ألفاظ دعاء القنوت
تاريخ الإضافة : 2014-06-05 11:22:41
سمعت من بعض المشايخ أن ألفاظ دعاء القنوت كما يلي: (( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك،ونثني عليك الخير كاه،ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفذ، نرجو رحمتك ونخاف عذابك ،إن عذابك بالكافرين ملحق.)) فضيلة الشيخ أود معرفة صحة هذه الألفاظ.. وهل هذا الدعاء يقال في صلاة الصبح ويأتي به المصلي إثر تلاوة السورة من الركعة الثانية ويبقى واقفا ليأتي بهذا الدعاء ،ثم يركع ويسجد ويتشهد ويسلم؟

أذكر ما جاء من صيغ دعاء القنوت ، وأبين أن من الفقهاء من جعله في وتر الليلة ، ومنهم من جعله في صلاة الصبح ، ومن هؤلاء من جعله قبل الركوع ، ومنهم من جعله عقب الرفع من الركوع ، وأرجو أن أكون قد وفيه الجواب !- من الأحاديث والصيغ:

عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال :

علمنا ابن مسعود أن نقول في القنوت - يعني في الوتر :

 اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ، ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق .

ورد في المصنف لابن أبي شيبة

** وفي الحدث قال هشيم : أخبرنا حصين قال : صليت الغداة ذات يوم وصلى خلفي عثمان بن زياد ، قال : فقنت في صلاة الصبح قال : فلما قضيت صلاتي قال لي : ما قلت في قنوتك ؟ فقلت : ذكرت هؤلاء الكلمات : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، ونرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، قال : قال لي عثمان : كذا كان يصنع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان .

وورد كذلك عمن حدث فأخبرأنه :

- علمه القنوت اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجوا رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق " ورد في نصب الراية للمرغيناني .

ثم ما يتعلق بالجهر والإسرار

** اختلف الفقهاء في صفة دعاء القنوت من الجهر والمخافتة .

فذهب المالكيّة - وهو المختار عند الحنفيّة - إلى استحباب الإخفاء في دعاء القنوت في حقّ الإمام والمأموم والمنفرد جميعاً ، لأنّه دعاء ، والمسنون في الدّعاء الإخفاء ، قال اللّه تعالى{ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم :« خير الذّكر الخفيّ ». وذكر القاضي في شرحه مختصر الطّحاويّ : أنّه إن كان منفردا فهو بالخيار إن شاء جهر وأسمع غيره ، وإن شاء جهر وأسمع نفسه ، وإن شاء أسرّ كما في القراءة ، وإن كان إماما يجهر بالقنوت لكن دون الجهر بالقراءة في الصّلاة والقوم يتابعونه هكذا إلى قوله ( إنّ عذابك بالكفّار ملحق ) وإذا دعا الإمام بعد ذلك قال أبو يوسف : يتابعونه ويقرءون . وفي قول محمّد لا يقرءون ولكن يؤمِّنون . وقال بعضهم : إن شاء القوم سكتوا" في الموسوعة الفقهية

ويرى الشّافعيّة أنّ الإمام يجهر بالقنوت . وقال الماورديّ : وليكن جهره به دون الجهر بالقراءة ، فإن أسرّ الإمام بالدّعاء حصّل سنّة القنوت وفاته سنّة الجهر . أمّا المنفرد فيسرّ به ، وأمّا المأموم فيؤمّن خلف الإمام جهرا للدّعاء ، ويقول الثّناء سرّا أو يستمع لإمامه . ويوافق الحنابلة الشّافعيّة في استحباب جهر الإمام بالقنوت ، وتأمين المأموم للدّعاء .

- وما جاء من الفقه في القنوت في صلاة الصبح :

اختلف الفقهاء في حكم القنوت في صلاة الصّبح على أربعة أقوال :

الأول : للحنفية والحنابلة والثوريّ : وهو أنّ القنوت في الصّبح غير مشروع ، وهو مرويّ عن ابن عباس ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وأبي الدرداء ، رضي الله عنهم ، وقال أبو حنيفة : القنوت في الفجر بدعة ، وقال الحنابلة : يكره .

واستدلّوا على ذلك : بما ورد أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم « قنت في صلاة الفجر شهراً يدعو في قنوته على أحياء من أحياء العرب ، ثم تركه » ، قالوا : فكان منسوخاً ، إذ الترك دليل النسخ ، وبما روي عن أبي مالك سعد بن طارق الأشجعيّ قال : « قلت لأبي : يا أبت ، إنّك قد صليت خلف رسول الله ، وأبي بكر ، وعثمان ، وعليّ هاهنا بالكوفة نحواً من خمس سنين ، أكانوا يقنتون ؟ قال : أي بني ، محدث » . وفي لفظ : « يا بني إنّها بدعة » . قال التّرمذيّ : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم .

والثاني : للمالكية على المشهور : وهو أنّ القنوت في الصّبح مستحبّ وفضيلة ، لأنّ النّبي صلى الله عليه وسلم « كان يقنت في صلاة الصّبح » فيما روى أبو هريرة وخفاف بن إيماء والبراء وأنس بن مالك . قال أنس : « ما زال رسول الله يقنت في الفجر حتى فارق الدّنيا » ، وقال عليّ بن زياد بوجوب القنوت في الصّبح ، فمن تركه فسدت صلاته .

ويجوز قبل الرّكوع وبعده في الركعة الثانية ، غير أنّ المندوب الأفضل كونه قبل الرّكوع عقب القراءة بلا تكبيرة قبله ، وذلك لما فيه من الرّفق بالمسبوق ، وعدم الفصل بينه وبين ركني الصلاة ولأنّه الذي استقر عليه عمل عمر رضي الله عنه بحضور الصحابة ، قال القاضي عبد الوهاب البغداديّ " وروي عن أبي رجا العطارديّ قال : كان القنوت بعد الرّكوع، فصيره عمر قبله ليدرك المدرك وروي أنّ المهاجرين والأنصار سألوه عثمان ، فجعله قبل الرّكوع ، لأنّ في ذلك فائدةً لا توجد فيما بعده ، وهي أنّ القيام يمتدّ فيلحق المفاوت ، ولأنّ في القنوت ضرباً من تطويل القيام ، وما قبل الرّكوع أولى بذلك ، لا سيما في الفجر .

ويندب كونه بلفظ : اللهم إنّا نستعينك ، ونستغفرك ، ونؤمن بك ، ونتوكل عليك ، ونخضع لك ، ونخلع ونترك من يكفرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخاف عذابك ، إنّ عذابك الجدّ بالكفار ملحق .

ومن ترك القنوت عمداً أو سهواً فلا شيء عليه ، فإن سجد لتركه قبل السلام بطلت صلاته . وليس لدعاء القنوت حدّ محدود .

ولا يرفع يديه في دعاء القنوت ، كما لا يرفع في التأمين ، ولا في دعاء التشهّد .

والإسرار به هو المستحبّ في حقّ الإمام والمأموم والمنفرد ، لأنّه دعاء ، فينبغي الإسرار به حذراً من الرّياء .

والمسبوق إذا أدرك الركعة الثانية لا يقنت في القضاء ، لأنّه إنّما يقضي الركعة الأولى ولم يكن فيها قنوت ، قال ابن رشد : إن أدرك قبل ركوع الثانية لم يقنت في قضائه ، سواء أدرك قنوت الإمام أم لا

الثالث : للشافعية : وهو أنّ القنوت في صلاة الصّبح سنّة ، قال النّوويّ : اعلم أنّ القنوت مشروع عندنا في الصّبح ، وهو سنّةٌ متأكّدة ، وذلك لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه : « ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدّنيا »

قالوا : ولو تركه لم تبطل صلاته ، لكن يسجد للسهو ، سواء تركه عمداً أو سهواً .

- ثم محل الدعاء :

أمّا محلّه ، فبعد الرفع من الرّكوع في الركعة الثانية من الصّبح ، فلو قنت قبل الرّكوع لم يحسب له على الأصحّ ، وعليه أن يعيده بعد الرّكوع ثم يسجد للسهو .

- هل هناك فسحة في الصيغة :

قال النّوويّ : واعلم أنّ القنوت لا يتعين فيه دعاء على المذهب المختار ، فأي دعاء دعا به حصل القنوت ، ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز ، وهي مشتملة على الدّعاء حصل القنوت ، ولكنّ الأفضل ما جاءت به السّنّة .

ولو قنت بالمنقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان حسناً ، فقد روي أنّه قنت في الصّبح بعد الرّكوع فقال : اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، وألّف بين قلوبهم ، وأصلح ذات بينهم ، وانصرهم على عدوّك وعدوّهم ، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ، ويكذّبون رسلك ، ويقاتلون أولياءك ، اللهم خالف بين كلمتهم ، وزلزل أقدامهم ، وأنزل بهم بأسك الذي لا تردّه عن القوم المجرمين ، بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنّا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إياك نعبد ولك نصلّي ونسجد ، ولك نسعى ونحفد ، ونخشى عذابك الجد ، ونرجو رحمتك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق .

ثم إنّه يستحبّ الجمع بين قنوت عمر رضي الله عنه وما سبق ، فإن جمع بينهما ، فالأصحّ تأخير قنوت عمر ، وإن اقتصر فليقتصر على الأول ، وإنّما يستحبّ الجمع بينهما إذا كان منفرداً أو إمام جماعة محصورين يرضون بالتطويل .

- ما يتعلق برفع اليدين في أثناء الدعاء :

أما رفع اليدين في القنوت ففيه وجهان مشهوران ، أصحّهما استحباب رفع اليدين فيه . وأما مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدّعاء - إن قلنا بالرفع - ففيه وجهان ، أصحّهما عدم استحباب المسح .