342 - في ذكرى الاتحاد
خطبة الجمعة    342 - في ذكرى الاتحاد
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد على ما هديتنا وأوليتنا وأعطيتنا، ربنا ولك الحمد على الإيمان والإسلام والقرآن

ربنا ولك الحمد حتى ترضى ، ربنا ولك الحمد إذا رضيت، ربنا ولك الحمد بعد الرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله خير نبي أرسله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو رب العرش العظيم.

الله- جل جلاله- يقول: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم* يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم!

فإن في أنفاس ذكرى قيام دولة الاتحاد، تلك التي أعلن عنها عام واحد وسبعين وتسعمئة وألف ، وأخذت طريقها في الحياة إمارات سبعة تظللها راية الاتحاد! ترى ما الذي يمكن أن نقوله بهذا الصدد: ينبغي أن نذكر بداية أنه نتوجه إلى الله- جل جلاله- أن يجعل هذا الحدث في صحيفة من أحدثوه ، على أن يكون ثقلاً في كفة حسناتهم ، ولنا أن نقول: يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! جزى الله أولئك الذين قاموا بما قاموا به ، فأعلنوا ما أعلنوا عنه، جزاهم الله خيراً عن الأمة الإسلامية قاطبة ، ولنا أن نقول: يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ! ما المعاني- يا ترى- التي ينبغي أن نستحضرها ههنا ؟

أنكتفي في البقاء في ساحة الحدث واإقامته أم أنه لا بد لنا من أن نذكر بمجموعة من الحقائق ، كادت أن تضمحل بعدما غابت زمناً طويلاً، لما كنا في المدرسة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- كنا ندرس ، أو ندرس شعراً، منه ما قاله ذلك الشاعر الذي رصد وحدة الآلام والآمال، التي كانت تسري في عروق هذه الأمة، الأمة التي بناها- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- بل بناها الله عز وجل بما أنزل من آيات ، وبما سن عليه الصلاة والسلام من سنن.

أمة الإسلام- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أمة ربانية ، بناها شرع الله- تبارك وتعالى- ووضع لبناتها وضعاً من أروع ما يكون الوضع محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وها نحن أولاء بأمس الحاجة إلى أن نعرض له من خلال كتاب الله ، ومن خلال سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ومن خلال الإطلالة التي لا بد لنا من أن نطلها على ساحة العرض على الله- جل جلاله- حيث تتجلى هذه الأمة بوحدتها ، ومقومات هذه الوحدة. كنا ندرس ومن جملة ما بقي في الذاكرة بعدما اضمحل منها الكثير:" إذا ألمت بوادي النيل نازلة... باتت لها راسيات الشام تضطرب" أتحدى أن يكون هناك حرف من مثل هذااليوم في كل مناهج الدول العربية !!! "إذا ألمت  بوادي النيل نازلة... باتت لها راسيات الشام تضطرب... وإن دعا في ذرى الأهرام ذو ألم... أجابه في ذرى لبنان منتحب".

هذا قبل التمزيق- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- !!! التمزيق في المشاعر، التمزيق في الأهداف ، التمزيق في المقاصد، فعلت السياسات بنا- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وأقصد ههنا السياسات الضيقة ، فعلت بنا ما لم يفعله أحد! بل إننا حيث نرصد موقف أعداء الله- عز وجل- من وحدة هذه الأمة سنجد أن هؤلاء بتمزيقهم الأمة كانوا أشد إيذاءً لها من شاس بن قيس !!. وكانوا أفظع في التأثير في هذه الأمة من موقف عبدالله بن أبي بن سلول ، ذلك أن الأعداء قد تكالبوا علينا في الماضي ، وحاولوا تمزيق هذه الأمة ، ولكن باءت كل محاولاتهم بالإخفاق ، وسنعرض لهذا، ثم لم يكن الأمر متعلقاً ببلاد الشام وحدها- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بل كان ذلك في أن الأمة الاسلامية التي بنيت في كتاب الله وسنة المصطفى- عليه الصلاة والسلام- وإجماع الأمة ، حيث إن وحدة الأمة واجب من الواجبات الشرعية ، وهو واجب ملقى على عواتق الأمة بأفرادها وجماعاتها وحكامها ومحكوميها ، وكل فرد من أفرادها، هي أمة قد امتدت من شاطيء الأطلسي غرباً إلى المحيط الهادي شرقاً ، من دكار في المغرب ، إلى اندونيسيا يا أمة محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- في المشرق بل إنها توغلت حتى غطت أنوار هذه الشريعة الهند كلها ، وكشميربقية من بقايا ! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام هذه الأمة الإسلامية اليوم ، بل دخلت أعماق الصين ، وهناك الملايين من المسلمين اليوم في الصين ! يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

لم يقتصر الأدب على تناول قضايا العرب وحدهم ، بل إنه قد أنشد إنشادات بعد إنشادات لما سقطت الدولة الاسلامية التي كانت في اوروبا ، بعدما تكالبت عليها النصرانية هناك ، بعدما سقطت أدرنة ، ما كان من الشاعر إلا أن ذكر بسقوطها سقوط الأندلس قال: "يا أخت أندلس عليك... سلام هوت الخلافة عنك والإسلام"، ذلك أن الأعداء لا يريدون التمزيق وحده ، وإنما يريدونه ويريدون ما بعده من محو للإسلام إن استطاعوا !! وسنعرض لأقوالهم من خلال مذكراتهم ، ومن خلال أفكارهم ، ومن خلال كتبهم.

والأمة اليوم- وهي في ذكرى قيام الاتحاد- مطالبة أشد المطالبة بأن تتعرف إلى أبعاد هذه الأمة ، وإلى ما الذي ينبغي على كل فرد من أفرادها تجاه إحياء المشاعر الأخوية الربانية ، إحياء التضامن الذي شخصه- عليه الصلاة والسلام- بقوله : " مثل المؤمنين " حيث ما كان المؤمنون  "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" !.

اليوم يطعن الكثير من هذه الأمة، ويخنق الكثير من هذه الأمة، ويسجن الكثير من هذه الأمة، ترى أتجلطت المشاعر أم أن الجلطات الفكرية والشعورية قد وقفت سدوداً مانعة في شريان الإحساس النفسي الذي شخصه- عليه الصلاة والسلام- حيث ضرب المثل ، نحن جسد واحد- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- لو أن ظفراً من هذا الجسد قد تألم لوجب على باقي الجسد أن يتألم شريطة أن تكون فيه الحياة.

ثم إن الشعر كذلك عليه أن يقف سداً مارداً أمام نزغات التمزيق !! ، وحينما نقول الشعر نعني الأدب الذي عليه أن يشارك في صياغة المشاعر والمعاني والمقاصد ،عليه أن يقف قبالة أولئك الناعقين الذين دأبهم أن يهزءوا بهذه الأمة ، ويسخروا من هذه الأمة، الأمة التي وقف- يوماً- جنرال فرنسي أخفق إخفاقات بعد إخفاقات في الجزائر، فأوقفوه أمام لجنة للمحاكمة ، فقال متعجباً : أنتم تحاكمونني على أمر لم أصل إليه ! أتدرون لماذا لم أصل إلى ما تريدون أن أصل إليه ؟؟؟ إنا- والله- في الجزائر إذا وضعنا قدمنا على عنق الجزائري المسلم، قدمنا على عنقه، هذا الاستعمار الذي كان ضارباً أطنابه في البلاد العربية قاطبة ، وكان هذا من المقاصد التي سعت إليه الدول الاستعمارية وقتها، أضع قدمي على عنقه ، وهويحمل في قلبه رسالة يشعر شعوراً حقيقياً أنه يجب عليه أن يبلغها في قلب باريس.

وأحدهم يكتب ليقول عن هذه الأمة : إن النائم قد استيقظ  ! بل إن من البداهة أن يستيقظ ، الوحدة الإسلامية نائمة ! ولكن من يضمن لنا أن لا تستيقظ ، بل إنها استيقظت ، ويقول: أنا لا أتنبأ بل أنا أتابع ما يجري في العالم الإسلامي شرقيه وغربيه ، فإذا بي أسمع المسلم ، أسمع الشاب المسلم ، يقف شامخاً وسط الأجواء الملتهبة التي تعيشها الشعوب الإسلامية ، ليقول : هأنذا ! إني لم أمت ! أنا لن أرضى بعد اليوم أن أكون آلة تسيرني العواصم الكبرى ومخابراتها !!! هذا كلامهم عنا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بعضهم رصد الخوف الذي قد عم أولئك الذين يتسلمون الأمور هناك في أوروبا ، فيقول لم الخوف يا ترى ؟  وحق لهم أن يخافوا ، لأن في الإسلام قوة تخيف !! بل لو رصدنا ما يلي- وهذا رصدهم- : إن الإسلام مذ قام في مكة لم يهدأ في الازدياد!! بل هو في ازدياد مضطرد ، كل يوم يزداد عدد المسلمين ، وهذا ما يرعبنا !! وإذا أردت أن تتعرف إلى ما الذي يرعبك من امتداد الإسلام؟ هل امتداد الإسلام سوى امتداد للتوحيد ، ومعرفة الله- تعالى-؟ هل الإسلام سوى امتداد للخير والعدل والرشد، والتعاون على البر والتقوى؟ أليس المجتمع الإسلامي مجتمع التقوى؟ أليس المجتمع الإسلامي إنما هو مجتمع العبادة التي تشمل كل أنشطة الحياة ، وتحقيق العبودية بها لله- سبحانه وتعالى- ؟ أم تريدون أن تستعبدوا هذه الشعوب التي أعلنت عبوديتها لله- عز وجل وحده .

أما سمعتم قول الله- عز وجل- "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" من قرر هذا؟؟؟ قرره الله- عز وجل- واللفتة ههنا ، ولا بد لنا منها،أنه في سياق الآيات ، ذكر الله- عز وجل- أخبار الرسل قاطبة ، وتناول مقاماتهم ومواقفهم وإخباتهم* وذكرهم لله ، وتسليمهم لله- جل جلاله- وأنهم كانوا يسارعون في الخيرات ، وأنهم كانوا يدعون الله- عز وجل- رغبة ورهبة ، وبعدما أعطانا ما أعطانا في سورة اسمها " سورة الأنبياء " إذا بالآية الكريمة تقول : "إن هذه" واسم الاشارة يعود على كل الأنبياء ، نحن- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الأمة الوحيدة فوق هذه الأرض التي على الصراط المستقيم الذي سار عليه إبراهيم ونوح ، وكل الأنبياء- عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم- "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" ألسنا نسأل الله- عز وجل- مع كل ركعة من ركعات الصلوات ، فنقول : "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم" هم الأنبياء ، نحن مع قوافل الأنبياء والصديقين والصالحين والشهداء والعلماء والربانيين !!!على الصراط نفسه الذي درجوا عليه !!

أما سمعتم قول الله- عز وجل- "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون" العبادة لله- عز وجل- لا يستعبدنا مخلوق كائناًمن كان !!لا يصوغ حياتنا إلا شرع الله- تبارك وتعالى- الذي أنزله الله ، وتعبدنا لله- تعالى- بما شرع إذ شرع الله لنا على أننا آمنا به- سبحانه- رباً ، نحن عبيد لله- عز وجل- الذي أنزل هذا الشرع ، لم الخوف من الإسلام ؟؟؟ تقرأ فيما كتبوا ، فإذا بهم يقولون: ثلاثة عوامل ، هي من الخطورة بمكان ، دعك من قول من قال: إن الإسلام يخيف لأن الجهاد ركن من أركانه ، علماً أن كل دولة من دولهم فيها وزارة دفاع ! بل وزارة اعتداء ! بل انهم يتقوّن بالأسلحة صباح مساء ! وأنت تعجب إذا كانوا جميعاً يداً واحدة فلما يعدون ما يعدون من تلك الأسلحة الفتاكة ؟؟؟ الجهاد الذي هو ركن من أركان الإسلام يذعرهم ، ويخيفهم ، لماذا؟ لأنه بالجهاد تتحقق حرية المسلمين ! بالجهاد يحافظون على ديارهم ومقدساتهم وأعراضهم وأموالهم وثرواتهم ! بالجهاد نصد عدوان المعتدين.

العامل الأول: هو قوة هذا الدين الذي يعتقدون به ، قوة الحقائق الايمانية التي في صدورهم امرها عجيب ، صلتهم بالله عز وجل لا حدود لها ، أحدهم يقف- ولو كان بطول معين- إلا أنك تشعر، وانت أمامه كأنما رأسه يمس العرش، قوة الأحكام الشرعية ، النبض نبض القيم في هذا الدين ، هذا عامل رئيس- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- وإني حينما أذكر ذلك ، هناك خواطر كثيرة ، ولعل منها حينما يذكر أولئك العوامل ، علينا أن ندرك لم تهاجم العقائد؟؟ علينا أن ندري لم يهاجم تآلف هذه الأمة ، واتفاقات هذه الأمة، لماذا اتفاقات هذه الأمة بأيديهم؟ ذلك أنه قرروا في المؤتمر الذي عقد سنة سبع وتسعمئة وألف أنه يجب على الدول الغربية أن تعمل بيد واحدة على أن تمنع أي اتفاق ، أو: أي اتحاد بينها!! لأن أي اتحاد يقوم بين المسلمين يعني أنهم قد امتلكوا القوة ، وهم يمتلكونها ، وإذا امتلكوا القوة يعني هذا أنه إعلان عن فناء أوروبا، كذبوا والله !!!. لو امتلك المسلمون القوة فإنهم لا يسخرونها في الطغيان ، ولا في العدوان، هم- أعداء الله- الذين يسخرون القوة بالطغيان والعدوان.

العامل الثاني : هو وفرة الثروات الطبيعية ! ذلك أن الأمة الاسلامية إنما تحتل قلب العالم ، وهذا ما قرروه في دراساتهم ، يخشون أن تقوم رسالة عالمية بشعوب قد اتحدت ، وأزيح ما بينها من تفرقة ، كل الوان التفرقة، إذا ما قامت تلك الرسالة معنى ذلك أنه قد تسنم أولئك أصحاب الرسالة ، الموطن الذي هو من أخطر المواطن فوق هذه الأرض ، إذ فيه من الثروات الطبيعية الممتدة ، وهي كثيرة كثرة وافرة ، بل إننا نخشى أن ينتبهوا لها ، فيوظفوها ، فإذا وظفوها استغنوا عنا ، ولم يعد لهم حاجة إلينا ، فيجب علينا أن نعمل جاهدين على أن يظل هؤلاء أسواقاً استهلاكية!! هذه حقائق يقولونها- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ونشكر للاتحاد ذكراه التي استدعت مثل هذه الحقائق التي نحن بأمس الحاجة إلى أن نستعرضها ، لا على سبيل السماع ، ولا على سبيل الأقوال ، وإنما على سبيل أن تتحول هذه إلى سلوكيات ، وإلى أفعال، ينبغي ألا نهدأ- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ونحن نقرأ ما قالوا ، العامل الثاني:هو وفرة الثروات الطبيعية ، أما العامل الثالث: وحينما تسمعون العامل الثالث تجدون أنفسكم أمام تلك الدعوات التي تدعو من أجل أن يهدم هذا العامل.

العامل الثالث :هو وفرة النسل البشري في هذه الأمة!! ذلك أن نبيهم قد دعا إلى الإكثار من النسل ، وقد جاء من أيام تقرير لعله من الأهمية بمكان ، يتناول إحصائيات تتحدث عن الدول الأوروبية ، وما يتعلق بعدد السكان فيها، وقد وصلت الدراسات ولا أشك بأنها دراسات تقدم من أجل التحذير من هذه الأمة ، ولا أشك على الإطلاق في أن كل ما يقال اليوم هناك حول هجرة المسلمون إليهم  وتعقيد أمور الهجرة في وجوههم ، ليس هذا إلا هو ثمرة من ثمرات تلك الاحصائيات التي يقوم بها مفكروهم وعلماؤهم، تقول الإحصائيات بأنه سيكون عدد المسلمين بعد أربعين سنة هو العدد الأكبر في الدول الأوروبية ، حيث إن السكان الأصليين يقصد بهم النصارى إنما يتقلص عددهم تقلصاً واعداً ، أما ما يتعلق بكثرة نسل المسلمين فإنهم يولدون صباح مساء يخوف هؤلاء من كثرة هذه الأمة!!!.

أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! إن الرسول- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قد بنى أمة الإسلام ن وهي أمة قد عرفت ربها- جل جلاله- فأحبته ، وأطاعته ، والتزمت الشريعة التي أنزلها الله- تبارك وتعالى- أما إذا قلنا: أمة دون أن نصفها بالإسلامية فهي أمته- عليه الصلاة والسلام- كذلك، قال العلماء: إذا قلت الأمة فإما أن تعني بها أولئك الذين آمنوا بالرسول- عليه الصلاة والسلام- واستجابوا له، وأطاعوه ، والتزموا الشريعة التي أتى بها ، فهؤلاء أمة الإسلام. ويرد ذكرهم في كتاب الله عز وجل في مثل قول الله- عز وجل- "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" أما إذا أردت من أرسل إليهم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- فإننا نعني بها كل بني آدم فوق هذه الأرض، أهل الكتاب! ومن ليس له كتاب ، كلهم من أمته عليه الصلاة والسلام ، وهؤلاء يسمون " أمة الدعوة " فنحن أمام الأمة الإسلامية التي أجابت دعوة الله- عز وجل- واستجابت لها، والأمة الأخرى أمة الدعوة، أما أمة الدعوة فيكفي أن نذكر حديثه- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- فيها : "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" أو: كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وقد يرد في الحديث النوعان ، أمة الدعوة ، وأمة الاجابة ، يقول- عليه الصلاة والسلام- يخاطب أمة الإجابة ، الأمة التي استجابت لدين الله عز وجل : " يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها !! قالوا: يا رسول الله! أومن قلة نحن يومئذ ؟  قال: لا، أنتم يومئذ كثير ! ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ينزع الله- عز وجل- من قلوب أعدائكم المهابة منكم ، ويقذف في قلوبكم الوهن !! قالوا: وما الوهن يا رسول الله ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت " حينما تتفرق هذه الأمة تصبح غثاء ، وهذا ما نص عليه تقرير من تقارير أعداء الله- تبارك وتعالى- إذ قالوا: حذار أن تتحد هذه الأمة، حذار أن تتفق هذه الأمة ، لأنها لو اتفقت قويت.

وأحدهم يطرح- بفذلكة- يظن بأنه بها يقلب فكراً حراً موضوعياً ، قال: إن تمكن المسلمون من إقامة إمبراطورية عربية !! يتكلم على هواه ، يظن بأن المسلمين إنما تشكلهم إمبراطورية ، وإنما شكلهم كتاب الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، يفترض هذا الكاتب المفكر الذي يدير السياسات ن بل ينظر لمن هم وراء السياسات بل إن السياسات تعتمد على أفكارهؤلاء المفكرين ، لو تمكن العرب من إقامة إمبراطورية عربية لأمكن أن تكون لعنة على العالم كله، ولأمكن كذلك أن تكون نعمة ، وحيث لا ندري أن تكون لعنة أم نعمة علينا أن نسعى جاهدين لنمنع هؤلاء من أن يقوموا بما قاموا به ، أو بما ينوون القيام به ، أو ما يحلمون به ، أو ما يسعون إلى تحقيقه ، وهي لهذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- نحن في المدينة المنورة ، حيث يرسي- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم0- القيم الربانية والأخلاق الإسلامية والعبادات، العبادات- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- كان في الصلاة قبل تكبيرة الإحرام ، يمسح مناكبنا- عليه الصلاة والسلام- هذا ما يقوله أحد الصحابة ، كان يمسح مناكبنا في الصلاة ، ويقول: استووا، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم !! أليست الصلاة في جماعة لوناً من ألوان توحيد هذه الأمة في مشاعرها ؟ بل في حسها ؟ وإذا ما تجمعت في حسها لا بد من أن يأتي المعنى من وراء هذا الحس !!! هذا من اعماق عطاء العبادات .

أرأيتم في رمضان- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- وكيف تتقارب الأرواح والقلوب ؟ هذا كله من سقيا شرع الله- عز وجل- لتوحيد المشاعر والأغراض والمقاصد والأهداف ، ولذلك مهما حاولت سكاكين التمزيق والتقطيع والتفتيت والتشظية أن تعمل عملها في جسد هذه الأمة فإنه سرعان ما تبرأ الجراح ، فإذا بالأمة تظهر بمظهر ظهر لنا جلياً ليلة السابع والعشرين في الحرم المكي!! أتدرون من هناك، هناك كل الشعوب ، وهذه الوحدة الإسلامية، ليس هناك فرق بين جنس وجنس ، أو لون أو لون ، أو عنصر وعنصر، أو موطن أو موطن ، أو قوم وقوم ، كلهم خاضعون خاشعون لله- جل جلاله- ما أروعه مشهداً!! يا أمة محمد- عليه الصلاة والسلام- أهذا المشهد يخاف منه؟؟ والله ما يخاف من هذا المشهد إلا إبليس وحزب إبليس.          

أرأيتم إلى المسلمين في عرفات ؟! أليس فيهم من كل الجنسيات؟ أليس صلاح الدين من غير العرب؟ بل من جنسيات أخرى ، وهذه الجنسيات قد تألقت في الجو الإسلامي الرائع ! كم من عالم ليس بعربي ؟ وإنما هو مسلم قد أدلى بدلوه في بناء الحضارة الإسلامية الرائعة. العباد- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- اقرؤوا" صفة الصفوة " تجدوا فيه من العباد من ليسوا بعرب ، بل هم من أجناس شتى ! ذلك أنهم قد صفوا جميعاً في منطقة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " هذا المعنى ينبغى أن يسري سريان الدم في العروق ، بل سريان الهواء في الرئتين ، وهو معنى من الحق بمكان ، أما سمعت الذي يدعو إلى صلاة العيد حيث يقول : الصلاة جامعة،أجل جامعة جامعة ! أمة محمد- عليه الصلاة والسلام- وإذا ما وحدتنا الصلاة هيهات لكل جيوش الباطل أن تتمكن من أن تفرقنا. جمعنا الله عليه فهيهات أن نفرق عنه.

في المدينة المنورة- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- مر يهودي ، قد عسا في اليهودية! وهذا وصف كتاب السيرة له ، أي : قد عمر في اليهودية وعسا فيها ، وكان يحمل أطناناً من الأحقاد التي كان بإمكانه أن يصدرها إلى أحفاد أحفاد أحفاده في القرن الحادي والعشرين ، وربما صدرها خفية، مرهذا اليهودي ، فإذا به يرى أبناء قيلة ، قد اجتمعوا في فرح وسرور وتآلف يحكون في اجتماعهم ما قاله الله- تعالى- لنبينا عليه الصلاة والسلام "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" ويحكون قول الله- تبارك وتعالى- "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " هم الأوس والخزرج ، كانوا قبل أن يأتي الإسلام بنوره وتجميعه وتوحيده ، كانوا يتناحرون صباح مساء ، وكان يغذي التناحربينهم يهود في المدينة المنورة ، كان اليهود يريدون الانفراد بالمدينة لأنفسهم ، وجدوا أنه لا استقرار إذا ما تجمع الأوس والخزرج ، فإذا بهم ينحازون إلى هؤلاء مرة ، وإلى هؤلاء مرة !! بأدوار خطيرة خبيثة مجرمة.

وهنا نقول: إذا قتل الأبرياء ، فهذا القتل جريمة من الجرائم ، سواء قتل الأبرياء برصاص مباشر، أو بقذائف من مدفعية ، أو من طائرات يتحكم فيها طيار، أو من طائرات لا يتحكم فيها طيار، كله جرائم- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- كله جرائم في حق الإنسان ، وفي حق الحياة ، وفي حق الكرامة ، وفي حق الحق ، وفي حق البر والتقوى، ولا يقل عن هذا من قتل المجتمع حيث يقتل وحدته!! من ألقى الفتنة في المجتمع من أجل أن يتفرق أفراده !! فهذا قد قتل المجتمع، لكن ما الفرق بين القتلين، من قتل برصاصه أو بطائرته أو بمدفعيته، فإن القتلى يرحلون إلى الله- جل جلاله- بانتهاء الآجال ، ولكن من ألقى الفتنة فاستوعبها المجتمع المفتون ، فإن الفتنة هي الحالقة !! هذا ما أخبر عنه- صلى الله عليه وسلم- : " ...فإن فساد ذات البين هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر وإنما تحلق الدين " وفرق بين أن ترحل إلى الله بلا دين ، أو أن ترحل إلى الله- عز وجل- بدين ، وقد انتهى الأجل

وهنا يخطر ما قاله أحدهم في القرن العشرين قال: على كل يهودي في العالم أن يأتي إلى فلسطين ، ومن لم يأت إلى فلسطين ، فإنه يهودي يعيش من غير إله !!!. هل هذا خطر، والله خطر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- لأن مجيء هؤلاء يعني الإحلال ، يعني الاقتلاع ، يعني النفي والتشريد ، يعني التفريغ، لأن الأرض سكانها فيها- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- هم مالكوها فيها. ويقول الآخر بأوضح من هذا، يبين لنا أن هؤلاء لهم هدف وليس هدفهم الأرض وحدها ، قال : إن مهمتنا سحق الحضارة الإسلامية ، وإيقاع الحضارة العبرية مكانها ، وإنها لمهمة صعبة.

أسمعنا بهذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ؟ هل تتناوله وسائل الإعلام ، تلك الوسائل التي أناغيها أو أناجيها ، فإذا بي أقول ما قال ذلك الشاعر:" سلام من صبا بردى أرق... ودمع لا يكفكف يا دمشق " هذا ما قاله شوقي حينما ضربت المدفعية الفرنسية أحياء دمشق !!" سلام من صبا بردى أرق... ودمع لا يكفكف يا دمشق " ثم يعزي ، ينشط ، يرفع الهمة ، فيقول : " وللحرية الحمراء باب... بكل يد مضرجة يدق " وأعتذر منه فأقول حالنا اليوم : وللحرية الحمراء باب... بكل يد مخدرة أو منعمة يلحمس !! إنكسرت القافية !! ولتنكسر.

يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! غاظ شأس بن قيس أن يرى ألفة الأوس والخزرج الذين هم أبناء عمومة ،وقد سالت الدماء غزيرة بينهم ، ثم جاء الإسلام فألف بين قلوبهم، فغاظه ذلك ، فقال- أسمعتم ما قال- ؟ نقل إلينا ما قال من أجل أن نكون على بينة مما قال ! يقول: إذا اجتمع أبناء قيلة في المدينة ، فلا يمكن أن يكون لنا قرار فيها !!!  لاحظ معي أنه لا قرار ليهود في المدينة إذا اجتمع أهل المدينة على الله- جل جلاله- اذا اجتمع ابناء قيلة في المدينة فإنه لا قرار لنا فيها !! ماذا فعل ؟ لم يتحسر فحسب ، وإنما سعى- وأحفاد أحفاده يسعون اليوم من أجل أن يمزقوا هذه الأمة ، ومن أجل أن يضعوا عناوين أمام هذا التمزيق ، هؤلاء ينبغي أن يقضى عليهم ، لأنهم يتصفون بصفات فلانية!!  وما أكثر اختراعات الصفات- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- التي تصنعها مكينات الحقد والحسد لهذ الأمة!!.

فجاء شأس بفتى له خبرة في الشعر، وقال له: اجلس إليهم ، وحدثهم شيئاً فشيئاً وبنعومة ، لئلا يحذروا ، حدثهم بالأشعار التي قالوها يوم كانوا متعادين ، يوم كانوا يتقاتلون كانت لهم أشعار، ذكرهم بتلك الأشعار، وجلس إليه ، وذكرهم بتلك الأشعار، وما زالت الحمية ترتفع درجاتها بالزيوت، زيوت الفتنة تصب عليها، حتى قام الفريقان كل منهما ينتخي على الآخر!! ثم قال أوسي وقد وقف قبالته خزرجي ! جبهة حرب : واحد من الأوس ، والثاني من الخزرج ، إذا شئتم أعدناها- رددنها- جدعة: أي فتية!! قالوا: نعم ، السلاح السلاح ، وتواعدوا في اليوم التالي في ظاهر الحرة، في حرة المدينة المنورة ، وجاء جبريل- عليه الصلاة والسلام- وهب صلى الله عليه وسلم ! يا ليته بيننا- اليوم- ليجمع شملنا على الله- جل جلاله- نحن بحاجة أن نتأسى به- عليه الصلاة والسلام- أيترك الفتنة ترعى في الأمة ؟ أيترك فتنة يهود من أجل أن تمزق الأخوة الإسلامية التي مثلها الأوس والخزرج؟ لا والله !! قام- ومعه مجموعة من الصحابة من المهاجرين رضي الله تبارك وتعالى عنهم- فوجد الأمر جد خطير: الأوس انضم بعضهم إلى بعض ، والخزرج انضم بعضهم إلى بعض ، وكأنما أرادوا أن يعيدوها كيوم " بعاث "يوم سالت فيه دماء الفريقين !! قال: الله الله، الله الله، أبدعوة الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أنقذكم الله- عز وجل- منها ، بعد أن قطعها الله- عز وجل- عنكم بالإسلام ، بعد أن استنقذكم الله- عز وجل- بالإسلام من الكفر، بعد أن ألف الله- عز وجل- بين قلوبكم !! أبدعوة الجاهلية!!! والله ما أتم كلامه حتى رجع القوم إلى رشدهم ، ونسأل الله أن نرجع إلى رشدنا ، رجعوا مباشرة ن فألقوا السلاح رجعوا مباشرة ، تعانقوا فبكوا ، رجعوا مباشرة ن وقد علموا أنها نزغة من نغزات الشيطان ، ورجعوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام.

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين ، وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين ، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه فقد قال لنا "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" أما بعد أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! فقد قال جابر بن عبد الله- رضي الله عنه-: ما كان يوم أقبح ولا أوحش ولا أمر  من ذلك اليوم، ذلك أن بداية اليوم قد التقى الأوس والخزرج على الحرب والقتال وإسالة الدماء ، ولكنه انتهى بفضل الله عز وجل، إلى أن بكى القوم وتعانقوا ورجعوا إلى العهد الذي كانوا عليه.

نفهم من هذا أن نزغات الشياطين ما تزال تسري في عروق الكثيرين من هذه الأمة ، وندري أيضاً بأنه على المسلم أن يكون كيساً فطناً إذا ما نبه ينبغي عليه أن يتنبه ، وإذا ما حذر وجب عليه أن يسارع إلى أن يحذر مما حذر منه، ومن هنا نزل قول الله- عز وجل-  في شأس بن قيس وأضرابه " قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله، والله شهيد على ما تعملون"، "قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله، من آمن، تبغونها عوجا، وأنتم شهداء، وما الله بغافل عما تعملون".

وجاء الخطاب للأمة في القرن العشرين والحادي والعشرين والسابع والعشرين من بعد "يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين* وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم " يقول قتادة- رضي الله تبارك وتعالى عنه- إن هذه الآية الكريمة إنما تسري على المسلمين سواء كانوا في عهده- عليه الصلاة والسلام- أو جاؤوا من بعده ، ذلك أنه إذا غابت عنا رؤيته- صلى الله عليه وسلم- فإن سنته ما تزال بيننا ، إنما تفعل فعلها في نفوس أولئك الذين قد صدقوا برسالته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، إذا ما وجدنا أنفسنا  أمام هذا، وجدنا أنفسنا أمام: إذا كنا نتكلم عن الساحة بعرضها وطولها ، فما ينبغي أن نغفل عن أنه ما ينبغي أن تتناكر القلوب فيما بيننا ،إذا ما تناكرت قلوب أفراد الأسرة الواحدة ، وإذا ما تنافرت قلوب الزملاء في العمل ، وإذا ما تشاحنت الصدور في ميادين الأخذ والعطاء ، مع ذلك لا فائدة من توحيد هذه الأمة ذلك أن وحدتها كما تسري على المجموع تسري على الأفراد.

ومن هنا حرم الله- عز وجل- علينا كل ما يفسد الأخوة ، كتحريم الغيبة، الغيبة سكين إنما تطعن الأخوة في صدرها !! النميمة هي سكين تطعن الأخوة في ظهرها !! ومن هنا وجب على كل فرد من أفراد هذه الأمة أن يصفي قلبه تجاه كل المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن يدري أنه لا يتعامل مع معصومين إذا ما هفا أخوك هفوة!! أو أخطأ خطأ فعليك أن تغض عن خطئه بناءً على أن الأخوة أعلى بألف مرة من أن تقف منه موقف المشاحن المكابر المباغض.

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، إجعلنا اللهم أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك، حفنااللهم والمسلمين بألطافك الخفية، واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقا مباركا محفوظا، لا تدع فينا شقياً ولا مطرودا ولا محروما هبنا جميعاً لسعة رحمتك يا أرحم الراحمين

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان في معروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.