338 - قراءة في الآيات البينات
خطبة الجمعة    338 - قراءة في الآيات البينات
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

 

                                        قراءة في الآيات البينات

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد على ما هديتنا وأوليتنا وأعطيتنا، ربنا ولك الحمد على الإيمان والإسلام والقرآن

ربنا ولك الحمد حتى ترضى ، ربنا ولك الحمد إذا رضيت ، ربنا ولك الحمد بعد الرضا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد  الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

فإننا نقف هذه الوقفة التي نرجو الله تبارك وتعالى أن يمن علينا بها بالسداد والتوفيق، نقفها في أنفاس الحج المعطرة التي تحمل نسائم التقريب ومغفرة الذنوب بل تحمل كثيراً من المعاني والحقائق التي نحتاج إلى أن نقف قبالتها وننظر فيها ونتبين مكانها من أنفسنا

 

أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

من المتفق عليه أن العبادات التي شرعها الله عز وجل لنا إنما تغطي كل أنشطة الحياة وقد أقام الله تبارك وتعالى هذه العبادات على أسس هي العبادات الرئيسة، وهذه العبادات الرئيسة تتمثل في الشهادتين وإقام الصلاة وإتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ومن المتفق عليه في هذا أنه كي نستفيد من ما في العبادات من أغذية وأدوية وأشفية ومصاعد نرتقي بها في مراقي الإنسانية الراشدة الكاملة لا بد لنا من أن نأتي بها على الوجه المشروع،  ذلك أن التغيير في السلوك يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو ثمرة لما يعمر الباطن ذلك أن الحقائق التي تعمر النفوس هي من وراء السلوك !

فإذا ما جاء السلوك ربانياً دل هذا على أن الحقائق التي امتلأت بها الصدور إنما هي حقائق راسخة، أما إذا وجدت خللا في السلوك فيدل هذا دلالة ملموسة محسة على أن ثمة خللا ما

إذا رأيت من يصلي ولا ينتهي عن الفحشاء والمنكر، فعليه أن يسأل نفسه: لم قال الله- عز وجل- " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"؟؟

إذا قرأ القرآن القارئ ، ومر على قول الله- تبارك وتعالى- " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنبن * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " ثم بعد ما يطوي القرآن ، فإذا به يجري صفقات! ولا أقول صفقة ربوية ؟؟

 

ما معنى هذا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟؟

إذا كان الله- عز وجل- قد أخبرنا أن ثمرة الصيام تتمثل في التقوى، والتقوى هي التزام ما أمر الله- عز وجل- به واجتناب ما نهى الله- عز وجل- عنه ، قال- تعالى- : 

"يا أيها الذين آمنو كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"

ثم تجد من المسلمين من يدخل في رمضان ثم يخرج منه دون شهادة " التقوى " التي هي ثمرة هذه العبادة ! على ماذا يدل ذلك ؟

إذا كان الحبيب- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قد قال : " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " ! ثم يمضي الحاج إلى هناك، دعك من قضية الحج السريع بل الذي هو أسرع من السريع ! وسنعرض لهذا يا أمة محمد- عليه الصلاة والسلام- !

يذهب الحاج إلى هناك ، ويرجع وذاكرته مشحونة بم يا ترى ؟ هل شحنت ذاكرته بما شرع الحج من أجله ؟

أما سمعت قول الله- عز وجل- يقول : 

"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"

يذهب إلى بيت الله الحرام دون أن يقرأ حرفاً من الآيات البينات هناك !، بم يرجع؟

يرجع بذاكرة قد شحنت بالسلبيات بالمشاكسات بالمشاحنات، بالمواقف العنترية التي يمكن أن  يكون قد وقفها مع المسلمين هناك. على ماذا يدل ذلك؟ ألا يدل ذلك على أن العبادات قد تعطلت ثمراتها ؟ ألا يدل ذلك على أننا نحتاج حاجة ماسة صادقة مخلصة إلى أن نقف قبالة العبادات لنتبين ما الذي تغيره هذه العبادات فينا ؟

ما الحقائق التي يتركها فينا الحج ؟ وما الحقائق التي تتركها فينا الصلاة ؟ وما الحقائق التي إنما يخلفها فينا الصيام ؟

أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

سنرتب بعض الخواطر دون أن نحيط بها ، ومن يقدر على أن يحيط في وقفة كهذه بفريضة ، قد فرضها الله- عز وجل- علينا في العمر مرة واحدة ؟ مما يدل دلالة صادقة عميقة شاملة واسعة على أن هذه الوجبة الربانية تكفي طوال العمر!.

دعك من الحج السريع ذهب ورجع ، وكأنه ما ذهب ولا رجع ، إلا أنه أتعب نفسه في كثير من المواقف!

هذه الوجبة الربانية يمكن أن نعرض لها من خلال وقفة قصيرة بين يدي الآيات البينات هناك !

قال ربنا- جل جلاله- فيه ، أي: في الحرم آيات بينات ، منها ما هو المقروء ، ومنها ما هو المسموع ، ومنها ما هو المشهود

أما وقف- هناك- عليه الصلاة والسلام  يا أمة محمد- عليه الصلاة والسلام- وبين عظمة حرمة الكعبة ،  ثم بين أن حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة!

عرض التلفاز البارحة تقريراً عن أصحاب البلاد المحتلة ، يهودي جيء به من أزقة أوروبا ، ليأخذ مكانه في فلسطين المسلمة ، جندي ! وكلهم جنود- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-

جنود يريدون ترسيخ الباطل ، ويقف أهل الضلالات كلهم إلى  جانبهم ، ماذا فعل هذا الجندي ؟؟

هذا عرض البارحة- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وهو برنامج ، من أهم البرامج التي تعرض على الشاشات ، وعلى المسلمين اليوم الذين بردت هممهم ! على المسلمين اليوم الذين تخدر كثير من مشاعرهم ! أن يقفوا على الحقائق ذلك أنه حين ما نقرأ الآيات البينات- هناك-

من ذهب إلى الحج ولم يقرأ أو لم يسمع قوله- عليه الصلاة والسلام- يبين فيه أن حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة ! لك أن تنظر أنه- لا سمح الله- إذا هدم البيت العتيق! كيف نفورحالتها ، مع أنه يهدم ما هو أعظم من البيت العتيق!

صعد الجندي اليهودي إلى باص ، فيه مسلمون ،ومعه سلاحه ، والسائق نصراني ، قتل السائق! ثم توجه بالسلاح إلى بنتين في ريعان الصبا ، فمزق الأجساد بالرصاص الثلمودي الحاقد!! ثم أدار سلاحه، وقتل اثنين وأدار سلاحه، وقتل وقتل.... والذي يروي الموقف كان من جملة ركاب الباص ، فقالت الراوية : إني نزلت بين الكراسي ، وأنا والله لا أدري أفي الحياة أم قد زج بي في غياهب الموت!! ثم وقف أناس من ركاب الباص ، فأمسكوا بذلك الجندي ، وقُتل ذلك الجندي ، وأعلن عن تشكيل لجنة ، لأن الناس قد فاروا وماروا وماجوا! وأخذت اللجنة تحقق ، وإلى اليوم من سنوات لم يصدر التقرير، بل كان ، وهذا هو الواقع اليوم ، أن رصد أولئك الذين امسكوا بالجندي داخل الباص ، وألقي القبض عليهم ، وهم اليوم يحاكمون!! لماذا ؟؟ لأنهم قتلوا جندياً دمه مقدس! أما دماء المسلمين فأرخص ما  تكون الدماء! ولو قتل اليهودي ما ينبغي أن يقتل ،بل ولا أن يمس بشعرة ! ويسمع العالم ذلك ، ولكن الكثير منهم- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- في صمم ! من ذهب إلى بيت الله الحرام عليه أن يقرأ من الآيات البينات ، أنه يتلفت حوله، فإذا به يرى " غار حراء " ! يرى جبل النور، حيث جاء جبريل- عليه الصلاة والسلام- بأول قطرات الوحي "إقرأ باسم ربك الذي خلق" فإذاالحاج بأذنه الإيمانية تستمع إلى قول الله- عز وجل- هناك " اقرأ باسم ربك الذي خلق " فيرجع على نفسه منكفئاَ لينظر إلى حال الأمة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ! ويكفي العنوان الذي يكثر تردده على الأقلام المخلصة" إن أمة أقرأ لا تقرأ " الأمية مساحتها واسعة واسعة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- في هذه الأمة ، بل ربما وجدنا الكثير مما لا يقرأ أصلاً- وهذاما نشاهده في تلك المعارض- هو الذي يعكف عليه أناس ، ويبحثون عنه ! ، سألت فقلت: ما أكثر ما يطلب في المعرض ؟؟ما أهم المطلوب فيها ؟ فأجاب : الكثيرون يأتون إلى المعرض ، فإذا بواحد  يسأل عن كتب السحر والشعوذة ! أو يسأل عن كتب الأحاجي والألغاز! أو يسأل عن كتب ممتلئة بالفكاهات ، من أجل أن يضحك ، ومن أجل يرقص خواصره، ترى: هل قرأنا الآيات البينات هناك،وهل استحضرنا أوائل الوحي الذي جاء ليصوغ هذه الأمة على أروع السلوك! هل رجعنا لهذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ؟؟ إذا بقيت الحقائق في النفوس مطموسة ، فهيهات أن يصلح لنا سلوك ! أما إذا تغيرت حييت الحقائق في النفوس ، ومنها: أن على كل مسلم أن يأخذ دوره ، ومكانه في المجتمع ، بناء لهذا المجتمع ، ترميماً لما تهاوى من أركانه ،أو تآكل من وجدرانه ، عندها فلنبشر بكل خير !

 

قضية " اقرأ " هذه- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- تستدعي أن الله- تبارك وتعالى- أكرم العرب بأن اختار لغتهم وعاء للتنزيل ، حيث أنزل الله- عز وجل- الرسالة الخاتمة على الرسول الخاتم- عليه الصلاة والسلام- في وعاء اللغة العربية ، وأنتم تدرون- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ما قيمة اللغة العربية عند أهلها ؟ كل اللغات إنما تعتبر ويجتهد في ترويجها ، والتأنق بها ، إلا اللغة العربية ، فإن العناية بها لا تساوي عظمتها على الإطلاق ، بل هي عناية صغيرة صغيرة إلى جانب كونها لغة عملاقة ، يكفي أن الله- عز وجل- قد اختارها وعاء للشريعة الخاتمة !

من ذهب إلى هناك- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ولعل هذا الحديث هو أولى بالحديث  من تناول الأحكام الفقهية ، ذلك أن الأحكام الفقهية أمر مفروغ منه، أن تجلس في دروس الفقه لتتفقه في أحكام الحج إذا أردت أن تؤدي هذه الفريضة الرائعة على الوجه المشروع ! وهنا نذكر بأن الحج السريع يتنافى مع الإتيان بهذه الفريضة على الوجه المشروع!  وأي نقص في تناول هذه الوجبة ، إنما يعني أن ثمة نقصاً في ثمراتها ،واهمها " رجع كيوم ولدته أمه " شريطة ان يؤديها على وجهها ، فإذا ما رجع رجع عملاقاً ، رجع ضخماً ! أما إذا رجع كما ذهب ، فمعنى ذلك أنه ما أدى إلا المراسم الشكلية ، طاف بلا قلب حول البيت العتيق ، نظر إلى الملتزم ، فإذا بقلبه بعيد كل البعد عن الملتزم ،حيث هناك تسكب العبرات ، وهو لا يدري ما العبرات ! .

صعد بلال على ظهر الكعبة ، لما فتح الله عز وجل مكة على نبي الله- عليه الصلاة والسلام- وأخذ يصدح بالآذان ! بلال " الحبشي " صعد ظهر الكعبة ، ليتقرر بصعوده المبدأ الإسلامي الرائع " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ليقرر بصعوده المساواة الرائعة الحقة بين المسلمين ! فليس هناك لون يعلو على لون ، ولا جنس يعلو على جنس ، ولا وطن يعلو على وطن ! وإنما الكل عباد لله- تبارك و تعالى- أليس البيت العتيق- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- قد أقام قواعده إبراهيم وإسماعيل- عليهما الصلاة والسلام- ؟؟ أليست القواعد إنما رفعت على أساس التوحيد؟! أليس محض التوحيد أن تتخلص من كل ألوان العبوديات لغير الله- عز وجل- ؟؟ أن تنعتق من أسر الأكوان كلها ، فلا شيء سوى الله- تبارك وتعالى- على الإطلاق يمكن أن نكون عبيداً له! نحن عبيد لله- عز وجل- وبتحقيق العبودية لله- تبارك وتعالى- نتحرر من كل ألوان العبوديات ، خاصة عبودية الإنسان للإنسان ، وهل الشر كله إلا وينبع من الشرك بالله- تبارك وتعالى- واتخاذ آلهة دون الله- عز وجل- آلهة تعبد دون الله !هو المستنقع الآسن الذي يجرثم النفوس الغافلة قلوبها !أجل " إن أكرمكم عند الله اتقاكم " وكذلك " جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "ما أسماها من معان ربانية ! أجل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- يمكن أن نقول: إذا قرأنا هذه الآية البينة من الآيات البينات ، والتي تمثل اعتزاز بلال- رضي الله عنه- الذي ارتقى به الإيمان هذا المرتقى ، وبقي هو المؤذن للرسول- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-  آخر الدهر ننظر، فإذا بنا نرى عمر! عمر- رضي الله عنه- الفاروق . الطائفون يطوفون ، وهناك جبلة بن الأيهم الذي رجع ثانية إلى المجتمع الإسلامي ، رجع بوجهه الذي كان عليه، وهو يطوف، يطوف بالبيت العتيق لا على أنه عبد لله- تعالى-  وإنما يطوف على أنه ملك! وخطأ داس على طرف ردائه أعرابي !  فانشمر رداؤه بذلك !! الطامة الكبرى هنا ! أيأتي أعرابي! عبد صعلوك! ليدوس على ردائه؟؟ هذا لا يكون ، فما كان منه إلا أن ضربه ،ضربه ضربة هشم بها أنفه!!ضربة لئيم ، لا ضربة تأديب على خطأ وقع ! ورفع الأمر إلى عمر، واستدعى عمر جبلة ، نحن بصدد الحديث عما كان من عمر- رضي الله عنه- إزاء ماحدث ، إذا أحسنا قراءة الآيات البينات ووجدنا أن جبلة ، وألف جبلة اليوم قد عاثوا بأرضنا الفساد! دل هذا على أننا بحاجة إلى حج حقيقي ، صحيح ، نقرأ فيه الآيات البينات ، سأله ، فأقر، أهشمت أنفه؟ قال نعم ، لم؟ قال لأنه داس على طرف ردائي ، طيب وإذا داس على طرف ردائك أتهشم أنفه ؟؟ لا مفر لك إلا أن يقتص منك ! والصاعقة ها هنا تنزل على جبلة ، الذي يرى نفسه أنه ملك ، ويرى الأعرابي على أنه صعلوك من السوقة! فقال: يا أمير المؤمنين ماذا تقول! أنا من الملوك ، وهو من السوقة، ثم تريد أن يقتص مني ! لا يكون ذلك، هو على سنن الهالكين ، الذين إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وما درى ما أحدثه الإسلام من تسديد للسلوك العادل ! فتبسم عمر ابتسامة المعتز بإسلامه، وبالمبدأ الذي أقره شرع الله- عز وجل- بأنه لا فرق بين إنسان وإنسان أمام العدالة ، خاصة وأنه قد سمع المصطفى- عليه الصلاة والسلام- يقول : " إن الله قد أذهب  عنكم نخوة الجاهلية ، وتفاخركم بالآباء ، كللكم لآدم، وآدم من تراب " فإذا بعمر يقول: لقد سوى الإسلام بينكما !.

ينبغي أن يقرأ الآيات البينات- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- من يذهب إلى الحج ، وربما قال القائل: كلنا عوام ، وأنى لنا مثل هذه القراءة ؟ نقول هنا: التفقه ، ينبغي- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أن يتفقه المسلم في العبادة التي يريد أن يتقرب بها إلى الله- جل جلاله-   ونحن لا نحتاج إلى أعداد كبيرة تذهب في الحج السريع ، تذهب وترجع كما ذهبت ، ثم لاشيء على الإطلاق ، وإنما كم هائل من الناس هناك ، ويقال قد بلغ الحجيج كذا وكذا. نحن بحاجة إلى من يذهب إلى هناك ليحسن الذهاب والتلقي بقلب مفتوح ، وعقل واع من أروع ما تكون العقول ! يستحضر الماضي السحيق ، فإذا به يرى النبوات ، يقول- عليه الصلاة والسلام- " لقد مر بالصخرة من الروحاء سبعون نبياً ، منهم موسى- عليه الصلاة السلام- حفاة ، عليهم العباء، يؤمون بيت الله العتيق" هو البيت العتيق ، والمسلم عتيق على معنى انه حر متحرر من كل ألوان العبودية للأسباب ، وأنواع الشركيات.

أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ! إذا ذهب الحاج ، وأتى بهذه الوجبة على وجهها  "رجع كيوم ولدته أمه " وإذا رجع كذلك رجع بهمة ربانية جديدة ! بنفس مفتوحة نظيفة سامية ! رجع بجوارح طاهرة مطهرة ! رجع بقلب مفتوح ! رجع ليشارك الأمة في بناء الحياة الربانية ، وعزالأمة ، ألا ترى معي بأننا أصبحنا لا شيء ! أو كدنا أن نكون لا شيء ! ترى أنعالج هذه الظاهرة معالجة سطحية أم ننظر إلى الأساس ؟؟ ما الأساس يا ترى ؟ ينبغي أن تؤثر فينا العبادات ، من أجل أن ننتمي إلى هذه الأمة علينا أن يكون من ذهب إلى هناك ، فقرأ الوجوه ، وأي وجوه ؟ وجوه أولئك الذين أتوا يلبون دعوة الله- عز وجل- يقولون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، هذه الوجوه التي أتت من مشارق الأرض ومغاربها من الأقطار قاطبة ، من القارات كلها ، هناك الاندماج الكامل ، والذوبان الحق في بوتقة الأمة ، هناك تذوب الحدود، وهناك تنسف كل القواسم والفواصم ، فإذا بهم أمة واحدة " فيتجلى قوله- تعالى- : " وإن هذه أمتكم أمة واحدة " أجل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- عندها يرجع خلية حية ، بعدما كان خلية ميتة ، من ذهب إلى هناك- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- فرأى ذلك اليقين المجسد، ذلك التوكل العظيم ، ذلك التسليم المطلق لله- عز وجل- نحن بحاجة إلى التسليم المطلق لله ،  نسلم لأحكامه ، ولا نلتفت إلى عبث العابثين بشريعة الله ، الذين يريدون أن تنسف الأحكام لمسوغات شيطانية، التسليم المطلق لله- عز وجل- الثقة المطلقة بالله ، التوكل الكامل على الله! وإذا أردتم الدليل فلنستدع- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الآن أم  إسماعيل هاجر-عليها السلام- لو أنك وقفت قبالتها ، وهي تقول لزوجها إبراهيم ، بعدما جاء بها من فلسطين ، فوضعه وابنها إسماعيل هناك بأمر الله- عز وجل- تقول : إلى من تتركنا ؟؟ فلا يجيب ، ثم قالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم ، قالت: إذن لا يضيعنا ، لا يضيعنا ، وصدقت- والله- أم إسماعيل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ! أنتم تعرفون كيف تلوى إسماعيل- هناك- من العطش ، وتعلمون كيف كان سعي هاجر أم إسماعيل بين الصفا والمروة ، وتعلمون أن هذه المرأة قد مثلت الأمومة الحقة ، تلك التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه! لا لأنها حملت شهادات علمية ، ولا لأنها تبوأت في الدولة مناصب عليا ، وإنما دخلت التاريخ من أوسع أبوابه ، ولا أقول التاريخ الدنيوي فحسب ، وإنما هي في الآخرة كذلك ، دخلته من باب الثقة بالله ، والتوكل على الله ، والتسليم لأمر الله- عز وجل- لما وضعها إبراهيم هناك ، لو افترضنا أنها سألت ، لو افترضنا أنها لم تكن على ما كانت عليه ، لكان لها أن تقول: يا إيراهيم ! انظر! إما أن تطلقني وإما تبني لي قصراً هنا ، إما أن تطلقني لأن لي حقوقاً عليك ، وإما أن تأتي لي بالأثاث الفاخر الذي يعوضني عن غربتي هذه ! ومن أوروبا ! لا أريده أثاثاً عربياً ، وإنما أريده أثاثاً أفرنجياً ! لو أنها لم تكن على قمة اليقين لقالت ، وقالت كما يقول الكثيرات اليوم ، ذلك أن القلوب قد فرغت من الحقائق التي تسعد في الدنيا والآخرة ، ربما أحسنت المرأة اليوم بناء حياتها ، ولكنها على حساب ما هو الأهم ! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! نستزير أم إسماعيل اليوم ، فنقول لها : أدريت أن من ذرية ابنك إسماعيل الذي أشرف على الموت عطشاً ، فدفعك إلى الجري المخلص تبحين عن السقيا ،من ذريته الرسول الأعظم الخاتم محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-؟؟؟ أدريت ما يكون هناك في البيت العتيق ، حيث تركك إبراهيم هناك لله- عز وجل- " وكفى بالله وكيلاً"؟؟ أدريت بأن الحرم يغص اليوم ، وعلى مدار السنة ، بالقائمين والعاكفين والركع السجود ، تجدين هذا صباحاً ومساءً ، ليلاً ونهاراً ، في الفصول الأربعة ! أطلعت يوماً من الأيام على ليلة من ليالي رمضان هناك ؟ ماذا ترين ؟ أكان يخطر ببالك ولو ذرة واحدة أن هذا الجم الغفير، هؤلاء اللاهجون باسم الله- عز وجل- هؤلاء الموحدون لله ! هؤلاء العارفون بالله- عز وجل- هؤلاء الطائفون بالبيت العتيق ، يمكن أن يكونوا بهذه الكثرة ، وهذا التألق ، وهذه النورانية ! وهذا الارتقاء! ما أظنها وهي التي قالت: لا يضيعنا ، وما ضيعها الله- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- درت ، بل نرجوها أن تأتي ليلة السابع والعشرين من رمضان لترى هناك الملايين ، كلهم يستمعون للقرآن ، ما القرآن- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إنه وحي الله الذي أنزله على الرسول الخاتم ، الذي جاء ثمرة لدعوة إبراهيم- عليه السلام- دعوة عجيبة ربانية مستجابة ، سمعناها من قوله- تعالى- : " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " أنتم من الذرية التي دعا لها الله- عز وجل- إبراهيم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ".. وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم " أي: في هذه الذرية " رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " وقد استجاب الله- عز وجل- دعوة إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- ومن هنا كانت العلاقة واشجة  بين الحبيب- عليه الصلاة والسلام- وبين الخليل أبي الأنبياء- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- لا توجد يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أمة لها صلة حقيقية بإبراهيم الخليل إلا المسلمون ، المسلمون وحدهم . وما يقال من دعاوى يهود أونصارى على أن لهم صلة بالخليل نقول ما قاله الوحي الخاتم : " ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين " ونقول كذلك : " وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين "

نحن على خير عظيم- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- لدينا كنز من أروع الكنوز  بل هو أروع الكنوز، ولكننا بحاجة إلى قراءة صحيحة صادقة نقرؤها بالعين ، ونقرأها بالسمع ، ونقرأها بالقلب ، ونقرأها بالنفس. أجل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إبراهيم عليه الصلاة والسلام أمره الله عز وجل أن يأتي من فلسطين  بهاجر وابنها من أجل أن يقيم الله- تبارك وتعالى- البيت العتيق الذي وضع أول ما وضع فوق هذه الأرض ، إن موضع البيت العتيق كما قال- تعالى- : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين " ومن هنا صلتنا بالبيت العتيق صلة عميقة ، ذلك أننا على ملة إبراهيم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ولما بعث- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- كانت قبلته الأولى بيت المقدس ، ذلك البيت الذي كان مجمع الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- ويكفي أن نذكر بأن الله أكرم الرسول- عليه الصلاة والسلام- برحلة الإسراء والمعراج ، وهناك أم رسولنا- عليه الصلاة والسلام- كل الأنبياء والمرسلين ليبين للعالم قاطبة أنه ليس بدعاً من الرسل ، وأن رسالته ليست بدعاً من الرسالات ، وإنما هو على الخطى ، على الطريق  المستقيم ، والصراط الذي مشى عليه كل الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.

لا بد لنا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- من أن نعد لهذه الوجبة الربانية العمرية ، لو أنك أتيت بها كاملة ولو مرة واحدة لكفاك ، صحيح أن النافلة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ندب إليها ، ولكن ما معنى أن نختصر كثيراً من أعمال الحج لنأتي بالحج المكسور المجبور؟؟ لنأتي بالحج المضمد الذي كثرت جراحه ؟؟ أي هيئة للحج هذه ؟؟ لو أننا مثلنا الحج كاملاً لرأيناه من أبهى الشخصيات ! وأروع المناظر! وأروع ما يمكن أن يقع عليه البصر كاملاً في باطنه وفي ظاهره ! ولكن إذا أتيت به رقعاً ! معنى ذلك أنك ترجع بالحج بعين واحدة ، وترجع بالحج وقد صلمت أذنه ، لا رمي جمار! ويجبر ذلك بالدم ! مع ذلك كأنك رجعت بحج مدمى ، هذا يحتاج إلى مراجعة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إذا كان الحج نافلة بهذه الصورة ، فالأولى أن يدفع ما ينفق في هذا الحج إلى الفقراء والمساكين ، إلى دور اليتامى ، إلى طلاب العلم ، إلى كفالة الشبان الذين ينالون درجات عالية في الشهادة ، ثم لا يجدون مع أهليهم ما يمكنهم من متابعة الدراسة ! هذا أولى- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- في حق من يتنفل بمثل هذه الصورة من التنفل ، ويكفي أن يعيد ذلك كل خمس سنوات مرة واحدة ، لكن عليه أن يأتي بالحج على وجهه الكامل ، وهذا لا ينقض على الإطلاق ما قرره الفقهاء من أن من ترك واجباً من واجبات الحج ، إنما يجبر بالدم ، لا أقصد هذا على الإطلاق ، وإنما أقصد متى يا ترى تؤدي العبادات في أنفسنا تأثيراتها إذا ما أتينا بها وفق ما رسم الله- تبارك وتعالى- .

 

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين ، وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين ، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الحمد لله ثم الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

 

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله فقد قال لنا "يا أيهاالذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" أما بعد- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- صلة المسلم بالكعبة صلة وثيقة ، ألا ترى معي أنك تستقبلها في كل صلاة من الصلوات التي تؤديها فرضاً كانت أو نافلة! ألا ترى معي بأنه قد ورد بأن أفضل المجالس المجلس الذي تستقبل به القبلة! ألا ترى معي بأنك حينما تنام على الطريقة التي جاءت بها سنته- عليه الصلاة والسلام- تستقبل بها القبلة! ألا ترى معي بأنه إذا ما جاءت سكرات الموت ن ولا بد من سكرات الموت- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ذلك أن هذه الشريعة إنما رسمت لنا الطريق ابتداء من سن التكليف وانتهاء بأهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، ومن هنا جاء عنه- صلى الله عليه وسلم- في جملة ما جاء   " واستكثر من الزاد فإن السفر طويل" لا يصح على الإطلاق أن ينظر المسلم إلى قدميه ، لا يرى إلا دنياه ، وإنما عليه أن يستبصر بكل البصائر التي جاء بها شرع الله- تبارك وتعالى- وأروع زاد إنما هو زاد العبادات ، والحج زاد كثير الدسم ، رائع التأثيرات ، والآثار، ومن هنا صلة هذا المسلم بالبيت العتيق ، وهو في اعتباره ، أن يوجهه أهله إلى القبلة المشرفة عند سكرات الموت ، صلته بالبيت العتيق أنه حين يوضع في قبره إنما يوجه إلى القبلة كذلك ، على أنه يستعد كي يخرج من قبره ، حيث تثور القبوربالموتى ، فإذا به يكون قد أدخل في قبره وهو مستقبل للقبلة ، وخرج منه وهو مستقبل للقبلة كذلك ، إنما نبعث على ما متنا عليه- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وبهذه المثابة نرى أنفسنا أننا حين وحد الله- عز وجل- قبلتنا ،وتوجهنا إليها التوجه الذي يتكرر ليلاً ونهاراً، معنى هذا أنه لا بد من أن يصل من نور هذا التوحد تجاه قبلة واحدة وحدة القلوب ، أقل ما يقال بين الصادقين- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بين المخلصين ، دعك من دعوة وحدة القلوب بين المنافقين ، وإنما وحدة القلوب بين أهل القلوب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ثم كما امتن الله علينا بأن جعل الكعبة قبلتنا ، وجعلنا بيوت الله في مشارق الأرض ومغاربها مرتبطة بهذه القبلة ، علينا أن نبقى على صلة وثيقة بالقبلة الأولى- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ذلك أنها حين نسخت لم تنسخ قداسة ، ولا منزلة ، وإنما نسخت توجهاً لاعتبارات أرادها شرع الله- تبارك وتعالى- .

 

وختاماً- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- قال ربنا- جل جلاله- : "كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون * فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" قال العلماء: يمتن الله- عز وجل- على العرب ، والعرب هنا خاصة ، أولئك الذين كاد الكثير منهم أن يتنكب الصراط ! العرب الذين هم اليوم بحاجة ماسة أن يعوا أنفسهم ومنزلتهم من الله- عز وجل- هو الذي أكرمهم بأن جعل الكعبة في بلادهم ، وأن جعل اللغة وعاء للشريعة التي أنزلها ، وقد أرسل الرسول- عليه الصلاة والسلام- منهم ، إذ هو من أهل مكة المكرمة ، هذا كله من التشريف ، ولقد قال ربنا- جل جلاله- يخاطبهم "وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون" نحن بحاجة إلى هذه المراجعة ، لكن ما الثمرة؟ الثمرة الحقيقية أن نصبح مجتمعاً شاكراً ذاكراً – مجتمعاً ذاكراً شاكراً -  ذاكراً لله- تبارك وتعالى- في القلوب ، وذاكراً لله- تبارك وتعالى- بالألسن ، وذاكراً لله- تبارك وتعالى- في الجوارح ، وذاكراً لله- تبارك وتعالى- في المعاملات ، وذاكراً لله- تبارك وتعالى- في كل ميدان من ميادين الحياة ، شاكراً لله- عز وجل- على أنعمه ، ومن أبرز مظاهر الشكر أن توظف النعم وما أكثرها! في طاعة الله ، وفي تأصيل ما جاء في شريعة الله- تبارك وتعالى-. إذا كان الله- عز وجل- قد ذكر أبا لهب بينما رفع بلال ، خفض أبو لهب بقوله- تعالى-  "تبت يدا أبي لهب وتب" ألا يدل هذا أن لا عنصرية في الإسلام ؟ أبو لهب العربي ، وبلال الحبشي ، لا ننظر لا إلى عروبته ، ولا إلى حبشيته ، بل ننظر إلى الوعاء ، وما امتلأ به! امتلأ الوعاء بحب الله ! أما سمعت بلال ينشد" أحد أحد " وهو يعذب، أجل والله- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-  خير من أطنان وأطنان من أبي لهب وأضرابه ، لكن أبا لهب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الذي نعت عليه الآيات مصيره ، وبينت أنه : " سيصلى ناراً ذات لهب " هل قطع نسله يا ترى ؟ أم هناك من يحمل الحطب من أجل أن يحرق المسلمين ، ويحرق شريعة المسلمين ، ويحرق مقدسات المسلمين ، ويحرق قيم أهل الإسلام ؟ أجل هناك من يحمل الحطب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- يلقيه بينها بين الحين والآخر بلا يفتور خاصة في أزمنتنا هذه ، يسير بسيرة خلفه ! فعلينا أن نعي العبادة وعياً كاملاً ، ثم ننظر أأعطانا الله- عز وجل- الثمرات التي تترتب على هذه العبادة، إن كان قد أعطانا إياها معنى ذلك أننا على المحجة  البيضاء التي أتانا بها الحبيب الخاتم ... أكثروا من  الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله- تبارك وتعالى- صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم ربنا اجعلنا هادين مهدين لا ضالين ولا مضلين اللهم اجعلنا أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منل واغفر لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان معروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأقم الصلاة.