قدوم وفد الأزد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم ....
تاريخ الإضافة : 2012-02-02 00:00:00
قدوم وفد الأزد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم ....

سويد بن الحارث قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما دخلنا عليه وكلمناه أعجبه ما رأى من سمتنا وزينا فقال : ما أنتم؟ قلنا : مؤمنون. فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن لكل قول حقيقة، فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟ قلنا: خمس عشرة خصلة، خمس منها أمرتنا بها رسلك أن نؤمن بها ، وخمس أمرتنا أن نعمل بها, وخمس تخلقنا بها في الجاهلية ، فنحن عليها الآن إلا أن تكره منها شيئاً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها؟ قلنا: أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت. قال: وما الخمس التي أمرتكم أن تعملوا بها؟ قلنا: أمرتنا أن نقول لا إله إلا الله ، ونقيم الصلاة ، ونؤتي الزكاة ، ونصوم رمضان ، ونحج البيت من استطاع إليه سبيلا، فقال: وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية؟ قالوا: الشكر عند الرخاء، والصبر على البلاء، والرضى بمر القضاء، والصدق في مواطن اللقاء، وترك الشماتة باللأعداء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حكماء علماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء. ثم قال: وأنا أزيدكم خمسا ، فتتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون فلا تجمعوا ما لا تأكلون ، ولا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غدا زائلون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون ، وارغبوا فيما عليه تقدمون ، وفيه تخلدون. فانصرف القوم من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحفظوا وصيته ، وعملوا بها. رواه أبو نعيم في كتاب " معرفة الصحابة " والحافظ أبو موسى المديني من حديث أحمد بن أبي الحواري ، وهو في فصل " قدوم وفد الأزد " على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زاد المعاد في هدي خير العباد ، لابن قيم الجوزية (3/586)
تناول الحديث مجموعة رائعة من الحقائق والسلوك أقتنص منها:

• مسألة إرسال الدعاة لتبليغ الدعوة ، وبهذا تتسع .
• دقة هؤلاء في التبليغ .
• روعة أجهزة الاستقبال عند من استجاب .
• عرض الحال على الرسول عليه الصلاة والسلام .
• تقريره- صلى الله عليه وسلم – لما عرض عليه .
• ماقرره – عليه الصلاة والسلام - يدخل في إطار السنة.
• حددوا أركان الإيمان والإسلام.
• الحقائق حيث عمرت الباطن تداعي لها الظاهرعملا بها ، فتدلى من أفنانها أنماط رائعة من السلوك .
• التحديد بقولهم أمرتنا أن نؤمن بها ,ُ ثم أمرتنا أن نعمل بها .
• تقديم الإيمان في التناول على الإسلام ، لأنه القاعدة التي لايقبل عمل دونها
• الأدب الجم والوعي العميق الذي يقتضيه ماالتزموا به من الإسلام وقد تبدى في أن ماكانوا عليه من أمر

الجاهلية يحتاج إلى تقرير أو تغيير، وقد تركوا ذلك للرسول -عليه الصلاة والسلام - وبصورة من ماأدقها وبعبارة ما أرقها! "إلا أن تكره شيئاً منها" فحيث كره شيئا تركوه لمجرد الكراهة ، ولم يذكروا ذلك على أنه لديهم من البديهيات التي لا تقبل المساومة ، ومعلوم أمر عسر التغيير في الأخلاق ، لكنه الإيمان المقتضي إجابة مطلقة لكل تسديد.

• الإفاضة الوصفية منه - عليه السلام- عليهم ، حيث وصفهم بأغلى وصفين متطابقين مع حالهم "حكماء علماء" ثم نهض بهمتهم إلى مرتقى أسمى حيث عبر عن قربهم من النبوة حالا ، وذكر سبب ذلك ، وأنه "الفقه" في الدين.....

ثم لا يغفل أمر إعجاب الرسول بدايةً بسمتهم وزيهم, مما يدل على أناقة المظهر، وهذه دعوة للأمة لتكون شامة في جبين الحياة ، ثم روعة الجواب عن سؤاله إياهم "ما أنتم" حيث سألهم عن الهوية ، فقالوا: " مؤمنون " جواب سديد يكشف عن جنسيتهم التي اكتسبوها من مرابع الإيمان التي انضموا اليها ... والخمس التي أتحفهم بها ، وهم بها جديرون ،والتي تصب في مصب أن يكونوا من أبناء الآخرة ، ويجعلوا هذه الدنيا مزرعة للغرس فيها حتى يطيب هناك الحصاد دون أن تكون مسرحا للتكاثر بمتاعها ، هي سوق لهم ولكل الأكياس ، فيأخذوا منها الزاد الحسي من طعام وسكن وما يحتاجون إليه، فيكون تعاملهم مع الدنيا تعامل المسافر الذي يأخذ من الزاد ما يبلغه مبتغاه بل هم عابروا سبيل ..وليكن الهم كل الهم الإعداد للقاء المجيد في يوم العرض السعيد ، والتنافس في التزود دون التهارش على أمور الدنيا الزائلة ، كيف لا ، وهم عما قريب عن هذه الدار زائلون ، وواصلون – بعدها - إلى رحاب الخلود... هذا ما عن بالبال ساعة كتابة الحديث, وجزاكم الله كل الخير على حسن الاستقبال

عبد الكريم تتان
دبي 2-2-2012