أولاَ: الخطبة لاتعدو إعلان توجه من كل من الطرفين : الخاطب والمخطوبة نحو الرغبة بإنشاء أسرة ، ولا تحل الخطبة شيئا ً حرمه الله تعالى بين الرجال والنساء ، ويظل أمرها في إطار الإعلان عن مشروع الزواج ، وقد أذنت الشريعة في مسألة الخطوبة بأمور منها الرؤية ،أي : أن يرى كل من الخاطبين الآخر ، و بشروط الرؤية الشرعية ، على أن يقتصر أمرها على رؤية الوجه والكفين ، دون الشعر وغيره مما لايجوز أن يرى ، وأذنت بمجالسة الخاطب الخطيبة مع وحود محرم لها ، وهذه يمكن أن تعاد ثانية إن منع الحياء من طرح المواضيع التي تطرح عادة فيها ، وبوجود المحرم أيضا ً ، وماوراء ذلك فالأمر فيه المنع .

ثانيا ً : التعرف من قبل كل من الخاطب والمخطوبة للآخر عبر الكلام لايحقق شيئا ً هاما ً ، إذ كثيرا ً من يعسّل الكلام في هذه الفترة ، ويكون بعد ذلك من أمرّ المر .. ذلك أن كلا ً من الطرفين يحرص على أن يظهر وقتها بأكمل صورة ،على أنه قبل الخطبة تكون دراسة وافية أو يركز فيها على أخلاق الخاطب فإن أعجبتها أخلاقه مع دين " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " والتعرف إلى الأخلاق تكون عبر الوقوف على سيرته وسلوكه مع من يتعامل معهم ، وأما الكلام معه عن الأخلاق وما يتصل به فلا يكشف إلا الجانب الفكري لا السلوكي .

ثالثاً: يكتفي بالتعرف إلى الخاطب عبر السؤال عنه من قبل من يعاملونه ليثنوا عليه أويذموه ... إذ المعاملة وحدها كفيلة بأن تكشف المستور ، ومن هنا ليس صحيحا ً أن تطويل فترة الخطبة ليتعرف كل إلى الآخر ، إذ هي فترى لاتكشف ماعليه كل من الطرفين على ، وكثيرا ً ماظهر الخاطب على أكمل وجه ، ثم تبين أنه كان يتستر وراء دماثة الأخلاق التي كانت لاتعدو كلاما ناعما ، وبالمعايشة ظهرت خلفيته التي كانت مستورة .

- لذلك أرى أن قلة كلام الخاطب له جانب شرعي جيد ، ولايحتاج إلى كثرة الكلام معه ، لأنه ليس السبيل إلى المعرفة التي تطمئن إليها النفس ..

والله أعلم ..