هل قال أحد من الأئمة، أو مقلديهم بتحريم أكل جوزة الطيب?
تاريخ الإضافة : 2014-06-12 10:49:26
هل قال أحد من الأئمة، أو مقلديهم بتحريم أكل جوزة الطيب?

صورة السؤال: هل قال أحد من الأئمة، أو مقلديهم بتحريم أكل جوزة الطيب ، أو: لا وهل يجوز لبعض طلبة العلم الأخذ بتحريم أكلها ، وإن لم يطلع في التحريم على نقل لأحد من العلماء المعتبرين ؟ فإن قلتم: نعم ، فهل يجب الانقياد والامتثال لفتياه أم لا؟- أذكر الخلاصة ، والزبدة فيها على ما قرره الفقهاء ، ثم أعرض نبذة عما قاله الفقهاء " ورغم اتفاق الفقهاء على حرمة تناول الكثير منها المسبب للإسكار أو التخدير إلا أنهم لم يتفقوا على حرمة القليل منها الذي يستخدم لإصلاح الطعام.. وقد كانت تستخدم في معظم البيوت في العالم الإسلامي لهذا الغرض، وأباح ذلك بعض الفقهاء ومنع آخرون."

- وأمّا ما أورده الفقهاء ، فمنه :

-  الذي صرح به الإمام المجتهد شيخ الإسلام ابن دقيق العيد إنها مسكرة ونقله عنه المتأخرون من الشافعية والمالكية واعتمدوه وناهيك بذلك بل بالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة على الجوزة المذكورة وذلك أنه لما حكى عن القرافي نقلا عن بعض فقهاء عصره أنه فرق في إنكاره الحشيشة بين كونها ورقا أخضر فلا إسكار فيها بخلافها بعد التحميص فإنها تسكر قال والصواب إنه لا فرق؛ لأنها ملحقة بجوزة الطيب والزعفران والعنبر والأفيون والشيكران بفتح الشين المعجمة وهو البنج وهو من المخدرات المسكرات ذكر ذلك ابن القسطلاني في تكريم المعيشة اهـ. فتأمل تعبيره والصواب جعله الحشيشة التي أجمع العلماء على تحريمها لإسكارها وتخديرها مقيسة على الجوزة تعلم أنه لا مرية في تحريم الجوزة لإسكارها أو تخديرها وقد وافق المالكية والشافعية على إسكارها الحنابلة بنص إمام متأخريهم ابن تيمية وتبعوه على أنها مسكرة وهو قضية كلام بعض أئمة الحنفية ففي فتاوى المرغيناني منهم المسكر من البنج ولبن الرماك أي أناثي الخيل حرام ولا يحد شاربه قال الفقيه أبو حفص ونص عليه شمس الأئمة السرخسي اهـ. وقد علمت من كلام ابن دقيق العيد وغيره أن الجوزة كالبنج فإذا قال الحنفية بإسكاره لزمهم القول بإسكار الجوزة فثبت بما تقرر أنها حرام عند الأئمة الأربعة الشافعية والمالكية والحنابلة بالنص والحنفية بالاقتضاء أنها إما مسكرة أو مخدرة وأصل ذلك في الحشيشة المقيسة على الجوزة على ما مر والذي ذكره الشيخ أبو إسحاق في كتابه التذكرة والنووي في شرح المهذب وابن دقيق العيد إنها مسكرة قال الزركشي ولا نعرف فيه خلافا عندنا وقد يدخل في حدهم السكران بأنه الذي اختلط كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم، أو الذي لا يعرف السماء من الأرض ولا الطول من العرض ثم نقل عن العراقي أنه خالف في ذلك فنفى عنها الإسكار وأثبت لها الإفساد ثم رده عليه وأطال في تخطئته وتغليظه وممن نص على إسكارها أيضا العلماء بالنبات من الأطباء وإليهم المرجع في ذلك وكذلك ابن تيمية وتبعه من جاء بعده من متأخري مذهبه والحق في ذلك خلاف الإطلاقين الإسكار إطلاق وإطلاق الإفساد وذلك أن الإسكار يطلق ويراد به مطلق تغطية العقل وهذا إطلاق أعم ويطلق ويراد به تغطية العقل مع نشأة وطرب وهذا إطلاق أخص وهو المراد من الإسكار حيث أطلق فعلى الإطلاق الأول بين المسكر والمخدر عموم مطلق إذ كل مخدر مسكر وليس كل مسكر مخدرا فإطلاق الإسكار على الحشيشة والجوزة ونحوهما المراد منه التخدير ومن نفاه عن ذلك أراد به معناه الأخص وتحقيقه أن

وللزحيلي في الفقه الإسلامي :

" ومن أشهر أنواع المخدرات: الحشيشة، والأفيون، والكوكايين والمورفين والبنج (نبات سام يستعمل في الطب للتخدير) وجوزة الطيب (ثمر شجرة) والبرش (مركب من الأفيون والبنج) والقات (نبات تمضغ أوراقه، قليله منبه منشط، وكثيره مخدر مثبّط، يورث الكسل والخمول، ويعطل الأعمال) وغير ذلك مما يؤخذ بالحُقَن أو المضغ أو التدخين أو غيرها، فيؤدي إلى تغييب العقل، وإضرار الصحة، وإفساد الأخلاق. والحكم الشرعي للمخدرات أنها حرام في غير حالة التداوي للضرورة أو الحاجة، وفي غير حالة إصلاح البهارات بإضافة بعضها إليها بالقدر القليل فقط مثل خلط شيء قليل من جوزة الطيب مع البهارات أو المقبّلات. وحرمتها كالمسكرات التي جاءت النصوص التشريعية في القرآن والسنة النبوية بتحريمها تحريماً قطعياً.

المواد المخدرة محرمة لايحل تناولها إلا لغرض المعالجة الطبية المتعينة، وبالمقادير التي يحددها الأطباء وهي طاهرة العين.

ولا حرج في استعمال جوزة الطيب ونحوها في إصلاح نكهة الطعام بمقادير قليلة لاتؤدي إلى التفتير أو التخدير".

وفي الموسوعة الفقهية إصدار الكويت :

ويحرم القدر المسكر المؤذي من جوزة الطّيب ، فإنّها مخدّرة ، لكن حرمتها دون حرمة الحشيشة

وفي مجلة مجمع الفقه : تابع لجوزة الطيب

ومعظم الفقهاء تكلموا عليها في كتاب الأشربة. وقليل منهم ذكرها في كتاب حد الخمر أو حد السكر. وقد اعتبر الإمام الحطاب المالكي ، الحشيشة والأفيون وأمثالهما من المخدرات ، كما ذكر العلامة ابن عابدين ، جوزة الطيب ، والعنبر والزعفران ، وقال: هذه كلها مسكرة.

ومرادهم من الإسكار هنا: تغطية العقل، لا مع الشدة المطربة، لأنها من خصوصيات المسكر المائع، فلا ينافي أنها مخدرة، فما جاء في الوعيد على الخمر، يصدق فيها، لاشتراكهما في إزالة العقل المقصود للشارع بقاؤه.

جوزة الطيب من مجلة علمية:

تنبه الفقهاء الأجلاء الأقدمون إلى الخصائص الأقرباذينية لجوزة الطيب (الجوزة، الجوزاء، جوزة بابل ) Nutmeg واسمها العلمي Myristica Fragrans وتتبع الفصيلة البسباسة Fam. Myristicacae وتعتبر من نباتات المناطق الحارة، وموطنها الأصلي ماليزيا وإندونيسيا وسيلان.

وقد عرف العرب هذا النبات واستعملوا بذوره في إصلاح الطعام، وفي الأغراض الطبية، ولزيادة الرغبة والنشاط الجنسي، وهم الذين أدخلوه إلى أوربا في القرن الثاني عشر الميلادي.

ويحتوي الزيت الطيار الموجود في البذرة على مادة الميريستسين Myristicin وهي مادة مفترة وتزيد من النشاط الجنسي، أما إذا زادت الجرعة فقد تكون سماً قاتلاً بسبب تأثيرها على الكبد، وتسبب الاعتماد عليها (الإدمان) إذا تكرر استخدامها، وذكر سيدني سميث  عام 1965 أن جوزة الطيب بكميات كبيرة نسبياً تؤدي إلى أعراض مماثلة لتأثير الحشيش! ويقول المرجع الطبي جودمان وجلمان في علم العقاقير: ( إنه إذا تم استخدام جوزتي طيب دفعة واحدة فإن ذلك يؤدي إلى خدر الأطراف ونوع من الهلوسة أو عدم الشعور بحقيقة الأشياء، وكثيراً ما تحدث نوبات هياج وخوف يصحبها خفقان في القلب، مع جفاف الجلد وهي أعراض مشابهة لأعراض التسمم بالبلادونا ).

وقد جعلها بعض الفقهاء في المسكرات كما تقدم معنا من كلام الحطاب في كتابه مواهب الجليل بشرح الحطاب على متن خليل حيث قال: ( المسكرات أربعة: الخمر والبنج والأفيون والجوزة ) وقال عنها: إنها مال غير متقوم.

ونص ابن عابدين في الحاشية على تحريم أكل الكثير من جوزة الطيب والعنبر والزعفران ؛ لأن هذه الأشياء مسكرة، والمراد بالإسكار تغطية العقل لا مع الشدة المطربة.

وقال ابن حجر المكي الهيتمي في كتابه فتح الجواد بشرح الإرشاد: ( خرج بالمسكر مزيل العقل من غير الأشربة، كالبنج (الشيكران)، والحشيشة، والأفيون، وجوزة الطيب، فإنه وإن حرم لكن فيه التعزير فقط إذ ليس فيه شدة مطربة) . وقال ابن حجر في كتابه الزواجر: ( إن ما ذكرته في الجوزة من حرمة تعاطيها هو ما أفتيت به قديماً، وأفتى ابن دقيق العيد بأن الجوزة مسكرة) .

- الخلاصة قدمتها في أول الصفحة

ورغم اتفاق الفقهاء على حرمة تناول الكثير منها المسبب للإسكار أو التخدير إلا أنهم لم يتفقوا على حرمة القليل منها الذي يستخدم لإصلاح الطعام.. وقد كانت تستخدم في معظم البيوت في العالم الإسلامي لهذا الغرض، وأباح ذلك بعض الفقهاء ومنع آخرون.