سجود السهو وما يتعلق به من أحكام !
تاريخ الإضافة : 2014-06-12 10:48:18
سجود السهو وما يتعلق به من أحكام !

السَّهْوُ لُغَةً : نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ . وَسُجُودُ السَّهْوِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ : هُوَ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ الصَّلاَةِ أَوْ بَعْدَهَا لِجَبْرِ خَلَلٍ ، بِتَرْكِ بَعْضِ مَأْمُورٍ بِهِ أَوْ فِعْل بَعْضِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ دُونَ تَعَمُّدٍ  .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ :

 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ إِلَى وُجُوبِ سُجُودِ السَّهْوِ .

قَال الْحَنَابِلَةُ : سُجُودُ السَّهْوِ لِمَا يُبْطِل عَمْدُهُ الصَّلاَةَ وَاجِبٌ ، وَدَلِيلُهُمْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال : صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا ، فَلَمَّا انْفَتَل تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ فَقَال : مَا شَأْنُكُمْ ؟ قَالُوا : يَا رَسُول اللَّهِ هَل زِيدَ فِي الصَّلاَةِ ؟ قَال : لاَ ، قَالُوا : فَإِنَّك قَدْ

صَلَّيْتَ خَمْسًا ، فَانْفَتَل ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ، ثُمَّ قَال : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ : فَإِذَا زَادَ الرَّجُل أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ، أَثَلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا ؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاَتَهُ ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَِرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ . 

وَجْهُ الدَّلاَلَةِ فِي الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُمَا اشْتَمَلاَ عَلَى الأَْمْرِ الْمُقْتَضِي لِلْوُجُوبِ .

وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ : أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ سُنَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلِيًّا أَمْ بَعْدِيًّا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ ، وَقِيل : بِوُجُوبِ الْقَبْلِيِّ ، قَال صَاحِبُ الشَّامِل : وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ .

أَسْبَابُ سُجُودِ السَّهْوِ :

أ - الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ :

 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَمَّدَ الْمُصَلِّي أَنْ يَزِيدَ فِي صَلاَتِهِ قِيَامًا أَوْ قُعُودًا أَوْ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا ، أَوْ يَنْقُصَ مِنْ أَرْكَانِهَا شَيْئًا ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ . لأَِنَّ السُّجُودَ يُضَافُ إِلَى السَّهْوِ فَيَدُل عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ ، وَالشَّرْعُ إِنَّمَا وَرَدَ بِهِ فِي السَّهْوِ قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ " فَإِذَا زَادَ الْمُصَلِّي أَوْ نَقَصَ لِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قَضَائِهِ

الشَّكُّ :

 - إِذَا شَكَّ الْمُصَلِّي فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثَلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا ، أَوْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ فَلَمْ يَدْرِ أَسَجَدَهَا أَمْ لاَ ، فَإِنَّ الْجُمْهُورَ ( الْمَالِكِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ وَرِوَايَةً لِلْحَنَابِلَةِ ) ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ الأَْقَل ، وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ . وَدَلِيلُهُمْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال : قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوْ ثِنْتَيْنِ فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أَوْ ثَلاَثًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثِنْتَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثَلاَثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلاَثٍ ، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ " وَلِحَدِيثِ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُلْقِ الشَّكَّ ، وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ ، فَإِذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ، فَإِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ تَامَّةً كَانَتِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتِ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِصَلاَتِهِ ، وَكَانَتِ السَّجْدَتَانِ مُرْغِمَتَيِ الشَّيْطَانِ .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِسُجُودِ السَّهْوِ :

 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ : جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ نَقْلاً عَنِ التتارخانية الأَْصْل أَنَّ الْمَتْرُوكَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ : فَرْضٌ ، وَسُنَّةٌ ، وَوَاجِبٌ ، فَفِي الْفَرْضِ إِنْ أَمْكَنَهُ التَّدَارُكُ بِالْقَضَاءِ يَقْضِي وَإِلاَّ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ ، وَفِي السُّنَّةِ لاَ تَفْسُدُ ، لأَِنَّ قِيَامَ الصَّلاَةِ بِأَرْكَانِهَا وَقَدْ وُجِدَتْ ، وَلاَ يُجْبَرُ تَرْكُ السُّنَّةِ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ ، وَفِي الْوَاجِبِ إِنْ تَرَكَ سَاهِيًا يُجْبَرُ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ ، وَإِنْ تَرَكَ عَامِدًا لاَ . وَنُقِل عَنِ الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ الصَّلاَةِ سَجَدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ فِيهِ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ مَا قَبْلَهَا ، وَلَوْ قَدَّمَ الرُّكُوعَ عَلَى الْقِرَاءَةِ لَزِمَهُ السُّجُودُ لَكِنْ لاَ يُعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ فَيُفْرَضُ إِعَادَتُهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَرْكَ الرُّكْنِ إِنْ أَمْكَنَهُ تَدَارُكَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَارُكُ مَعَ سُجُودِ السَّهْوِ وَذَلِكَ إِذَا أَتَى بِهِ فِي الرَّكْعَةِ نَفْسِهَا إِلَى مَا قَبْل عَقْدِ رَكْعَةٍ أُخْرَى بِالرُّكُوعِ لَهَا ، فَإِنْ كَانَ تَرَكَ الرُّكْنَ فِي الرَّكْعَةِ الأَْخِيرَةِ ثُمَّ سَلَّمَ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَارُكُ بِأَدَاءِ الْمَتْرُوكِ بَل عَلَيْهِ الإِْتْيَانُ بِرَكْعَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَطُل الْفَصْل أَوْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ فَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الصَّلاَةِ .

الْوَاجِبَاتُ وَالسُّنَنُ الَّتِي يَجِبُ بِتَرْكِهَا سُجُودُ السَّهْوِ :

 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي : فِيمَا يُطْلَبُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ .

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلاَةِ سَهْوًا ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ إِذَا لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ . قَال ابْنُ عَابِدِينَ : لاَ تَفْسُدُ بِتَرْكِهَا وَتُعَادُ وُجُوبًا فِي الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ إِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْهَا يَكُونُ فَاسِقًا آثِمًا .

وَمِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلاَةِ عِنْدَهُمُ : الْقَعْدَةُ الأُْولَى مِنَ الصَّلاَةِ الرُّبَاعِيَّةِ ، وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ ، وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهَا . أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ قَسَّمُوا الصَّلاَةَ إِلَى فَرَائِضَ وَسُنَنٍ . فَالْمَالِكِيَّةُ يُسْجَدُ عِنْدَهُمْ لِسُجُودِ السَّهْوِ لِثَمَانِيَةٍ مِنَ السُّنَنِ وَهِيَ : السُّورَةُ ، وَالْجَهْرُ ، وَالإِْسْرَارُ ، وَالتَّكْبِيرُ ، وَالتَّحْمِيدُ ، وَالتَّشَهُّدَانِ ، وَالْجُلُوسُ لَهُمَا .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَالسُّنَّةُ عِنْدَهُمْ نَوْعَانِ : أَبْعَاضٌ وَهَيْئَاتٌ ، وَالأَْبْعَاضُ هِيَ الَّتِي يُجْبَرُ تَرْكُهَا بِسُجُودِ السَّهْوِ ، فَمِنْهَا التَّشَهُّدُ الأَْوَّل وَالْقُعُودُ لَهُ ، وَالصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ الأَْوَّل ، وَالصَّلاَةُ عَلَى الآْل فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ ، وَالْقُنُوتُ الرَّاتِبُ فِي الصُّبْحِ ، وَوِتْرُ النِّصْفِ الأَْخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ ، وَقِيَامُهُ ، وَالصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُنُوتِ .

مَوْضِعُ سُجُودِ السَّهْوِ :

- لَمْ يَتَّفِقِ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَوْضِعِ سُجُودِ السَّهْوِ : فَقَدْ رَأَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مَوْضِعَ سُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ ، أَيْ أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَلَى الأَْصَحِّ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ كَذَلِكَ ، فَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ سَقَطَ السُّجُودُ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال :" لِكُل سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ " .

وَيُرْوَى نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسٍ .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ : إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَإِنْ وَقَعَ السَّهْوُ بِالنَّقْصِ فِي الصَّلاَةِ فَالسُّجُودُ يَكُونُ قَبْل السَّلاَمِ . وَدَلِيلُهُمْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ ، وَلَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ .  وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلاَمِ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا فَقُلْنَا : يَا رَسُول اللَّهِ ، أَزِيدَ فِي الصَّلاَةِ ؟ قَال : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالُوا : صَلَّيْتَ خَمْسًا ! " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، أَذْكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ ، وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ " ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَال : كُل شَيْءٍ شَكَكْتَ فِيهِ مِنْ صَلاَتِكَ مِنْ نُقْصَانٍ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَاسْتَقْبِل أَكْثَرَ ظَنِّكَ ، وَاجْعَل سَجْدَتَيِ السَّهْوِ مِنْ هَذَا النَّحْوِ قَبْل التَّسْلِيمِ ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ السَّهْوِ فَاجْعَلْهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ . وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ فَيَسْجُدُ قَبْل السَّلاَمِ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ النَّقْصِ .

تَكْرَارُ السَّهْوِ فِي نَفْسِ الصَّلاَةِ :

- إِذَا تَكَرَّرَ السَّهْوُ لِلْمُصَلِّي فِي الصَّلاَةِ ، لاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ سَجْدَتَانِ ؛ لأَِنَّ تَكْرَارَهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ ، وَكَلَّمَ ذَا الْيَدَيْنِ .  

وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ تَتَدَاخَل لَسَجَدَ عَقِبَ السَّهْوِ فَلَمَّا أَخَّرَ إِلَى آخِرِ صَلاَتِهِ دَل عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَخَّرَ لِيَجْمَعَ كُل سَهْوٍ فِي الصَّلاَةِ . وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ . 

 

نِسْيَانُ سُجُودِ السَّهْوِ :

 - إِذَا سَهَا الْمُصَلِّي عَنْ سُجُودِ السَّهْوِ فَانْصَرَفَ مِنَ الصَّلاَةِ دُونَ سُجُودٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَيْهِ وَيُؤَدِّيهِ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي :

فالْمَالِكِيَّةُ : فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ وَالْبَعْدِيِّ ، فَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ يَقْضِيهِ مَتَى ذَكَرَهُ ، وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ ، وَلاَ يَسْقُطُ بِطُول الزَّمَانِ سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ " تَرْغِيمُ الشَّيْطَانِ " كَمَا فِي الْحَدِيثِ . وَأَمَّا السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ فَإِنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَطُل الزَّمَانُ ، وَهُوَ فِي مَكَانِهِ أَوْ قُرْبِهِ . 

سَهْوُ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ :

- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ تَنْبِيهِ الْمَأْمُومِ لِلإِْمَامِ إِذَا سَهَا فِي صَلاَتِهِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُل : سُبْحَانَ اللَّهِ . 

وَفَرَّقَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بَيْنَ تَنْبِيهِ الرِّجَال وَتَنْبِيهِ النِّسَاءِ . فَالرِّجَال يُسَبِّحُونَ لِسَهْوِ إِمَامِهِمْ ، وَالنِّسَاءُ يُصَفِّقْنَ بِضَرْبِ بَطْنِ كَفٍّ عَلَى ظَهْرِ الأُْخْرَى . لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : التَّسْبِيحُ لِلرِّجَال وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ، وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : إِذَا نَابَكُمْ أَمْرٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَال وَلْيَصْفَحِ ( يَعْنِي لِيُصَفِّقِ ) النِّسَاءُ . 

وَلَمْ يُفَرِّقِ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ تَنْبِيهِ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ فَالْجَمِيعُ يُسَبِّحُ  لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُل : سُبْحَانَ اللَّهِ .

وَيُكْرَهُ عِنْدَهُمْ تَصْفِيقُ النِّسَاءِ فِي الصَّلاَةِ .