ما حكم من يرى أن الاحتفاء بليلة النصف من شعبان بدعة؟
تاريخ الإضافة : 2012-05-22 00:00:00
ما حكم من يرى أن الاحتفاء بليلة النصف من شعبان بدعة؟

هذه همسة في أذن العقل الشرعي دفع إليها أننا في أنفاس ليلة النصف من شعبان أبدؤها بسؤال عن البدعة ما هي؟ والجواب على ما ذهب إليه الإمام الشافعي، ومن أتباعه العز بن عبد السلام، والإمام النووي، وأبو شامة، ومن المالكية: القرافي، والزرقاني، ومن الحنفية: ابن عابدين، ومن الحنابلة: ابن الجوزي، ومن الظاهرية ابن حزم: أنها فعل ما لم يُعهد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي منقسمة إلى بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة.....

وقد مثلوا لكل قسم منها. ولا مانع من أن نذكر الاتجاه الآخر في تعريف البدعة، وهو أنها كلها ضلالة، سواء في العادات أو العبادات، ومن القائلين به الإمام مالك والشاطبي والطرطوشي والبيهقي وابن حجر العسقلاني وابن رجب وابن تيمية، وقد فرق الشاطبي بين العبادات والعادات فخص البدعة في العبادات بخلاف الاختراع في أمور الدنيا.

بعد هذا لنا أن نسأل: أأصاب من ذهب إلى أن الاحتفاء بليلة النصف من شعبان بدعة منكرة أم أخطأ؟
وللحكم عليه بالصواب أو الخطأ لابد من معرفة الأدلة التي اعتمد عليها من اعتبر هذه الليلة، فإن كانت مقبولة دل على خطأ المخالف، وأن حظه من التمسك بالمخالفة قائم على أساس المكابرة الذميمة، وأن قول من قال: ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوي سماعه، مجازفة لا تنبغي ونذكر هنا أن المبتدع مذموم ولا يقل عنه من عاند وردّ الثابت في الدين بلا مسوغ.

وإليك أخي الآن ما جاء من أحاديث في هذه الليلة، ليلة النصف من شعبان مع درجاتها.......

روى معاذ بن جبل – رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يطّلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" أخرجه ابن حبان في صحيحه، والطبراني في الكبير، وفي الأوسط، وأبو نعيم في الحلية، وقال الحافظ الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجالهما ثقات. وقد أصاب ابن حبان في تصحيحه كما قال العلماء.

وروى أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله تبارك وتعالى ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لكل نفس إلا إنساناً في قلبه شحناء، أو مشركاً بالله عز وجل" أخرجه ابن خزيمة في التوحيد، وابن أبي عاصم، وغيرهما. وقال البزار: وقد روى هذا الحديث أهل العلم واحتملوه. نكتفي بهذين الحديثين، وهناك أحاديث أخرى غيرهما. ونقول: إن حديث ليلة النصف ورد، وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 1144 وفي التعليق على السنة لابن أبي عاصم من (509 إلى 512) فأي ابتداع بعد هذا؟

سئل ابن تيمية رحمه الله عن صلاة ليلة النصف من شعبان فقال: إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده أو في جماعة خاصة، كما كان يفعل طوائف من السلف، فهو حسن، وقال أيضاً: وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدَّمه فيه السلف، وله فيه حجة، فلا ينكر مثل هذا. مجموع الفتاوى (3/131-132).

ونختم بقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتاب "لطائف المعارف": وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها، ويجتهدون فيها في العبادة وكان خالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يقومون في المسجد ليلة النصف، ووافقهم الأمام إسحاق بن راهويه على ذلك وقال في قيامها في المسجد ليس ببدعة....
ألا يحق وقد اقتصرنا على ما قدمنا –أدلة وأقوالاً أن نقول إن القول ببدعية ليلة النصف بدعة، على مبتدعها أن يتوب منها، ويستجيب ولو لحديث واحد من أحاديث كثيرة وردت، ورواها أصحاب السنة والمسانيد كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى (3/131-132)".