْ . ا هـ . وَإِنَّمَا جَعَلُوا الْكَلَامَ تَمْثِيلًا ;" لِأَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ الْحَقِيقِيَّ إِنَّمَا يَكُونَانِ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ ، وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ الِانْحِصَارِ فِي الْمَكَانِ" .

ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ إِخْوَانِنَا السَّلَفِيِّينَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ السَّلَفِ ; فَإِنَّهُمْ يَتَأَوَّلُونَ أَوْ يُفَسِّرُونَ الْقُرْبَ بِالْعِلْمِ كَالْمُتَكَلِّمِينَ

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِمْرَارُ النُّصُوصِ فِي الصِّفَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ وَلَا تَمْثِيلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ . وَاللهُ تَعَالَى قَدْ أَسْنَدَ "الْقُرْبَ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَآيَتَيْ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ وَسُورَةِ ق إِلَى ذَاتِهِ ، فَنَأْخُذُ هَذَا الْإِسْنَادَ عَلَى ظَاهِرِهِ مَعَ إِثْبَاتِ تَنْزِيهِهِ عَنْ مُمَاثَلَةِ خَلْقِهِ ، وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَهُ الَّتِي يُفْهَمُ بِهَا الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْقُرْبِ فِي كُلِّ سِيَاقٍ بِحَسَبِهِ ، وَالْجَامِعُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ مِنَ الْإِيجَادِ لِلْعِبَادِ وَالْإِمْدَادِ لَهُمْ فِي أَثْنَاءِ وُجُودِهِمْ وَمَصِيرِهِمْ إِلَيْهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ آجَالِهِمْ ، فَالْقُرْبُ فِي سُورَةِ (ق) يُنَاسِبُ الْإِيجَادَ وَالْإِمْدَادَ بِالْعِلْمِ وَالْحِفْظِ عَلَى قَوْلِهِمْ : إِنَّ قَوْلَهُ : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ) (50 : 17) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (50 : 16) وَالْقُرْبُ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ يُنَاسِبُ الْمَصِيرَ إِلَيْهِ تَعَالَى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ ، وَقُرْبُهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي نُفَسِّرُهَا يُنَاسِبُ الْإِمْدَادَ بِسَمْعِ الدُّعَاءِ وَإِجَابَتِهِ وَهِيَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْقُدْرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ تَقْرِيرُ تَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا ،

- قال القرطبي : "..وقال ابن العربي: أخبرني غير واحد من أصحابنا عن إمام الحرمين أبي المعالي عبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني: أنه سئل عن الباري في جهة؟ فقال: لا، هو يتعالى عن ذلك. قيل له: ما الدليل عليه؟ قال: الدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تفضلوني على يونس بن متى) فقيل له: ما وجه الدليل في هذا الخبر؟ فقال: لا أقوله حتى يأخذ ضيفي هذا ألف دينار يقضي بها دينا. فقام رجلان فقالا: هي علينا. فقال لا يتبع بها اثنين؛ لأنه يشق عليه. فقال واحد: هي علي. فقال: إن يونس بن متى رمى بنفسه في البحر فالتقمه الحوت، فصار في قعر البحر في ظلمات ثلاث، ونادى "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" [الأنبياء: 87] كما أخبر الله عنه، ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم حين جلس على الرفرف الأخضر وارتقى به صعدا، حتى انتهى به إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام، ومناجاه ربه بما ناجاه به، وأوحى إليه ما أوحى بأقرب إلى الله تعالى من يونس في بطن الحوت في ظلمة البحر.

وقد جاء الحديث ما يبين المقايسة بين مخلوق وآخر، وأن مثل السموات والأرض لا تكاد ترى ، أو يشهد لها " جرم" بين يدي " الكرسي !

 فما بالبال إذا انتقلنا إلى ما بين الكرسي والعرش ؟

أليس هذا مما يروض لقبول أن الله - تعالى- لا يقاس بالقياس ، ولا يشبه بالناس: " ما السماوات السبع والأرضون في الكرسي إلا كدراهم في ترس، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة في فلاة "

- في رواية لمسلم سبحان الله عدد خلقه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته

إن السماوات والأرض في جنب الكرسي كحلقة في فلاة. والكرسي في جانب العرش كحلقة في فلاة. وعن ابن عباس: (أن السماوات في الكرسي كدراهم سبعة في تُرْسٍ) قال البيضاوي: هو تصوير لعظمته تعالى وتمثيل مجرد، كقوله:

{ وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتُ بِيَمِينِهِ }

 - في مدارج السالكين ما يلفت إلى أن الإخبار بالقرب يبتغى لثمرته ، والخوض فيه ابتغاء إدراكه بُعدٌ عن هذا المرمى :- حياء يتولد من النظر في علم " القرب" النظر في علم القرب : تحقق القلب بالمعية الخاصة مع الله فإن المعية نوعان : عامة وهى : معية العلم والإحاطة كقوله تعالى : وهو معكم أينما كنتم الحديد : 4 وقوله : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا المجادلة : 7

 وخاصة : وهى معية القرب كقوله تعالى : إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون النحل : 128 وقوله : إن الله مع الصابرين البقرة : 153 وقوله : وإن الله لمع المحسنين العنكبوت : 69 فهذه معية قرب تتضمن الموالاة والنصر والحفظ وكلا المعنيين مصاحبة منه للعبد لكن هذه مصاحبة اطلاع وإحاطة وهذه مصاحبة موالاة ونصر وإعانة ف مع في لغة العرب تفيد الصحبة اللائقة لا تشعر بامتزاج ولا اختلاط ولا مجاورة ولا مجانبة فمن ظن شيئا من هذا فمن سوء فهمه أتي وأما القرب : فلا يقع في القرآن إلا خاصا وهو نوعان : قربه من داعيه بالإجابة وقربه من عابده بالإثابة فالأول : كقوله تعالى : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان البقرة : 186 ولهذا نزلت جوابا للصحابة رضي الله عنهم وقد سألوا رسول الله : ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله تعالى هذه الآية والثاني : قوله : أقرب ما يكون العبد من ربه : وهو ساجد وأقرب ما يكون الرب من عبده : في جوف الليل فهذا قربه من أهل طاعته.

فإنه ليس كقرب الأجسام بعضها من بعض تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولكنه نوع آخر والعبد في الشاهد يجد روحه قريبة جدا من محبوب بينه وبينه مفاوز تتقطع فيها أعناق المطي ويجده أقرب إليه من جليسه كما قيل

 ألا رب من يدنو ويزعم أنه ... يحبك والنائي أحب وأقرب

فإن المحب كثيرا ما يستولي محبوبه على قلبه وذكره ويفنى عن غيره ويرق قلبه وتتجرد نفسه فيشاهد محبوبه كالحاضر معه القريب إليه وبينهما من البعد ما بينهما وفي هذه الحال يكون في قلبه وجوده العلمي وفي لسانه وجوده اللفظي فيستولي هذا الشهود عليه ويغيب به فيظن أن في عينه وجوده الخارجي لغلبة حكم القلب والروح كما قيل

 خيالك في عيني وذكرك في فمي ... ومثواك في قلبي فأين تغيب

- وفي الصحيح عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وأقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل فهذا قرب خاص غير" قرب الإحاطة" و " قرب البطون"

 - وفي الصحيح من حديث أبي موسى- رضي الله عنه- أنهم كانوا مع النبي في سفر فارتفعت أصواتهم بالتكبير فقال أيها الناس اربعوا على أنفسكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب الى أحدكم من عنق راحلته فهذا قربه من داعيه وذاكره !!!

هو قرب خاص من الداعي والعابد كما قال النبي راويا عن ربه- تبارك وتعالى- : من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا "  رواه البخاري ومسلم

والتزيه عن التجسيم الذي قد يذهب إليه الخاطر من ظاهر النص ، يوجه بأمرين:

أحدهما: أن الحديث مؤول عندنا على التقرب بالرحمة واللطف والإكرام، كما يقال: فلان قريب من السلطان، والأمير «2» قريب من فلان يعنى تقارب القلوب والمنزلة ، وأنا وإن كنت أثريا في آيات الصفات وأخبارها، إلا أن المجاز في هذا الحديث ظاهر غالب، فلا يتوقف في تأويله إلا جامد. والذي عليه أهل السنة أن الصفة لا تنفك عن الذات ، فقرب الرحمة من العباد معناه أنه سبحانه قريب بذاته وصفته

فقُرْب العبد أولاً قرب بإِيمانه وتصديقه. ثم قرب بإحسانه وتحقيقه.

وقرب الحق سبحانه، ما يخصه اليوم به من العرفان، وفي الآخرة ما يكرِّمه به من الشهود والعيان، وفيما بين ذلك من وجوه اللطف والامتنان.

ولا يكونُ تقرُب العبد من الحق إلا ببعده عن الخلق. وهذه من صفات القلوب دون أحكام الظواهر والكون.

وقرب الحق سبحانه، بالعلم، والقدرة عام للكافة. وباللطف والنصرة خاص بالمؤمنين، ثم بخصائص التأنيس مختص بالأولياء. قال الله تعالى: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد، وقال تعالى: ونحن أقرب إليه منكم، وقال تعالى: وهو معكم أينَما كنتم وقال: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم.

ومن تحقق بقرب الحق، سبحانه وتعالى، فأدْونه دوام مراقبته إيَّاه، لأنَّ عليه رقيبَ التقوى، ثم رقيب الحفظ والوفاء ثم رقيب الحياء.

- وقد وجدت في رسالة القشيري :

فأما القرب بالذات، فتعالى الله الملك الحق عنه، فإنه متقدس عن الحدود؛ والأقطار، والنهاية، والمقدار وما اتصل به مخلوق، ولا انفصل عنه حادث مسبوق به، جلت صمديته عن قبول الوصل والفصل.

فقرب هو في نعته محال: وهو تداني الذوات.

وقرب هو واجب في نعته وهو قرب بالعلم والرؤية.

وقرب هو جائز في وصفه، يخص به من يشاء من عباده، هو قرب الفضل باللطف.