اعيش في كندا وحاول زوجي ان يقنعني بأخذ قرض بضمان...
تاريخ الإضافة : 2012-02-22 00:00:00
اعيش في كندا وحاول زوجي ان يقنعني بأخذ قرض بضمان البيت، ولكني رفضت رفض شديد فحاول أخذ القرض بمفرده ولكن البنك اشترط أن أوقع وأقر بأنني أعلم بأمرالقرض لأني أسكن معه في نفس البيت وليس علي اي مسؤليه ولا اعد حتى كشاهد.
فذهبت معه ووقعت بدون اي ادراك مني ان هذا إعانة على الربا ولكني استوعبت الامر وانا في البنك بعد التوقيع فلم استطيع التصرف وقتها إلا اني قلت لة اني لا اوافق على هذا الامر وانه إعانة على الربا.
ومن وقتها وانا منهارة اخاف من الله خوف شديد مما فعلت بدون ادراك وانا طول عمري حريصة حرص شديد على ان يكون مالي حلال ولا اطعم اولادي إلا حلال حتى اني تكفلت بجميع مصاريف البيت والمدارس حتى لا اطعم اولادي مالا فيه حتى شبهة ربا او حرام.
لا ادري ماذا افعل وكيف اكفر عن هذا الذنب وانا ذنبي شديد لاني اعلم وكيف احفظ اولادي من عاقبة ما فعلت

هل ذنبي مثل ذنب اكل الربا فيأذن الله ورسوله بمحاربتي ماذا افعل ارجوك ساعدي اكاد ان اجن ولم يغفل لي جفن من وقتها.

ماتضمنه السؤال يدل على حال إيمانية طيبة ، لعلنا لانجدها في الكثيرين ، فأسأل الله – تعالى – أن يثبتها عليك ...

الإحساس بالأخطاء والمخالفات ثمرة ناضجة لمجموعة الحقائق التي إذا ماعمرت الصدر أثمرت السلوك الرباني ، ومنه الفرح بالطاعة ، والابتهاج بكل ما يقرب من الله – جل جلاله – والخوف والخشية من أي مخالفة لشرع الله – تعالى - ، فالمؤمن إذا بدر منه ماهو شبهة – دعيك من الحرام – كان كواقف في جذر جبل يريد أن ينقض عليه ، والمنافق مهما فعل من مخالفات ، فلا تعدو في نظره " ذبـابة " وقفت على أنفه ، فقال لها بيده هكذا فطارت .

حيث تكفلت بالإنفاق على البيت ، وهذا في ميزان حسناتك ، تكونين قد أبعدت عنك وعن أولادك وعن زوجك من هذه الزاوية خطراً يكفي أن يقال فيه ماجاء عمن لاينطق عن الهوى " كل جسد نبت من سحت – أي حرام – فالنار أولى به " فهنيئاً لك ولزوجك الفاضل هذا المسلك الراشد المسدد .
كون الزوج هو الذي عقد العقد الربوي دليل على براءة ذمتك من كل ما يترتب عليه من إثم ، وكما فهمت من السؤال لم تكوني شريكة في العقد ، ولاشاهدة عليه ، ولاكاتبة له ، فهذه براءة لك من عاقبته إن شاء الله – تعالى - .
المسألة الملحة إذا تجاوزنا قضية العقد الربوي لنقف على ماالذي ينبغي أن تفعليه ، وأنت الزوجة المخلصة ، الحريصة على بيتها وزوجها ، ليبعد الزوج عما هو فيه ؟ لأنك لو نجحت في ذلك تكونين قد اقتلعت السوء المطل برأسه على البيت من جذوره ، ويعود – بهذا - الصفاء ، صفاء الدخل الحلال إلى ربوع البيت ، وبذلك يكون البيت بعيداً كل البعد عما أنذر الله – تعالى – به آكل الربا ، حيث يدعوه إلى التوبة ، وترك الربا فيقول- جل جلاله- : (... فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) .
أرى أن يذكر الزوج بكل حكمة وصدق لعله يراجع موقفه من قضية التعامل " بالربا " ومما يساق في هذا الشأن الحقائق الراسخة التالية :

أول مايحاسب عليه الإنسان يوم العرض على الله – تعالى – أن يسأل عن ماله : من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ هذه الحقيقة الإيمانية تتطلب محاسبة الإنسان نفسه باستمرار عن كل مايدخله أو يخرج منه من مال ، ويوم العرض حق وواقع !! .
ربط النص بين الإيمان والاستجابة للبعد عن التعامل الربوي ، قال – تعالى - : ) ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ( .

ومن مفـردات الإيمان الإيمان بالحساب يوم القيامة ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وتطوى هذه الغرور بكل ما فيها !!

من لم يطب مطعمك بأن كان من حرام عرض أعماله الصالحة للضياع ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفس محمد بيده : إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه مايتقبل منه عمل أربعين يوماً ، وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به " .
لواكتسب المسلم مالاً من حرام ، وتصدق به ، أوببعضه ، لكان كما بين – عليه الصلاة والسلام – من اكتسب مالاً من مأثم ، فوصل به رحمه ، أو تصدق به ، أو أنفقه في سبيل الله ، جمع ذلك كله جميعاً فقذف به في جهنم .
وأسوق ختاماً ، إذ الحديث طويل بشأن الكسب الحرام ، أسوق ماقاله – عليه الصلاة والسلام - : لايكسب عبد مالاً من حرام ، فيتصدق به فيقبل منه ، ولا ينفق منه ، فيبارك له فيه ، ولايتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله – تعالى – لا يمحو السيء بالسيء ، ولكن يمحو السيء بالحسن ، إن الخبيث لايمحو الخبيث " .

أن اللقمة الحرام تفتك في إسلام المسلم كما يفتك السم في الأجسام ! ثم على النفس أن ترى أن القليل من الحلال فيه البركة والسلامة ، وأن الكثير من الحرام كالأورام السرطانية في حياة المسلم .
ولنحمد الله على ما آتانا من فضله ، مما هو فوق الكفاية ، وهذا لون من ألوان شكر الله على نعمه ، والشكر يقيد النعمة ، ويبارك الله فيها معه ، وأما الأموال مهما تكدست من حرام فلها قوله – تعالى – عمن كان له قلب " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " .
ومتابعة النصيحة الصادقة كفيلة بإذن الله أن تثمر سلوكاً تطمئن به النفس ، وتسعد به الحياة .

عبدالكـريم تتـان