ما هي الأسباب التي تجيز الهجرة إلى غير بلاد الإسلام ؟ و...
تاريخ الإضافة : 2012-05-17 00:00:00
ما هي الأسباب التي تجيز الهجرة إلى غير بلاد الإسلام ؟ و كيف يمكننا حماية أبنائنا من خطر تلك المجتمعات؟

الأسباب التي تسوغ الهجرة إلى غير بلاد المسلمين وسبل حماية الأبناء في المهجر إذا حصلت...

رأيت أن أجمع في الجواب ماسمح لي الوقت أن أجمعه من أقوال العلماء الذين تناولوا هذه الظاهرة ، الهجرة إلى غير بلاد المسلمين ،وبيان متى تجوز ؟ وما سبل حماية الأبناء هناك في المهجر ؟ .

ولعلي أنصح لمن هاجر بسبب مشروع أن يختار سكناه في بيئة يكثر فيها المسلمون ، ولا يعدم تجمعات إسلامية هناك ، وهذا من ألوان حماية الأولاد والكبار أيضا ً .

وأن يسعى كل من هاجر إلى إقامة دروس أسبوعية خاصة في أيام العطل ، يجتمع فيها الأصحاب على درس أسبوعي هادف ، والنساء كذلك يجتمعن على مثل هذه الدرس ، ويتولى أمر التوجيه فيه من نثق بعلمه وتقواه .

وإليك أختنا الفاضلة ماتمكنت من رصده حول مسألة الهجرة ومخاطرها ومسوغاتها ، ومايتقى فيها .. أرجو أن يستفاد منه .

أولا : إن تعميم الحديث عن أحكام الهجرة إلى بلاد الكفر والإقامة فيها من أشكل المسائل المعاصرة ، وذلك لكثرة تفاصيلها وتنوع حالاتها ، واختلاف أعذار الناس الذين يرغبون في الهجرة إليها ، ولكن هناك قواعد عامة إذا راعاها الفرد ربما يستطيع الاهتداء بها :

أولا ً : إن القاعدة العامة هي عدم جواز الإقامة في بلاد الكفر ، وبين ظهراني المشركين ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " . رواه أبو داود (2645) ، والترمذي (1604) .

ثانيا ً : إن من اضطر إلى الإقامة في تلك الديار ، فللضرورة أحكام ، والضرورة تقدر بقدرها .

ثالثا ً : أن على المقيم في تلك الديار ألا يكف عن البحث عن موقع في بلاد الإسلام يهاجر إليه .

رابعا ً : إن من غلب على ظنه أنه لايقدر على وقايه نفسه وأهله في تلك الديار ، فقد حرمت في حقه الهجرة .

خامسا ً : إن من الأسباب المبيحة للإقامة في بلاد الكفر : الخروج لأجل تحصيل علم ، أو ممارسة دعوة ، أو الخوف في بلده على النفس والمال من ظالم ، وهو يجد الأمان في بلاد الكفر . . . وبدهي أن تحصيل العلم أمر مؤقت ، له زمن ينتهي إليه

وعلى كل راغب من غير من سبق أن يستفتي في حق نفسه فتوى خاصة ممن يثق بدينه وعلمه .
وعليه ، فلا تجوز الهجرة إلى بلاد الكفار بقصد الإقامة فيها إلا إذا دعت ضرورة لذلك ، وكذلك لايجوز الذهاب إليها للسياحة والتنزه ، وذلك لما في هذه البلاد من المنكرات الشائعة ، والفتنة التي لايتجو منها إلى من رحمه الله تعالى ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " رواه أبو داود .إلا إذا أمن من تلك السبيات ، وحصن نفسه ومن معه مدة سياحته ،

أما إذا كان السفر إليها لأجل الدعوة إلى الله ، وتعليم الناس دين الله ، فهذا مما طلب منا أن نقوم به ، لأننا أمة دعوة عالمية . هذا ،وإن من أخطر المخالفات الشرعية والأضرار الدينية في معاشرة ومساكنة الكفار ما يأتي :


1-مشاهدة المنكرات ومؤالفاتها لكثرة رؤيتها حتى يصل الرائي إلى أنه لا ينكر ، ولا بقلبه ، بل ربما يستمريء ذلك بعد فترة من الترويض ! .

2-عدم إشهار الشعائر التعبدية منعا ، أو حياء في أحيان .

3-الفتنة في الدين على النفس ، والأولاد ، والنساء ، والأحفاد .

4-هجر الأمر ، والنهي ، والنصيحة ، إذ لا مجال للقيام بذلك هناك .

5-الخوف من الوقوع في الزنى والفاحشة .

6-المعايشة تدعو إلى التشبه بالكفار والتخلق بأخلاقهم .

7-ترك اللسان العربي .

8-الخوف على النفس ، والمال ، والولد ، والأهل .

9-موالاتهم .

10-ليس للمسلم على زوجه وولده- هناك- أي ولاية .

11-الخوف من تزويج البنات المسلمات بالكفار .

12-تعلق النساء والأولاد بالدنيا يجعل من العسير على الأب إذا عزم على الرجوع أن يطاوعه هؤلاء على ذلك ، فإما أن يطاوعهم ويجلس معهم وإما أن يتركهم هناك للضياع !! .

13-من القواعد المسلم بها أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، فما يستفيده المسلم من هجرته إلى تلك البلاد من الحرية الشخصية والمصالح الدنيوية من تعليمية وعلاجية ونحوها ، لايساوي الأضرار المشاهدة من المآسي ، وما يعرفه المقيمون هناك أضعاف أضعاف مانعرفه نحن .

14-المضايقات وردود الأفعال التي تصيب المهاجرين ، كما حدث إثر حوادث الحادي عشر من سبمتمبر .

ولله در عمر بن عبدالعزيزخليفة وقته عندما نهى المسلمين عن الإقامة بجزيرة الأندلس ، مع أنها كانت في وقته رباطا ً لايجهل فضله ، ومع ما كان المسلمون عليه من القوة والظهور ، فكيف بمن يلقي اليوم بنفسه وأسرته طائعا ً مختارا ً في ديار الكفار مع شدة سطوتهم ، وكمال قوتهم .

وعليه ، فلا تجوز الهجرة إلى بلاد الكفار بقصد الإقامة فيها إلا إذا دعت ضرورة لذلك ، وذلك لما في هذه البلاد من الفتنة التي لاينجو منها إلا من رحمه الله تعالى ، ويشترط لهذا الذي دعته الضرورة إلى الهجرة أن يكون آمنا على نفسه من الوقوع في تلك الفتن ، وهو صعب المنال .

وعليه أن ينوي أن يرجع إذا حس أنه سيتضرر أو أن مهمته قد انقضت ، أو يكون ممن هو مضطر اضطرارا ً حقيقيا ً كالذين يخشون على أنفسهم القتل أو السجن إن هم بقوا في بلادهم ، ومما تتحقق به الضرورة :

- أن لايجد مكانا يؤوي إليه في بلاد المسلمين ، فإذا وجد المسلم بلدا ً إسلاميا ً يقيم فيه آمنا ً على نفسك وأهلك ودينك ، ووجد فيه فرص العيش الكريم فهذا هو الأصل . فإن لم يجد ، ووجد بلدا ً كافرا ً يؤويه ، ويؤمنه على حقوقه الدنيوية ، ويسمح له بممارسة شعائر دينه ، جاز له الانتقال إليه ، حتى يجعل الله له فرجا ً ومخرجا ً ، قال العلماء : وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ، ولم يحارب المسلمين ، ولا يعين عليهم ، ولم يجد في المسلمين من يجيره ، فهذا لاشيء عليه لأنه مضطر مكره

وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أصحابه بالهجرة من مكة المكرمة إلى الحبشة ، وقد كانت دار كفر ، وأهلها كفار ، ويحكمون بغير الشريعة .

- أن لا يأمن على نفسه في بلده ، إذ إن هناك حالة من حالات الاضطرار التي يكون فيها بعض المسلمين مطاردا ً أو ملاحقا ً أو مضطهدا ً في بلده ، ويتوقع حصول الأذى الشديد عليه ، وليست لديه القدرة على العيش في بلاد المسلمين ، ولا القدرة على الهجرة إلى بلاد تؤويه من بلدان المسلمين ، وليس أمامه سوى بلاد الكفار ، فيجوز له في هذه الحالة ، شريطة أن يكون مبغضا ً لما عليه الكفار من الكفر ، ويعتقد البراءة منه ، مع قيامه بالدين علما ً وعملا ً حسب المستطاع .

- أن يحتاج إلى علاج لايوجد في بلاد المسلمين .
- أن يحتاج المسلمون إلى علم أو خبرة أو تدريب لايمكن تحصيله إلا بالذهاب إلى بلاد الكفار .
- أن يذهب للدعوة في بلاد الكفار . سواء لإيضاح الإسلام لغير المسلمين ، أو للقيام ببعض مصالح المسلمين الهامة كالإمامة والخطابة وتعليم أبناء المسلمين ونحو ذلك .

ويشترط في كل من يسوغ له شرعا ً الذهاب إلى بلاد الكفار أن يتوفر لديه أمران:

الأول : علم يدفع به الشبهات .
الثاني : عقل يدفع به الشهوات .
فإذا لم تتوفر لم يجز له الذهاب ، وبالتالي لاتجوز إعانته على ذلك .

وأجمل هنا ما يحتاجه من ألجيء إلى الهجرة ليظل محافظا على هويته الإسلامية التي هي كل رأس ماله ، وما يعينه على تحقيق إيمانه ، بل وزيادته ، وتهيئة الفرصة لنجاحه- هناك في المهجر- في حمل أعباء الرسالة والدعوة ، أجملها بمايلي :

1-العلم ، فيحرص على طلب العلم والاستزادة منه واغتنام وقت الشباب - خاصة - في الحفظ مبتدئا بالأهم فالأهم ، فلا عمل بلا علم قال الله : ( فاعلم أنه لاإله إلا الله واستغفر لذنبك ) / غافر : 55 ، فأمر بالعلم أولا ً ثم الاستغفار ثانيا ًلما يشوب العمل من شوائب تغسل بالاستغفار ، والعلم سبيل الخشية والخوف والتعظيم لله ، قال الله- تعالى- : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )/ فاطر : 28 .

2-القراءة في كتب السيرة وأخبار السلف الصالح وتاريخ الفتوحات والوقائع الإسلامية - وهذه القراءة من العلم أيضا ً - إلا أنها تدفع إلى التأسي بنبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - واتباعه ، وتوقد الحماس في الصدور لإعادة مجد الأمة المفقودة ، وعزها المسلوب .

3-العمل بكل ماتعلمه في الحال من فرائض ونوافل ، وأن يجتهد في إحياء السنن التي أماتها الناس سيما في ديار الغربة كقيام الليل ، وصيام النوافل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، وعيادة المرضى ، وصلة الأرحام ، ودعوة المفتونين بزيف الحضارة الغربية ، وكل عمل صالح يعمله سيجد أثره زيادة في الأيمان ، وقوة في اليقين ، وثقة بـالله ، وشجاعة في القلب بإذن اللطيف الخبير .

وهناك شروط شرعية لجواز طلب اللجوء السياسي تكشف عن أهم الأسباب التي تسوغ الهجرة إلى غير بلاد المسلمين :

1-أن يتأكد من وقوع الظلم عليه في دار الإسلام ، ويختار الأرض التي يكون فيها آمنا ً هو وأهله وأمواله ، ويمكنه أن يعبد الله بحرية أكثر من بلاد الإسلام ،فإن لم يجد فليبحث بعد ذلك بين البلاد غير الإسلامية ، وأن يكون في حماية تلك الدولة ، لأن الظلم في مرارته واحد ، سواء جاء من المسلمين أم من الكافرين .

2-أن لايعين الكفار على المسلمين بأي أسلوب من أساليب الإعانة ، كأن يفشي لهم أسرار المسلمين ، أو أن يقاتل معهم ضد المسلمين ، لأن هذا يعتبر خيانة كبرى في الإسلام .

3- أن ينوي الرجوع إلى دار الإسلام فورا ً بعد أن تزول الأسباب التي من أجلها ترك دار الإسلام ، إلا إذا كان في بقائه مصلحة عامة للإسلام والمسلمين ، كأن يرجى إسلام أهل الكفر ، أو تعليم المسلمين الذين أسلموا في دار الكفر .

4-أن يكون سفيرا ً للإسلام في تلك البلاد بخلقه وعلمه وإخلاصه ، وأن يقوم بتعريف الناس بالإسلام ، إذا كانت تسمح له ظروف تلك الدولة وقوانينها . هذا ما يسر- أختنا الكريمة - فإذا كان يفي فالحمد لله ، وإن لم يف بالمطلوب فأرجو تحديد السؤال لئلا يأتي عاما ن ويحتار في جوابه !