ماحكم العمل بمهنة الحلاقة وحلق لحى الرجال
تاريخ الإضافة : 2011-12-24 00:00:00
ما المخرج لمن تعلم من صغره مهنة الحلاقة حتى شب ولا يتقن سواها , ثم تبين له أن حلاقة اللحى لا تجوز, فإن اقتصر على حلق غير اللحية قل الزبائن إلى جانب المعاملة من الجهات المعنية . فما الحل؟

شأن المسلم دائماً البحث عن الرزق الحلال . ومن هنا جاء السؤال للوقوف على دخل الحلاق أحلال هو أم حرام.

لا شك أن الحلاقة مهنة مشروعة بضوابط, منها ألا يمارس الحلاق حلق ما نهت عنه الشريعة ولا النتف للحواجب . ولا التعامل مع النساء بأي صورة أو حال .

لا يعتبر ضرورة تجيز ما منعت منه الشريعة أن السائل لا يعرف سوى مهنة الحلاقة , وأنه إذا اقتصر على حلق الرؤوس دون اللحى قل زبائنه. وربما عوقب من الجهات المعنية, لأنه بإمكانه أن يحدد مهنة أخرى ويجد في تعلمها , وربما وجدنا في همته في ذلك سبيلاً إلى أنه ما أن يجد نفسه قادراً على التغيير وجب عليه فوراً , ولا يفهم من ذلك أنه مأذون له ما قبله , بل يشفع له أنه أن يسعى إلى إيجاد عمل ما دام في مقتبل العمر يصفو له دخله , ويطيب رزقه وطعامه وشرابه ولباسه.

من ترك شيئاً لله تعالى عوضه الله بخيراً منه , و الإخلاص _هاهنا_في ترك المهنة التي لا يستطيع فيها أن يضبط يده بضغط من الزبائن أو جهات نقابية كفيل بأن يفتح له الأبواب.

نذكر بأن أهم ما يجب على المسلم بعد الإيمان و الفقه في العبادات و الفقه في المعاملات , والوقوف على الفقه يعيش في رحابه أو على حرام لم يتجنبه حتى ما هو شبهة فيه.

اللقمة الحلال تبني الجسد بناء يصلح به أن يكو من أهل الجنة , لأنه أيما جسد نبت من سحت فالنار أولى به.

             وبعد هذا إليك  هذه الأحكام :   

في تحديد اللحية_وإن كانت معروفة_

قالوا هي الشعر النابت على الخدين و الذقن , قال ابن عابدين_رحمه الله تعالى_المراد بها كما هو ظاهر في كلام الفقهاء للشعر النابت على الخدين من غدار وعارض والذقن والغدران في العذران لسان العرب جانباً اللحية , والعارض الخد . والسبال :طرف الشارب , وهما سبالان.

 

عن النبي _صلى الله عليه وسلم_قال :"خالفوا المشركين وفروا اللحى, وأحفوا الشوارب رواه البخاري,

وحديث أبي هريرة _ رضي الله عنه_ بلفظ جزوا الشوارب وأرخوا اللحى , خالفوا المجوس. رواه مسلم,

وحديث السيدة الصديقة بنت الصديق _رضي الله عنهما_ عن النبي صلى الله عليه وسلم :

"عشر من الفطرة " وعد منها "إعفاء اللحية" رواه مسلم. "فاعفوا " أي كثروا , أو "وفروا " وحقيقة الإعفاء الترك,و الترك يستلزم التكثير كما نقل عن ابن دقيق العيد _رحمه الله تعالى_.

قسم الفتاوى

وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه إذا زاد طول اللحية عن "القبضة" يجوز أخد الزائد, بما ثبت أن ابن

عمر _رضي الله عنهما _ كان إذا حلق رأسه في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه في الموطأ وفي رواية ,كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته , فما فضل أخذه في البخاري.

وعلق ابن حجر فقال :الذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا بالنسك, بل كان يحمل الأمر

"بالإعفاء" على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراض طول شعر اللحية أو عرضه.

وقال الحنفية إن أخذ ما زاد عن القبضة سنة" ويكون بأن يقبض الرجل على لحيته فإذا زاذ منها عن قبضته بعض الشيء قطعه" . نقل ذلك محمد عن أبي حنيفة , وقال وبه نأخذ".

وفي قول للحنفية :"يجب قطع ما زاد عن القبضة". كما نقله الصحكفي , ويقتضي هذا القول الإثم بتركه, ونص الإمام أحمد على أنه لا يكره أخذ ما زاد عن القبضة .

وقال ابن حجر :"إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها , حتى أفحش طولها أو عرضها لعرض نفسه لمن يسخر منه".  والسخرية هنا ليست من السنة , لأنها كفر _والعياذ بالله تعالى_ وإنما من سوء تطبيقها , وقد جاء في حديث الترمذي _ضعف أحد رواته_ عن عمرو ابن العاص أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ كان يأخذ من لحيته , من طولها وعرضها . وجاء أما الأخذ من اللحية , وهي دون القبضة لغير تشوه فلم يبحه أحد . أنظر حاشية ( ابن عابدين 2-113)

ومما مر تلخص أن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية و الحنابلة_وهو قول عند الشافعية_ على أنه يحرم حلق اللحية , لأنه مناقض للأمر النبوي بالإعفاء والتوفير .ففي حاشية الدسوقي المالكي :"يحرم على الرجل حلق لحيته" ويؤدب فاعل ذلك ونص الحنابلة على أنه لا يكره أخذ الرجل ما تحت حلقه من الشعر لأنه ليس من اللحية , و الأصح عند الشافعية أن حلق اللحية مكروه.

ومما يؤكد أن الحنفية والحنابلة ذهبوا إلى أن في اللحية دية كاملة إن أذهبها رجل عمداً أو خطأ بحلق أو نتف أو معالجة بدواء ثم لم تنبت ثانية . ويؤجل سنة التحقيق من عدم إثباتها , واللحية الكثيرة ةالخفيفة في ذلك سواء , وقالوا لأنه أزال الجمال على الكمال و ذهبوا إلى أنه في إتلاف نصفها نصف الدية واستندوا في إيجاب الدية في شعر اللحية بقول علي وزيد بن ثابت "في الشعر دية" 

وقد ذهب الشافعية والمالكية في إتلاف شعر اللحية إلى حكومة عدل لا دية.

ألا تلخص من كل ما سبق إلى أنه إما أن يقتصر السائل على الحلاقة المشروعة ويتجنب المنهي عنها ويتابغ مهنته حتى يعرف بهذا بين طالبي الحلاقة ويسعون إليه أو يبحث عن مهنة أخرى و يبذل جهده في إتقانها بأقصر مدة ليكسب منها الحلال الذي ينعكس على قلبه نوراً وعلى نفسه صفاءً وعلى عيشه هناءً , ولعل المدة التي يتم فيها الإنتقال تقصر بمهمته العالية في طلب التغيير مع اتقاء حلق اللحى في أثنائها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً , والله أعلم.