هل الرزق كماً و كيفاً ثابت أم أن اتخاذ الأسباب في الرزق...
تاريخ الإضافة : 2011-12-24 00:00:00
هل الرزق كماً و كيفاً ثابت أم أن اتخاذ الأسباب في الرزق و هي واجبة تغير منه؟
ما علاقة ما سبق بالحديث لو توكلتم على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير... أو كما قال؟


بسم اللــــه الرحمن الرحيــم

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.....وبعد

 

الرزق كما وكيف ثابت في العلم ومن الأزل ، ويستوي في ذلك الرزق المعنوي والحسي ، وهذا يرجع إلى أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما .

قد أحاط الله علما بالرزق وبأسبابه معا ، وهذا لا يتغير بحال ، فتقلبات العبد في سعيه وراء الرزق ، وما يصل إليه من ثمرات دقيقها وجليها منكشفة أزلا لعلم الله تعالى .

 

من هنا لا يؤثر الأخذ بالأسباب في تغيير الرزق الذي تعلق علم الله به ، إذ العلم تعلق بالأسباب ونتائجها على حد سواء .. وهناك رزق يساق دون تسبب مباشر كالهبة والهدية والدعوة إلى طعام ، فهذا مما علمه الله أزلا ، وعلم أسبابه .

 

العبد لا يدري كم رزقه ولا كيفيته إلا إذا حصل عليه ، من هنا كان عليه أن يتسبب في عالم الأسباب بما يقدر عليه ، ويبذل في ذلك جهده إذ كلف بالسعي شرعا على أن المحصلة مهما تغيرت في نظر الإنسان بسعيه الضعيف أو القوي فلا تتغير في علم الله ، وليس على العبد أن يقول علم الله رزقي فلم أكد وأتعب ؟ لأن العلم بالرزق علم يتعلق بكل من السعي والكسب معا ، أي السبب و الناتج عن السبب .

العبد في هذه الدائرة يعلق قلبه بالله ، ويسترزقه على الدوام مع الأخذ بالأسباب ، ويقطع بأن الرزاق هو الله وأن الأسباب وسائل مشروعة تعبدنا الله بها ، ثم إذا كد وتعب وكان الناتج على غير ما رسم يسلم الأمر لصاحب الأمر ، على ألا يكون هذا الناتج مسببا على إهمال في إحكام الأسباب .

 

لا تعارض بين ما ذكرت والحديث إذ الحديث يتناول عقد القلب توكلا على الله ، وإسناد الأمر إليه ، والتوكل لا يتنافى مع الأخذ بالأسباب ولا يضر الأخذ بها في التوكل إلا إذا اعتقد العبد أن الأسباب تؤثر بذاتها ، وهنا يظن أنها هي التي رزقته ، وكل الأسباب في هذا الإطار سواء ، كلها لا تأثير لها مع الله تعالى .. قال عليه الصلاة والسلام للرجل الذي سأله عن ناقته : أأعقلها وأتوكل ؟ قال : اعقلها وتوكل " فعقل الناقة أخذ بالأسباب ، وإسناد أمر الحفظ لله ، إذ يمكن أن يخذل السبب من أخذ به ، بل هو في الحقيقة عبادة الظاهر كما أن التوكل عبادة القلب ، هذا ونجد مزيد تفصيل في رسالة مطبوعة بهذا الشأن ...