أرجو أن تبين لنا الحقيقة فيما يسمى بالإعجاز العلمي في...
تاريخ الإضافة : 2012-05-22 00:00:00
أرجو أن تبين لنا الحقيقة فيما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن، لأجعله مقدمة لبحث لي يتناول لمسات إعجازية في آيات تتعلق بالنبات.

الحمد لله منزل القرآن وخالق الأكوان، أخبر بما أنزل عما خلق، والصلاة والسلام على سيد السادات المؤيد بالمعجزات، وأبقاها وأعظمها كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

إن وقفة فاحصة بين يدي القرآن الكريم تريك مدى ما كان من عناية بهذا الكتاب الكريم تلاوة وتدبراً ومدارسة، ولا يزال الشغل الشاغل للسعداء الموفقين إلى سبل الهداية، وهذا الامتداد يحكي شعبة من شعب حفظ القرآن، حيث سطر في السطور وحفظ في الصدور، ودعم ذلك وعلى امتداد العصور بالدراسات المتنوعة التي تناولت كثيراً من مضامينه، ولعل القرن الماضي على وجه الخصوص قد حفل بإبراز كثير من الحقائق الكونية التي سبق بها القرآن البحوث القائمة على جهود العلماء والباحثين، فكان طعماً جديداً من مائدة القرآن، يتناغم مع اهتمام أهل العصر الماضي بالقضايا العلمية، والكشف عن حقائق هذا الكون في عوالمه المختلفة من إنسان إلى نبات، ومن ذرات إلى مجرات.

هذا، ويجيء البحث في آية واحدة ترصد عالم النبات، فيكشف عن آفاق الكلمة القرآنية، والتعبير القرآني، وحناياه، بحثاً خاض غمارهُ عالم متخصص خبير بعلم النبات، شديد الصلة بكتاب الله، يمتلك ذخيرة واسعة من الحس اللغوي، والتذوق الآسر، والبحث العلمي الرصين، وقد جلا البحث طول باع باحثه في مجال تخصصه ورفع مصباحاً من مصابيح الإعجاز العلمي في القرآن، أرجو أن يستضيء به المسلمون، ويهتدي إلى عطائه غير المسلمين، إذ الوجه الإعجازي هو اللغة الرائجة في عصر رفع فيه شعار العلم والبحث العلمي، وكان فيه إنجازات ساحرة.

إنه يمكن القول أن لآلئ الإعجاز البلاغي كان الجانب الأكبر، والوجه الأنور الذي أطل به القرآن على مجتمع الفصاحة والبلاغة، فكان عبقاً ملأ الصدور من أريج الكلمة الفواحة واللفتة البلاغية الفذة، كما كان على أولئك الذين امتلكوا ناصية البيان، وعلى من دونهم من بعدهم، وإلى يومنا هذا، ولكن، هل يقتصر الإعجاز القرآني على الميدان البلاغي، أو هناك أوجه كثيرة، كلٌ منها يثبت أن هذا القرآن كلام الله تعالى: ليس للرسول صلى الله عليه وسلم دور فيه سوى التلقي والتبليغ.

أجل هناك أوجه، ومنها الإعجاز العلمي الذي أطل في القرن الماضي بوجهه المشرق على أهل عصرنا الذي نعيش فيه،فكان حجة إلى جانب حججه، ودليلاً لا يرد على أن القرآن كلام الله الذي أحاط بكل شيء علماً، وإن كان لنا أن نسجل بعض الحقائق والملحوظات ههنا فنقول: القرآن الكريم كتاب هداية، وبناء لحياة ربانية، يسعد بها الأحياء، ومعجزة أيد الله بها الرسول الخاتم الذي كان أمياً لا يعرف القراءة، ولا الكتابة، جاء معجزة تقول بملء فيها ((من أنزلت عليه رسول الله)). إلى جانب مئات من المعجزات التي تجلي هذه الحقيقة، وتؤكدها لتنفي كل ريبة تمنع من التصديق.

تضمن القرآن لمسات لمجموعة من الحقائق الكونية التي يرجع أمرها أساساً إلى اكتشافها في ميادين البحث الدؤوب، ولذا لم تكن مقصودة فيه لذاتها، حيث إن معرفة أسرار الكون وسننه ترك لأمر الجهود البشرية، وما تناولها القرآن كتاب الهداية أساسا إلا بصائر، ساقها منارات تعلن عن مدى عمق صلة الرسول بمنزل القرآن، ومبدع الأكوان الذي أحاط بكل شيء علماً، شكلت هذه اللمسات حين بدأ الكشف عنها، والاهتمام بها، حتى شكلت تياراً زاخراً من الحقائق، شكلت صدمة مرعبة لكثير من رؤوس الضلالة الذين بنوا مواقفهم على العناد والمكابرة، فاندفعوا يشغبون على الإعجاز العلمي في القرآن، ونشر المعهد البابوي دراسة عنه، تضمنت قدراً كبيراً من التحريف والمغالطة، ابتغاء طمس هذا الوجه، أو تعكير صفائه، بأسلوب ناعم ماكر مزور، وتوهين مصدره الحق، ومما قالوا إن موريس بوكاي وراء بدعة الإعجاز العلمي للقرآن اختلقها، فطار بها المسلمون، وأغفل هؤلاء أن هذه الظاهرة سبقت موريس بعشرات السنين، حيث وجدت فيما كتب الغمراوي سنة 1937 م في كتابه (سنن الله الكونية) وكتب فيها الأستاذ أحمد حنفي بعنوان (التفسير العلمي للآيات الكونية) الصادر سنة 1960 كما تناول كثيراً من الأدلة الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- في كتابه (نظرات في القرآن الكريم) وهناك نموذجاً واحداً من التضليل، به تقف على مدى الكذب والتزوير والتحريف في الحقائق التي يعرضونها تحت راية (البحث العلمي) إليكه:

قامت معارك ضارية بين الفرس والروم، وأوقع الفرس هزيمة ساحقة بالروم، حتى رئي أنه لن تقوم بعدها للروم قائمة،ذلك لفداحة الخسائر التي مني بها الروم، ولشدة الضربة التي كالها لهم الفرس !! وقد جاء القرآن الكريم يعلن بوضوح أن الغلبة ستكون للروم ((سيغلبون في بضع سنين)) الآية 2 من سورة الروم، ويكفي بيانا لبعد هذا الخبر عن الأذهان أن المشركين راهنوا الصديق على ذلك، ويجيء المؤرخ الروماني (جبرون) يعلل النبوءة القرآنية فيقول: إن سبب هذه النبوءة هو حقد (محمد) على (كسرى) بعد أن مزق له رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام...!!

وهذا التعليل ينطلي على جاهل في التاريخ، أو ضال أشرب قلبه الإنكار، وتبنى الرفض بلا سبب معتبر، لكن من عرف أن الرسالة التي مزقت أرسلت إلى كسرى بعد إنزال النبوءة آيات تتلى ببضعة عشر عاماً، حيث أنزلت في العهد المكي مطالعه، والرسالة الداعية إلى الإسلام كانت في المدينة المنورة، وقبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين تقريباً، فكيف يكون الحقد من التمزيق قبل التمزيق بسنوات؟! أيثبت هذا التعليل بعد هذه الحقيقة؟!هذا ، وقد استفاض حديث القرآن عن الكون، والحث على النظر في مجاليه وظواهره بناءً على أن هذا النظرالسديد يوصل إلى استخلاص دلالة الكون بآفاقه ومظاهره ، وعلى عظمة مبدعه، ومما جاء من ذلك قوله- تعالى-: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءاً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها) 27 فاطر، وقوله- تعالى-: ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءاً فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه) 21 الزمر، وواضح أسلوب التقرير في كل من الآيتين (ألم تر) وإسناد العلاقة بين الإنسان المفكر والظاهرة الكونية إلى حاسة البصر، وأنت خبير أن الملاحظة أس البحوث، ثم المراحل اللاحقة حتى تفضي إلى تحديد الحقيقة والانتهال من معينها دلالات وحكماً، هذا، وقد عرفت البشرية في عصرنا كثيراً من أسرار العالم مالم تكن تعرفه العصور السوالف بناءاً على الانطلاقة الضخمة في ميادين دراسة الكون جواً وبراً وبحراً، وقد جاء حديث القرآن مستفيضاً عن أسرار الكون بناءاً على أنه خلق الله، وأن التنزيل إنما هو كلام الله، قال تعالى (قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض) 6 الفرقان، أي: أن القرآن منزل ممن أحاط بأسرار الوجود علماً وإرادة وقدرة، ومما حدثنا عنه القرآن الأطوار التي يمر به الجنين في نشأته الأولى، وقد جاء ما رصد القرآن من مئات السنين مطابقاً لما وصل إليه علم الأجنة من عهد قريب عبر التصوير الدقيق لما يجري في الرحم، والتحليل الواعي أو تحرير تلك المراحل والأطوار.

ومما يسجل- هنا- أنه لا يمكن أن يقع التصادم بين حقيقة كونية وحقيقة قرآنية تناولت تلك الحقيقة الكونية، لأن الكون مخلوق لمن أنزل الآيات المخبرة عما خلق، وافتراض التعارض- إن وجد- يرجع إلى اعتبار نظرية- مما يفترض العلماء لظاهرة ما- حقيقة علمية، مع أن النظرية لا تخرج عن كونها تفسيراً مبدئياً للظاهرة، أويرجع إلى خطأ في فهم النص المنزل، ولا تعتبر النظرية- كما هو معلوم- حقيقة إلا بعد ثبوتها بألف دليل ودليل.
ومما يسجل- هاهنا- قضية (مرّ السحاب)! وقضية المرات التي وردت بها ألفاظ معينة شكلت محاور الحديث عن الأرض كوكبنا الذي نعيش فيه: بحره وبَرّه! وقبل عرض هاتين القضيتين أجدني أسجل:

أولاً: استبعاد الدلالات البعيدة المقتسرة لكلمات القرآن، كقول من قال: إن قوله- تعالى- : (والذي أخرج المرعى، فجعله غثاءاً أحوى) 4-5 الأعلى، بشير إلى الأصل النباتي للنفط كما يقرر العلماء اليوم.

ثانياً: لا ينبغي أن يوظف النص القرآني في خدمة نظرية ما ، لا تزال متأرجحة بين النفي والإثبات، فلا تفسر الآيات بالنظريات التي لا تزال في دائرة البحث،ولم يقطع فيها برأي ثابت مسلم به في ميادين الحقائق الكونية !أي : لم تصبح حقيقة علمية، إذ القرآن الكريم لا يعرّض لظنون متحركة لا تستقر.

ثالثاً: لا شك أن الحقيقة العلمية حيث تجيء دلالتها، أو الإشارة إليها، أو الحديث عنها في القرآن، تأخذ دعماً من الآيات، وتفيض على العقول أن القرآن كلام الله يعلو حيث يعتبر تصديقه للحقيقة مرجعاً في إثباتها واعتمادها، فاعتماد ما جاء به النص القرآني واضحاً، وأظهرت مضامينه الدراسات الكونية، كقضية رجوع ذكورة الولد أو أنوثته إلى ما ء الرجل، لا إلى بويضة المرأة، أي: إن الرجل بمائه مسؤول عن نوع ولده ذكراً أو أنثى، وهذا ما وصل إليه العلم بعد كدح ، وجهود مضنية من البحث والمتابعة سنين طويلة! ومن قبل ذلك، ومن مئات السنين نزل قوله تعالى (وأنه خلق الزوجين * الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى) 4546 النجم، وقوله (ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى) 3739 القيامة.

رابعاً: هناك حقيقة معلنة أن القرآن الكريم- وحده- من بين الكتب المنزلة وصف بأنه معجز، وأن مظاهر إعجازه كثيرة ومتنوعة، تنوع الحقائق التي ساقها، وما سواه من الكتب المنزلة لم تكن لها هذه الصفة الإعجازية، حتى قبل ما مسّها من تحريف، إذ شاء الله- تعالى- أن يجعل القرآن منهاج حياة ، ومعجزة للرسول الخاتم، فعانق المنهاج المعجزة، ولازمت المعجزة المنهاج، مع الحفظ مما وقع في الكتب السالفة من تحريف ، والتحدي القائم لكل من الإنس والجن على أن يأتوا بمثله يوم أنزل ما زال قائما.

خامساً: لم يكن في يوم من الأيام بين القرآن الكريم والحقائق العلمية فجوة يسعى إلى ردمها، كما وقع للتوراة والإنجيل، وسر الفجوة بينها وبين العلوم الناشئة أن كلا الكتابين لم يبق على حاله كما أنزل، بل دخله الكثير الذي هو من صنع الأقلام البشرية، وهو مصدر التصادم، ولولا الدخيل لما كان من تصادم على الإطلاق، لأنهما كلام الله- تعالى- وينزل الله ما ينزل بعلمه، ولم يقتصر التحريف الواقع في الكتابين على العلوم الكونية، بل امتدت إلى العقيدة، فدخلت فرية التثليث، ومزجت بها الخيالات والتجسيم، وشيبت بالتصورات الوثنية، وأحصى كثير من المفكرين مئات التناقضات والأخطاء، مما أدى إلى أن تصدر طبعات منقحة كل بضع سنوات، وإنا لنقطع بهذا أنه ما من خطأ في الكتابين اليوم إلا وراءه يد عابثة، أدخلت على النص ما ليس منه، وهذا مما بريء منه القرآن الكريم، واقرأ معي -إن شئت- النص التالي نموذجاً على ما ذكرت: (إن الله صنع قوس قزح عند نزول الأمطار كي يتذكر، فلا يترك المطر يهطل، حتى لا يحدث فيضاناً آخر، إذ إنه ندم- سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون !!! على الفيضان القديم) !!! ولعل واضع هذا النص من الجهلة بالله- تعالى- وبصفاته، وجاهل أيضاً بما يقع من فيضانات بين الحين والآخر، حيث لم يمنع قوس قزح منها، وجاهل أيضاً بالظواهر الكونية المتصلة بالضوء وانعكاساته وتشكله من حزمة ألوانه، وجاهل -أيضاً- بما ينضح به النص الموضوع المصنوع من صفة تستحيل في حق الله - تعالى - وهي أن بديع السماوات والأرض،علام الغيوب، يحتاج إلى منبه !!!

ومن هنا نجد أن التفسير العلمي للنص -وهو من التفاسير الخادمة له- لا يعد موافقاً بل مناقضاً له. وأختم بما جاء في سفر حزقيال، الفقرة الثالثة عشر: ((وتأكل كعكاً من الشعير على الخرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام أعينهم)) وقال: (هكذا يأكل بني إسرائيل خبزهم النجس بين الأمم التي أطردهم إليها).


إن من الشر الساري في المجتمعات شر فريق يستعلي على ربه، أو يفسق عن أمره، وفريق يزور مراد الله، ويفتري على وحيه. ويمكن أن نقدم -وختاماً- بين يدي هذا البحث الناضج العميق الذي قام به المهندس الفاضل والأخ الكريم حقيقتين اثنتين، وهناك المئات منها، لتقف أيها القارئ الكريم على بعض ما في القرآن الكريم من أوجه الإعجاز العلمي الباهر:

الحقيقة الأولى تتعلق بعدد المرات التي ذكر بها البحر والبر في القرآن، وأنت خبير بأن البيئة التي نزل فيها القرآن صحراوية قاحلة، ولم يعرف أهلها التجارة في البحر، ولم يعرف أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قد ركب البحر قط، وأمام هذه الحقائق نجد أن كلمة البحر، وردت في القرآن اثنتين وثلاثين مرة، وكلمة البر -وهي المقابل لكلمة البحر- وردت في ثلاث عشرة آية، منها مرة واحدة بلفظ (يبساً) في سورة طه، وقد علمنا أن الأرض يتشكل سطحها من البحر والبر، على أن مساحة المياه تبلغ ثلاثة أرباع اليابسة، وبعملية حسابية تتضح لنا الحقيقة التالية: 32 +13 = 45 مجموع مرات ورود كلمتي البحر والبر، أي: ما يساوي 100 % أو مساحة الأرض كاملة، وبهذا تكون كلمة البحر بمرّاتها الاثنتين والثلاثين قد شكلت من جميع وجه الأرض 71.111 % وكلمة البر قد نالت 28.888 % أليس هذا مدهشاً باهراً، خاصة إذا علمت أن القرآن نزل ليصوغ الحياة عبر ثلاث وعشرين سنة وعلى رجل أميّ لا يعرف القراءة ولا الكتابة، فأي دقة هذه التي لا ينتهي منها العجب الآسر إلا إذا عرفت أن القرآن تنزيل من حكيم حميد. ونبضة ثانية نجعلها خاتمة لهذه الكلمة نقول فيها: إن الإنسان لا يقدر أن يحيط بحركة الأرض تحت قدميه ما دام عليها، وما دامت المواقع فوق سطحها ثابتة، لأن معرفة حركة المتحرك ترصد بالقياس إلى شيء ثابت، وأنى للإنسان أن يقيس حركة الأرض إلى ثابت من ثوابت الفضاء المتحركة حولها، وقد نزل قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مرَّ السحاب * صنع الله الذي أتقن كل شيء) فما الذي تقرره الآية من حقائق؟ حاسة البصر تقع على ظاهرة الجبال، فيدخل في حسبان النفس بناء على عطاء النظر جمودها إلا أنه مجرد حسبان، إذ الحقيقة التي توقف عليها العلم دون البصر هي: أن الجبال متحركة، وشبه مرورها بمر السحاب، فهي ثابتة بصراً متحركة حقيقة، هذا صنع الله، ولعل اختيار كلمة (مر) مضافة إلى السحاب دون غيره، لإبراز نوع الحركة، ولإطلاع الإنسان على أن حركة الجبال التي تبدو جامدة حركة بالغير، وليست حركة ذاتية، فكيف ذلك؟ إن السحاب يبدو للناظر ينسحب على وجه السماء دون أن يقع البصر على دافعه إلى ذلك، وهو الريح، ليدلك على أن حركة السحاب ليست حركة ذاتية، وإن كنا لا نرى المحرك، وكذلك الجبال تتحرك، وحركتها ليست ذاتية، وبهذا تكون الأرض هي المتحركة، وبحركتها تتحرك الجبال، كما أن الريح تتحرك وبحركتها الدافعة يتحرك السحاب وأنت ترى أن السحاب ترى حركته دون محركه، أن الأرض لا ترى حركتها ولا حركة الجبال فوقها! وهذه لا يقدر الإنسان بإمكاناته سابقاً أن يقع عليها، أو يكتشفها، وإنما وقف على ذلك لما أطل من على الأرض، ورصد دورانها حول نفسها، وصور ذلك صوراً متتابعة تشكل مشهداً كونيا ً مذهلاً يكشف لنا عما نضحت به الآية (وهي تمر مر السحاب) فهل الحقائق التي عرفها الإنسان بعد مئات السنين من نزول الآية تناقض ما أعلنت عنه ؟ وهل لهذا دلالة على صدق المصدر القرآني؟ فأين هذا من قوس قزح القوم!!

بعد هذه الجولة السريعة نجد أنفسنا أمام عطاء طيب من خلال متابعة رائعة لعطاء الكلمة القرآنية في آية واحدة، رصد فيها الأخ الفاضل الأستاذ عبد القادر بضع عشرة ظاهرة إعجازية، أرجو أن ينفع الله -تعالى- بهذا البحث الكثيرين.....