إشعاعات
تاريخ الإضافة : 2012-07-25 07:30:29

فتش عن قلبك بين هذه القلوب...!

عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(  الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ : فَقَلَبٌ أَجْرَدُ فِيهِ مِثْلُ السِّرَاجِ أَزْهَرُ وَذَلِكَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ وَسِرَاجُهُ فِيهِ نُورٌ ، وَقَلَبٌ أَغْلَفُ مَرْبُوطٌ عَلَى غِلافِهِ فَذَلِكَ قَلْبُ الْكَافِرِ ، وَقَلَبٌ مَنْكُوسٌ وَذَلِكَ قَلْبُ الْمُنَافِقِ عَرَفَ ثُمَّ أَنْكَرَ ، وَقَلَبٌ مُصْفَحٌ  ، وَذَلِكَ قَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَنِفَاقٌ ، فَمَثَلُ الإِيمَانِ فِيهِ كَمَثَلِ الْبَقْلَةِ يَمُدُّهَا مَاءٌ طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ النِّفَاقِ كَمَثَلِ الْقُرْحَةِ يَمُدُّهَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ ، فَأَيُّ الْمَدَّتَيْنِ غَلَبَتْ عَلَى صَاحِبَتِهَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ ).  رواه أحمد في المسند ، وابن أبي شيبة في المصنف ، والطبراني في الأوسط .

 

مما أضاء به الحديث بحسب الطاقة على الرؤية ، ما يلي :

 

من المجاز " قلب أجرد " ليس فيه غل ولا غش ، قد تجرد من الشك والشرك  ، وسَلِم من شبهات الباطل ، وشهوات الغي ، ونور الحقائق الإيمانية المستكنة فيه يزهر، ويسطع على الظاهر سلوكا ربانيا راقيا في القول والفعل والحال !ولاعجب ، إذ صلاح الظاهروالتزامه بأحكام الشريعة، واستقامته في السلوك من صلاح الباطن .

 

ووعاء " هو القلب الأغلف "قد امتلأ بنجاسات الكفر والإلحاد ، فأخذت جوارحه تعربد في ميادين الحياة ،وصار فكره مصانع ضلالات ،وتورمات شبه ، أعلن عن عدائه للحق نوخصومته الشرسة لأهله ، فهو الوعاء الذي أغلق على ما فيه ، ووضع عليه قفل غليظ ، وألقي مفتاحه بين أمواج الشهرة ، وحب الظهور ، فلا سبيل إليه .                                               

 

والقلب " المنكوس " هو ما جمع بين باطن حشوه الكفر ، وظاهر تتراءى عليه بين الحين والآخر مظاهر الانتماء للإسلام ، يدرأ بها عن نفسه ما يخفيه من شر التصور ، وتنطلق جوارحه في دروب الحياة إفسادافي الأرض ، وإهلاكا للحرث والنسل ، يقتل الصغار لئلا يكبروا ، ويغتال الكبار لئلا ينسلوا ، وإذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان، يرفض النصح ، ويؤذي الناصح ، وما دام كأس قلبه منكوسا فلن يدخل إليه قطرة خير عبر السمع أوعن طريق البصر .

 

والقلب " المصفح " هو ما اجتمع فيه من الإيمان والنفاق ، من الإيمان الذي لايقدر على نفي ضده من النفاق ،  ومن النفاق مالا يمكنه من الطاعة ، فهو تارة في طاعة يتأتى له منها نورها ، وأخرى في معصية توفد عليه من ظلمتها ، وهو- ما دام هكذا- في خطرمن أن يغلب النفاق فيه الإيمان ، فيكون من حزب المنافقين ، وهو مادة أهل الكفر والنفاق  ، وميدان نشاطهم . فالكشف عن ميدان قلبك بين هذه القلوب أمر ملح ، هو فرض على من أراد السعادة "قلب أجرد - وقلب أغلف - وقلب منكوس - وقلب مصفح " فما أدق هذا التحديد البارع من النبوة الناصحة .