خلاصة ما ذكره العلماء مما يتعلق بشهر رجب
تاريخ الإضافة : 2014-05-01 19:48:53
ماذا يقصد بعض الناس بقولهم ( بدع شهر رجب )، ولماذا أسموها هذه التسمية ؟ وإن كان هناك فضائل في هذا الشهر خاصة ..

هذه خلاصة ما ذكره العلماء مما يتعلق بشهر رجب:

- في الصحيحين من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال في خطبته: " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" وذكر الحديث قال الله عز وجل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36].

- واختلف في أي هذه الأشهر الحرم أفضل؟ فقيل: رجب قاله بعض الشافعية وضعفه النووي وغيره وقيل: المحرم قاله الحسن ورجحه النووي وقيل: ذو الحجة روي عن سعيد بن جبير وغيره وهو أظهر والله أعلم.

- و اختلفوا لم سميت هذه الأشهر الأربعة حرما؟.

فقيل: لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: اختص الله أربعة أشهر جعلهن حرما وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم وجعل العمل الصالح والأجر أعظم

وقيل: إنما سميت حرما لتحريم القتال فيها وكان ذلك معروفا في الجاهلية وقيل: إنه كان من عهد إبراهيم عليه السلام وقيل: إن سبب تحريم هذه الأشهر الأربعة بين العرب لأجل التمكن من الحج والعمرة فحرم شهر ذي الحجة لوقوع الحج فيه وحرم معه شهر ذي القعدة للسير فيه إلى الحج وشهر المحرم للرجوع فيه من الحج حتى يأمن الحاج على نفسه من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه وحرم شهر رجب للاعتمار فيه في وسط السنة فيعتمر فيه من كان قريبا من مكة.

- و قوله صلى الله عليه وسلم: "ورجب مضر" سمي رجب رجبا لأنه كان يرجب: أي يعظم كذا قال الأصمعي والمفضل والفراء وقيل: لأن الملائكة تترجب للتسبيح والتحميد فيه وفي ذلك حديث مرفوع  إلا أنه موضوع .

- ويتعلق بشهر رجب أحكام كثيرة فمنها ما كان في الجاهلية واختلف العلماء في استمراره في الإسلام كالقتال ، وكالذبائح فإنهم كانوا في الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها العتيرة واختلف العلماء في حكمها في الإسلام فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا فرع ولا عتيرة" ومنهم من قال: بل هي مستحبة منهم ابن سيرين وحكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة ورجحه طائفة من أهل الحديث المتأخرين ونقل حنبل عن أحمد نحوه.

- وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث وبين حديث: "لا فرع ولا عتيرة" بأن المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من الذبح لغير الله وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب ومن العلماء من قال: حديث أبي هريرة أصح من هذه الأحاديث وأثبت فيكون العمل عليها دونها وهذه طريقة الإمام أحمد

 وروى مبارك بن فضالة عن الحسن قال: ليس في الإسلام عتيرة إنما كانت العتيرة في الجاهلية كان أحدهم يصوم رجب ويعتر فيه ويشبه الذبح في رجب اتخاذه موسما وعيدا كأكل الحلوى ونحوها

 وقد روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيدا وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: كان النبي- صلى الله عليه وسلم- ينهى عن صيام رجب كله لئلا يتخذ عيدا ، فاتخاذه عيدا وموسما بدعة لا أصل له في الشريعة.

- و من أحكام رجب ما ورد فيه من الصلاة والزكاة والصيام والاعتمار:

- فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء ومن ذكر ذلك من أعيان العلماء المتأخرين من الحفاظ أبو إسماعيل الأنصاري وأبو بكر بن السمعاني وأبو الفضل بن ناصر وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهم إنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم وأول ما ظهرت بعد الأربعمائة فلذلك لم يعرفها المتقدمون ولم يتكلموا فيها .

- وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه ، ولكن روي عن أبي قلابة قال:" في الجنة قصر لصوام رجب" قال البيهقي: أبو قلابة من كبار التابعين لا يقول مثله إلا عن بلاغ !

- وإنما ورد في صيام الأشهر الحرم كلها حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أوعمها: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: " صم من الحرم واترك" قالها ثلاثا" خرجه أبو داود وغيره ، وخرجه ابن ماجة وعنده: "صم أشهر الحرم"

- وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها منهم ابن عمر والحسن البصري وأبو اسحاق السبيعي .

- وقال الثوري: الأشهر الحرم أحب إلي أن أصوم فيها.

- وخرج ابن ماجة أيضا بإسناد فيه ضعف عن ابن عباس: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام رجب ، والصحيح وقفه على ابن عباس ، ورواه عطاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم- مرسلا ، وروى عبد الرزاق في كتابه عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم: ذكر لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- قوم يصومون رجبا فقال: "أين هم من شعبان"

- وروى أزهر بن سعيد الجمحي عن أمه أنها سألت عائشة عن صوم رجب ، فقالت: إن كنت صائمة فعليك بشعبان" وروي مرفوعا ووقفه أصح ، وروي عن عمر- رضي الله عنه-: أنه كان يضرب أكف الرجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام ، ويقول: ما رجب؟ إن رجبا كان يعظمه أهل الجاهلية فلما كان الإسلام ترك ، وفي رواية" كره أن يكون صيامه سنة"

- وعن أبي بكرة: أنه رأى أهله يتهيؤون لصيام رجب فقال لهم :أجعلتم رجب كرمضان، وألقى السلال، وكسر الكيزان. - و عن ابن عباس: أنه كره أن يصام رجب كله وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياما

- وقال الشافعي في القديم: أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان واحتج بحديث عائشة: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل شهرا قط إلا رمضان قال: وكذلك يوما من بين الأيام وقال: إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب وإن فعل فحسن.

- وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهر آخر تطوعا عند بعض أصحابنا مثل أن يصوم الأشهر الحرم أو يصوم رجب وشعبان.

 - و أما الزكاة فقد اعتاد أهل بلاد إخراج الزكاة في شهر رجب ، ولا أصل لذلك في السنة ، ولا عرف عن أحد من السلف ، ولكن روي عن عثمان أنه خطب الناس على المنبر فقال:" إن هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه ، وليزك ما بقي " خرجه مالك في الموطأ ، وقد ذكر الفقهاء أن الإمام يبعث سعاته لأخذ الزكاة في المحرم ، وقيل: بل كان شهر رمضان لفضله وفضل الصدقة فيه.

- و أما الزكاة فقد اعتاد أهل هذه البلاد إخراج الزكاة في شهر رجب ولا أصل لذلك في السنة ولا عرف عن أحد من السلف ولكن روي عن عثمان أنه خطب الناس على المنبر فقال: إن هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه وليزك ما بقي خرجه مالك في الموطأ وقيل: بل كان شهر المحرم لأنه رأس الحول وقد ذكر الفقهاء من أصحابنا وغيرهم أن الإمام يبعث سعاته لأخذ الزكاة في المحرم وقيل بل كان شهر رمضان لفضله وفضل الصدقة فيه.

 وأما إذا حال الحول فليس له التأخير بعد ذلك عند الأكثرين ، وعن أحمد يجوز تأخيرها لانتظار قوم لا يجد مثلهم في الحاجة ، وأجاز مالك وأحمد في رواية نقلها إلى بلد فاضل ، فعلى قياس هذا لا يبعد جواز تأخيرها إلى زمان فاضل لا يوجد مثله كرمضان ونحوه.

- و أما الاعتمار في رجب فقد روى ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- اعتمر في رجب ، فأنكرت ذلك عائشة عليه وهو يسمع ، فسكت .

- واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب وغيره ، وكانت عائشة تفعله، وابن عمر أيضا ، ونقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه ، فإن أفضل الأنساك أن يؤتى بالحج في سفرة ، والعمرة في سفرة أخرى في غير أشهر الحج ، وذلك جملة إتمام الحج والعمرة المأمور به كذلك قاله جمهور الصحابة: كعمر وعثمان وعلي وغيرهم.

و قد روي: أنه في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولم يصح شيء من ذلك فروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في أول ليلة منه ! وأنه بعث في السابع والعشرين منه! ولا يصح شيء من ذلك ، وروى بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد: أن الإسراء بالنبي- صلى الله عليه وسلم- كان في سابع وعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره ، وروي عن قيس بن عباد قال: في اليوم العاشر من رجب: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39].

وكان أهل الجاهلية يتحرون الدعاء فيه على الظالم وكان يستجاب لهم ، ولهم في ذلك أخبار مشهورة قد ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب مجابو الدعوة ، وغيره ، وقد ذكر ذلك لعمر بن الخطاب ، فقال عمر: إن الله كان يصنع بهم ذلك ليحجز بعضهم عن بعض ، وإن الله جعل الساعة موعدهم " والساعة أدهى وأمر"

- وروى زائدة بن أبي الرقاد عن زياد التميمي عن أنس قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"

- وروي عن أبي إسماعيل الأنصاري أنه قال: لم يصح في فضل رجب غير هذا الحديث ، وفي قوله نظر، فإن هذا الإسناد فيه ضعف وفي هذا الحديث دليل على استحباب الدعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصالحة فيها ، فإن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا" وخير الناس من طال عمره وحسن عمله " وكان السلف يستحبون أن يموتوا عقب عمل صالح من صوم رمضان ، أو رجوع من حج ، وكان يقال: من مات كذلك غفر له.

- كان بعض العلماء الصالحين قد مرض قبل شهر رجب فقال: إني دعوت الله أن يؤخر وفاتي إلى شهر رجب ، فإنه بلغني أن لله فيه عتقاء فبلغه الله ذلك ومات في شهر رجب.

شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة

- قال أبو بكر الوراق البلخي: "شهر رجب شهر للزرع وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزرع" وعنه قال:

 مثل شهر رجب مثل الريح ومثل شعبان مثل الغيم ومثل رمضان مثل القطر وقال بعضهم: السنة مثل الشجرة وشهر رجب أيام توريقها وشعبان أيام تفريعها ورمضان أيام قطفها والمؤمنون قطافها ، جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر وبمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر.

بيض صحيفتك السوداء في رجب* بصالح العمل المنجي من اللهب

شهر حرام أتي من أشهر حرم * إذا دعا اللهَ داع فيه لم يخب

طوبى لعبد زكى فيه له عمل * فكف فيه عن الفحشاء والريب

- وقال آخر:

يا عبد أقبل منيبا واغتنم رجبا * فإن عفوي عمن تاب قد وجبا

في هذه الأشهر الأبواب قد فتحت * للتائبين فكل نحونا هربا

حطوا الركائب في أبواب رحمتنا * بحسن ظن فكل نال ما طلبا

وقد نثرنا عليهم من تعطفنا * نثار حسن قبول فاز من نهبا