ماحكم عصير الشعير وعصير العنب الذي يباع في الأسواق...
تاريخ الإضافة : 2012-03-13 00:00:00
ماحكم عصير الشعير وعصير العنب الذي يباع في الأسواق سواء أسكر كثيره أو لم يسكر وماهو الخلاف بين السادة الأحناف والجمهور حول هذه المسأله؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

سؤالكم عن حكم عصير الشعير ، وعصير العنب الذي يباع في الأسواق ، سواء أسكر كثيره أو لم يسكر ! وماهو الخلاف بين السادة الأحناف وغيرهم حول هذه المسألة :

إليك بداية ماوصلني من فتوى بنيت على الدراسة الجيدة ، والتحليل الواعي لمركبات عصير الشعير ، صدرت عن الشيخ الفاضل أسامه الرفاعي حفظه الله تعالى ثم أبين لكم ماجاء عن الفقهاء فيما سألتم عنه .


بداية تطلق الأشربة المسكرة - عند الفقهاء - على اختلاف مذاهبهم على قسمين : الخمر، والأشربة الأخرى .


أولاً : الخمر- لغة - ماأسكر من عصير العنب ، وسميت بذلك لأنها تخامر العقل ، وهي ماكانت من العنب دون ماكان من سائر الأشياء ، ولما حرمت ماكان بالمدينة سوى خمر العنب ، وماكان شرابهم إلا البسر والتمر .
والخمر - اصطلاحاً - لم يتفق الفقهاء في تعريفها ، بناء على اختلافهم في حقيقتها في كل من اللغة وإطلاق الشرع .


فأهل المدينة والحجازيون ، وأهل الحديث ، والحنابلة ، وبعض الشافعية ذهبوا إلى أن الخمر تطلق على مايسكر قليله أو كثيره ، سواء اتخذ من العنب أو التمر أو الحنطة أو الشعير أو غيرها . واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " .

وبقول عمر رضي الله عنه : " أيها الناس : إنه نزل تحريم الخمر ، وهي من خمسة : من العنب ، والتمر، والعسل ، والحنطة ، والشعير . والخمر ما خامر العقل ".


وأن القرآن لما نزل بتحريم الخمر فهم الصحابة - وهم أهل اللسان - أن كل شيء يسمى " خمرا " يدخل في النهي ، فأراقوا المتخذ من التمر والرطب ، ولم يخصوا ذلك بالمتخذ من العنب ، على أن الراجح من حيث اللغة كما تقدم عن العموم . ثم على تقدير التسليم بأن المراد بالخمر المتخذ من عصير العنب خاصة . فإن تسمية كل مسكر خمرا من الشرع كان حقيقة شرعية ، وهي مقدمة على الحقيقة اللغوية .


وذهب أكثر الشافعية ، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية ، وبعض المالكية إلى أن الخمر هي المسكر من عصير العنب إذا اشتد ، سواء أقذف بالزبد أم لا ، وهو الأظهر عند الشرنبلالي .


وذهب أبو حنيفة وبعض الشافعية إلى أن الخمر هي عصير العنب إذا اشتد ،
وقيده أبو حنيفة وحده بأن يقذف بالزبد بعد اشتداده .
واشترط الحنفية في عصير العنب كونه نيئاً .


وأما الفريق الثاني والثالث ، فحقيقة الخمر عندهم عصير العنب إذا غلى واشتد عند الفريق الثاني ، وقذف بالزبد عن الفريق الثالث .


وإطلاقه على غيره من الأشربة مجاز، وليس بحقيقة .

وذهب الحنفية إلى أن الخمر التي يحرم قليلها وكثيرها ، ويحد بها ، ويكفر مستحلها ، إلى غير ذلك ، هي المتخذة من عصير العنب خاصة ، أما الأنبذة عندهم فلا يحد شاربها إلا إذا سكر منها .


والأشربة المحرمة عند الحنفية على ثلاثة أنواع :

النوع الأول : الأشربة المتخذة من العنب ، وهي :
أ - الخمر : وهي المتخذة من عصير العنب النيء إذا غلى واشتد عند أبي يوسف ومحمد ، وقذف بالزبد عند أبي حنيفة . وبقول الصاحبين من عدم اشتراط قذف الزبد قال الأئمة الثلاثة ( مالك والشافعي وأحمد ) .


ولعصير العنب أنواع بحسب ذهاب جزء منه بالطبخ .


وفي حكم هذا النوع مايتخذ من الزبيب ، وهو صنفان :

نقيع الزبيب : وهو أن يترك الزبيب في الماء من غير طبخ حتى تخرج حلاوته إلى الماء ، ثم يشتد ويغلي ويقذف بالزبد عن أبي حنيفة ، أو لم يقذف بالزبد عند صاحبيه .
نبيذ الزبيب : وهو النئ من ماء الزبيب إذا طبخ أدنى طبخ ، وغلى واشتد .
النوع الثاني : ما يتخذ من التمر أو الرطب ( وهو السكر ) والبسر ( وهو الفضيخ ) .
وفي حكم هذا النوع الخليطان . وهو شراب من ماء الزبيب وماء التمر، أو البسر أو الرطب المختلطين ، إذا طبخا أدنى طبخ وإن اشتد ، ولاعبرة بذهاب الثلثين .

النوع الثالث : نبيذ ما عدا العنب والتمر كالعسل ، أو التين ، أو البر، ونحوها .

هذه في الأشربة المحرمة عند الحنفية ، أما الخمر فبإجماع الأمة ، وأما نبيذ العنب والتمر فيحرم عند أبي حنيفة وأبي يوسف القدر المسكر منها ، خلافاً لمحمد ، وأما نبيذ العسل والتين والبر والشعير ونحو ذلك فمباح عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، بشرط ألا يشرب للهو أو طرب ، وخالفهما محمد ، ورأيه هو المفتى به عند الحنفية .


أحكام الخمر :

المراد بالخمر هنا جميع المسكرات جرياً على مذهب الجمهور ، وأحكامها مايأتي :

الأول - تحريم شربها قليلها وكثيرها :

ثبتت حرمة الخمر بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة . أما الكتاب . فقوله تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهل أنتهم منتهون ) .

وأما السنة فقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم الخمر قليلها وكثيرها . وقد قال جماهير العلماء : كل شراب أسكر كثيره حرم قليله ، فيعم السكر من نقيع التمر والزبيب وغيرهما ، لما تقدم من الآية الكريمة ، وللأحاديث الشريفة التالية :

عن عائشة رضي الله عنها قال : " كل شراب أسكر فهو حرام " .
وقال عليه الصلاة والسلام : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " .
وعن سعد بن أبي وقاص أنه صلى الله عليه وسلم قال : " أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره " .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر حرام ، وماأسكر منه الفرق ، فملء الكف منه " .
وعن أم سلمة قالت : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسكر ومفتر " .

فهذه الأحاديث كلها على أن كل مسكر حرام ، ومنها مايدل على تسمية كل مسكر خمراً ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "كل مسكر خمراً " .

كما يدل بعضها على أن المسكر حرام لعينه ، قل أو كثر ، سكر منه شاربه أو لم يسكر ، وهذا عند الجمهور .
وذهب الحنفية إلى أن النيء من عصير العنب إذا غلى واشتد عند الصاحبين ، وقذف بالزبد عند أبي حنيفة ، هو الخمر التي يحرم شرب قليلها وكثيرها إلا عند الضرورة ، لأنها محرمة العين ، فيستوي في الحرمة قليلها وكثيرها .

أما عصير غير العنب والتمر ، أو المطبوخ منهما بشرطه ، فليس حراماً لعينه . ومن هنا فلا يحرم إلا السكر منه ، وأما السكر والفضيخ ونقيع الزبيب ، فيحرم شرب قليلها وكثيرها باتفاق الفقهاء .

أما المطبوخ من هذه الأشياء فحكمه عند جمهور العلماء - كما تقدم - أن ماأسكر من النيء والمطبوخ ، سواء اتخذ من العنب أو التمر أو الزبيب أو غيرها يحرم شرب قليله وكثيره ، وقد سبق ذكر أدلتهم .

أما عند الحنفية ، فقد قال أبو حنيفة وأبو يوسف : إن المطبوخ من نبيذ التمر ونقيع الزبيب أدنى طبخة ، يحل شربه ولايحرم إلا السكر منه .

وعن محمد روايتان :
الرواية الأولى : لا يحل شربه ، لكن لايجب الحد إلا بالسكر .

والرواية الثانية : قال محمد : لاأحرمه ، ولكن لاأشرب منه .

واحتج أبو حنيفة وأبو يوسف لقولهما : بأن طبخ العصير على هذه الصفة - وهي أن يذهب أقل من ثلثيه - لايحرم إلا السكر منه ، وإن اشتد وقذف بالزبد ، إذا غلب على ظنه أن الشراب لايسكره ، وذلك لأنه ليس فيه قوه الإسكار بنفسه .

هذا ، وإن حل شرب القليل الذي لايسكر عند أبي حنيفة وأبي يوسف ليس مطلقاً ، ولكنه مقيد بشروط هي :
أن يكون شربه للتقوي ، ونحوه من غرض صحيح .

أن يشربه لا للهو والطرب ، فلو شربه للهو أو الطرب فقليله وكثيره حرام .

ألا يشرب مايغلب على ظنه أنه مسكر ، فلو شرب حينئذ ، فيحرم القدح الأخير الذي يحصل السكر بشربه ، وهو الذي يعلم يقيناً ، أو بغالب الرأي ، أو بالعادة أنه يسكره .

وهذا كله عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، كما تقدم ، ومثلهما بقية فقهاء العراق : إبراهيم النخعي من التابعين ، وسفيان الثوري ، وابن أبي ليلى ، وشريك ، وابن شبرمة ، وسائر فقهاء الكوفيين ، وأكثر علماء البصريين ، فإنهم قالوا : إن المحرم من غير الخمر من سائر الأنبذة التي يسكر كثيرها هو السكر نفسه ، لا العين ، وهذا إنما هو في المطبوخ منها .

ودليل أبي حنيفة ومن معه من السنة مايأتي :

أ - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم : " أتى بنبيذ فشمه ، فقطب وجهه لشدته ، ثم دعا بماء فصبه عليه وشرب منه " .

ب - إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لاتنبذوا الزهو والرطب جميعاً ، ولاتنبذوا الرطب والزبيب جميعاً ، ولكن انتبذوا كل واحد منهما على حدته " وفي لفظ البخاري ذكر التمر بدل الرطب . قالوا : وهذا نص على أن المتخذ من كل واحد منهما مباح .

ج - عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما ، يعني في الانتباذ . وزيد في رواية أنه قال : " من شربه منكم فليشربه زبيباً فرداً ، وتمراً فرداً " .

د - واستدلوا على إباحة الخليطين بما روته عائشة رضي الله عنها قالت : " كنا ننتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء ، فنأخذ قبضة من تمر ، وقبضة من زبيب ، فنطرحهما فيه ، ثم نصب عليه الماء فننتبذه غدوة فيشربه عشية ، وننتبذه عشية فيشربه غدوة " .


وأدلتهم من الآثار :

ماروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى عمار بن ياسر رضي الله عنه ، : " إني أتيت بشراب من الشام طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، فذهب منه شيطانه وريح جنونه ، وبقي طيبه وحلاله ، فمر المسلمين قبلك ، فليتوسعوا به في أشربتهم " . فقد نص على أن الزائد على الثلث حرام ، وأشار إلى أنه مالم يذهب ثلثاه فالقوة المسكرة فيه قائمة ، ورخص في الشراب الذي ذهب ثلثاه وبقي ثلثه .
ماروي أيضاً عن عمر رضي الله عنه أنه كان يشرب النبيذ الشديد ، وأنه وهو وعلي وأبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري أحلوا الطلاء ، وكانوا يشربونه ، وهو : ماذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، وقال عمر : هذا الطلاء مثل طلاء الإبل ، ثم أمر بشربه ، وكان علي يرزق الناس طلاء يقع فيه الذباب ، فلا يستطيع الخروج منه ، أي لحلاوته .


حكم الأشربة الأخرى :


تقدم أن مذهب جمهور أهل العلماء تحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره ، وعلى هذا فإن الأشربه المتخذة من الحبوب والعسل واللبن والتين ونحوها يحرب شرب قليلها إذا أسكر كثيرها ، وبهذا قال محمد بن الحسن من الحنفية وهو المفتى به عندهم . وذلك للأدلة المتقدمة من أن " كل شراب مسكر خمر وكل خمر حرام " وغير ذلك .
ورأي الجمهور مروي عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عمر وأبي هريرة ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي بن كعب ، وأنس ، وعائشة ، وابن عباس ، وجابر بن عبدالله ، والنعمان بن بشير ، ومعاذ بن جبل ، وغيرهم من فقهاء الصحابة رضي الله عنهم .


وبذلك قال ابن المسيب ، وعطاء ، وطاووس ومجاهد ، والقاسم ، وقتادة ، وعمر بن عبدالعزيز ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وإسحاق بن راهوية ، والأوزاعي ، وجمهور فقهاء الحجاز ، وجمهور المحدثين عن فقهاء التابعين ومن بعدهم .

تفصيلات لبعض المذاهب في بعض الأشربة :


اختلف المالكية والشافعية والحنابلة في حكم بعض الأشربة غير المسكره في تقديرهم ، كالخليطين ، والنبيذ والفقاع .

الخليطان :


ذهب المالكية إلى تحريم الخليطين من الأشياء التي من شأنها أن تقبل الانتباذ ، كالبسر والرطب ، والتمر والزبيب ولو لم يشتدا ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعاً . والنهي يقتضي التحريم ، إذا لم يكن هناك قرينة تصرفه إلى غير ذلك كالكراهة . أي أخذا بظاهر هذا الحديث وغيره يحرم الخليطان ، وإن لم يكن الشراب منهما مسكراً سدا للذرائع .



وقال الشافعية : يكره من غير المسكر : المصنف ، وهو مايعمل من تمر ورطب ، والخليط : وهو مايعمل من بسر ورطب ، لأن الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط قبل أن يتغير ، فيظن الشارب أنه ليس بمسكر ، ويكون مسكراً ، فإن أمن سكره ولم تكن فيه شدة مطربة فيحل .


وقال الحنابلة : يكره الخليطان ، وهو أن ينبذ في الماء شيئان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الخليطين .
وعن أحمد : الخليطان حرام ، قال القاضي : يعني أحمد بقوله : " هو حرام " . إذا اشتد وأسكر ، وهذا هو الصحيح إن شاء الله ، وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم لعلة إسراعه إلى السكر المحرم ، فإذا لو يوجد لم يثبت التحريم .


النبيذ غير المسكر :


قال الحنابلة وغيرهم : لايكره إذا كانت مدة الانتباذ قريبة أو يسيرة ، وهو يوم وليلة . أما إذا بقي النبيذ مدة يحتمل فيها إفضاؤه إلى الإسكار ، فإنه يكره ، ولايثبت التحريم عند المالكية والشافعية إلا بالإسكار ، فلم يعتبروا المدة أو الغليان . ولا يثبت التحريم عند الحنابلة مالم يغل العصير ، أو تمض عليه مدة ثلاثة أيام بلياليها .

وإن طبخ العصير أو النبيذ قبل فورانه واشتداده ، أو قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيام حتى صار غير مسكر كالدبس ، ونحوه من المربيات ، وشراب الخروب ، فهو مباح ، لأن التحريم إنما ثبت في المسكر ، فبقي ماعداه على أصل الإباحة .


واستدلوا بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقع له الزبيب ، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ، ثم يأمر به فيسقى أو يهراق .

الانتباذ في الأوعية :


الانتباذ : اتخاذ النبيذ المباح ، وقد اتفق الفقهاء على أنه يجوز الانتباذ في الأوعية المصنوعة من جلد ، وهي الأسقية ، واختلفوا فيما سواها .


فذهب الحنفية إلى جواز الانتباذ في كل شيء من الأواني ، سواء الدباء والحنتم والمزفت والنقير وغيرها ، لأن الشراب الحاصل بالانتباذ فيها ليست فيه شدة مطربة ، فوجب أن يكون الانتباذ في هذه الأوعية منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم : " نهيتكم عن الظروف ، وإن ظرفا لايحل شيئاً ولايحرمه ، وكل مسكر حرام " فهذا إخبار صريح عن النهي عنه فيما مضى ، فكان هذا الحديث ناسخاً للنهي .


ويدل عليه أيضاً ماروى أحمد عن أنس ، قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت ، ثم قال بعد ذلك :" ألا كنت نهيتكم عن النبيذ في الأوعية ، فاشربوا فيما شئتم ، ولا تشربوا مسكراً ، من شاء أوكى سقاءه على إثم " .


فالإكراه مثلا ً :

ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز شرب الخمر عند الإكراه ، لقوله عليه الصلاة والسلام : " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ومااستكرهوا عليه " إلا أن الشافعية مع قولهم بالجواز ألزموا شارب الخمر عند الإكراه - وكل آكل حرام أو شاربه - أن يتقيأه إن أطاقه ، لأنه أبيح شربه للإكراه ، ولا يباح بقاؤه في البطن بعد زوال السبب .


(الثاني) من أحكام الخمر : أنه يكفر مستحلها :

لقد ثبتت حرمة الخمر بدليل قطعي ، وهو القرآن الكريم ، والسنة والإجماع ، كما سبق . فمن استحلها فهو كافر مرتد حلال الدم والمال .

هذا ، وإن الخمر التي يكفر مستحلها هي مااتخذ من عصير العنب ، أما ما أسكر من غير عصير العنب النيء فلا يكفر مستحله ، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء ، لأن حرمتها دون حرمة الخمر الثابتة بدليل قطعي ، وهذه ثبتت حرمتها بدليل ظني غير مقطوع به من أخبار الآحاد عن النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة .


ضابط السكر :


ذهب المالكية والشافعية والحنابلة وصاحبا أبي حنيفة وغيرهم إلى أن السكران هو الذي يكون غالب كلامه الهذيان ، واختلاط الكلام ، لأن هذا هو السكران في متعارف الناس اسم لمن هذى ، وإليه أشار الإمام علي رضي الله عنه بقوله : " إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحد المفتري ثمانون " .


فحد السكر الذي يمنع صحة العبادات ، ويوجب الفسق على شارب النبيذ ونحوه هو الذي يجمع بين اضطراب الكلام فهما وإفهاماً ، وبين اضطراب الحركة مشياً وقياماً ، فيتكلم بلسان منكسر ، ومعنى غير منتظم ، ويتصرف بحركة مختبط ، ومشي متمايل ، ومازاد على ذلك مما يذكره الإمام أبو حنيفة فهو زيادة في حد السكر أي مقداره .

وذهب أبو حنيفة إلى أن السكر الذي يتعلق به وجوب الحد هو الذي يزيل العقل بحيث لايفهم السكران شيئاً ، ولايعقل منطقاً ، ولايفرق بين الرجل والمرأة ، والأرض والسماء ، لأن الحدود يؤخذ في أسبابها بأقصاها ، درءاً للحد ، لقوله عليه الصلام والسلام : " ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم " .

وقول الصاحبين أبي يوسف ومحمد مال إليه أكثر المشايخ من الحنفية ، وهو المختار للفتوى عندهم . قال في الدر : يختار للفتوى لضعف دليل الإمام .

هذا مأخوذ من الموسوعة الفقهية - إصدار الكويت.


*****************************************************************

الفتوى العلمية بصوت للشيخ اسامة عبد الكريم الرفاعي بصوته حفظه الله (لبيرة بدون كحول)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

إلى كل محتار في الحكم الشرعي للبيرة بدون كحول، وإلى كل من يقول حلال ... وإلى كل من يقول حرام، هذا تفصيل فتوى مستفيضة في هذا الأمر، راجياً من الله أن يكون فيها الفائدة للجميع.

ملاحظات:
------------

- الفتوى قامت على دراسة علمية كاملة عن الموضوع قام بها عدة مختصين وأخذت الوقت الكبير
- الفتوى بصوت الشيخ العلامة أسامة الرفاعي حفظه الله خطيب وإمام مسجد عبد الكريم الرفاعي بمدينة دمشق.
- سبب الفتوى السؤال الكثير عن هذا الموضوع مما دفع الشيخ حفظه الله إلى البحث العلمي عن هذا الموضوع بمساعدة فريق من المختصين.

رابط الفتوى الصوتي: http://www.sadazaid.com/sounds/osama/ftawi/mostjdat/05.mp3

قام احد العلماء الأفاضل في مدينة دمشق بإجراء دراسة علمية موثقة عن الموضوع بمساعدة فريق من الاختصاصيين في المخبر والصيدلة، وأقدم لكم النتيجة فيما يلي: فتوى تحريم ” البيرة بدون كحول” من الشيخ أسامة الرفاعي بالدلائل العلمية‏:

وقد قمت بكتابة النص كما ورد في التسجيل (قدر الإمكان) :

تكرر طرح السؤال التالي على الشيخ:

“هل يجوز شرب المشروب الذي كتب عليه – بيرة بدون كحول-؟”

لم يتجرأ الشيخ الجليل على الإجابة حتى قام مع إخوانه في الله بدراسة علمية شاملة لإعطاء إجابة موثقة، حرصاً على أن لايكون هناك تجني على أحد، أو فتوى بغير علم، أو رجماً بالغيب.

تم إجراء دراسة متعبة نوعاً ما عرض الشيخ موجزها لكي نعرف كما يقول الشيخ ” أن الفتوى لم تكن اعتباطية ولا متسرعة ولكن مبنية على دراسة علمية إن شاء الله”

يقول الشيخ:

أخذنا زجاجة (قنينة) كتب “عليها بيرة بدون كحول” ودفعناها الى مخبر في الشام متخصص بتحليل المواد الغذائية والصناعية وهو معتمد من قبل وزارة الصناعة، حللنا المادة في الزجاجة وتبين أن فيها 0.004 من الكحول المركز. وتثبتنا من صحة هذا التحليل عن طريق إدارة البحوث، ونحن نعلم كم في هذه الإدارة من الدقة والتمحيص والتحقيق، وأثبتت إدارة البحوث صحة هذا التحليل.

ولكن هناك من يقول ماذا تعني 0.004 هل هذه مسكرة؟ (يا أخوان 0.004 تعني أنه إذا كان لدينا 1000 غرام فهناك 4 غرامات فيها كحول).


تابعنا الدراسة بعد أن شكك أحد الأخوة في هذا وقال لنا ” يا أخي الخل فيه 0.004 كحول وربما أكثر!” فاتصلنا بهيئة المقاييس والمواصفات السورية وقلنا لهم الخل الطبيعي كم فيه من الكحول؟ فكانت الإجابة ” أن الخل حينما يتحول – أي من الخمر فيكون خلاً- فإنه بعد ذلك يكون عديم الكحول ” أي نسبة الكحول فيه صفراً. بالتالي فالتشكيك كان في غير محله.


ثم بعد ذلك أتينا الى حديث النبي صلى الله عليه وسلم لنعلم هل النسبة قليلة يمكن التجاوز عنها أم هي كثيرة؟ تابعوا معنا


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أو داوود والبيهقي وغيرهما من أصحاب السنن:

” ما أسكر منه الفَرَقْ فملءُ الكف منه حرام” وهذا ورد في توضيح الحديث ” ما أسكر كثيره فقليله حرام”

الفَرَق : وعاء كان يغتسل فيه النبي صلى الله عليه وسلم. وتقول كتب اللغة أن الفَرَق سعته ثلاثة أصُع (جمع صاع) والصاع يعادل حوالي 3.1 ليتر، وبالتالي سعة الفَرَق هي 9.3 ليتر.

ما قاله صلى الله عليه وسلم في حديثه أن الذي يشرب من أي مشروب سعة فَرَق (9.3 ليتر) ويسكر، فكمية قليلة من هذا المشروب ولو كانت ملء الكف هي حرام.

نعود الى البيرة بدون كحول، لو ملئنا فَرَق بمشروب بيرة بدون كحول وحسبنا كمية 0.004 لوجدنا أن الفَرَق فيه 37غ كحول خالص، والسؤال الأن هل هذه مسكرة؟

قمنا بإستشارة أهل العلم وهم أطباء متخصصون بالأمور النفسية فأجابونا بأن نسبة تركيز الكحول في الدم في رأي الطب الشرعي في فرنسا إذا كانت 0.8 غ/ليتر الدم أو أكثر فيعتبر السائق سكران ويعاقب وتسحب منه رخصة قيادة السيارة. وفي أمريكا هذه النسبة هي 0.3غ/ليتر الدم.

أخذنا الحد الأعلى (0.8 غ/ليتر الدم) تساهلاً وذلك تماشياً مع الطب الشرعي الفرنسي، وسألنا أطباء النفسية: ما هي الكمية التي يحتاج أن يشربها الإنسان لتصل نسبة الكحول في دمه الى 0.8غ/ليتر ؟ فكان الجواب 6 غرامات.

أي إذا شرب الإنسان 6 غرامات يسكر، ينتشي.

بالعودة الى الفَرَق وفيه 9.3 ليتر بيرة بدون كحول حيث وجد فيها بالحسابات 37 غ كحول خالص، نجد أن الفَرَق يسكر وبالتالي ” ما أسكر منه الفَرَقْ فملءُ الكف منه حرام” إذاً 0.004 حرام ولايوجد أي تردد في هذه الفتوى، فمقياسه صلى الله عليه وسلم واضح.


لا تترددوا يا أخوان فهذه فتوى مبنية على دراسة علمية دقيقة،


ويقول الشيخ أسامة الرفاعي في نهاية كلامه أن الدراسة بوثائقها الكاملة متوفرة لمن أراد الإطلاع عليها.


نبذة عن الشيخ العلامة أسامة الرفاعي:
---------------------------------------------

ولد في دمشق عام 1944 , و تخرج في مدارس دمشق و ثانوياتها , ثم التحق بجامعة دمشق و درس اللغة العربية و علومها في كلية الآداب قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1971

لازم والده العلامة الداعية الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى و تلقى عنه العلوم الشرعية و اللغوية .

نقل الشيخ حفظه الله تعالى في عدد من العواصم الإسلامية أثناء مسيرته الدعوية
تولى الخطابة في عدد من مساجد دمشق منذ شبابه و هو الآن خطيب و مدرس جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي في دمشق.